حمير: ظروفي المعيشية الصعبة أجبرتني على العمل لمساعدة والدي في كسب لقمة العيش
أجرت اللقاءات/ أشجان المقطريتـعد عمالة الأطفال إحدى الظواهر المستشرية في المجتمع اليمني، والتي أخذت في الآونة الأخيرة - مع الأزمة التي تعرضت لها بلادنا - تتفاقم يوما بعد يوم بشكل كبير ولافت النظر من دون أن نتمكن من إيجاد حلول لها.وغالبـا ما يدفع أبناؤنا الصغار للعمل وينقطعون عن مواصلة الدراسة، نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها هم وأسرهم ناهيك عن غياب جانب الرقابة والاهتمام والرعاية من قبل الأسرة والمجتمع والدولة التي تعهدت بكفالة حقوقهم من ملبس ومأكل ومشرب وأيضـا السكن والتعليم والصحة المجانية وغيرها.صحيفة (14 أكتوبر) سلطت الضوء على هذه الفئة من الأطفال لمعرفة أسباب هذه الظاهرة ..فإلى التفاصيل:في سبيل لقمة العيشحمير بديل عائض ذو الخمسة عشر عامـا في الصف التاسع، يعمل بائعـا متجولا بعدن سألناه عن سبب عمله فقال:أعمل لمساعدة والدي في كسب لقمة العيش الكريم، خصوصـا أنه ليس لديه وظيفة حكومية.وعن الدراسة والمستقبل الذي يأمله يقول: “أحاول أن أوفق بين دراستي وعملي بقدر المستطاع، وأما المستقبل فهو مرتبط بتحسين وضع البلد».[c1]طفولة تكتوي بنار الشقاء[/c]على إحدى الجولات صادفنا طفلا لم يتجاوز عمره الثانية عشرة يدعى رأفت فائق، يحمل حزمة من الجرائد سألناه عن السبب الذي دفعه إلى العمل فأجاب:«ظروفي هي التي أجبرتني على هذا العمل».وعند سؤالنا له كم المردود الذي يتحصل عليه في مبيعات الجرائد قال مبتسمـا إنه يكسب ما قدر له المولى عز وجل.. مضيفـا أنه يتعامل مع أحد الأكشاك لتوزيع الجرائد على المبلغ الذي يكون بمقدار ما يبيعه.وعن الدراسة يقول: لم أتعلم بسبب أن الشهادة أصبحت بلا قيمة في وقتنا الحاضر، ولم أدرس؛ لأنه لا فائدة من دراستي.[c1]كفاح حتى منتصف الليل[/c]التقينا الطفل علي بن علي ذا السابعة عشرة يعمل في أحد المطاعم بعدن وتلفح وجهه الطري والبريء ألسنة اللهب يوميـا.. يتقاضى مقابل ذلك التعب 8 آلاف ريال يمني شهريـا يرسلها إلى أسرته التي تتكون من 10 أفراد.وبصوت يدفع سامعه إلى الشفقة يحكي لنا على قصته قائلا:أتيت من محافظة حجة واعمل في هذا المطعم من الساعة الثانية ظهرا حتى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل طوال أيام الأسبوع، وذلك لأبني مستقبلي؛ ولأن الشهادة أصبحت لا قيمة لها».وسألنا علي عن أسباب انقطاعه عن التعليم فبادرنا بالإجابة: «أنا لا أعرف القراءة والكتابة بسبب انقطاعي عن الدراسة، ربما لأنني أرى من يحملون الشهادة الجامعية يشتغلون في المطعم أو يظلون من دون وظائف».ويتمنى علي من الجهات المختصة أن تراعي وضع الأطفال في اليمن؛ لأن الوضع الحالي ينذر بمستقبل مهدد بالانهيار بسبب البطالة.كما التقينا بالطفل عثمان غسان في فرن لصناعة الخبز (الروتي) بعدن، وهو يعمل بكل جهد لمساعدة أهله في كسب لقمة العيش الكريم، حيث أن والده يعمل في مركز اتصالات فترة واحدة فقط، وعند ما سألناه سبب عمله في الفرن أجاب قائلا: «لأن دخل الوالد لا يكفي ، ونحن داخل البيت نتكون من تسعة أفراد، حيث أصبح في هذا الزمن لا يكفي الدخل للكهرباء والماء وللأكل والشرب وغيرها.[c1]العمل لكسب الخبرة [/c]وفي ورشة إصلاح السيارات كان أحد الأطفال يعمل بكل جهد لمساعدة والده في كسب لقمة العيش الكريمة، خصوصـا أن والده لم يكن لديه وظيفة، خمس دقائق كانت جزءا ثمينـا من وقته تحدث خلالها قائلا:«أشتغل لمساعدة والدي وفي الوقت نفسه لكسب الخبرة والعمل لراحة والدي الذي أتمنى من الله عز وجل أن يمنحه الصحة والعافية».وسألناه هل أنت قادر على العمل الشاق؟ فأجاب:«أنا أعمل في الأشياء التي تتناسب مع بنيتي الجسدية وقدراتي الشخصية أما الأعمال الكبيرة فأتركها للوالد».[c1]نماذج عامة[/c]كانت هذه نماذج من الأطفال فقط، لكن هناك العديد من الأطفال في عمر الزهور يقضون وقتهم بين الحديد والنار لكسب لقمة العيش الكريم والبقاء.وهؤلاء ليسوا حالات نادرة بل هم نماذج لحالات كثيرة ومتعددة ومنتشرة حرمت من العيش بأمان وراحة بسبب غياب حقوق الطفولة التي نصت عليها القوانين الدولية رغم أن اليمن من ضمن الدول الموقعة على اتفاقية حماية حقوق الطفل.