ذمار / منى الصباري- صقر أبو حسن :يعتبر الماء شريان الحياة إذ يدخل في العديد من الاستخدامات المنزلية والصناعية والزراعية قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) . ومن هذه الآية الكريمة نستدل الفائدة والأهمية العظيمة لهذا المركب البسيط في الحياة فإذا وجد الماء وجدت الحياة بمعنى أن ارتباط الحياة يكون بوجود الماء فهناك بعض أنواع البكتيريا تستطيع العيش بدون هواء لكنها لا تستطيع العيش بدون ماء . وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع لابد أن نشير إلى أن اليمن تعتبر من البلدان التي تتميز بشحة المياه حيث تقع في منطقة جافة ولا توجد فيها أنهار وبحيرات يمكن للإنسان استخدامها في الزراعة . ولهذا أصبحت حصة الفرد من المياه في اليمن لا تتجاوز 125 متراً مكعباً في السنة مقارنة مع المتوسط العالمي وهو حوالي 7500 متر مكعب . وفي ضوء ذلك أصبح المصدر السائد للزراعة هو مياه الأمطار والمياه الجوفية التي تستخدم من خلال حفر الآبار اليدوية والأرتوازية و المياه يدوياً أو باستخدام المضخات وخاصة في الزراعة المروية . وتتعدد الأبعاد المائية لأزمة تغطية احتياجات السكان على وجه الخصوص الاحتياجات الزراعية وتبرز هنا بشكل خاص الآثار السلبية التي تنجم عن الاستخدام السيء للمياه (الاستنزاف المائي) . فطريقة الري التي يتبعها بعض المزارعين يلقي وسيلقى أكثر بتبعات سلبية خطيرة على المخزون المائي في ظل ما تعانيه الدولة من شحة المياه .[c1]للمطاف بداية[/c]«يعتمد الكثير من المزارعين على الأمطار والمياه الجوفية أثناء الري التي تستهلك كمية كبيرة من المياه عند استخدامها ومن الطرق الشائعة الاستخدام في اليمن هي طريقة الري السطحي أو الري بالغمر ولها أضرار تترتب عن استخدامها «هكذا بدا ( الدكتور / محمد نعمان سلام - مدير إدارة البرامج والمشاريع الإرشادية بالهيئة العامة للبحوث الزراعية ) حديثة الذي ادلى به لــ(14 اكتوبر) ,واضاف معددا الاضرار, : فقدان كميات كبيرة من المياه بسبب استخدام القنوات المفتوحة والتي أحياناً تستغرق خلالها المياه عدة ساعات لكي تصل إلى الحقل وهي المسافة بين البئر والأرض المزروعة . وهذه العملية تزداد خلال عملية البخر بسبب تعرضها لأشعة الشمس لساعات كثيرة ، وهذه العملية لا يدركها المزارع بشكل مباشر . عند استخدام الري بالغمر ، فإن ذلك غالباً ما يؤدي إلى زيادة كمية المياه حول النبات الأمر الذي يؤدي إلى تعفن الجذور وبالذات في المراحل المبكرة من النمو ، وبعد الإنبات ، فإن زيادة المياه حول الجذور قد يؤدي إلى اختناقها وضعف الإنبات نتيجة لسوء التهوية حول الجذور ,نتيجة عملية الغمر وبقاء المياه لفترة طويلة حول النبات ، فإن ذلك يؤدي إلى عدم قدرة النبات على امتصاص العناصر الغذائية مما يؤدي إلى اصفرار الأوراق وبالتالي ضعف نمو النبات وانخفاض الانتاج ,وعند استخدام قنوات ترابية للري السطحي .ليتابع الدكتور سلام حديثة بصيغة علمية :وذلك يؤدي إلى نمو الحشائش على حواف القنوات (السواقي) مما يتسبب في زيادة استهلاك المياه من قبل الحشائش إضافة إلى إمكانية ترسب بذور الحشائش عبر المياه إلى الأرض الزراعية .مشيرا الى ان تعامل المزارع بشكل مباشر مع المياه السطحية عند الري بالغمر واستخدامه للأدوات المختلفة لتوجيه المياه قد يؤدي إلى انتشار الأمراض النباتية التي تنتقل عبر المياه موكدا ان المزارع تتضرر ايضا من هذه العملية خاصة إذا كانت تلك المياه تحمل أمراض طفيلية مثل البلهارسيا وخاصة عند الري من مياه الينابيع . اضافة الذلك كلة «استهلاك كميات كبيرة من المياه بسبب استخدام المضخات التي تساعد في عملية الري ». لوحظ في العشر السنوات الماضية زيادة الاهتمام بوسائل الري الحديثة وبالذات الري بالرش والري بالتنقيط والري الفقاعي وذلك من قبل الدولة والمشاريع التنموية المختلفة . لكنه من الملاحظ أن تطور استخدام مثل تلك الطرق مالازال محدوداً ويعود ذلك إلى جوانب مختلفة منها اعتبارات فنية واعتبارات مرتبطة بمستوى الوعي لدى المزارعين في الجانب الفني يلاحظ أن تدني جودة أنابيب الري وملحقاتها ، وتدني معرفة الزارعين حول طرق صيانة شبكات الري وبالتالي تعطل الشبكات وانسداد فتحات التنقيط أو الرش يلعب دوراً كبيراً في عزوف المزارعين عن استخدام تلك الطرق.الجانب الآخر والأكثر أهمية هو في تدني وعي المزارعين بأهمية استخدام الري الحديث في ترشيد استخدام المياه ، وهذا قد يكون غالباً بسبب عدم إدارك المزارعين بخطورة الاستخدام العشوائي للمياه والكوارث البيئية التي قد تنجم عن انخفاض منسوب المياه الجوفية وأثر ذلك على الأجيال القادمة . ليقترح مدير ادارة البرامج والمشاريع الارشادية بالهيئه العامة للبحوث الزراعية عدداً من الحلول منها:التوسع في البحوث في جانب تقنين استخدام المياه مع دراسة كمية الفاقد من المياه نتيجة استخدام الري بالغمر ,دراسة المنهجيات المثلى لرفع مستوى وعي المزارعين حول مخاطر تناقص المياه الجوفية وعيوب استخدام الطرق التقليدية للري بالغمر وبما يتناسب مع الواقع النفسي والاجتماعي والثقافي للمزارعين ,استخدام الري بالأنابيب سواءً كانت أنابيب بلاستيكية أو معدنية من أجل تقليل فقد الماء بالبخر السطحي والتقليل من فرص انتشار الحشائش والامراض وتقليل فرص التلوث البيئي ,توفير شبكات الري ذات الجودة المناسبة وبالذات تلك التي يمكن للمزارع حلها وإعادة استخدامها بسهولة ، إضافة إلى توفير قطع الغيار والتعليمات الضرورية والمبسطة حول طرق صيانة الشبكات,التدريب المكثف للمزارعين من خلال اختيار الطرق الانسب للتدريب والتوعية ، إضافة إلى المدربين الأكفاء الذين يمتلكون الخبرات التدريبية والاتصالية إلى جانب الخبرات الفنية ، فالخبرات الفنية وحدها لا توفر سبل النجاح ما لم تترافق مع القدرة على إيصال المعلومات وإحداث التأثير اللازم بما يتناسب مع الخصائص النفسية والاجتماعية للمزارعين . من جانبة قال (الدكتور / محمد علي حسن - نائب عميد كلية الزراعة والطب البيطري - جامعة ذمار) : في جانب ري المحاصيل الزراعية في مختلف الأقاليم اليمنية نجد أن الري بالغمر أو ما يعرف بالري السطحي هي الطريقة السائدة التي يستخدمها المزارع اليمني وخاصة عند زراعة المحاصيل المروية مثل الخضار والفاكهة والمحاصيل البقولية إضافة إلى محاصيل الحبوب والتي من أهمها القمح ، ولكن هذه الطريقة بالرغم من قناعة المزارعين بأنها تعتبر أكثر استنزافاً للمياه إلا أنهم لا يزالون يستخدمونها حتى اليوم . وأعتقد أن السبب الرئيسي في استخدام المزارعين لهذه الطريقة هو ضعف الإمكانيات نظراً لضعف دخل المزارع بمعنى الدعم المادي والمعنوي علاوة على الدعم الإرشادي لهذا الجانب ، ومن أجل ذلك نتمنى إيجاد الدعم عبر المؤسسات والجمعيات الزراعية للمزارعين وتوفير الوسائل الأفضل للري . وأفاد( الأستاذ / فاضل على السنباني - المدير العام للخدمات والشئون العامة بجامعة ذمار) في حديث لـ(14 اكتوبر) : بأن هذه الطريقة تؤدي إلى مشاكل ميكانيكية حيث يترتب على ذلك تشغيل أطول لمكائن المضخات ما يؤدي إلى إهلاك سريع للعمر الخدمي والافتراضي لتلك المكائن أضف إلى ذلك الاستهلاك الأكبر لكميات الوقود والزيوت وقطع غيار الصيانة .واضاف : الحلول في تفادي تلك المشكلة هو الاستفادة من الطريقة الحديثة في الري وفق الإجراءات السليمة بالشبكات الحديثة التي تكفل إيصال المياه إلى المزروعات بصورة اقتصادية نافعة للمحاصيل ، وأظن أن المشكلة ليست حكراً على أحد ولكنها تمس الجميع وواجب المواطن (المزارع) والدولة التعاون والقضاء على مكامن الخلل في هذا الجانب دور الدولة في التوعية والإرشاد للطرق الصحيحة والسليمة وعلى المواطن (المزارع) تلقي هذه التوجيهات وأخذها بعين الاعتبار وتطبيقها .لنقف اخيرا على رأي قال: عدم استطاعة المزارعين شراء الوسائل الحديثة للري هو بسبب التدني في الحالة الاقتصادية وهو ما يدفعه إلى أن يسقي مزروعاته بعملية الغمر .واضاف ( المزارع / علي قائد حسن - المصنعة بمديرية المنار ) : إن الاعتقاد السائد بين المزارعين هو أن هذه الطريقة (الري بالغمر) سوف ينتج عنها محصولاً ذو انتاجية عالية وغلة وفيرة وهو اعتقاد خاطى جدا .وهوالراي الذي يوافقه فيه (محمد عبد الرب الراعي -مزارع من مديرية جهران ): إن عملية الري بالغمر هي السبيل الوحيد أمامنا كون الآلات الزراعية غالية الثمن ولا نستطيع استخدامها أو إصلامحها وصيانتها إذا ما تعطلت لذلك فهي تسبب خسائر مادية من أجل إصلاحها وصيانتها إذا ما تعطلت ، وتحتاج إلى الكثير من اللوازم لتشغيلها أيضاً . «بالنسبة لي متأكد تماماً بأن طريقة الري بالغمر تسبب خطر على الأرض وكذلك تهدد بمستقبل المياه في اليمن بشكل عام». قال ذلك قبل ان يذهب.وفي نهاية المطاف نقول : نتيجة لتلك الاستخدامات الخاطئة في الري سيؤدي إلى الزيادة في الطلب على المياه وسيؤثر على المياه العذبة تلك التي يستخدمها المزارعين من المياه الجوفية وهذا بدوره يؤدي إلى اختلال التوازن بين الموارد المتاحة خصوصاً للمياه الجوفية ، لكونها غير قابلة للتجديد وضعف قدراتها على مواجهة الاحتياجات المختلفة والتي من ضمنها الاحتياجات الزراعية التي تعتبر المستنزف الأكبر للمياه من قبل المزارعين واعتمادهم على أساليب قديمة واستنزافية . ومن هنا يجب على الدولة التركيز على الآتي : تحسين طرق حصاد المياه وتبني الأساليب المتطورة للري ومنع الحفر العشوائي للآبار وتكثيف الإرشاد الزراعي...
|
اتجاهات
الثروة المائية أزمة مصادر وأزمة استخدام
أخبار متعلقة