خلال عقدين من الزمن..
صنعاء / سبأ:شكل قيام الوحدة اليمنية في الـ 22 مايو 1990م، بداية الانطلاقة الحقيقية لمنظمات المجتمع المدني المتصل بالعمل الجماهيري خدمة للمجتمع في ظل ما أولاه دستور وقوانين الجمهورية اليمنية من اهتمام ورعاية لهذه المنظمات . وعلى مدى خمس سنوات مضت شهد قطاع العمل الجماهيري المدني طفرة كبيرة في أعداد المنظمات الجماهيرية المرخصة قانونا حيث ارتفع عدد الجمعيات والاتحادات من 3 آلاف و552 جمعية في العام 2005 م إلى أكثر من 7 آلاف منظمة جماهيرية في نهاية عام 2009م حسب إحصائيات قطاع التنمية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل .وتتفاوت أعداد المنظمات والمؤسسات الأهلية على مستوى المحافظات، حيث سجلت أمانة العاصمة صنعاء أعلى نسبة بين المحافظات بواقع 6. 12 بالمائة بينما احتفظت محافظة الحديدة بصدارة المحافظات في نسبة الجمعيات والاتحادات التعاونية بواقع 19 بالمائة تليها محافظة عدن بواقع2. 14 بالمائة فيما يبلغ عدد المنظمات والمؤسسات والجمعيات الخيرية ألفين و250 بنسبة 40 بالمائة تنتشر في محافظات الجمهورية.وتوضح الإحصائيات أن منظّمات المجتمع المدني الأجنبية العاملة داخل أراضي الجمهورية اليمنية بلغت حتى نهاية العام 2009م نحو 43 منظمة مختلفة الجنسية من إجمالي منظّمات المجتمع المدني غير الحكومية الداخلية والخارجية، فيما تبلغ نسبة المنظمات غير الحكومية التي تركّز نشاطها على بناء القدرات لمختلف المؤسسات والجمعيات في أمانة العاصمة أو في المحافظات 6. 25 بالمائة من إجمالي المنظّمات غير الحكومية الأجنبية في مختلف المجالات.وتعد الحكومة اليمنية منظّمات المجتمع المدني جزءا مهما من نسيج المجتمع وشريكاً أساسياً للجهود الرسمية في عملية البناء والتنمية ومن هذا المنطلق فقد عملت الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ إعلان قيام الجمهورية اليمنية على إفساح مجال واسع أمام هذه المنظمات وقدمت لها كل الدعم والرعاية في سبيل إيصال خدماتها و رسالتها للمجتمع، كلا بحسب اختصاصه.وتولي الحكومة اهتماما كبيرا ومتزايدا للعديد من تلك المنظمات الجماهيرية ذات الطبيعة المهنية التي تشمل النقابات والاتحادات كالاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية والاتحاد التعاوني الزراعي واتحاد نساء اليمن ونقابات المعلّمين والمحامين والصحفيين والأطباء والمهندسين كما شمل هذا الاهتمام والرعاية الحكومية العديد من الجمعيات الخيرية الفاعلة وغيرها من المنظمات الجماهيرية التي تنتسب إليها شرائح واسعة من المجتمع، وتقدم مساهمات اجتماعية، وصحية وتؤمن أنشطة ترفيهية واجتماعية، ومشاريع مشتركة بينها في الجانب التنموي.وتشير التقارير الحكومية إلى أن الدعم الرسمي لقطاع منظمات المجتمع المدني تركز خلال العقدين الماضيين في عدد من الجوانب منها المالي والتشريعي ومنها العيني إذ قدمت الحكومة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لهذه المنظمات خطابات إلى الجهات المانحة كما وجهت الصناديق والبرامج والمشروعات لدعم هذه المؤسسات والجمعيات ودعم قُدراتها الفنية والإنتاجية والمهارية لتقوم بدورها في تنفيذ مشروعاتها المجتمعية ، كما حصلت هذه المنظمات والمؤسسات على إعفاءات جمركية وضريبية، بلغت خلال الفترة 2006 - 2009م، أكثر من 60 مليون دولار، فيما تصل المبالغ الحكومية المقدمة نقدا لدعم بعض الاحتياجات داخل هذه المنظّمات إلى 300 مليون ريال سنويا. ويوضح التقرير أن الدعم الحكومي لمنظمات المجتمع المدني لم يقتصر على الجانب المالي والمعنوي بل وصل إلى تمكين عدد من الجمعيات والمنظمات من إدارة مراكز اجتماعية وصحية لتقوم بإدارتها واستثمارها لتشكل مصدر دخل دائم لهذه المنظمات والجمعيات، كما شجعتها على إنشاء المشروعات الصغيرة والإقراض الصغير والأصغر وتوجيه البنوك والمؤسسات المالية والائتمانية لتقديم التسهيلات والتشجيعات والحوافز. وتظهر المسوحات والدراسات المقيمة لعمل منظمات المجتمع المدني أن هناك عملا أهليا جيدا وممتازا رغم المصاعب والمشكلات التي تواجهها والمنظّمات التي جعلت حوالي 15بالمائة من هذه المنظّمات شبه مجمدة، وحوالي 5 بالمائة منها لم تمارس أي نشاط منذ إنشائها، فيما تعمل 5 بالمائة من هذه المنظمات في إطار ضيق للغاية لخدمة أعضائها، و 15 بالمائة تمارس نشاطها في شهر رمضان المبارك والأعياد الدينية حسب ما يؤكده تقرير شبكة منظّمات المجتمع المدني للتنمية .لكن تقارير وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تشير إلى أن مساهمة 844 منظّمة أهلية في العمل الخيري والخدمي والاجتماعي بلغ في العام 2005 م نحو 5 مليارات ريال ..معتبرة ذلك مؤشراً إيجابيا لعمل منظمات المجتمع المدني التي تلقى قبولا واستجابة من قبل الحكومة والمواطنين.وتشير وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى أن منظمات المجتمع المدني استطاعت أن تحدث فرقا في الواقع اليمني منذ بدأت هذه المنظمات نشاطها.. وبحسب تقارير الوزارة فانه من الممكن لهذه المنظّمات أن تساهم بشكل أكبر في تنمية المجتمعات وإيصال مساعداتها إلى الفئات الفقيرة والأسر الأكثر عوزاً لو تغلّبت على مشكلات ضعف القُدرة الإدارية والتنظيمية واستطاعت تأهيل كوادرها وتعزيز البناء الداخلي الهيكلي وتوفير الموارد في الأوقات المناسبة، وأنه من الممكن أن تحدث فرقا أكبر لو أن نسبة المنظمات الفاعلة تزايدت ، فنسبة المنظمات الفاعلة يتراوح بين 30 - 35 بالمائة من العدد الإجمالي .ويرى تقرير شبكة منظمات المجتمع المدني للتنمية أنه على الرغم من أن أغلب المساعدات التي تقدمها منظمات المجتمع المدني التي تصب في إطار المساعدات العينية والمادية المباشرة، إلا أن هذه المنظمات لم تسهم في تفعيل أنشطتها الموجهة للتنمية في الريف كأنشطة تمويل للمشاريع الصغيرة للفقراء.. لافتا إلى أن دور هذه المنظمات خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة 2006 2010- في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لم يرق إلى المستوى المأمول، وأن مساهمتها انحصرت في إطار البرامج والأنشطة التي تتصل بمساعدة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة وبعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية.وأكد التقرير أن توسعا كبيرا طرأ في عدد المنظّمات غير الحكومية وفي نشاطاتها كماً ونوعاً وفي فاعليتها في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال السنوات الماضية ، كما شهدت نقلة نوعية عند إعداد الخطة الخمسية الثالثة في مستوى منظّمات المجتمع المدني في العملية التنموية تمثّلت في البدء في رسم السياسات وفي متابعة خطط وإستراتيجيات التنمية، وكذا مساهمتها في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية وإيصال المساعدات إلى الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة والأنشطة الثقافية والاجتماعية التي تخفّف من الفقر.وعمدت منظّمات المجتمع المدني إلى وضع إستراتيجية للتنمية تهدف إلى توسيع قاعدة مشاركة المجتمع المدني في التنمية وتعزيز مشاركتها مع القطاعين الخاص والعام في صياغة وتنفيذ السياسة العامة للتنمية، مع السعي نحو توسيع منظّمات المجتمع المدني غير الربحية التي يمكن أن تساهم مساهمة فاعلة في التخفيف من الفقر والحد من البطالة مع مراعاة النوع الاجتماعي وإدخالها ضمن الاستراتيجية الوطنية وتعزيز مشاركة منظّمات المجتمع المدني في الإعداد والتنفيذ والمتابعة للاستراتيجيات الوطنية وبرامج الحد من الفقر وتحقيق عدالة التوزيع حيث تبنت المنظّمات سياسات وبرامج عمل تتضمن تفعيل القوانين والتشريعات الخاصة بمنظّمات المجتمع المدني بحيث يتماشى مع الدور المناط بها كشريك فاعل للتنمية.