إعداد/ دنيا هانيالتوحد هو إعاقة في النمو تستمر طيلة عمر الفرد و تؤثر على الطريقة التي يتحدث بها الشخص و يقيم صلة بمن حوله، و يصعب على الأطفال و على الراشدين المصابين بالتوحد إقامة صلات واضحة و قوية مع الآخرين ، وعادة لديهم مقدرة محدودة لخلق صداقات ولفهم الكيفية التي يعبر بها الآخرون عن مشاعرهم. وفي كثير من الأحيان يمكن أن يصاب المصابون بالتوحد بإعاقات في التعلم و لكن يشترك كل المصابين بهذا المرض في صعوبة فهم معنى الحياة. وهنالك حالة أخرى تسمى مرض (أسبرجر) نسبة إلى طبيب الأطفال النمساوي هنز أَسبرجر، و هي نوع من أنواع التوحد تستعمل عادة لوصف الأشخاص الذين هم في أعلى درجة وظيفية من تشكيلة التوحد.[c1]ملاحظات ( كانر و اسبرجر)[/c]شغلت حالة «التوحد» وتفسيراتها الأطباء منذ ما يقارب المائة عام وشهد « التوحد» تغيرات جذرية خلال السنوات ألأخيرة ، وبالرجوع إلى التصور الحالي لكل من التوحد ومتلازمة ( اسبرجر) فإنه مازال مؤسساً على الملاحظات العملية التي كتبها الطبيبان (كانر) عام 1943م و (اسبرجر) عام 1944م حيث أظهرت هذه الملاحظات أن هناك حالات أطفال مشابهة تم وصفها قبل ذلك التاريخ، كما أن هناك تصورات تشخيصية أخرى موجودة حالياً لأطفال يعانون من اختلال التفاعل الاجتماعي ولا يمكن إدراجهم ضمن تشخيص الذهان أو اضطرابات الشخصية ، مثال ذلك (الاضطراب الفصامي الطفولي) ، كما وصف (كانر) حالة (11) طفلا يعانون من اختلال اجتماعي مشترك بينهم يجعلهم مختلفين عن بقية الأطفال ويشمل ذلك الاختلال نوعا من السلوك غير العادي، ونمطا من التواصل غير السوي، وان هؤلاء الأطفال يفتقدون الدافع العادي نحو التواصل الاجتماعي المؤثر مع الآخرين، ولوصف تلك الحالات اقتبس كانر مصطلح التوحد من سلفه (بلولير) ليشير إلى أن هؤلاء الأطفال يعيشون في عالمهم الخاص. ولاحظ (كانر ) أن هؤلاء الأطفال إما أنهم فاقدون للقدرة على التكلم أو أن كلامهم غير سوي (فبعضهم لا يستخدم ضمير المتكلم) وان هؤلاء الأطفال لديهم حساسية لبعض المثيرات البيئية مثل أصوات معينة، وأنهم يقاومون أي محاولة لتغيير روتين حياتهم أو بيئتهم.ومازال هذا الوصف الثلاثي لهؤلاء الأطفال الذي كتبه (كانر) هو محور وصف التوحد حتى الآن ، وقد وصف (كانر) هذا المرض بأنه مرض وراثي.وبالرغم من ذلك كانت هناك عدة أخطاء في وصف كانر للتوحد، منها انه ارجع سبب المرض إلى أولياء الأمور لهؤلاء الأطفال حيث ادعى أنهم غالباً من الطبقة المتوسطة وانه توجد لديهم مشكلات عائلية مع أطفالهم ، وقد أثبتت الدراسات خطأ هذا المفهوم ، ففي عام 1944م وبعد عام واحد من نشر بحث (كانر) نشر ( اسبرجر ) بحثاً حول أربعة أطفال فاقدي القدرة على التواصل مع الآخرين رغم أن لديهم القدرة على التحدث ولديهم قدر كبير من القدرات الذهنية.ولم يكن اسبرجر على علم بما كتبه كانر، لذلك أطلق على هذا المرض اسم ( التوحد) .وقد لاحظ اسبرجر أن هناك خللا في طريقة تحدث هؤلاء الأطفال وأنهم يعانون من خلل في التواصل غير اللفظي مثل تلاقي الأعين والإيماءات.ويتضح من ذلك أن هناك نقاط التقاء بين حالات كانر وحالات اسبرجر وان هناك أيضاً نقاط اختلاف وحالياً تم وضع الحالتين ضمن ما يعرف بطيف التوحد..[c1]الإعاقة الثلاثية[/c]ويواجه المصابون بالتوحد ثلاثة أنواع رئيسية من الصعاب تعرف بالإعاقة الثلاثية وهي : 1 - التفاعل الاجتماعي : ( صعوبة في العلاقات الاجتماعية كأن يبدو الشخص متحفظاً و غير مبالً بالآخرين). 2 - الاتصال الاجتماعي : صعوبة في الاتصال الشفهي و الاتصال غير الشفهي كألا يفهم تماماً معنى الإيماءات الشائعة و تعابير الوجه و نغمات الصوت . 3 - الخيال : صعوبة في تنمية الخيال واللعب مع الآخرين كأن يكون لديه عدد محدود من الأنشطة الخيالية و من المحتمل أن تكون منسوخة و منتهجة بطريقة صارمة و متكررة .[c1]طرق العلاج الحديثة [/c]أصبح التوحد مرضا يشغل الرأي العام حالياً بسبب التقارير التي تتحدث عن نسب إصابة الأطفال به حيث تتراوح بين (30-60) لكل عشرة آلاف طفل.. وبصرف النظر عن أسباب تلك الزيادة فان الأمر يتطلب طرقا علاجية حديثة وواضحة ومبنية على أدلة قوية.وحالياً تجري جهود حثيثة لدراسة عدد من العلاجات بطريقة علمية دقيقة لتحديد مدى كفاءة وأمان تلك العلاجات وذلك بتوضيح الأعراض التي تهدف تلك العلاجات لمعالجتها وكذلك الأشخاص الذين تناسبهم تلك العلاجات.ومن تلك العلاجات هناك طرق اجتماعية نفسية (مثل تعديل المهارات السلوكية والنفسية ) و برامج التعليم الخاص وأيضاً العلاج التخاطبي والوظيفي والعلاجات الطبيعية وأحياناً بعض الأدوية لمعالجة الأعراض التي تسبب ضغطا على المريض وتتداخل مع وظائف الجسم ، ومن الواضح أن التدخل العلاجي المبكر مهم جداً لمريض التوحد . [c1]التشخيص العملي للتوحد[/c]إن تصنيف الأمراض غير المعلومة السبب مثل التوحد تعتمد أساساً على تجميع أعراض ذلك المرض وتوضيح انفصالها عن أعراض الأمراض المشابهة وذلك لتقديم تفاصيل كافية للباحثين وللأطباء لتشخيص تلك الأمراض. ويعتمد هذا التشخيص على الملاحظة وليس على معلومات تجريبية محددة ولذلك يكون دائم التغير بحسب الأدلة الجديدة، وهذا النوع من التشخيص الظاهري هو غير تنظيري (أي انه غير مؤسس على علم الأمراض وإنما على ملاحظة السلوك) ويؤدي ذلك عادة إلى تنوع في وصف المرض حيث لا يوجد له علامات مرضية محددة علمياً (pathognomonic) وهذا النوع من التشخيص يكون عادة غير ذي قيمة حيث يتبنى معلومات غير دقيقة الوصف ويؤدي إلى ظهور حالات ايجابية غير صحيحة تصل إلى 60 % (false positives).ولقد تم اعتبار عدم القدرة على التواصل الاجتماعي ضرورة لتشخيص التوحد على عكس بعض أعراض التوحد التي لا تعتبر أساسية في التشخيص لاشتراكها مع أمراض أخرى مثل التخلف العقلي .ورغم ذلك فان المراجع الطبية تصف نسبة حوالي 20 % يخرجون من وصف أعراض التوحد عند وصولهم سن البلوغ وكذلك هناك أطفال لديهم قدرات ذهنية قد تطمس أعراض التوحد لديهم وتجعل التشخيص أمرا محيرا.وفي ما يخص عدم القدرة على التواصل الاجتماعي فانه أيضاً غير خاص بالتوحد فقط وإنما تشترك فيه أمراض أخرى مثل الفصام .
التوحد ومفهومه الحقيقي
أخبار متعلقة