قائد شرطة القاهرة: التسوّل يكسب الأطفال عادات وسلوكيات سيئة





عدن/14 أكتوبر/خاص:
القهر هو الفقر الذي يقلق حياتنا فنصاب بالانكسار وبحزن طويل، الفقر الذي نتحدث عنه هو قهر المشاعر والأماني هو قتل الضحكة في عيون أطفالنا بسبب قسوة الظروف المعيشية الصعبة فيتحولون إلى كتل متحركة من الاحباط والحزن وهم في عمر الزهور.
والتسوّل ليس ظاهرة مقتصرة على بلادنا فقط لا سيما عدن، وليست منتشرة في شوارع وميادين المدن العربية فقط بل في كل مدن العالم تقريباً وكل بقاع الأرض، لكن الظاهرة في عدن تحديداً تميزت بتفردها في اختراع طرق وأساليب من أجل ابتزاز المارة والبسطاء الذين ترق قلوبهم أمام المتسولين سواء كانوا أطفالا أو أمهات فهم يدركون جيداً أن مهنتهم تتطلب أولاً وقبل كل شيء تحديث الأساليب والبعد عن الطرق التقليدية مما يدل على أن هناك عصابات تقوم باستغلال الأطفال في أعمال التسول وتعليمهم فنون (الشحت) ففي مديرية الشيخ عثمان عصابة استغلت الأطفال ومنهم من يبلغ من العمر (6 سنوات) و (7 سنوات) وما فوق ليقوموا بمزاولة عمل التسوّل على ان يحصلوا على مبلغ بسيط.
وهذا يعني أن التسول ظاهرة في م/ عدن خصوصاً في المناسبات ولم يعد شارع أو رصيف أو ساحة أو محطة باص تخلو من المتسولين من مختلف الأعمار، وبالإضافة إلى هذه المآسي هناك كثير من الحكايات المحزنة الأخرى التي تدعو إلى ضرورة قيام الأجهزة الأمنية بضبط أولئك الذين يدفعون المتسوّلين إلى سوق (الشحاتة) واتخاذ الاجراءات.
(صحيفة 14 أكتوبر) التقت بالعقيد حسين صالح محمد مسهر مدير شرطة القاهرة الذي تحدث إليها قائلا: إن ممتهني هذه الحرفة يستخدمون أيام الجمع وفي المناسبات ولم يعد شارع أو رصيف أو ساحة أو محطة باص تخلو من المتسوّلين من مختلف أعمار.. وإليكم هذه الحصيلة:

- ضبطنا متسولات في وقت متأخر من الليل
- عصابات تقوم باستغلال الأطفال
- أغلبية المتسوّلين المضبوطين ومنهم نساء يقومون ببيع الحبوب ويشتغلون بأعمال قذرة

اتقوا الله بأطفالكم
لابد لأرباب الأسر الذين يستغلون أطفالهم ويتركونهم يجولون الشوارع والطرقات والأسواق والأماكن العامة طوال اليوم لغرض التسوّل بهم أو يرسلون أطفالهم مع أشخاص آخرين لغرض التسول بهم أن يتقوا الله في أطفالهم فلذات اكبادهم ومستقبلهم لما لهذه الممارسة من أضرار سلبية على شخصية الطفل في المستقبل؛ لان هذا الاستغلال يقتل براءة الطفل ويمنعه من التمتع بحياة سوية وطبيعية ويحرمه من الدراسة واللعب ويُحرم من البيئة التي تعلم الفضيلة وحسن السلوك.
جعلني (أشحت) ولم اهتم ببيع الجرائد
قمنا بالنزول إلى الأطفال الذين يجولون في الشوارع والأرصفة ومحطات الباصات.
الطفل (و، م) العمر12عاماً ثاني ابتدائي يقول: نحن سبعة أبناء وبنتان وأنا من أبناء حجة نزلت إلى عدن أنا وأخي وأولاد عمي ولم نعمل بالجرائد بل عملنا في الشارع.. نعمل منذ الصباح حتى نعود في المساء.
والدتي تأخذ كل المال
كما التقينا بعدد من الأطفال حيث تحدث إلينا في البداية (ع، م) العمر11عاماً: أنا من حجة وصلت عدن مع أخي لبيع الجرائد والعطور إلا أننا تفاجأنا أننا نقوم بالشحاتة ومسح السيارات في الأرصفة ومحطة الباصات بالشيخ عثمان فقمنا بالشحاتة وجمع المال وعند عودتنا إلى المكان الذين قمنا باستئجاره تأخذ والدتي المبلغ ولا تعطينا أي شيء وإذا رفض أحدنا تقوم بضربنا.
والدي مريض لا يعمل
وتقول الطفلة (ع، ي) البالغة من العمر (6 سنوات): نزلنا إلى عدن للظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها فوالدي مريض لا يعمل ووصلت إلى عدن لأوفر قيمة الأكل ولكن صدمت عندما قال أحد الاشخاص أننا سوف نقوم بالتسوّل في شوارع محافظة عدن وفي محطات الباصات فتقبلت منه الموضوع كوني لا أعرف أحدا داخل هذه المحافظة وكي أوفر المال لوالدتي.
وتقول طفلة صغيرة تبلغ من العمر5 أعوام وتدعى (ش، م) أبي متوفى وأعمل بالتسوّل داخل فرزة الباصات وأنا من محافظة حجة وأعطي أخي الكبير ما كسبته.
قمنا بالنزول إلى الدكتور (محمد حمود أحمد قاسم مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في العاصمة عدن) فقال: إن التسوّل أكبر من إمكانيات وزارة الشؤون الاجتماعية في عدن كون الأعداد هائلة وفي تصاعد مستمر ونسبة كبيرة منهم من فئات النازحين وتحديداً في عدن، وكون التسوّل ناتجا عن الفقر والفاقة والعوز وليس كل متسوّل من ضمن هذه الفئات الفقيرة, كوننا نشعر بأن نسبة كبيرة من المتسولين من مختلف الأعمار ما بين شيوخ ونساء وأطفال وخصوصاً شريحة الأطفال جميعهم قادمون من المناطق الشمالية تحديداً الحديدة وتهامة وتجد أن الأطفال المغلوبين على أمرهم يتم جلبهم من مخيمات النازحين وبشكل منظم بوسائل مواصلات وتوزيعهم على الدوارات والجولات في مناطق م/ عدن وأمام المولات (التجارة ومحلات الصرافة) وإذ ننوه هنا ونتيجة الانهيار الكارثي للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية فإنه أصبحت شريحة كبيرة من المواطنين تحت خط الفقر ولا أستبعد أن يتجه عدد منهم إلى التسوّل وهنا خصوصاً هذه الفئة ليست في فئة النازحين.
وعودة إلى موضوع المتسوّلين المنتحلين صفة التسوّل هؤلاء موضوعهم آخر كونهم يمتهنون التسوّل كمهنة تكتسب ويوجد لديهم من ينظمهم في اماكن ومواعيد التسوّل كما ذكرنا وبشكل منظم، خلاصة القول : إن عملية التسوّل تتجه إلى المحتاجين، وهم المتسوّلون المحتاجون بالفعل لسد رمق العيش ووجود أعداد كبيرة عاطلين عن العمل ولا يمتلكون مصادر الرزق وخصوصاً في الآونة الأخيرة مع انهيار سعر العملة يحتاجون رعاية من الدولة ومن الجهات ذات الاختصاص.
ومن الممتهنين للتسوّل القادمون من مخيمات النزوح ويستخدمون الأطفال وكبار السن للاستعطاف كوسيلة لكسب المال وهي تعتبر منظمة وممنهجة وربما تكون مسيسة لإرباك العاصمة عدن ويخلق من خلالهم وبأعداد مهولة كثيرة الشك والريبة وهذه الفئات يجب تجميعهم في مخيمات خاصة وإعادتهم إلى المناطق التي جاؤوا منها.
يقول العقيد/ حسين صالح محمد مسهر مدير شرطة القاهرة: بالنسبة للمتسوّلين لدينا توجيهات من الأخ مدير شرطة عدن اللواء مطهر علي ناجي، بالتشدد حول هذا الموضوع للحد من هذه الظاهرة لأنها انتشرت بشكل غير عادي بجولة القاهرة والمنصورة بشكل عام.
ويتابع: على أن أغلبية المتسوّلين الذين ضبطناهم ومنهم نساء كانوا يقومون ببيع الحبوب وكذلك يشتغلون بأعمال قذرة حيث أنهم يستمرون بالتسوّل إلى الساعة 12 ليلاً بحيث نضبط متسولات في الساعة الـ 11 أو 12 مساء خاصة من جولة السفينة إلى جولة السلام، وأمام نايتي مول وأمام حديقة حنين يمارسون النشل وتم ضبطهم وهم يقومون بالنشل وتوزيع الحبوب ويقومون بأشياء غير أخلاقية، جميعهم تم ضبطهم وتسليمهم للجهات المختصة، ولكن بعض المتسوّلين أطفال يتم أخذ التزامات عليهم، إذا كان فقط تسولاً يتم تسليمهم لأهلهم، ولكن للأسف يعودون.
يواصل حديثه: بالنسبة للذين يكون عليهم جرائم ويكونون صغار السن يتم تحويلهم إلى شرطة الأحداث عند الأخت ماجدة وقضايا الآداب يتم تحويلهم إلى قسم شرطة الآداب الذي أنشئ حديثاً، وللأسف تزداد الظاهرة بشكل ملحوظ وشكل غير عادي، والمتسولون يكونون من الصومال والأورمو والحديدة وحجة حتى أنهم يدخلون المنازل باسم الشحاتة ويرتكبون الجرائم من السرقة وما إلى ذلك، وكذلك يسرقون من السيارات، فحين تكون السيارة مفتوحة يأخذون أي شيء متوفر أمامهم، ونحن مازلنا نتابعهم وضبطنا عدة قضايا ونتابعهم بالكاميرات والقيادات تتابعنا بشكل مستمر.
وفي ختام حديثه قال: نتمنى من الجهات المعنية بوزارة الشؤون الاجتماعية والمختصين والمسؤولين أن ينشئوا ملجأ ومأوى للمتسولين بحيث يتم جمعهم فيه وتوعيتهم وتأهيلهم وتوعية أهلهم، أما بخصوص اللاجئين فيلزمونهم في أماكنهم حتى لا يشكلوا علينا ضغطاً وزحمة، بحيث تراهم في الوقت الحالي بكل الشوارع ينامون فيها وأيضا العمارات المهجورة أو العظم عندما نقوم بالمداهمة نجدهم نائمين فيها «أولاد مع بنات» ونحن نستمر في المتابعة منذ المساء حتى الصباح ونبذل كل ما بوسعنا ونتمنى التوفيق في مهامنا ونحن لن نتوقف في متابعة عملنا كونه مسؤولينا ووجدنا من أجل خدمة المواطن.
بينما يضيف سلال سيد محمد حسن أمين عام المجلس المحلي مديرية الشيخ عثمان قائلاً: أن المتسوّلين قد تم تجميعهم في اقسام الشرطة ولكن أقسام الشرطة ليس لديها الميزانية الكافية ومن ثم أخذناهم إلى الحزام الأمني وبعد ذلك تم استهلاك ميزانية الحزام الأمني من مواد غذائية وغيرها، ولكن لا يوجد استجابة من المحافظة ومن مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، ولابد أن تكون هناك ميزانية خاصة لهذا الموضوع.
ولكن في اعتقادي أن هناك منظمة تدير شبكة تنسيق وتوزيع للأطفال والنساء إلى مواقع إشارات المرور وتجمعات الشباب، وهؤلاء الذين يقومون بذلك لابد أن يُحاسبوا على ذلك، وحدث هذا أمامي في مديرية المعلا شاهدت المتسوّلين يتم إنزالهم من السيارة ويتم توزيعهم فهذا عمل منظم من قبل مجموعة من الضعفاء.
وتابع: الواجب على المنظمات توزيع جزء من السلل الغذائية لهؤلاء المتشردين والمتسوّلين أمام إشارات المرور والجولات ويتم تسجيلهم واستدعاء أولياء أمورهم وأن تبحث إذا كانوا مستحقين تقوم بتسجيلهم وتكتفي بالمتشردين وتكون الميزانية خاصة لهم من السلل الغذائية، سيكون أفضل إن كان الحل من المنظمات أو الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة.
وأبدى مواطنون استغرابهم من تواجد هذا العدد الكبير من المتسوّلين في مدينة عدن من الجنسين، في وقت يعاني الشعب بأكمله من الفقر والمجاعة وانعدام الخدمات بحيث جعل من التسوّل مصيبة إضافية تحط على عاتقهم وتحدياً اجتماعيا واقتصاديا متفاقماً في مدينة عدن.
انتشارهم بكل الأرجاء
وتقول فاطمة عادل: إن ظاهرة التسوّل أصبحت تنتشر بكل الأرجاء وخصوصاً الأطفال بطلبهم للمال وتمسكهم الشديد بمن يجدونه بحجة أنهم يحتاجون إلى الأموال للعلاج أو للأكل أو للإيجارات حتى وصل بهم الحال لطلب المال لشراء السمك والخضروات.
وتضيف: تجدهم بكل الأماكن بالمراكز التجارية والأسواق والمراكز الطبية حتى تجدهم يعرضون لك تقارير طبية، نحن نشاهدهم بكل مكان وهذا شيء غير حضاري في المدينة ولابد ان يتم الحد من هذه الظاهرة.
الفرق بين المتسول وممتهن التسول
بينما تشير أم محمود: إلى أن التسول لم يكن منتشرا بشكل ملحوظ من قبل ولكن بعد الحرب تزايد التسول بشكل كبير، وقالت: ربما كثرت بسبب تواجد النازحين الى عدن سواء كانوا من داخل أو خارج اليمن وتردي الوضع الاقتصادي وعدم وجود قوانين تردعهم، بالإضافة إلى أنه لم نعد نعلم من المتسوّل ومن يمتهن منهم التسوّل وهناك فرق بينهم، والفرق هو أن المتسوّل يكون بحاجة حقيقية للمال من أجل سد جوعه أو توفير التزامات المنزل وظروفه هي التي حكمت عليه بالتسوّل، بينما الذي يمتهن ذلك تجدهم اعتادوا على التسوّل وأصبحوا يمارسونها كوظيفة يومية وهذا النوع من التسوّل يكون أكثر تنظيماً بحيث يقوم بعض الأشخاص بتوظيف النساء والأطفال والشيوخ، ويعلمونهم طرق استحواذ تعاطف الناس معهم للحصول على المال.
ويتابع: كل هذا يرجع إلى تدني الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفقر وتدهور التعليم، والأهم من ذلك النزاعات المسلحة فلابد من وجود حلول لذلك، وهذا يتطلب جهودا جماعية من الحكومة والمجتمع والمنظمات لمعالجة الأسباب الجذرية والحد من انتشارها ويجب التركيز على معالجة الأسباب التي تدفع الناس إلى التسول.