مــن الأدب الانجليزي
كان هاجي إرسكن رجلاً أنيقاً بل كان الرجل الاكثر أناقة في لندن كلها كان له شعر بني مجعد وعينان رماديتان ووجه وسيم كما كان له العديد من الاصدقاء لم يكن غنياً فقد كان والده ضابطاً متواضعاً في الجيش لم يترك له أي إرث وقد توفى والده ولم يترك له سوى سيف قديم وبعض الكتب زاول هاجي العديد من الاعمال منها عمله لحساب تاجر للشاي كما عمل لحساب تاجر النبيذ ولكنه لم يكن يستمر في عمله طويلاً كان يعيش قصة حب أراد الزواج أحب لورا ميرتون ابنة ضابط في الجيش وقد أحبته لورا كثيراً ولكن والدها لم يكن يرغب في هذا الزواج وكثيراً ما كان والدها الكولونيل ميرتون يقول له "إنك شاب خير وطيب ولكنك فقير , وأنا لا يمكنني تزويج ابنتي من شاب فقير , وتستطيع الزواج منها في حالة واحدة فقط حينما تمتلك عشرة آلاف جنيها كان هاجي حزيناً جداً فلم يكن يمتلك هذا المبلغ المهول بل إن كل ما بحوزته كان جنيهاً واحداً لا غير . كان لهاجي صديق يدعى (آلان تريفر) وكان رساماً مبدعاً كما كان مشهوراً جداً كانت لوحاته غالية الثمن ولم يكن أحد قادراً على دفع ثمنها سوى الاثرياء قرر هاجي زيارة صديقه (آلان) وكان الاخير مشغولاً بإحدى لوحاته فسأله آلان "مارأيك بهذه اللوحة؟" نظر هاجي صوب اللوحة وكانت لشحاذ عجوز يقف على ناصية الاستوديو الذي يعمل به الآن , كان الشحاذ- أو هكذا كان يبدو – يرتدي ثياباً قديمة رثة وممزقة وكان وجهه يكتسي بملامح الحزن كان ماداً إحدى يده وبها قبعة وبالاخرى كان يتكئ على عكاز , فقال آلان "إن لوحتي متميزة , هل رأيت لوحة أكثر تعبيراً من هذه من قبل ؟؟ "فقال هاجي بألم " ياله من عجوز حزيناً جداً "فأجاب صديقه" بالطبع فلا يمكنني رسم شحاذ وهو في قمة السعادة " سأله هاجي " كم تدفع للنموذج – الشخص الواقف – عندما تقوم برسمه وهو يقف داخل الاستوديو؟ " أجاب آلان " ليس كثيراً فقط شيلنج واحد في الساعة".سأله هاجي ثانية "وبكم تبيع اللوحة؟" أجاب آلان" سأبيع هذه اللوحة بألفين باونداً" رد عليه هاجي " إنك تكسب كثيراً من لوحاتك هذه أظن أن هذا النموذج – الشخص الفقير الواقف الذي تقوم برسمه يستحق جزء من هذا المبلغ ؟ رد عليه آلان " هراء , هراء إن من الصعوبة بمكان أن تكون رساماً بارعاً , ولكن من السهولة أن تكون شحاذاً فقيراً " رد عليه هاجي " ولكن كثيراً من الناس يريدون أن يصبحوا أغنياء ورسامين مشهورين ولا أحد يريد أن يكون شحاذاً فقيراً أعتقد أنكم أنتم الرسامون " قساة وغير ذي رحمة " ضحك آلان وقال " إنني مشغول الآن أجلس وتوقف عن الكلام" بعدها حضر الخادم قائلاً هناك سيد ينتظر في الخارج، ويريد منك أن ترسم له صورة، هل يمكنك أن تتكلم معه ياسيدي ؟ " التفت آلان صوب هاجي وقال له " لا تذهب سأعود حالاً" غادر آلان الغرفة في هذه اللحظة جلس الموديل الفقير الذي كان يرسمه آلان على كرسي كي يستريح وكان لا يزال ممسكاً بقبعته بدأ العجوز الفقير حزيناً وشعر هاجي بالاسف تجاهه وقرر اعطائه الباوند الوحيد الذي كان يملكه وقال لنفسه " إنه بحاجة للنقود أكثر مني" مشى هاجي باتجاه العجوز ووضع الباوند في قبعته الممدودة اندهش العجوز كثيراً ونظر صوب النقود وبعدها بدت ابتسامة واضحة ترتسم على وجهه وقال لهاجي "شكراً ياسيدي شكراً جزيلاً لك " بعد أن أتى آلان غادره هاجي فقد أراد رؤية حبيبته لورا وقد أخبرها بفصة الشحاذ الفقير المؤلمة عندها قالت له لورا " معنى ذلك أنك اعطيت الشحاذ الباوند الاخير الذي كان بحوزتك أتعلم ياهاجي بالرغم من غبائك فأنا أحبك كثيراً لأنك شخص رحيم " . في تلك الليلة إلتقى هاجي بصديقه آلان في نادي وكان آلان يبدو سعيداً جداً وقال " لقد أنهيت رسمي للشحاذ, وكان ذلك الشحاذ سعيداً جداً بك , وقد سألني كثير من الاسئلة عنك " قال هاجي " ياله من عجوز مسكين كم تمنيت لو استطيع مساعدته ماذا سألك عني؟" أراد معرفة كل شيء تقريباً عنك" سأله هاجي " وماذا أخبرته ؟" رد آلان " أخبرته عنك كل شيء تقريباً وعلى الاخص مشكلتك من الزواج من لورا " هنا تكلم هاجي بغضب قائلاً " آلان !! لقد أخبرته بتفاصيل أموري الشخصية " رد عليه آلان " لا تغضب ياعزيزي إنك لا تعرف حقيقة الشخصية التي كنت أقوم برسمها في لوحتي إنه البارون فون هاسبرج إنه واحد من أغنى أغنياء أوروبا كلها وقد قرر إرتداء ثياب الشحاذين لأقوم برسمه" هنا شهق هاجي قائلاً " البارون فون هاسبرج " قال آلان " نعم" قال هاجي " ولكنني أعطيته باونداً واحداً يالي من غبي" هنا ضحك آلان قائلاً " أعطيته باونداً!!؟؟ إن هذا يضحكني كثيراً " لم يستطع آلان أن يتمالك نفسه من الضحك في حين قرر هاجي العودة الى منزله وهو يشعر بالحرج كثيراً لقد أعطى باونداً واحداً وهو كل ما يملك لمليونير وسيسمع والد لورا بالقصة هذه وسيرفض تزويج ابنته من غبي " كل هذه الافكار دارت برأسه في صباح اليوم التالي أتى زائر الى منزل هاجي لم يكن هاجي يعرفه فقال له هاجي-"هل من خدمة؟"-" إنني رسول البارون فون هاسبرج إليك"-" البارون فون هاسبرج!! لم أكن أعرفه عندما إلتقيته البارحة , أريد التعبير عن عميق أسفي فقد كنت سخيفاً معه عندما أعطيته الباوند الذي كان بحوزتي".هنا ابتسم الزائر لهاجي وقال " لم تكن سخيفاً مع البارون لقد طلب مني البارون إعطائك هذه " قدم لهاجي ظرفاً شكره هاجي ونظر باتجاه الظرف وكان مكتوباً عليه هذه الكلمات " هدية حفلة الزفاف للسيد هاجي إرسكن ولورا ميرتون من الشحاذ العجوز " وكان بداخله شيكاً بمبلغ عشرة آلاف باونداً مكتوباً عليه " يصرف لحامله".