
عدن/14 أكتوبر/خاص:
بعد عامين سيبلغ عمر مكتبة الشيباني بالشيخ عثمان بعدن الخامسة والسبعين.
تأسست المكتبة في العام 1952 في الشارع الرئيسي للمدينة ( شارع السلفي) في عمارة تقع اليوم مقابل الواجهة الشرقية لأحد أشهر مساجدها ( مسجد النور).. وتأسست قبل ستة أعوام كاملة من بناء المسجد ذاته ( انشئ المسجد في العام 1958).
صاحب المكتبة هو المرحوم عبد الله اسماعيل الشيباني، الذي كان عضوا نشطا في حركة القوميين العرب بفرعها اليمني الجنوبي، ولاحقاً أحد مسؤولي الجبهة القومية الماليين في المدينة، ولهذا صارت المكتبة عنوانا بارزا للحركة ومن ثم للجبهة، ومنها كانت تخرج منشوراتها في ذروة الكفاح المسلح لاخراج المستعمر البريطاني من عدن وكل المحميات الشرقية والغربية، وكانت تعرض في واجهتها المطبوعات ( الكتب والصحف والمجلات) ذات المنحى القومي واليساري ، التي كانت تصل عدن من القاهرة وبيروت وبغداد، إلى جانب عرضها للمطبوعات الكثيرة التي تضخها مطابع المدينة إلى سوق القراءة النشط في ذروة المد الثوري في الخمسينيات والستينيات وحراك المستعمرة البريطانية السياسي والاقتصادي.
تبدلت أحوال المدينة ، وتآكل سوق القراءة ، وانقطاع وصول الصحف والكتب من خارج اليمن، ومع ذلك لم تزل المكتبة مفتوحة لعرض وبيع الصحف القليلة التي تصدر بعدن وبعض الكتب و الدوريات القديمة، إلى جانب تحول الجزء الكبير من نشاطها لبيع القرطاسية والهدايا المتواضعة والأدوات المدرسية.
بسبب الوضع المعيشي الخانق للسكان، يقوم حفيد المؤسس ( الذي يدير المكتبة حاليا) كل صباح بإخراج استاند متواضع ( لوح خشبي) بواجهة كرتونية ويلصق عليه الصفحات الأولى من الصحف التي تصدر صباحا في المدينة (اكتوبر، الأيام، عدن الغد، الأمناء، وغيرها) حتى يتمكن مدمنو القراءة من مطالعة العناوين وأخبار الصفحات الأولى، دون تحمل تكاليف الشراء، التي صارت تشكل عبئا حقيقيا على الغالبية منهم بسبب الوضع المعيشي المتدهور.
لهذا يمكن لأي شخص مار بالمنطقة في ساعات الصباح الأولى مشاهدة مجاميع من القراء البسطاء وهم يسلطون عيونهم على معروض الصحف على الاستاند الخشبي. أما الكرسي العتيق و الوحيد، المصنوع من علب كرتون البضائع المقوى، والموضوع أمام المكتبة فيتناوب القعود عليه بعض كبار السن الذين تربطهم علاقة طويلة بالمكان وبالمؤسس ذاته، ويُسمح لهم بتصفح الجرايد كاملة مجاناً .
* محمد عبدالوهاب الشيباني