ضحايا الزواج المبكر في اليمن
تحقيق/ أحمد كنفاني - أحمد الكاف ظاهرة الزواج المبكر ليست من الظواهر السلبية حديثة العهد في بلادنا لكن مع تفاقم أضرارها الصحية والنفسية والاجتماعية على صحة الأم ووليدها وعلى المجتمع برمته وحرمان الطفل من الاستمتاع بالحياة ومن متابعة التعليم والزج به إلى نفق مظلم هو ما يجعل منها إشكالية تستحق الاهتمام في نظر المهتمين .وتحديد سن الزواج في هذه الحالة إضافة إلى تعديل بعض بنود القانون المتعلق بحقوق المرأة والطفل أصبح ضروريا ً في الوقت الراهن لضمان حياة أكثر أمناً ورفاهية للأطفال والمجتمع . في سياق هذا التحقيق الذي قامت بإجرائه صحيفة (14 أكتوبر) تسلط الضوء على مشكلة الزواج المبكر وآثارها ودور الجهات المختصة في كيفية التعامل والخلاص منها والتعاطي غير المسؤول مع معطيات القضية وأبعادها في ظل اتساع مساحة الجهل بالأحكام والنصوص الشرعية والدينية وغياب برامج التوعية والتثقيفية والغياب شبه التام لدور الإعلام سواء فيما يتعلق بالدور التثقيفي للمجتمع من جهة أو التوجيهي لأرباب الأسر والأطفال أنفسهم من جهة أخرى..فإلى تفاصيل هذا التحقيق.بداية يجب توضح المشكلة التي نحن بصدد التحدث عنها وفي هذا الإطار تؤكد إحصائيات وفيات الأمومة أن تعرض الشابات في سن (15 إلى 19) عاماً للحمل السبب الرئيسي في حدوث الوفاة وقد استخلصت دراسة جديدة قامت بها اللجنة الوطنية للمرأة بالتعاون مع مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء حول الزواج المبكر بمحافظتي حضرموت والحديدة أن 52 % من النساء البالغ عددهن 6 آلاف امرأة أجبن بأنهن تزوجن قبل السن القانونية وعانين من ظروف ومشاكل كبيرة في فترة زواجهن كما صنف تقرير صادر عن المركز الدولي للأبحاث عن المرأة أن اليمن يصنف في المرتبة (13) من بين (20) أسوأ بلد من حيث انتشار زواج الأطفال وكثرة العواقب الوخيمة نتيجة ذلك الزواج وأشار التقرير أن أكثر من (48 %) من النساء يتزوجن قبل بلوغهن سن (18) وثلث النساء اليمنيات أنجبن (5إلى6) أطفال قبل بلوغهن من (30) وأن (52 %) من الفتيات دون سن الـ(15) متزوجات بحسب بحث أجراه مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء في ثلاث محافظات العام قبل الماضي[c1] مخاطر ومضار الحمل في السن المبكر [/c] الحمل في سن مبكرة لدى الفتيات له مخاطر ومضار كثيرة كما تشير الدراسات العلمية والطبية ويوضح عدد من المعنيين والمختصون العاملون في المستشفيات ومراكز الولادة في المحافظة ممن التقيناهم في النزول الميداني أن وفيات الأمهات بين سن الـ (15 حتى سن 19) أثناء الحمل أو الولادة من المرجح أن يزيد على (1.5) ضعف أولئك أللآتي فوق سن الـ (20) أما من هن تحت سن الـ (15) فمن المرجح وفاتهن بنسبة (5) أضعاف من هن فوق سن الـ (20) وفي هذه الحالة تزداد مخاطر وفاة المواليد للفتيات في هذا السن ويكون وفاة مواليد الأمهات للفتيات في هذا السن ويكون وفاة مواليد الأمهات الأقل من الــ(19) من العمر قبل بلوغهم السنة الأولى الأكثر احتمالاً من أطفال الأمهات الأكبر سناً . ويقولون في أحاديثهم إلينا إن المضاعفات أثناء الولادة تمثل حوالي (25%) من أسباب وفيات المواليد الجدد والولادة قبل الموعد ونقص وزن المولود عند الولادة من الأسباب الأخرى للوفيات بين الأطفال المولودين لأمهات تحت سن الـ(19) من العمر .[c1] أسباب وعوامل [/c] الأخت المربية/ نجيبة محمد إدريس مدير مدرسة خوله الأساسية الثانوية - مسئولة الدائرة القانونية في فرع اتحاد نساء اليمن في المحافظة تفيد من جهتها أن عوامل تعرض الفتيات للخطر من النساء الأكبر سناً في حالة الحمل والولادة وغيرها تعود إلى العوامل البيولوجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل الفقر وقلة الوعي وسوء التغذية وعدم اكتمال نضج الجهاز التناسلي والتزويج في سن صغيرة تحت (15و18) عاماً مع انعدام العدالة في مجال النوع الاجتماعي وجميعها عوامل يمكنها أن تعرض صحة الفتيات والحوامل هذا السن للخطر أيضاً . ونوهت بأن قرار مجلس النواب الأخير بتحديد سن الزواج بـ (17) عاماً هو اللبنة الأولى للخلاص من هذه الظاهرة والتخلص من مشاكلها وآثارها السلبية على المجتمع ولو بعد سنوات مثمنة دور القيادة السياسية الحكيمة في دعم المرأة والنهوض بأوضاعها .ووافقتها في القول هدى سليمان عوض سعد من العاملات في مستشفى الثورة العام في الحديدة وأضافت أن تزويج صغيرات السن تحت (18) عاماً هو أحد العوامل الثقافية التي تؤثر على الفتيات اللاتي يكن في سن المراهقة وأن النساء المتزوجات تحت سن (18) من العمر أقل قدرة من النساء الأكبر سناً على مناقشة استعمال موانع الحمل مع أزواجهن.[c1]زواج صغيرات السن يرتبط كذلك بالحمل المبكر لديهن[/c]وأشارت هدى سعد إلى أن عدم مساواة النوع الاجتماعي «الحقوق» بين الرجل والمرأة تضع الفتيات في مخاطر أكبر من الأولاد وتؤثر وتضر كثيراً على بالعديد من الجوانب الخاصة بحياة الفتاة بما في ذلك تدني الفرص التعليمية والعمل والوظيفة والرأي والتحكم في صحتهن الإنجابية فالتسرب المبكر من الدراسة ترى هدى من جهتها أنه يمكن أن يؤثر أيضاً على صحتهن لأنه يحد من فرصهن في إكتساب المعرفة والحصول على المعلومات عن صحة الأسرة والتغذية وأخذ النصائح عنها بالقدر المطلوب.وباركت هدى مشروع اتحاد نساء اليمن لنشر الوعي بالمخاطر المقترنة بالزواج في سن غير آمنة وقرار مجلس النواب بتحديد سن الزواج بـ(17) عاماً لما لها من أهمية على حياة ومستقبل النساء وتوالي المبادرات لدعم هاتين الخطوتين لما لها من دور إيجابي على حياة الأجيال ومجالات التنمية التي تشهد تطوراً وتحسناً كبيراً في ظل قيادة فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله.[c1]الجشع[/c]* خالد الذبحاني من مستشفى دار السلام للصحة النفسية يقول أن الكثير من الآباء وأرباب الأسر يرسمون لبناتهم الحياة التي لم يستطيعوا أن يوفروها لزوجاتهم فيتخيل أحدهم أن المال هو الذي سيجلب السعادة لابنته فلا يرضى أن يزوجها إلا بالشخص الثري الذي من منظوره أنه هو الأولى بها والبعض من الآباء لا يهمه إلا نفسه فتراه يعاني من داء الجشع وكل همه جمع المال، فلا يبالي بأي الطرق يجمعه ولا يفكر بعواقب الجشع، فالذي يتخيل أن المال وحده الموصل إلى السعادة لا يتورع في التخلي عن أي شيء في سبيل الحصول عليه ولا يهمه النتائج التي قد تنتج عن الزواج المبكر والذي أثبتت الدراسات العلمية أن فيه خطراً على حياة الفتاة خصوصاً في مرحلة الولادة فيما لو كان الحمل قبل (16) عاماً.كما أن تعاطي أدوية لمنع الحمل للفتاة حديثة الزواج قد يؤدي إلى العقم وإذا كانت غير مهيأة صحياً وبدنياً وحملت يحدث انفجار للرحم يؤدي إلى وفاتها. ونرى البعض يغلب عليه جشعه فيزوج ابنته وهي ضعيفة هزيلة نحيلة لا تقوى على تحمل المسؤولية ولا تتحمل الإنجاب وقد تموت عند الولادة الأولى والجاني عليها الجشع والتسلط وعدم رأفة الأب الذي ساقها إلى الموت ومن ثم ارتفاع نسبة العوانس والزواج غير الشرعي والذي تتعدد أشكاله وأنواعه وحجم أثاره المدمرة على المجتمع وشرائحه المختلفة.[c1]الدور والقرار الصائب..[/c]* من جهته أوضح الشيخ/ عبدالله حسن خيرات أحد أعضاء مجلس النواب أن موافقة معظم البرلمان في 11 فبراير الماضي من العام الجاري على تعديل بعض بنود القانون المتعلق بحقوق المرأة والطفل وتحديد السن الأدنى للزواج بـ «17» عاماً يأتي لمصلحة المجتمع ويهدف إلى تحسين أوضاع الطفل والأسرة إذ أن الزواج المبكر يحرم الطفل من الاستمتاع بالحياة وإكمال التعليم.وأشار خيرات إلى أنه وبحسب التعديلات الجديدة لم يعد مسموحاً للأطفال دون سن الـ «17» عاماً بالزواج ما لم يحكم قاض بأن ذلك في مصلحتهم وتنص هذه التعديلات على أن يقوم الوصي أو الزوج بتقديم عقد الزواج الذي يجب أن يحدد فيه سن العروسين والوثيقة التي تؤكد ذلك للسلطات في غضون شهر من الزواج وإلا يتم تغريم الزوج أو الوصي مالياً وهذا «القرار» الذي أتخذه مجلس النواب ويلقى معارضة من بعض الأعضاء أستبشر به الكثير من المواطنين في عموم محافظات الجمهورية واستقبله الشارع اليمني بتأييد وإستحسان كبير من جهتي لن أتراجع على موافقة إقراره وتطبيقه لاحقاً. * وأكدت أن العديد من المنتسبات إلى المنظمات والفعاليات الوطنية في المحافظة ضرورة مشاركة المرأة وبفاعلية في التنمية وأضفن أن لكل منا أحلامها التي تريد من خلالها أن تحقق السعادة والرفاهية.ولمعظمنا طموحات وتطلعات للرقي والإبداع وتحقيق النجاح المنشود في الحياة بصفة عامة والنجاح لا يتحقق إلا أذا كان المرء منا مؤهلاً نفسياً فماذا ينتظر من امرأة دمرت حياتها؟[c1]المبادرة[/c] صبحية أحمد راجح رئيسة فرع اتحاد نساء اليمن في المحافظة باركت جهود الاتحاد في ما يبذله لمواجهة هذه المشكلة وآثارها السلبية صحياً واجتماعياً ونفسياً وتعليمياً وخصوصاً في الريف والذي يشكل أكثر من 74% من المجتمع اليمني حيث تمارس فيه الكثير من الظواهر السلبية ومنها ظاهرة الزواج والإنجاب في سن غير آمنة.وأوضحت أن مبادرة مشروع السن الآمنة للزواج التي ينفذها الاتحاد بجهود مشتركة بين أتحاد نساء اليمن ومشروع الخدمات الأساسية التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ستلعب دوراً كبيراً في الحد والتقليل من هذه الظاهرة في تعريف الشرائح الاجتماعية بالمخاطر المقترنة بالزواج في سن غير آمنة والمزايا المقترنة بتأجيل الزواج إلى سن آمنة.ونوهت صبحية راجح بأن هدف المشروع هو مساندة بنود الإستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية (2006 - 2010م) وتشمل تطوير خطة وطنية للاتصال لرفع الوعي بالأثار المترتبة على الزواج المبكر وتشجيع المجتمع لدعم استمرار تعليم الفتيات في المدارس واستكمالهن للمراحل الدراسية.[c1]أحداث مؤلمة[/c]* وتسرد فاطمة محمد إحدى طالبات المدارس في المرحلة الثانوية حكاية أختها وما تعرضت له عند زواجها وهي في سن صغيرة والعذاب الذي تحملته في مرحلة حملها وأن ولادتها كانت متعسرة للغاية وكادت تفقد حياتها بسبب هذا الزواج وقلة وعي أسرتها والتعجل في الموافقة عليه.* فوزية عبدالله عاملة في مركز التوليد في أحد المستشفيات الحكومية روت لنا بعض المشاهد والأحداث المؤلمة التي صادفتها في فترة عملها في المركز ووجود حالات كثيرة توفيت بسبب زواجهن في سن غير آمنة وعدم نضوجهن والذي بدوره يؤثر على صحة الفتاة وجهازها التناسلي ويؤدي إلى حدوث مضاعفات ومن ثم الموت.[c1] «الأوضاع المعيشية ومتطلبات الرعاية»[/c]وترى الأخت/ فيروز ألويسي - رئيسة فرع اللجنة الوطنية للمرأة في المحافظة أن أكبر فخر للمرأة وأعظم مجد لها إنما هو كمال أنوثتها وإن الأنوثة عطف وحب وحنان ومحبة للكون ولكل جميل فيه.وأوضحت من جهتها حجم المشكلة وأثر ذلك في المجتمع ووجود عوامل كثيرة تسهم مع بعضها في الثأتير على الفتاة سواء أكانت صحية أو بسبب العادات والتقاليد إلى جانب المشاكل الاجتماعية حيث لا تستطيع الفتاة معها تحمل المسؤولية.وأكدت أهمية التركيز على التوعية ونشر المعرفة بين أوساط المجتمع بحجم المشكلة وأضرارها في الحياة وضرورة تغيير السلوك للوصول إلى بر لأمان.ويقول الدكتور/ حميد عبدالغني المخلافي- عميد كلية التجارة والاقتصاد في الحديدة إن قضية زواج الصغيرات منتشرة في الريف اليمني وفي مدنه الأساسية ولو شملت الدراسات والأبحاث كل السكان لظهرت نتائج مفجعة. والموضوع ليس موضوع أرقام بل هو موضوع أفكار ترفض الاعتراف بواقع وحياة يجب أن يعاشا.. فهل السن الصغيرة للزوج أو الزوجة أمام الأوضاع المعيشية الحالية وأمام متطلبات الرعاية والوعي المطلوبين من الأم لأطفالها ومن الزوجة لزوجها والعكس متوافقة وملائمة؟ويشاطره في الرأي الأخ/ صالح حسن حسن مهاري المأذون الشرعي بمنطقة 7 يوليو في المحافظة وأن هذا السؤال لم يجد له إجابة في التعديل القانوني الأخير لقانون الأحوال المدنية والذي رفع سن الزواج الأدنى إلى (17) عاماً والذي أقر بعد تسع سنوات من تاريخ المطالبة به.وطالب الأخ/ طارق البخار (من شركة النفط اليمنية فرع الحديدة) في حديثه في ختام التحقيق وسائل الإعلام أن تقوم بدورها تجاه هذه القضية لتعكس للمعنيين ما يدور في الواقع ليسارعوا في معالجته كما أكد أهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به المواطن إزاء مختلف قضايا المجتمع لأنه المتضرر الأول والأخير من هذه المشاكل والوقوف أمامها بكل حزم وأن يتسلح بسلاح الوعي والإدراك وذلك هو البداية الحقيقية لمعالجة هذه المشكلة برمتها....