وأمام هذا العجز تراجعت موجات الاستشراق ومحاولات الغرب في تشويه الإسلام، حتى نهض من بيننا مجموعة يمكن وصفهم بـ«المستشرقين الجدد» الذين استطاعوا النجاح فيما فشل فيه أهل الغرب. هؤلاء الجدد: مسلمون، يعتبرون أنفسهم الأشد إيماناً بالله، والأكثر دفاعاً عن الإسلام، لهم «دقون» تطال بطونهم، زبيبة الصلاة تجلل جباههم، صراخهم بالإسلام لا ينقطع، وكلامهم عن الإسلام لا ينتهي. علينا أن نعترف جميعاً ببراعتهم ونجاحهم فيما فشل فيه «الغربيون» من محاولات النيل من الإسلام.
خرج أحدهم يقول إن تهنئة المسيحيين بعيد القيامة حرام، في حين أن تهنئتهم بعيد الميلاد حلال! وخرج آخر يقول أكل البيض حرام، وأكل الفسيخ حرام، وأكل الرنجة حرام، و«حش» البصل الأخضر حرام، وخرج صنديد آخر ببيان يحذر فيه كل من تسول له نفسه الخروج فى «شم الفسيخ» من أن «ذنبه على جنبه»، وأنه سوف يعاين الويل والثبور وعظائم الأمور. ولك أن تتخيل أن شخصاً غريباً عن المصريين جلس يستمع إلى إحدى هذه «الدقون» وهي تجعل من أكل البيض أو البصل الأخضر أو الرنجة أو الفسيخ ذنباً عظيماً وجرماً كبيراً يخرج المسلم من دينه، تخيّل معي كيف يمكن أن ينظر إلى الإسلام، والصورة التى يمكن أن ترسخ في ذهنه عنه وهو يستمع إلى كلام هؤلاء؟
يكفي أن يستمع أى شخص إلى «مشايخ البيض» هؤلاء حتى يصغر الإسلام في عينيه، وحتى يكره المؤمنين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، الذى يسيء إليه هؤلاء، من حيث يظنون أنهم يدافعون عنه ويؤمنون بما جاء به من قيم. وماذا يكون موقف هذا الشخص عندما يعلم أن هؤلاء لا يفتون في أمور الدين فقط، بل وفي أمور الدنيا أيضاً. فقد شاء قطاع من المصريين أن يدفعوا بأصحاب «الدقون» إلى سدة الحكم، فجعلوا منهم نواباً للشعب، ورئيساً للوزراء، ورئيساً للجمهورية. رئيس الجمهورية الذي ظل ينتظر فتوى شرعية ليحدد هل يهنئ رعاياه من المواطنين المصريين المسيحيين بعيد القيامة أم لا! بالذمة دا كلام؟.. وهل نحتاج إلا القيامة يا هذا؟!