



دمشق / 14 أكتوبر / متابعات:
مع نفْي المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، فجر اليوم، صحة الأنباء المتداولة حول ارتكاب القوات الحكومية إعدامات جماعية لدى دخولها السويداء، كانت التعميمات الصارمة قد صدرت في وزارة أخرى هي الدفاع السورية، ليلة الثلاثاء - الأربعاء، بتشكيل لجنةٍ لمتابعةِ الانتهاكاتِ التي حصلت في مدينة السويداء، والتحقيقِ في تبعيةِ وخلفية الأفرادِ المرتكبين لها، وأن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة «سيتابع تحقيقاتِ لجنة الانتهاكات العسكرية بشكل مباشر».
تصريح البابا الذي نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، اليوم جاء بعد ساعات قليلة من إعلان وزارة الداخلية السورية فتح «تحقيق عاجل» بجرائم إعدامات ميدانية ظهرت في مقاطع فيديو يتم تداولها على نطاق واسع.
وعبرت الداخلية، في بيان صدر فجر اليوم، ونشر على حساباتها الرسمية، عن إدانتها «بأشد العبارات المقاطع المتداولة التي تُظهر تنفيذ إعدامات ميدانية من قبل أشخاص مجهولي الهوية في مدينة السويداء»، واصفة هذه الأفعال بأنها «جرائم خطيرة يُعاقب عليها القانون أشد العقوبات»، وأن الجهات المختصة باشرت تحقيقاً عاجلاً لتحديد هوية المتورطين في هذه الجرائم، والعمل على ملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم. متوعدة كل من يثبت تورطه بالإحالة إلى القضاء المختص.

وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر مسلحين يرتدون زياً عسكرياً وهم ينفذون إعداماً ميدانياً لأكثر من تسعة أشخاص من أهالي السويداء الدروز، كما انتشرت مقاطع أخرى مروعة منها ما نسب إلى القوات الحكومية.
وزارة الدفاع السورية، من جهتها، أعلنت في وقت سابق أنها «تابعت تقارير حول انتهاكات صادمة وجسيمة ارتكبتها مجموعة غير معروفة ترتدي الزي العسكري في مدينة السويداء». وقالت: «بناء على التعميمات الصارمة التي أصدرتها الوزارة بعدم دخول أي تشكيلات غير تابعة لها إلى منطقة العمليات العسكرية، تم تشكيل لجنة لمتابعة الانتهاكات التي حصلت، والتحقيق في تبعية وخلفية الأفراد المرتكبين لها»، متعهدة باتخاذ «أقصى العقوبات بحق الأفراد المرتكبين للانتهاكات في مدينة السويداء، بعد التعرف عليهم».
بيان الوزارة أعلن أن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة «سيتابع تحقيقاتِ لجنة الانتهاكات العسكرية بشكل مباشر»، وأن التحقيقات «ستشمل كل من ظهر في التقاريرِ الصادمة والمروعة، وستعرض النتائج حالما تنتهي أعمال اللجنة». ونقلت «سانا» عن وزير الدفاع قوله: «لن يتم التسامح مع أي من مرتكبي الانتهاكات، حتى لو كان منتسباً لوزارة الدفاع».
ومع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، بدأت وسائل إعلام محلية في السويداء بنشر مقاطع مصورة لعمليات قتل في أثناء اندلاع أعمال العنف في المحافظة، ونشر موقع (السويداء24) مقطع فيديو ظهر فيه أشخاص يرتدون «الزي العسكري» وهم يعدمون شخصاً من أبناء المدينة بدم بارد بعد سؤاله عن انتمائه الطائفي، وقال الموقع إن هذا الفيديو واحد من مقاطع مروعة عدة.
كما أفادت قناة (إيه بي سي نيوز) بأن أصدقاء وعائلة المواطن الأميركي من أصل سوري حسام سرايا، أكدوا أنه وأقارب آخرين كانوا من بين من شوهدوا في مقطع مصور يُقتَلون بالرصاص. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، أن مواطناً أميركياً، قتل في اشتباكات محافظة السويداء دون الإدلاء بتفاصيل.
في الأثناء، زار وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، على رأس وفد رسمي من وزارة الدفاع، زيارة جرحى الجيش الذين أصيبوا في المواجهات الأخيرة ضد الخارجين عن القانون في السويداء، واطمأن خلالها على حالتهم الصحية، مشيداً بتضحياتهم وجهودهم في تعزيز الأمن والاستقرار، متمنياً لهم الشفاء العاجل والعودة القريبة إلى ميادين الواجب.
إلى ذلك وصف أهالي محافظة السويداء من عشائر البدو ما حصل لهم من قبل المجموعات المسلحة في محافظة السويداء بأنه يرقى إلى جرائم الحرب بعد مقتل العشرات منهم وجرحهم واختطافهم.

وقال مختار حي المقوس في مدينة السويداء سليمان المرشود: «قامت مجموعات مسلحة بقيادة عميد جريرة، وهو قائد عصابة مسلحة من بلدة عريقة، بالهجوم على حي المقوس وقتل 25 شخصا وجرح العشرات واختطف العشرات، ومن بينهم ولدي وزوجته وأبناء إخوتي وعمومتي، وكل القتلى والجرحى والمختطفين أقاربي».
وأضاف المرشود »: «تم حصارنا في منازلنا وجاءت مجموعات مسلحة وقتلت وجرحت واختطفت العشرات وتمت سرقة كل محتويات منازلنا، والبعض منها حرق بالكامل والسيارات وكل ما نملك حتى أجهزة الجوال تمت سرقتها وتكسير بعضها.
وأكد مختار المقوس: كنت شاهدا على قتل سيدة وطفلها الرضيع... ولم نستطع أن نقوم بدفن القتلى وتم دفنهم في منازلهم.
وحمل المختار المرشود الجيش السوري مسؤولية ما حصل لأبناء عشائر البدو بعد خروجهم من مدينة السويداء ليل يوم الأربعاء وصباح يوم الخميس، حيث تمت مهاجمة كافة أبناء عشائر البدو في مدينة السويداء وريفها وقتل وجرح واعتقل المئات.
وحول خروجه من مدينة السويداء قال: «الذين عاشوا معنا في جوار طوال حياتنا أصبحوا يقتلون أي شخص من عشائر البدو وخرجنا بملابسنا التي على أجسادنا وتمت سرقة كل ما نملك».
من جانبه حمل إمام مسجد مدينة شهبا الشيخ سليمان الهوارين المجموعات المسلحة التابعة للشيخ حكمت الهجري مسؤولية ما حصل في محافظة السويداء، وقال الهوارين لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «ما حصل بحق أبناء عشائر البدو في محافظة السويداء ريف ومدينة هو جريمة حرب بكل المقاييس على يد عصابات تابعة للهجري الذي دمر كل السلم الأهلي الذي حافظنا عليه منذ أجيال، ما ذنب عائلات مدنية تقتل في منازلها ومزارعها ذنبهم الوحيد أنهم من أبناء العشائر والعرب، لقد قتل في مدينة شهبا 16 شخصا بينهم 6 من عائلتي، وتم اختطاف 10 أشخاص لا نعلم مصيرهم، وليس ذلك فقط، بل قتل 40 شخصا أغلبهم نساء وأطفال وهم عمال زراعيون، وهم من محافظات دير الزور والحسكة وريف دمشق يعملون في الزراعة.

هذا وقد وصلت إلى محافظة السويداء اليوم، قافلة مساعدات إنسانية مقدمة من منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، عبر معبر بصرى الشام، ضمن جهود متواصلة لتعزيز الاستجابة الإغاثية للأسر المتضررة وتلبية احتياجاتها الأساسية.