إن أهم نتيجة تمخضت عنها ثورة يناير 2011 أنها أفهمت الجميع أن الشعب هو الرقم الأهم في معادلة التغيير، وأن أي حاكم، مهما بلغت قوة الجماعة أو التيار أو الحزب الذي يقف وراءه، ليس في إمكانه توطيد دعائم حكمه إلا بإرضاء هذا الشعب، وإذا لم يفعل، فقد اتخذ قراراً بالانتحار، قبل الثورة كان مصطلح نفاق الحاكم هو المصطلح الأبرز في قاموس الحياة السياسية في مصر، فكل من كان يريد أن يبلغ السموات العلا في الحكم، كان عليه أن يدغدغ باستمرار مشاعر الحاكم، فيصف قراراته الحمقاء بالحكمة، ويري في بلادته جوهر القدرة والمقدرة، الآن اختلف الأمر، وأصبح نفاق الشعب هو المصطلح الأكثر تعبيراً عن المرحلة، فالكل يحاول أن يدغدغ مشاعر الشعب العظيم، لكن هؤلاء جميعاً لا يفهمون أن هذا الشعب أنضج ممن يحكمه أو ممن يحلم بحكمه، فمثل هذه الكلمات لا تنطلي عليه، لأنه لا يحب النفاق، إنه يهوي أن يري تغييراً علي الأرض، يريد أن يلمس تحولات إيجابية في حياته، لذلك فمهما غنّي البعض علي المصريين، فإنهم لن يتمكنوا من اللعب بهم، سواء غنّوا بالدين، أو بالتاريخ، أو بالعواطف الزائفة، والمحبة المصطنعة.
ثورة هذا الشعب التي بدأت في يناير 2011 ما زالت حية ونابضة ومتواصلة، وسوف تستكمل مشوارها، وسوف ينتهي المشهد بفرض إرادة الثوار الذين اختزنوا في عقلهم ووجدانهم حلم هذا الشعب في مصر جديدة، سوف تستكمل ثورة هذا الشعب مشوارها لتدهس الإخوان، كما دهست من قبل «المخلوع» وحزبه المنحل، ومن السذاجة أن يتصور البعض أنه استطاع أن يخدع هذا الشعب باسم الدين، ليركبه في الدنيا، الشعب حكيم، بل أكثر حكمة مما يتصور الكثيرون، لقد أراد أن يمنحهم الفرصة، وكان من الطبيعي أن يفعل لأنهم كانوا الخصم الأبرز لـ«المخلوع»، لكن سرعان ما اكتشف الشعب أن خصومتهم معه لم تكن من أجل خاطر عيون الشعب، بل من أجل الوصول إلي الحكم، فكان من الطبيعي أن يخرج الناس لمرسي وجماعته قائلين: «خلاص.. تشطيب»!