
فيينا / 14 أكتوبر / متابعات:
أعرب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، عن قلقه البالغ إزاء توسع البرنامج النووي الإيراني، داعياً طهران إلى الشفافية وتوضيح أنشطتها النووية غير المعلنة، وفي الوقت نفسه، حضّ الأطراف المعنية على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وأفاد غروسي بأن إيران قد زادت من كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة إلى 275 كيلوغراماً، مقارنة بـ182 كيلوغراماً في التقرير الذي صدر نوفمبر الماضي.
وجاءت كلمة غروسي، اليوم الاثنين، في مستهل أول اجتماع فصلي لمجلس المحافظين البالغ عدد أعضائه 35 دولة، والذي يناقش الملف النووي الإيراني في جلساته المستمرة حتى 8 مارس في فيينا.
وأكد غروسي أن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة للأسلحة النووية التي تصل إلى هذا المستوى من التخصيب، ما يعمق المخاوف الجادة لدى الوكالة.
وكرر غروسي الإشارة إلى تقرير الأخيرة بشأن التحقق والمراقبة في إيران، في إطار القرار الأممي 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي ويقترب من النهاية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأشار غروسي إلى أن 4 سنوات قد مرّت منذ توقف إيران عن تنفيذ التزاماتها النووية بموجب الاتفاق النووي، بما في ذلك التطبيق المؤقت للبروتوكول الإضافي، مما أعاق قدرة الوكالة على إجراء عمليات التفتيش التكميلية.
كما أبرز غروسي التحديات المتعلقة بضمانات الوكالة، مشيراً إلى التناقض بين تصريحات إيران بأنها قد أعلنت عن جميع المواد والأنشطة النووية المطلوبة، وبين نتائج تحقيق الوكالة التي كشفت عن وجود جزيئات يورانيوم من أصل بشري في مواقع غير معلنة.
وشدد غروسي على ضرورة معرفة الوكالة للموقع الحالي لهذه المواد أو المعدات الملوثة لضمان الطبيعة السلمية الكاملة للبرنامج النووي الإيراني.
من بين القضايا العالقة الأخرى، أشار غروسي إلى تباين في توازن المواد المتعلقة بتجارب إنتاج اليورانيوم المعدني التي أُجريت في مختبر جابر بن حيان متعدد الأغراض، التي لم تقدم إيران تفسيراً كافياً بشأنها.
وأعرب غروسي عن أسفه العميق لأن إيران لم تقبل إعادة تعيين 4 مفتشين إضافيين من الوكالة الدولية على الرغم من إشارتها إلى الاستعداد الذي أبدته في هذا الصدد.
كما لفت إلى عدم تحقيق تقدم ملموس في تنفيذ البيان المشترك الصادر في 4 مارس 2023، داعياً إيران إلى المشاركة الجادة في تنفيذ هذا البيان. وقال إن «انخراط إيران على المستوى العالي يعد أمراً ضرورياً لتحقيق تقدم حقيقي».
وأشار إلى زيارته الأخيرة إلى طهران في نوفمبر الماضي؛ حيث التقى مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي، معرباً عن أمله في أن تكون هناك فرصة للتوصل إلى تسويات بناءة. وقال: «آمل أن أراهما قريباً وأواصل الحوار الفعّال لتحقيق نتائج ملموسة».
وأعلن غروسي أنه سيقدم تقييماً شاملاً ومحدثاً حول وجود واستخدام المواد النووية غير المعلنة في إيران، استجابة لطلب مجلس الأمن في قراره الصادر في نوفمبر 2024. وشدد على أن حل القضايا العالقة في مجال الضمانات يعد أمراً حاسماً لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني.
ودعا غروسي إلى عقد مفاوضات قريبة في طهران للتوصل إلى تسوية بشأن القضايا العالقة، معرباً عن أمله في استئناف الحوار البناء لتحقيق نتائج إيجابية تعزز الثقة بين الأطراف المعنية.
وقال غروسي، في تصريحات للصحافيين في فيينا، إن من الضروري أن تقدم إيران إجابات. وقال: «ما نحتاجه هو إجابات حقيقية (من إيران). نحتاج إلى تفاعل يتقدم للأمام. نحتاج إلى التوقف عن الحديث عن العملية والبدء في الحصول على بعض الإجابات في أقرب وقت ممكن».
وأضاف غروسي: «كانت هناك تصريحات مهمة للرئيس ترمب عندما قال إنه يريد التوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق أو التفاهم (مع إيران)». وتابع: «نحن بحاجة إلى التفاعل في أقرب وقت ممكن، لأن الوقت يمر».
وأضاف أن الوكالة تبحث مع الإدارة الأميركية الجديدة إجراء مناقشات حول إيران قريباً، مشيراً إلى أنه يتواصل حالياً مع واشنطن التي تبحث النهج الذي ستتبعه بشأن إيران والبرنامج النووي الإيراني.
في طهران، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، تصريحات غروسي، حول اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية. وأكد أن غروسي يجب أن يلتزم بصلاحياته وفقاً للنظام الأساسي للوكالة مشدداً على أن الإدلاء بآراء مبنية على التخمينات السياسية لا يسهم في حل القضية بل يزيد من تعقيدها.
وأضاف أن البرنامج النووي الإيراني «يتماشى مع القوانين الدولية بما في ذلك اتفاق الضمانات ومعاهدة حظر الانتشار النووي، وأن الوكالة تمتلك القدرة على القيام بمهامها الرقابية». ورأى أن هذه التصريحات «تأتي في إطار مطالب غربية تهدف إلى توجيه تقارير سياسية، موضحاً أن طهران «ستتخذ الردود المناسبة بناءً على قرارات الوكالة في الأسابيع المقبلة.
وقال بقائي: مسألة التوازن بين الدبلوماسية والخيارات غير الدبلوماسية كانت متكررة في المفاوضات. وأضاف: إيران دائماً ملتزمة بالنهج الدبلوماسي ولم تتبع نهجاً تصادمياً، لأننا واثقون من السلمية الكاملة لبرنامجنا النووي.
من جانبه، قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان النائب إبراهيم رضائي إن تقرير الوكالة الدولية متحيز، وغير فني، وسياسي تماماً، مضيفاً أن مهمة الوكالة ليست تنفيذ أنشطة سياسية.
وأعرب رضائي عن اعتقاده أن الوكالة في السنوات الأخيرة، خاصة في العقدين الماضيين، تحولت إلى أداة سياسية بيد الغرب، خصوصاً الأميركيين والصهاينة، لافتاً إلى أن تقرير غروسي تجاهل أن إيران تحمل الرقم القياسي في عمليات التفتيش.
ونقلت وكالة إيسنا الحكومية عن النائب قوله إن إيران خضعت لأكبر عدد من عمليات التفتيش من قبل الوكالة؛ حيث أجرت زيارات متكررة لمراكزها النووية وغير النووية، في حين أن كاميرات الوكالة تعمل في البلاد لكن لا تزال تُثار ادعاءات غير صحيحة.
وتابع رضائي أن ما يجب توضيحه هو أننا لا نواجه أي قيود فنية تمنعنا من إنتاج قنبلة نووية، بل إرادتنا هي التي منعتنا حتى الآن من إنتاجها»، مضيفاً: «إذا أنتجنا يوماً قنبلة نووية، فلدينا الشجاعة للإعلان عنها.
ومع ذلك، قال: لم نقم حتى الآن بإنتاج قنبلة ذرية استناداً إلى فتوى المرشد، ولا نملك في الوقت الحالي أي نية لإنتاجها. لكن إذا استمرت ضغوط الوكالة والدول الغربية وتحولت إلى تهديد لوجودنا، فإننا قد نضطر إلى إعادة النظر في استراتيجيتنا النووية.