
14 أكتوبر / خاص :
استطلاع /محمد حمود الشدادي:
تعتبر صناديق نظافة وتحسين المدن بوابة العبور الحضارية لمدن نظيفة ومجتمع صحي وبيئة سليمة، وما تقوم به صناديق النظافة والتحسين على مستوى المحافظات اليمنية يُعد رسالة سامية، وهدفا نبيلا، وبصمة أمل لغدٍ مشرق، حيث تُعد هذه الصناديق بوصفها الوجه الحضاري للمدن، وعنوان رقيّ للمجتمع، وضمان بيئة صحية وآمنة للوطن وأبنائه، فنظافة وتحسين المدن لا تعكس نظافة وتحسين المدن فحسب، بل تكشف نقاء الضمير وعمق الانتماء! بل هي مسؤولية أخلاقية يتحملها كل فرد تبدأ بخطوة بسيطة وتنمو لتصنع فرقا كبيرا في حياة تسودها الصحة والجمال والبيئة النظيفة.
فالنظافة والتحسين متلازمان وكما يقال النظافة جمال، والتحسين كمال.
النظافة مسؤولية.. والتحسين رسالة
ومن هذا المنطلق وبناء على قانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000م ولوائحه التشريعية والمخولة لوزارة الإدارة المحلية الإشراف والرقابة على صناديق النظافة والتحسين في المحافظات قامت وزارة الإدارة المحلية خلال الشهر الماضي بتدشين ورشة عمل لصناديق النظافة والتحسين بالمحافظات المحررة برعاية معالي وزير الإدارة المحلية حسين عبدالرحمن الأغبري وبتعاون منتدى التنمية السياسية ومنظمة برجهوف الألمانية وتحت عنوان «صناديق النظافة والتحسين نحو بيئة مستدامة ومجتمع صحي»؛ وذلك للاطلاع على الصعوبات والمعوقات التي تواجهها الصناديق والعمل على إيجاد الحلول والتوصيات المساندة لعملها وتبادل الخبرات والاستفادة فيما بين الصناديق في المحافظات المحررة.
ولتسليط الضوء على ذلك اجرينا العديد من الرصد والمقابلات لتلك القيادات نوضحها بالآتي:
وزير الإدارة المحلية : نظافة وتحسين المدن ليست رفاهية بل واجب وطني
خلال التدشين للورشة كان لوزير الإدارة المحلية الأستاذ حسين عبدالرحمن الأغبري وبحضور نائب وزير الإدارة المحلية معين محمود صالح وعدد من قيادات الوزارة ومنتدى التنمية السياسية كلمة توجيهية للمشاركين حثهم فيها على عدد من التوجيهات والإرشادات شاكراً لهم استجابة المشاركة التي تُعد تعبيراً صادقاً عن المسؤولية المشتركة تجاه الوطن الحبيب، مشيراً الى ان صناديق النظافة والتحسين تعد الواجهة الحضارية للمدن وتعكس الوجه الجمالي بيئياً وصحّياً للبلد بشكل عام قائلاً «لنعمل معاً على تحول الاهتمام إلى فعل، والمسؤولية إلى واقع، وان نبتكر أفكارا إبداعية لتجميل وتطوير محافظاتنا».
وحث الوزير الأغبري على العمل بروح الفريق الواحد، مؤكداً أن النظافة والحفاظ على البيئة ليست رفاهية بل هي حقٌ وواجب وطني وديني للجميع، بل وعلامة على احترامنا لأنفسنا ولمجتمعاتنا، حاثاً المشاركين على الانطلاق بعزيمة وبروح تعمل كخلية نحل منظم ومتعاون والجميع يعطي ثماراً طيبة وبجهودٍ فنية لتتشكل بصمة امل وخير في طريق المجتمع.
وأوضح الوزير الأغبري أهمية الورشة في الوقوف على اهم الاحتياجات والمتطلبات للصناديق وكذا الصعوبات والمعوقات التي تواجه عملها والاستفادة من تجارب النجاح فيما بين الصناديق في المحافظات المحررة والخروج بتوصيات هامة تعمل على الرفع بمستوى الاداء لصناديق النظافة والتحسين والعمل على وضع خارطة طريق عملية مستقبلية تهدف إلى رفع الوعي البيئي، وإدارة النفايات وإعادة تدويرها، وبناء مشاركات مجتمعية بين الأفراد والمؤسسات، مختتماً حديثه بأن يتخذ الجميع شعار «يدٌ تنظف ويدٌ تزرع وقلبٌ يحب ووطنٌ يزهو».
خلق بيئة مستدامة ومجتمع صحي
الوكيل المساعد لقطاع التنمية م/ مصطفى البريهي أكد على أهمية وضع آليات وخطط حديثة للارتقاء بمهام واعمال صناديق النظافة والتحسين وبما يتناسب مع الوضع القائم للمدن ووحداتها الإدارية، مشيراً الى أن عقد اللقاء الأول مع مدراء عموم وممثلي صناديق النظافة والتحسين للمحافظات المحررة وعدد من كوادر الوزارة وبعدد ( 40) مشاركاً تقريباً أتى لاهتمام قيادات الوزارة بعمل وأداء صناديق النظافة والتحسين ومشاركة المدراء التنفيذيين لصناديق النظافة والتحسين بالمحافظات المحررة العمل على تعديل قانون انشاء صناديق نظافة وتحسين المدن رقم (2) لسنة 1999م وبما يتلاءم مع الوضع القائم للمحافظات والمدن، واعداد هيكل تنظيمي موحد لجميع الصناديق في كافة المحافظات.
إضافة إلى الاطلاع على الصعوبات والمعوقات التي تواجه عمل الصناديق بشكل عام والعمل على دراسة تلك المشاكل وإعداد الحلول المناسبة لها، وكذا الاطلاع على الإنجازات التي تقوم بها قيادات الصناديق، وتبادل الخبرات فيما بينها.
وأشار الى ان اللقاء يهدف إلى التطوير المستدام للنظافة والتحسين، والعمل على مواكبة العصر في الابتكار والتغيير لأساليب جمع وتدوير المخلفات الصلبة والنفايات، ومواجهة تزايد التحديات البيئية، والاستفادة من التكنولوجيا كاستخدام التطبيقات الذكية لتتبع أنشطة النظافة وغيرها من البرامج والعمل على خلق بيئة مستدامة ومجتمع صحي من خلال التوعية والمبادرات المجتمعية للنظافة والتحسين، والوقوف على كافة الملاحظات والإرشادات الهامة الخاصة بذلك والعمل على تضمين كافة الملاحظات ضمن مخرجات وتوصيات الورشة والعمل على تشكيل لجنة لمتابعة تلك المخرجات، والعمل على تنفيذها.
أبرز الصعوبات والمعوقات أمام صناديق النظافة
من خلال الرصد والمتابعة لأوراق وعروض العمل المقدمة من قبل مدراء وممثلي صناديق النظافة والتحسين في المحافظات المحررة تبين أن أهم الصعوبات والمعوقات التي تواجه الصناديق تمثلت في الجوانب المالية والفنية والإدارية حيث تبين أن كافة الصناديق تعاني من نقص الموارد المالية والنفقات التشغيلية، ومواجهة عدد من الصعوبات في تحصيل الإيرادات، وكذا النقص الحاد في المعدات والآليات وفقدان وتهالك الكثير منها الى جانب الارتفاع المتصاعد في تكاليف تشغيل اعمال النظافة والتحسين مقابل الزيادة السكانية والتوسع العمراني الكبير وانشاء مناطق سكنية جديدة، تزايد اعداد النازحين في عدد من المحافظات والذي ترتب عليه زيادة كميات المخلفات الصلبة، أيضا عدم وجود مكبات نفايات (مقالب قمامة) رسمية باستثناء محافظتي عدن وحضرموت.
أيضا التعامل غير الآمن مع المخلفات الطبية الخطرة وغيرها، وبالرغم من تلك الصعوبات والمعوقات التي تواجه عمل الصناديق بشكل عام الا انها تعمل وبشكل جيد ومستمر وبالقدر الممكن والمتاح في ترحيل اطنان النفايات والمخلفات الصلبة يومياً والقيام بعملية التحسين المستمر والتشجير والرصف للمدن والشوارع الرئيسية وإقامة المنشآت الجمالية من حدائق ومتنزهات ومتنفسات عامة، واتباع عدد من الآليات الحديثة في جمع النفايات وترحيلها، وفق خطط استراتيجية ودراسات ميدانية.
ومن خلال استعراض أوراق وعروض المشاركين والنقاشات المستفيضة والبرامج التدريبية لمجموعات العمل، واستعراض تجارب دولية ناجحة في كيفية الاستثمار في المخلفات الصلبة وإعادة التدوير للنفايات والتي تمت أثناء انعقاد الورشة تبين أن هناك جهوداً تُبذل من قبل صناديق النظافة والتحسين رغم كل ما تم ذكره من صعوبات ومعوقات.
الإدارة الآمنة للنفايات الطبية
تُعد النفايات الطبيّة أحد أنواع النفايات بحسب تقسيم انواع النفايات (نفايات عامة، صناعية، طبية، زراعية)، والنفايات الطبية بحسب عرض الدكتور /منصر العسلي مدير عام الاستراتيجيات بوزارة الصحة تنقسم إلى قسمين: خطرة، وغير خطرة. الدكتور العسلي اثرى جلسة النقاش الخاصة بهذا المحور خلال انعقاد ورشة الصناديق بعدد من المعلومات والبيانات والإرشادات، الأضرار، المسببات، التشريعات والاتفاقيات الدولية منها (اتفاقية بازل) وغيرها من المبادئ منها مبدأ من يلوث يدفع، مبدأ توخي الحذر، مبدأ القرب، مبدأ تحمل المسؤولية بالنسبة للنفايات، أنواع النفايات الخطرة وغير الخطرة وآليات التعامل معها وكيفية التخلص منها والتي يتم حرقها عبر آليات ومعدات (محارق) مخصصة لذلك وكيفية التنسيق والتعاون المشترك من قبل قيادات صناديق النظافة والتحسين مع المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية وغيرها من المصادر المنتجة لهذه النفايات، كل في محافظته، وغيرها من الاجراءات الاحترازية لضمان وقاية العاملين وبما يعكس ويعزز من خلق مجتمع صحي وبيئة نظيفة ووعي مشترك..
توصيات الورشة
خرجت الورشة بعدد من التوصيات أهمها:
- إقرار هيكل تنظيمي موحد وتعديلاته وتعميمه على صناديق النظافة في المحافظات.
- ضرورة تحليل المعلومات المقدمة من إدارة صناديق النظافة والتحسين والخروج بمشاريع حلول عملية تتضمن: آلية تفسيرية لتنظيم تحصيل رسوم النظافة والتحسين وتعديل قانون إنشاء الصناديق واللوائح التنفيذية لتعزيز دور الصناديق في تنفيذ المهام المناطة بها وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.
- إعادة النظر في قيم أوعية رسوم النظافة التي لم تدرج في قرار مجلس الوزراء رقم (33) لعام 2021م واحتساب رسوم النظافة كنسبة من القيمة حتى لا نضطر الى تعديل الرسوم بين الحين والآخر بسبب تصاعد أسعار مستلزمات النظافة والتحسين.
- دعم الصناديق بالديزل من الكم المخصص للكهرباء باعتبار النظافة خدمة حساسة أسوةً بالكهرباء، حيث أن الديزل يشكل عبئاً كبيراً على الصندوق.
- ضرورة نقل أسواق القات خارج المدن.
- عمل إرشادات توعية لعمال النظافة حول كيفية التعامل مع النفايات الطبية الخطرة من أجل سلامة العمال.
- التعامل مع خصوصية كل محافظة فيما يتعلق بالموارد وشحتها وموقعها الجغرافي.
- إقرار لائحة الغرامات والمخالفات وتبني ودعم مشاريع استثمارية جديدة ترفع من مستوى الإيرادات لصندوق النظافة.
- الاهتمام بتقييم أوضاع مقالب القمامة بالمحافظات. وغيرها من التوصيات المتعلقة بتجويد عمل صناديق النظافة والتحسين.
ختاماً .. كون عملية النظافة والتحسين مستمرة هناك العديد من الترتيبات والمتابعات الحثيثة لتنفيذ ما يمكن تنفيذه كإسنادٍ عمل الصناديق وهناك جهود تبذل من قبل قيادات الوزارة والصناديق لعكس ما تلقوه واستفادوه من الورشة، حيث تعمل الوزارة وبمشاركة اللجنة المنبثقة من اللقاء على دراسة الهيكل التنظيمي لتعديل قانون النظافة والتحسين واعداد الهيكل التنظيمي للصناديق ليتم رفعه لمجلس الوزراء لاعتماده واقراره، إضافة إلى التنسيق المستمر مع الجهات والمنظمات الداعمة لرفد صناديق النظافة والتحسين بالمعدات والآليات المطلوبة، وغيرها من التنسيقات والتعاميم الصادرة وتكوين قاعدة بيانات بخصوص ذلك.