ازدهار العنزي:يمثل الطفل ذو الاحتياجات الخاصة عائقا في حياة إخوته وأسرته. ويبدو هذا واضحا أكثر في الأوساط الشعبية التي ينتشر فيها الفقر والأمية، وتقسو الظروف على الجميع، وخاصة على الأطفال الذين يجدون أنفسهم محرومين من أبسط أشكال الرعاية والأمهات يجهلن أبسط المبادئ والقواعد المتعلقة بالتعامل مع الأطفال بشكل عام وخاصة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يمثلون عبئاً مادياً ونفسياً ثقيلا على آبائهم وإخوتهم، سواء في الأسر الفقيرة أو في الأسر الغنية، مما يستدعي التفكير في الطرق التي نستطيع بها مساعدة هذه الأسر في تحمل أعبائها والتعامل مع أطفالها المعاقين بما يساعد على التخفيف عنهم وقبول الآخرين لهم. والإعاقة ليست مشكلة خاصة بالمعاقين وأسرهم. وإنما هي مشكلة يواجهها المجتمع كله. فالمعاقون أو ذوو الاحتياجات الخاصة تتراوح نسبتهم في بعض المجتمعات العربية بين 2 % و 3 % والشعور بالإعاقة وبتأثيراتها يختلف حسب درجة القرب أو البعد من الشخص المعاق ، شعور الإخوة وبقية أعضاء الأسرة بالإعاقة التي يعاني منها أحد أفرادها غير شعور الآخرين الذين لا تربطهم بالشخص المعاق رابطة خاصة ، وفي هذا يقول الباحث الأمريكي هاردمان أنه لا يوجد وسط يتأثر بوجود طفل معاق أكثر من الأسرة ، فولادة طفل متخلف عقلياً قد تغير من كيان الأسرة واستجابات أعضائها وتفاعلهم بعضهم مع بعض ومع الطفل المتخلف عقليا من هنا كان التركيز في هذا البحث على أخوة المعاق وعلى الأساليب والوسائل التي نستطيع بها إرشادهم ليتقبلوه ويساعدوه في التغلب على إعاقته والتخفيف من تأثيراتها السلبية وتنمية قدراته والاندماج في حياة الأسرة وحياة المجتمع.الإعاقة وإخوة الطفل المعاقيعتقد معظم الباحثين في مشكلة الإعاقة أن إخوة الطفل المعاق يشاركونه معاناته، أو يعانون مشكلته أكثر منه، ويستطيعون أن يساعدوه أكثر من غيرهم، ولكنهم يحتاجون إلى الخبرات والإرشادات التي تمكنهم أولاً من التغلب على معاناتهم الشخصية، وتمكنهم بالتالي من مساعدة أخيهم المعاق، لذلك فإن وجود الطفل المعاق في الأسرة له تأثيرات سلبية على توافق إخوته بسبب ما تفرضه بعض الأسر على نفسها من عزلة تحد من فرص اندماج إخوة الطفل واختلاطهم بالآخرين في الحياة والمناسبات الاجتماعية، وربما بسبب تململ إخوة الطفل وامتعاضهم من الانشغال المستمر للوالدين بهموم الطفل واهتمامهما برعايته. فإخوة الطفل المتخلف قد يتأزمون أكثر من والديهم بسبب قلة الخبرة وعدم النضج وكثرة الأسئلة التي تجول في عقولهم عن تخلف أخيهم وكلما كبر الإخوة والأخوات زاد خوفهم من نظرة المجتمع إليهم وإلى أخيهم، وقد يشعرون بالحرج الاجتماعي، عادة ما يشعر أشقاء الأطفال غير العاديين بالمشاعر نفسها التي يشعر بها الآباء ويكونون مثقلين بالهموم، ومشغولين بتساؤلات عديدة تبحث عن جواب مثل: لماذا حدث ذلك؟ وماذا سأقول لأقراني عن حالة أخي؟ وهل سيتعين العناية به طوال حياتي؟ وهل ستختلف حياتي المقبلة نتيجة هذا الحدث؟ وفي هذا المجال تلعب الثقافة والإعلام دوراً مهماً سواء في الإجابة عن أسئلة الإخوة ومساعدتهم في التغلب على معاناتهم والتكيف مع ظروف الإعاقة ومواجهة تأثيراتها السلبية عليهم، أو في علاج الأخ المعاق ومساعدته في كسر الحواجز القائمة بينه وبين الآخرين والاندماج في حياتهم ، ما الذي تستطيع الثقافة والفنون أن تقدمه للطفل المعاق وأخوته؟ وما هي الأساليب والوسائل التي يمكن من خلالها سد الفجوة بين المعاقين وذويهم؟ وكيف نقدم إرشادا ثقافيا وفنيا لعلاج هذه المشكلة؟.دور الثقافة في علاج الإعاقةلاشك في أن الثقافة عامة تساعد على فهم الأسباب المؤدية للإعاقة، كما تساعد على قبول المعاقين والتعاطف معهم وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم وتنمية قدراتهم والاندماج بقدر الإمكان في المجتمع الذي يعيشون فيه ، والثقافة التي نقصدها هنا لها معنيان! الأول هو الثقافة العامة، أي الاستنارة، والعقلانية، وسعة الأفق، ورحابة الصدر، وقبول الآخرين ، وباختصار كل ما يجعل الإنسان قادرا على التعامل مع غيره من البشر بفهم وإدراك ورغبة في تحسين شروط الحياة بالنسبة للجميع، والتعاون مع الجميع لصالح الجميع ، والمعنى الآخر للثقافة المقصود هنا هو المعنى العلمي المتمثل في الثقافة النفسية التي تستطيع أن تخضع الإعاقة للبحث العلمي، وأن تزود المجتمع عامة والأسرة خاصة بالمعلومات والخبرات التي تساعد الجميع على التعامل مع المعاقين بما يجعل الأسرة مهيأة نفسياً ومادياً لقبول الطفل المعاق وتوفير أفضل الشروط التي تساعده على مقاومة إعاقته وتنمية قدراته، والاندماج في مجتمعه الصغير والكبير، ومن المعروف أن البيئات الشعبية خاصة في مجتمعاتنا تميل إلى تفسير الإعاقة بشكل عام، والإعاقة الذهنية خاصة تفسيراً بعيداً عن الواقع، وهذه النظرة الخرافية، تحول بين المعاق وبين المجتمع عامة وإخوته وأسرته بشكل خاص. ومن الطبيعي أن تنعكس معاملة الأسرة لطفلها المعاق بهذه الطريقة على الأسرة نفسها، إذ يشعر أفرادها بالذنب لأنهم يعاملونه بهذه الفظاظة و الوحشية، أو يشعرون بالنقص لأن لهم ابناً معاقاً يطلقون عليه أسماء مهينة تعرضه للسخرية وتنتقص من قدره ، وقد تبالغ بعض الأسر، خاصة الغنية، في تدليل ابنها المعاق وتعامله بطريقة تحرمه من الاعتماد على نفسه وتشعره دائماً بالحاجة إلى غيره، وتشعر إخوته وأهله عامة بأنه عالة عليهم ، وتكون النتيجة مماثلة لما تسببه المعاملة القاسية، وهي عزلة الطفل المعاق، وعجزه عن الاندماج, والحاجة إذن ماسة لتفسير موضوعي للإعاقة يجعلها مفهومة ويخرجها من إطار التفسيرات الخرافية ، وهو الأساس الذي نبني عليه برنامجا مزدوجا للتعامل مع الطفل المعاق من ناحية لمساعدته وتعليمه وتدريبه على الاندماج، وللتعامل من ناحية أخرى مع المجتمع والأسرة والإخوة لمساعدتهم في التعامل بإنسانية وفهم مع الطفل المعاق وقبوله واحتضانه والتخلص من الشعور نحوه بالذنب أو بالنقص.العلاج النفسي ودور الأسرةالإعاقة لها نتائج لا تنفع معها الثقافة وحدها أو الإرشاد وحده في بعض الأحيان، وإنما تحتاج فوق ذلك إلى العلاج النفسي على يد أطباء نفسانيين محترفين أو على يد أفراد الأسرة الذين يمكن أن يساعدوا الأطباء ويكملوا عملهم ، عن طريق تدريب الأسرة على كيفية التعامل و تعليم الابن ووضع برامج من قبل المتخصصين مثل برنامج بورتيج (Portge project) للتربية المبكرة.إن الآباء والأمهات يختلفون في قدر المسؤولية التي يتحملونها. فبعضهم قد يكونون امتداداً مباشراً لاختصاصي العلاج ويتبعون ما يقدم إليهم من تعليمات، وبعضهم يتعلم المبادئ العامة لتعديل السلوك، ويمكن أن يسمح له بتخطيط البرامج الخاصة وتنفيذها مع توافر حد أدنى من التوجيه من قبل المتخصصين.. والإخوة لهم دور آخر لا يقل أهمية عن دور الآباء، لأن أعمارهم متقاربة مع عمر شقيقهم المعاق، وهم الأقرب إليه في معظم الأوقات، في البيت وفي خارج البيت، وهم الأكثر تعرضاً للمشاكل النفسية المترتبة على قرابتهم لطفل معاق، وهم حلقة الوصل بين شقيقهم وبقية الأطفال سواء أبناء الجيران أو زملاء الدراسة، وهذا هو الوسط الذي نستطيع أن نجرب فيه إرشاد إخوة الطفل المعاق بالفن عامة، وبالسيكو دراما بوجه خاص.إن الفن في نظر الطفل نوع محبوب من أنواع اللعب، وشكل من أشكال التعبير عن النفس والترفيه عنها، كما يمكن أن نجد في الرسم والنحت والرقص والموسيقى علاجاً، خصوصاً المسرح الذي استخدم في العلاج النفسي فيما سمى “السيكو دراما”.
تنمية دور الأسرة في التعامل مع الأطفال المعاقين
أخبار متعلقة