صباح الخير
من أعلى قمة الهرم إلى أسفله وهم ينددون بالفساد سواء أكان إداريا أو ماليا.. الأغنياء والفقراء ، الذكور والإناث ، الكبار والصغار ، الرعية والمسؤولين، الحكام والمحكومين،جميعهم يحمل هم الفساد والمفسدين في بلادنا حتى أصبح طاغيا على مناقشاتهم ومجالسهم و هواجسهم ، فكل مسؤول يتهم المسؤول،المسؤول يتهم الموظف،والموظف يتهم المسؤول،السلطة تتهم المعارضة، والمعارضة تتهم السلطة، الكبير يتهم الصغير والصغير يتهم الكبير، وهكذا من واحد إلى واحد ، والفساد هو الفساد نفسه و(الديمة هي الديمة) لا جديد في الموضوع سوى الكلام نفسه وتبادل الأدوار والاتهامات. فالكل يشكو من الفساد والمفسدين دون أن نعرف من هو المفسد ومن المصلح !!حتى التبس الأمر وبات شبح الفساد كشبح الإرهاب تماما !! فالمواطن يلعن الفساد وهو جليسه ، والموظف ينتقد الفساد وهو شريكه والمسؤول أيضا يندد بالفساد وهو مغموس في وحله إلى أخمص قدميه. والسؤال العجيب الذي يتكرر دائما هو (من أين أتى هذا الفساد)؟.. طالما و الجميع يبرئ نفسه ويتهم به غيره ، بينما الفساد معروف بانتشاره ولا يحتاج لمن يعرف به .. حتى نظل شاخصي الأبصار نتساءل من وراء هذا الفساد؟!!وعموما لو وقفنا وقفه جادة ، ونظرنا للمشكلة بعين ثاقبة وبتفكير سديد وحكيم لوجدنا الحل بسيطاً وبين أيدينا فالمسؤول من أين هو؟ من الشعب طبعا!! والموظف هو إبن الشعب.. الخ..إذاً فإن الذين يسعون في الأرض فساداً هم منا ، وخرجوا من أوساطنا ودرسوا في مدارسنا ويدينون بديانتنا!!فمن نلوم إذا كل شخص نصح ولده أو قريبه أو حتى صاحبه بشأن الفساد مجرد ما يتربع على أي منصب صغيراً كان أو كبيراً بحجة واهية هي تأمين المستقبل المجهول، وهو في تلك اللحظة ينسى أو يتناسى انه يشكو من الفساد الذي يدعو إليه وإن هذه المشكلة هي التي تؤرق المجتمع اليمني. إذاً فنفوسنا هي أصل الفساد وينابيعه، فالنفس من الداخل أمارة بالسوء .. لذلك لا نلوم غيرنا دون أن نلوم أنفسنا.. ولا نسعى إلى إصلاح غيرنا دون أن نصلح أنفسنا!!فلو أهتممنا بتربية النشء تربية صالحة لصلحت النفوس وذهب عنا الفساد، فهناك الكثير من الناس تربيته فاسدة من الأسرة إلى المدرسة وانتهاء بسلوكياتهم الوظيفية، فمرحلة التعليم تعتبر من أهم مراحل العمر من حيث تقويم النفس وتهذيبها وتربيتها وتعليمها السلوك الحسن، لكن الملاحظ أن هذه المرحلة لا تجد إلا من يقحمها في عملية الفساد من خلال حرص كثير من الآباء على تفوق أبنائهم في المراحل الدراسية بالغش.. والواقع خير دليل على ذلك. وفترة الاختبارات هي الميزان العادل لحديثنا هذا وهي البؤرة الحقيقية التي ينطلق منها الفساد من خلال الغش والرشوة وكافة الوسائل ، فالمهم لدى الجميع هو أن ينجح أولادهم ولو كان هذا على حساب الوطن.فلو أحصينا ما ينفقه الآباء لغش أولادهم في الاختبارات لوجدنا المبلغ يتجاوز ((250)) مليون ريال بمعدل إن كل أب أو طالب يدفع 500 ريال فقط في المتوسط....فإذا ما سألنا أنفسنا وواجهناها بالحقيقة التي لا مفرمنها وهي أين ستذهب هذه المبالغ؟!!فلا ريب أن هذه المبالغ ستذهب في توظيف رجل غشاش وتمكين رجل فاسد، لان الطلاب في الحقيقة هم جيل المستقبل، هم من سيتولون المناصب ويتحملون المسؤوليات...فإذا كانت تلك تربيتهم وذاك تعليمهم فماذا ننتظر منهم إذاً ؟!!الفساد لا محالة ولا مناص منه.. وهكذا يستمر النشء على الفساد ويزداد عتواً وجبروتاً في أوساطنا مادمنا ننشئ النشء على الفساد!.فإذا ما حاربنا مثل هكذا صغار الأمور نكون قد أعلناها ثورة ضد الفساد.. فطريق ألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، وكان الله في عون لجنة مكافحة الفساد.!!.
