استطلاع / صقر أبو حسنتنفرد مدينة ذمار بطراز خاص في مبانيها التراثية، والتي شيدت من طوابق متعددة، وزخرفت واجهاتها الخارجية، بخطوط وأشكال هندسية تفصل بين الطوابق، وتشكل إطارات حول النوافذ والشبابيك الصغيرة، وقد نفذت تلك الزخارف بواسطة تشكيل قطع (الطوب) المستخدم في البناء، ولإبراز الزخارف، غطيت بطبقة من مادة (الجص) المصنوعة محليا.المباني الطينية, تحاول جاهدة مقاومة زحف الاسمنت, الظاهر بقوة في تفاصيل البناء اليمني إجمالا, قد يتعلق الأمر بسرعة البناء والتكلفة في المقابل استغراق البناء الطيني فترة زمنية أطول وتكلفة اكبر. تلك العلاقة بين الطبيعة والإنسان بدا يتلاشى بريقها, لذلك لا ثبات في نسيج ذمار المعماري والعمراني فهي مزيج بين الحداثة والأصالة على حد سواء.[c1]الجامع الكبير .. تاريخ من الرحمة والوسطية[/c]يقول المؤرخون عن تاريخ الجامع الكبير بذمار أنه يتصل بالصحابي الجليل دحية الكلبي الذي بعثه الرسول الكريم إلى اليمن, و لا يفصل بين تاريخ بنائه و تاريخ بناء الجامع الكبير بصنعاء, سوى أربعين يوماً كما قال الهمداني في كتابه الإكليل, ورغم تواتر الروايات يظل من بناه و تاريخ بنائه الحقيقي غامضاً , وقال مفتي ذمار «محمد العزي الاكوع» ان الصحابي دحية الكلبي لم تأت رواية اكيدة بقدومه الى اليمن لكن هناك حجراً في الجامع كتب عليها دحية وهو ما يؤكد رواية بناء الجامع على يد الصحابي دحية الكلبي , مشيراً الى امكانية وجود صحابي اخر يحمل الاسم ذاته قدم الى اليمن وقام ببناء الجامع.أحجار أثرية كتبت بها عبارات بخطوط متعددة, هي كل ما تبقى من الجامع بعد هدم بنائه القديم وإقامة البناء الجديد, فقد اختفت ملامح الأصالة التي كان يتصف بها, حتى منبر المسجد هو الآخر اختفى كما اختفت الكثير من الملاحم الاثرية.يقول علي البخيتي ان الجامع يحمل الروحانية والهدوء وفيه الكثير من الجمال وتسكنه البساطة والحب. ويحمل المرتادون شغفاً لقراءة القرآن والجلوس لتدارس معانيه, وحب لدى الكبار والصغار.رغم تغيير معالمه بشكل لافت اثر هدم بنائه القديم , مع ذلك لا يزال يحتفظ بمكانته لديهم ويتوارثون حبهُ, كما يقولون.ووفق البخيتي أن الجامع يمثل وجهة الكثير من أبناء ذمار لدى شعورهم بالتعب من هموم الحياة لإيمانهم انه مكان قريب من قلوب الجميع للخطاب الوسطي الذي امتاز به منذ زمن طويل.[c1]جامع عماد الدين ,,, متحف صغير[/c]ينسب اسم جامع «عماد الدين» إلى يحيى بن حمزة الحسيني في (القرن الرابع عشر الميلادي)،و هو إمام من أئمة الزيدية في اليمن, له العشرات من الكتب والمؤلفات القيمة , وعماد الدين لقب يطلقه اليمنيون على كل من اسمه يحيى. في جزء منفصل من الجامع هناك ضريح يحيى بن حمزة الحسيني , محاط بالأخشاب المزخرفة , والمنقوشة بعناية والتي تعود إلى عدة حقب زمنية , توضح العلامات الموجودة مقدار السنوات التي مرت على الخشب المنقوش فيها تلك الكتابات. يحمل هذا المكان ارثه التاريخي بوداعة, متمسكا بتفاصيل روحانيته وجماله, وتتنوع المنقوشات في جدرانه وسقفه بين عدة حقب زمنية , لا تزال محتفظة بألوانها الطبيعية وجاذبيتها وجمالها.[c1]المدرسة الشمسية بذمار ... بياض لم يعد ناصعاً[/c]لم يعد بياضاً ناصعاً ذلك الذي يكتسي به جامع المدرسة الشمسية بذمار, فقد انتزعت عوامل التعرية الكثيرة صدارتها في رفد مسيرة العلم والفكر والثقافة في اليمن , مبتعداً عن دوره التنويري, ليصل إلى الهامش بعد أن كان يحتل المتن هكذا يقول الباحث عبد الواحد الشرفي, وقال: وجود الكثير من المدارس الثانوية والجامعات افقدها الكثير من شعاعها الفكري والثقافي , لم تعد الناس تهتم بالتعليم في الجامع بقدر ما تهتم بالتعليم العام في المدارس والجامعات.تعد أهم المعالم الأثرية الإسلامية التي لا تزال عامرة في مدينة ذمار, درس بها منذ إنشائها عدد كبير من العلماء والأدباء ليس من السهل حصرهم , مثل الشاعر عبدالله البردوني والسياسي جار الله عمر والشاعر إبراهيم الحضراني والقارئ محمد حسين عامر, وغيرهم الكثير.احد رواد الجامع ومن القاطنين جوار المدرسة منذ اكثر من عشرين عاماً , قال : كان طلاب العلم الوافدون إلى ذمار يعرفون بالمهاجرين يقيمون في منازل ( أي حجرات ) ملحقة بالجامع, طالها الإهمال ويقطنها الآن حفظة القرآن من فاقدي البصر. ما يزال التاريخ هنا حاضراً, ويطل من روحانية المكان ليغسل قلوب زائريه بالطمأنينة, كما تغسل قطرات المطر وجه المدرسة والجامع.المدرسة الشمسية شعلة طالما أضاءت في زمن الظلام ومنارة يهتدى بها عندما يشتد الكرب.. بناها «الإمام الفاضل شرف الدين بن يحيى بن شمس الدين » المتوفى في 965هـ في منتصف القرن العاشر.. كجامع للصلاة والعبادة.. وقد أكمل بناء المدرسة الشمسية « الإمام شمس الدين بن شرف الدين بن يحيى بن شمس الدين » وسميت باسمه إكراما له واعترافا بفضله في بنائها وتشييدها.. وقد أدخلت عليها العديد من التعديلات والإصلاحات أهمها تلك التي قام بها الوالي العثماني « محمد علي باشا « سنة 1155هـ ببناء المطاهير والقباب والبرك.لقد كانت هذه المدرسة أشبه ما تكون بجامعة علمية تدرس فيها علوم القرآن، الفقه، والحديث، واللغة.. وغيرها من العلوم . رعاها عدد كبير من علماء وشيوخ اليمن كان لهم الفضل الأكبر في توصيل رسالة العلم إلى أرجاء عديدة من اليمن إن لم يكن من العالم.. وقد أخرجت جيشا من رجال العلم والأدب.«المدرسة مثلت أهم هجر العلم في اليمن لكن ظروفاً سياسية واجتماعية حصرت دورها في التعلم المحدود وذلك منذ العهد الامامي الذي كان يحاول أن يحد من نفوذ نور العلم الذي كان يشع من حلقات هذا المكان , كانت المدرسة يأتي إلى علمائها المئات من طلاب العلم وكان في كل دعامة علم وحلقة علم وكانت تدرس فيها كل المذاهب وكل الآراء « القاضي/احمد العنسي أمام وخطيب جامع المدرسة الشمسية» , كان يتحدث إلى (مراسل 14 اكتوبر) شارحا ما مثله هذه الصرح وهذا المكان . وفي إحدى المقابلات مع «عبدالله البردوني» رحمه الله أورد قصة عن بئر المدرسة الشمسية فقال:« لقد حفر الوالي العثماني بئراً للمدرسة حتى وصل إلى أعماق كبيرة ولكنه لم يجد الماء فجمع حفاظ القرآن الأكفاء- العميان- فبدؤا يرددون آيات القرآن وكان الخوف يعتليهم من الوالي لأنه هددهم بالقتل إن لم تثمر قراءتهم بالنفع وإخراج الماء.. فالتفت أحد القراء واصطدم رأسه بحجرة كانت ثابتة في عرض البئر فعندما سقطت بدأ الماء يتدفق بقوة.. وهي البئر الوحيدة التي تسكب مياهها من العرض وليس من القعر».[c1]الرقصات الشعبية.. رسالة السلام[/c]الرقصات الشعبية هنا «جذورها التاريخية»ذلك ما قاله أمين مكتبة البردوني (عبده الحودي) في حديث عام عن المدينة. متحدثا عن «جمال بعض الرقصات الذمارية»والذي كان سببا في انتقالها بمسمياتها إلى محافظات أخرى, ومن وأشهر تلك الرقصات : العنسية: أشهر الرقصات في المحافظة ويؤديها شخصان أو ثلاثة على إيقاع الطبل والمزمار، فيما تؤديها النساء على إيقاع الطبل والصحن، وتتميز هذه الرقصة بأنها أول الرقصات التي تؤدى في الاحتفالات وذلك بسبب إيقاعها الهادئ إذ تعد تمهيدا للرقصات الأخرى.الشَنّية: وتأتي بعد العنسية من حيث الشهرة، يؤديها راقصان أو ثلاثة على إيقاع الطبل والمزمار، وتؤديها النساء على إيقاع الطبل والصحن، وتتميز بطابعها الأنيق المتمثل في حركات الراقصين المتناغمة.البرع: أكثر الرقصات انتشارا على مستوى المحافظة، وتؤدى بشكل جماعي في مراحلها الثلاث الأولى والتي : تسمى الطويل والأوسط والثالث، ثم ينخفض العدد إلى ثلاثة راقصين عندها تسمى ( الدخيلية أو الهوشلية)، والمرحلة الأخيرة يؤديها راقصان فقط، وتسمى الثعيلية، ويرافق الرقص إيقاع الطبول. الدعسة: من الرقصات الشعبية التي يؤديها راقصان ولا يزيد العدد عن ثلاثة، على إيقاع الطبل والمزمار ، ومن اسمها ندرك بأنها تعتمد على حركات الأقدام بشكل رئيسي. الموج: أسرع الرقصات الشعبية التي يؤديها راقصان على إيقاع الطبل والمزمار، وتتميز بكثرة التفاف الراقص حول نفسه وكذا الجلوس المتكرر.
ذمار.. عاصمة محافظة ذمار و إرث تاريخي بتفاصيل مختلفة
أخبار متعلقة