السعودية ( هدى) والشاب اليمني (عرفات).
سأحكي لكم المأساة التالية قبل الولوج في ملحمة الحب العذري بين الفتاة السعودية ( هدى) والشاب اليمني (عرفات التي يتم تداولها الآن في ساحة القضاء اليمني .
كانت (( خلود )) المواطنة الإماراتية مسكونة بالمزاعم التاريخية عن اليمنيين ورأسها يكتظ بالصور الخيالية عن أخلاقهم وكرامتهم وشهامتهم ومروءتهم. كل هذا شجع ( خلود ) على الاستجابة لمشاعرها الإنسانية والدفاع عن الحب الطاهر الذي يفيض من بين جنباتها لأحد المواطنين اليمنييين المغتربين في الخليج واختارته زوجاً لها .
لم يدر في خَلَد الشابة الإماراتية ( خلود) أن ما رسخ في وجدانها عن اليمنيين هو مجرد صور وهمية تناقلتها الحكايات ولم يعد على أرض الواقع ما يدل على وجودها، لم يكن حاضراً في حسبانها أيضاً أن المجتمع اليمني بتكويناته العشائرية والقبائلية ودولته الرخوةِ المتسولة وفقره ومراكز القوى المهيمنة عليه قد فقد استقلاله ومعها فقد عددا من قيم الشهامة وصار مرتهنا لدائنيه والمحسنين اليه وناهبيه وان عائدات المغتربين اليمنيين من ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) أهم من ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) و( الدستور اليمني) و(قوانين الجمهورية اليمنية) وكل القيم الأخلاقية والمواقف الإنسانية أيا كانت درجة أهميتها .
حينذاك اجتاح الألم مشاعر أحد المثقفين اليمنيين فكتب بلوعة وحُرقة :-
« نعم يا ( خلود ) هذه هي حقيقتنا التي صدَمت بها وكانت خافية عنك لكننا نعلمها بوضوح وجوهرها أننا شعب ضعيف تسوده دولة رخوة تعيش على فضلات العطايا الانسانية والمكارم الشخصية من هنا وهناك واننا بقيادة هذه الدولة صرنا كياناً اجتماعياً فاقداً قدرته على اتخاذ المواقف ، ونصرة النساء لا ننتصر لمظلمه ولا نغيث ملهوفاً ». ( فيصل الصفواني - صحيفة ( التجمع) الناطقة بلسان (حزب التجمع الوحدوي اليمني ) - الإثنين 23 نوفمبر 2009م العدد (693) .
وهكذا انتهت قصة حب الفتاة الاماراتية والشاب اليمني بمأساة عام 2009م .
وها نحن الآن في العام 2013م وقد طرأت تغيرات عديدة على المجتمع اليمني والسلطة الحاكمة فيه
ومع تكرار ملحمة حب عذري ، أخرى بقصد الزواج ، بين الفتاة السعودية (هدى) والشاب اليمني ( عرفات ) يثور السؤال التالي :
هل استعاد اليمنيون الصفات العظيمة التي منها ما ورد في الحديث النبوي الشريف
« قد أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين افئدة ، الإيمان يمان والحكمة يمانية » .
وهل سينتصر القضاء اليمني للانسانية والاعلان العالمي و الاستقلال الوطني أم لا ؟
المعلوم أن الدستور والقانون اليمني لايجيزان للدولة تسليم أي شخص لجأ لجوءاً انسانياً إليها لدولة أخرى (ولو كانت السعودية) اذا لم يكن الشخص مجرماً مطلوباً في جريمة ارتكبها ، وواضح للعيان أن المواطنة السعودية ليست مجرمة ومن ثم لا يجوز تسليمها بطبيعة الحال .
كما أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الملزم دوليا للسعودية واليمن ينص في مادتيه (13،12) على حق أي انسان اختيار مكان اقامته داخل الوطن أو خارجه الا أن القانون اليمني الذي يشبه خيوط العنكبوت تقع الفراشة الضعيفة فيها بينما ينفذ منها الذباب القوي .
هناك قصيدة جميلة للشاعر الفارسي الصوفي الشهيد (جلال الدين الرومي ) ورد فيها :
قال معشوق لعاشق :
أي المدائن أعجبتك ؟!
قال العاشق:
تلك التي فيها من اختطف قلبي .
أطل القانون برأسه في المحاكمة بدعوى الدخول غير المشروع الى الأراضي اليمنية التي يعرف القاصي والداني في المحاكمة إنها مستباحة وأن اكثر من نصف مليون أفريقي دخلها بصورة غير مشروعة ولم يتم محاكمة أحد منهم أو إخراجهم من اليمن .
إن دخول الفتاة مضطرة الى الاراضي اليمنية يعفيها من لَمَم المخالفة البسيطة فيما يخص الدخول اليها دون تأشيرة ويلزم الدولة اليمنية بالترحيب بالفتاة المستجيرة في اليمن وحمايتها وتمكينها من الزواج بالشاب اليمني الذي يريد الاقتران بها طبقا للشريعة الاسلامية الغراء والقانون النافذ وقواعد العدل ومبادئ الانسانية .
وفضلاً عن ذلك فالجهات المختصة في اليمن ملزمة دولياً وانسانياً باعطاء الفتاه السعودية حق اللجوء الانساني لأن خطر القتل بالوأد أو غيره يتهددها عند اعادتها الى بلادها حيث تتربص بالفتاة الاعراف الهمجية وخاصة في العلاقة بالمرأة .
إن الحكم الذي سوف يصدر اليوم سيحسم مسألة تاريخية هامة هي هل اليمن دولة مستقلة غير مرتهنة لسيطرة القيم البالية أم العكس ؟!
نأمل أن تكون الإجابة بنعم.
*أستاذ علوم القانون الجنائي - جامعة صنعاء