تراقصت بفستانها الزهري..امتدت يده تلامس خاصرتها الثملة، تمسح ماء عينيها احتفاء برجوعها كل شيء يهتز، كاسات الكريستال على الرفوف، الستائر، زجاجات العطر المتراصة بجانب المرآة، السرير، أوراق من الماضي كادت تتطاير كالفراشات لتلامس النجوم ، دقات قلبها المتراكضة، شمعة بضوئها الخافت، عطره الذي رفض الانتظار فخرج من ثوبه، ولحظات الدهشة والشوق، الصحف المبعثرة على مكتبه ...-أحسك، تسافرين فوق خارطة العمر، ظلا ظليلاً ...هل أنت هروبي من القدر، أم أنك القدر؟ يحمل فؤاده بنشوة على رؤوس أصابعه، يتسلق وجهها الآتي من بلاد الغربة ، يطلق زورق محبته وشوقه، وهي المتمطية فوق الأريكة تلملم عن جبينه نقطا ودوائر وأسطورة فينيقية نزفت قمحا على بيادر الوطن.اقترب، اقتربت، انزلق حفيف همسه على شعرها المسترسل.- ما الذي يعيدني إليه الآن ؟تحرك في داخلها هاجس من ألف ليلة وليلة ، وبإحساس الحب الأعمى انشق جنح الظلام ليسفر عن انكسار اللحظات المتسارعة، لم تنس الشرخ الذي فتك بروحها وحولها إلى فتاة ليل، فتاة الغرف الحمراء، والخمرة ، وأمراء البترول، وأصحاب الياقات والعباءات الفضفاضة.من النافذة تدلى نجم كحزمة حزن، تتحسس جسدها الذي ارتكب المعصيات وتتمرغ على أسرة من حرير في ليالي الضلال ، كموجة اعتلت صهيل الألم، تبدل شكل الأسطورة وتفاصيلها وأحداثها، تراه أمامها ، تحتضن فصوله ، تمارس لذة الريح معه وتعصف، تتناثر الأوراق ، تنتفض المحبرة..يبرح طيفه المكان، تراقب عقارب الساعة الزاحفة بأنين صامت .. يخرج من مجرتها وفي عينيه لوم وعتاب .. تبكي .. يسقط الحلم من حنين الذاكرة .