مدير عام مكتب الثقافة بعدن :
لقاء/ مرزوق ياسين:في المبنى العتيق كانت الساعة متوقفة على جدار مكتبه الخارجي ، أخذت بطارية من حقيبتي المملوءة بالأوراق وأعدت إليها نبضاتها ، لكن الأستاذ والإعلامي والشاعر عبدالله باكدادة كان أسرع من الوقت المتفق عليه لوقت المقابلة ، التي تحدثنا معه فيها عن واقع النشاط الثقافي في عدن وكثير من القضايا المتعلقة بالواقع الثقافي ، فإلى هذا الحوار :في هذه المقابلة يتحدث مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة عدن الشاعر والإعلامي عبدالله باكدادة عن واقع النشاط الثقافي في عدن وكثير من القضايا المتعلقة بواقع العمل الثقافي في عدن : - عدن المدينة وعدن الثقافة متلازمتان لا يمكن الفصل بينهما خصوبة الأولى وثمار الثانية..كيف حال ثقافة عدن اليوم؟ - في الحقيقة مدينة عدن تقع على بحرين: الأحمر،وبحر العرب، فهي تستقبل الوافد إليها فاتحة ذراعيها على الدوام،وقد أثبتت العقود الزمنية الماضية أهمية هذه المحافظة وانفتاحها على العالم وتقبلها للثقافات المختلفة والمتعددة،لذلك لا ضير أن نطلق عليها مدينة متعددة الثقافات،اليوم لا شك في أن الواقع يفرز ثقافة الوحدة ويفرز ثقافة التسامح ،ثقافة الإخاء والمحبة في تصديه لثقافة التطرف والإرهاب وفي ذات الوقت واقع اليوم يؤمن بحرية الرأي والرأي الأخر ولا شك في أن هناك خضماً من الفعاليات الثقافية مختلفة المشارب ومختلفة الاتجاهات ولكن لا يبقى إلا ما ينفع الناس فأما الزبد فيذهب جفاء..عدن تظل بثقافتها وموروثها الإعلامي بأسبقيتها في مجالات الإعلام تقدم ما هو جميل ، وبالفعل هناك تنسيقات برعاية قيادة المحافظة وكذا قيادة الوزارة وكذا بالتنسيق مع مختلف الجهات لفعاليات متواصلة على أرض الواقع.[c1]- هناك من يطرح أن الموروث الثقافي هو مايفترض أن يروج البلد للآخر؟[/c]- هذه المسألة فيها شيء من الغرابة على مستوى الواقع باعتبار أن واقع دولة الوحدة فتحتف البلد لاستقبال الاستثمار والتطور العمراني والسكاني والخدمي وفي الاتجاهات المختلفة إلا أن الواقع وما يثير الغرابة بعض الشيء عزوف وتراجع رؤوس الأموال عن الاستثمار في مجال الثقافة.علما أن الثقافة هي من يسوق البلد للأخر وليس أدل من ذلك ما نشاهده اليوم في المحيط من مهرجانات فنية وثقافية تقترن بمهرجانات التسوق بهدف التسويق للبلد والترويج لسياسة البلد نفسها أيضا .. علما أن اليمن بمحافظاته المختلفة وتضاريسه المتنوعة يحتوي على تراث إبداعي وفني كبير وهائل وهو ثري جدا وهذا كفيل بجذب أنظار العالم ولكن للأسف أن الاستثمار في هذا الجانب مازال ضعيفا وأتمنى من خلال عملي في الواقع الثقافي أن أرى رؤوس أموال تستثمر في الثقافة.[c1]- ما الذي قدمتموه هنا في هذا الجانب من حوافز ؟[/c]- نحن نلتقط كل حالة فنية أو ثقافية لنبرزها بثوبها القشيب وبما نمتلكه من خبرة في هذا المجال في الواقع ونعتمد على شخوص فنية وأدبية مؤهلة تأهيلاً عالياً ومستوعبة للواقع بكل تراثه وموروثه، إلا أن المكتب يظل مكتباً تنفيذياً يقدم خدمات في هذا المجال استنادا إلى ما تطرح أمامه من موازنات وتكليفات من الأطر العليا.تظل القضية مرتبطة بمجلس الوزراء وأيضا وزارة الثقافة عبر سياسة الدولة في التخاطب من خلال التعاقدات مع بلدان مختلفة للارتقاء في هذا الجانب المهم ونحن بدورنا نعكس سياسة الوزارة ونعكس سياسة الدولة في هذا الاتجاه.[c1]- يمكن القول أن الثقافة ما تزال في الهامش من الاهتمام ؟[/c]- الحديث طال ويطول في هذا الجانب وطرحنا نحن ومختلف الزملاء في مكاتب الثقافة بالمحافظات وبدرجة أساسية الوزارة نفسها تضطلع بهذا الجانب أن الموازنات وضعت في فترة معينة وأصبحت تدار بشكل آلي سنويا دون الالتفات إلى احتياجات الواقع فواقع اليوم يحتاج إلى الثقافة لمواجهة الثقافات المختلفة التي ترد إلى البلد ،اليوم أصبح متغيرا سلميا وليس عسكريا لذلك من المفترض أن يتم إعادة النظر في الموازنات الموجودة باعتبار أن البلد مستقر وآمن وباعتبار أن البلد في توجهها يجب أن ننظر إلى كل ما هو جميل لإحيائه من تراث ومن موروث وتقاليد ومتاحف مادية وهذا يتطلب إعادة النظر بنظرة واقعية بدلا من تحريكها بطريقة آلية تزيد أو تنقص بنسب مئوية الأمر الذي يتطلب وقفة جادة من خلال مفردات الواقع ومتطلباته وبالتالي تنعكس موازنات الدولة على هذا الأساس.[c1]- المحافظة اليوم بتراثها الفني والإبداعي مهددة بالقرصنة والضياع؟[/c]- لكي تستطيع هذه المكاتب أن تتحرك بشكل سريع وحاسم ،يجب إعادة النظر في موازناتها المالية حتى لا يصبح كل شيء يطلب فيه الدعم أو يطلب فيه الانتظار ، باعتبار أن المكتب المعني في هذا الأمر لا يستطيع أن يحسم أو لا يستطيع أن يحرك ،ساكناً، قضية الحفاظ على الموروث أو الحفاظ على الآثار ليست مقتصرة على مدينة عدن فحسب ولكن لربما هناك محافظات هي من الأهمية بمكان أكثر من هذه المحافظة في مجال الاحتفاظ بالآثار باعتبارها مساحات هائلة بالفعل تستند على تاريخ عريق ويحتاج إلى حفريات ويحتاج إلى تنقيب وإخراج هذه الكنوز إلى العالم ..قضية التوثيق مهمة جدا في جوانبه المختلفة واليمن تجربتها التوثيقية جديدة وليس هناك موروث في مجال التوثيق ولكن بعض المراكز والمؤسسات بدأت تتحرك في هذا الاتجاه بقوانين أصدرها مجلس النواب وبدأت تشتغل بهذا الاتجاه وبالفعل استطاعت أن تحفظ الكثير من الموروثات والكثير من الوثائق المختلفة ولكن الأكثر مازال مبعثراً على مستوى العالم وتحتاج القضية إلى تحرك للدولة لان الموضوع كبير وضخم ولابد أن يكون التحرك بنفس هذه الضخامة ،في المكتب لدينا فكرة متواضعة لم تنجز بعد تتعلق بموقع الكتروني لكن في عدن المدينة هناك مراكز فنية مثل مركز العزاني للتوثيق الذي استطاع أن يحفظ على مدى أكثر من سبعة عقود من الزمن عدداً كبيراً من الأعمال الفنية وكذلك مكتبة الإذاعة لا احد يستطيع أن يفصلها في هذا الجانب في التوثيق الصوتي والتاريخي للمدينة حيث كانت وما زالت واجهة لألوان الغناء وحضور ألوان كثيرة حيث تأسست فيها الإذاعة وكانت تستوعب مختلف ألوان الغناء اليمني.[c1]- أليس هناك ما يستوجب علاقة بين الثقافة والقطاع الخاص ؟[/c]- هذه مسألة مهمة وأنا اعتبرها من أهم الأسئلة التي تطرح في هذا الاتجاه باعتبار أن العقلية بالذات في عدن تعودت على أن علاقة المثقف بالسلطة مؤسسية بحيث ينتظر الدعم منها،وهو ما يفرض إعادة تحديد آلية العمل بين المثقف ذاته وبين المثقف ومؤسسات الدولة وكذا بينه وبين القطاع الخاص أيضا باعتباره جهة مهمة وكثير من الفعاليات الثقافية تقام برعاية بعض مؤسسات لها إسهام في هذا الاتجاه . طبعا ليس كل رؤوس الأموال معنية ومهتمة بالعمل الثقافي أو تسهم فيه ولكن هناك شركات لها رؤية ونظرة حول أهمية العمل الثقافي ،فالمثقف في هذا الإطار عليه أن يتحرك في كل الاتجاهات ولا يظل منتظرا في مكانه.