نافذة
إدمان المخــدرات يؤثر على إنتاجية الفرد مـن خـلال التغيرات في سلوك الفرد المتعاطي وتأثيره على العقل وشلل مؤقت في الذاكرة. و دلت عدد من البـحوث التي أجريت على المتعاطين للمخدرات على انخفاض مستوى إنتاجه وعدم الاكتراث، وضعف بالتركـيز للزمن والألوان والحجم، والوقت، وعدم القدرة على الإنتاج لأداء مهام عمله، وإصابات عمل خطيرة منها ما يؤدي إلى الوفاة. علماً أن مشكلة الإدمان تعاني منها اليوم العديد من دول العالم وأصبح تأثيرها ليس على المستوى المحلي فقط، بل تجاوز حدود أي دولة ليهاجم كالإخطبوط على المستوى الإقليمي والدولي، بحيث أصبح الإدمان يشكل مشكلة كبرى بسبب ما يترتب عليها من أخطار تهدد الإنسان والأسرة والمجتمع والتنمية بشكل عام.ونرى أن المنظمات الدولية والمجتمع المدني لعبت ومازالت تلعب دورها الفعال في الحد من انتشار ظاهرة الإدمان وأخطرها المخدرات التي انتشرت بصورة سريعة، بسبب الفقر والجهل والأمية والبطالة والعنصرية والصراعات السياسية وانتشار الجرائم والعصابات والملاهي الليلية والدعارة... إلخ. والمشكلة لا تزال تتفاقم بالرغم من الجهود المبذولة على المستوى المحلي الإقليمي والدولي من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني التي أسهمت بدور فعال في وضع المشكلة على طاولة الحوار وتحذير العالم من وجود مشكلة إنسانية، للالتفاف حولها من خلال تفعيل دور الكفاءات العلمية و الطبية و الاجتماعية نحو إيجاد الحلول الجذرية للحد من تفشي الإدمان وانتشاره.وأكدت بعض التقارير الرسمية أن جرائم المخدرات في بلادنا من عام 2005 حتى 2007 وصلت إلى ( 140 ) جريمة مخدرات و(226) متهما مقارنة بـ45 جريمة و( 86 ) متهماً في العام 2005، وإتلاف (755) كيلو جراماً من الحشيش والمخدرات المضبوطة بين محافظتي صنعاء وعمران، بهدف تهريبها إلى المملكة العربية السعودية، وعدد القضايا المضبوطة في مجال مكافحة المخدرات وصلت إلى (304) قضايا و(511) متهما، منهم (469) يمنياً و(42) متهماً من جنسيات أجنبية مختلفة، أما الكميات المضبوطة من الحشيش فوصلت إلى أكثر من (9642) كيلو غراماً منها (3004) كيلو غرامات في العام 2005، و(2082) كيلو غراماً في العام 2006، و(4555) كيلو غراماً في العام 2007.وأشار التقرير انه إلى جانب ضبط (112) غرسة من الحشيش المخدر بلغ عدد الحبوب المخدرة المضبوطة خلال تلك الفترة أكثر من (802) ألف و(994) حبة، ومعظمها ضبطت خلال العام 2007، بواقع (791469) حبة و(11519 ) في 2005 و (189) جرام هيروين في 2007م.وحسب تقرير الأجهزة الأمنية أن إجمالي ما تم إتلافه من المخدرات في العام 2006 في أمانة العاصمة، ومحافظات عدن، مأرب، حضرموت، شبوة، الحديدة، المهرة، صعدة، وتعز وصل إلى (22) كيلوجراما و(200) غرام من مادة الهيروين، و(1647) كيلو جراماً و(952)غراماً من الحشيش، و(200) غرام من بذور الحشيش .. بالإضافة إلى (41039 ) من الحبوب المخدرة، و(7856 ) حبة من الأمفيتامينات المخدرة. وتؤكد التقارير المذكورة أن الكميات المضبوطة كانت تستخدم اليمن كقناة للعبور إلى دول الجوار وهذا ما يؤكد تصنيف اليمن بأنه منطقة عبور أو ترانزيت لهذه المواد إلى بلدان الجوار، وهذا يزيد خطورة على المستوى الإقليمي، والدولي، و المحلي خاصة، ما يؤدي إلى تسريب كميات للتعاطي في هذا البلد أو خلق سوق تجارية فيه، علماً أن جريمة المخدرات تعتبر من القضايا التي بحاجة لحالة تلبس أثناء ارتكاب الجريمة للقبض على مرتكبيها.موقع اليمن الجغرافي يلعب دوراً متميزاً بين دول الإنتاج من دول جنوب شرق وغرب آسيا وبين دول الاستهلاك من مختلف بلدان العالم، إضافة إلى امتداده الساحلي وارتباطه بمناطق صحراوية وشبه صحراوية وسلسلة جبلية وعرة المسالك. وكل تلك العوامل مكنت تجار ومهربي المخدرات من أن يتخذوه مجالا خصباً لجلب بضاعتهم إليه وترويجها فيه أو تهريبها عبره إلى بلدان أخرى.وتأتي قضية غسيل الأموال في المرتبة الأولى في جرائم المخدرات الناتجة من تجارتها وتشكل قضية شائكة وتحدياً أمام المجتمع الدولي، بسبب الدعم المباشر لأنشطة إجرامية تمثل خطراً دولياً مثل الإرهاب وتجارة الأسلحة وغيرها.وقد نص قانون مكافحة المخدرات في بلادنا على مصادرة الأموال المتحصلة من هذه الجرائم ، والوسائل والمعدات التي استخدمت في الجريمة، وتكشف الجرائم تلك من خلال عمليات مراقبة التحركات للأموال المشبوهة والمتورطين في القضايا المشبوهة أو عند عمليات ضبط أحد تجار المخدرات.وبشكل عام فإن المخدرات تتسبب في أضرار للإنسان الذي يعتبر ثروة لا تقيم بثمن فالمدمن غالباً ما يصاب بالأورام السرطانية، والعقم والايدز والكبد البائي،والهلوسة والنبذ والاكتئاب الذي يؤدي إلى الانتحار والعنف والتمرد، لأن الدماغ يتأثر بفعل المخدرات، والجرعة الزائدة تسبب الوفاة.وأهم الآثار الاقتصادية، إهدار الدولة للكثير من الأموال في سبيل مكافحة المخدرات وإنشاء مراكز ومصحات علاج المدمنين على المخدرات، وإنهيار الطاقة الإنتاجية للفرد، ووفاة الكثير من شريحة الشباب مدمني المخدرات، وانخفاض مستوى الدخل القومي، والتأثير السلبي علـى المسارات الاقتصادية المختلفة (كالسياحة - الاستثمار التنمية البشرية الإنتاجية).ونستطيع القول إن اليمن مازالت لا تدرك حجم المسؤولية بسبب غياب الدور المجتمعي في نشر الوعي الثقافي حول قضية المخدرات لتفادي انتشار هذا الوباء الخطير، ومن جانب آخر قلة اهتمام وزارة الصحة بإنشاء مراكز خاصة لمعالجة المدمنين.