صباح الخير
لشهر رمضان وقع خاص في نفوس كافة المسلمين فترى كل واحداً منهم يسعى لتغيير سلوكه وتقويم نفسه بالابتعاد عن الصفات والأعمال السيئة التي من شأنها أن تمس بقدسية هذا الشهر وتعكس أثرا سيئا عن ذلك الشخص فنجد بعضهم يتجنبون الحديث عن الآخرين بالسؤ والبعض الآخر يكثر من الصدقات فيما آخرون ممن أوسع الله عليهم رزقه يقومون بتعمير المساجد وهذا الشيء يعتبر بادرة حسنة من قبل أولئك الأشخاص إلا أن هناك شيئاً مهماً ينبغي عدم اغفالة وهو إن عمارة المساجد وخاصة القديمة منها ينبغي أن تتم وفق ضوابط وشروط معينة أهمها الحفاظ على الأثر التاريخي لتلك المساجد وعدم المساس بها بأي شكل من الأشكال.ولكن يبدو أن أولئك الأشخاص الذين يعملون على تعمير المساجد لايلتفتون لهذه الناحية (التاريخية) مطلقاً بل يرتبط مفهوم التعمير لديهم بإزالة القديم وإحلال مبان جديدة بدلا عنها والدليل على ذلك هو ما توارد من معلومات عن مسجد الهتاري بمدينة التواهي والذي يعد بحق واحداً من ابرز معالم هذه المدينة نظراً لقدم بنائه والذي يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إضافة إلى ارتباط هذا المسجد بذاكرة ساكني هذه المدينة بمختلف فئاتهم العمرية ، فهذا المسجد سيتم هدمه عقب شهر رمضان بعد أن وافقت الجهات المختصة على ذلك الأمر الذي يدفعنا للتساؤل لماذا سيتم هدم هذا المسجد؟؟ هل أصبح بحالة متهالكة يرثى لها مما يستدعي هدمه وإحالته إلى كومه تراب؟!!.قد يبدو للبعض أن قدم هذا المسجد هو السبب في ذلك ولكن لمن لايعلم فأن هذا المسجد قد تم ترميمه منذ بضع سنوات على نفقة أهل الخير فهل يعني هذا إن عملية الترميم تلك لم تتم بشكل صحيح ؟؟ مع العلم إن أحدا من المصلين الذين يترددون على المسجد لم يشكو من ذلك فما الداعي إذا لهدمه وطمس معالمه ؟! فان كان الهدف من عملية الهدم هو التوسع فيه فانه بالإمكان بناء طابق إضافي لذلك المسجد مع المحافظة على الملامح الخارجية له ودون المساس بها بأي شكل كان ، أما إن كان من ضمن أهداف هدم المسجد وإعادة بنائه هو تزويده بالمكيفات كما يتردد فلا اعتقد إن هذا الشيء يستدعي الهدم.فلماذا إذا سيتم هدم مسجد الهتاري!! الايكفي ماحدث لمسجد أبان عندما تم هدمه وإعادة بناءة من جديد فضاع تاريخ ذلك المسجد ولم يبقى من تاريخه ذاك سوى ما مكتوب في بعض الكتب، لماذا نستمر في تكرار أخطائنا مرة تلو الأخرى ولا نتعلم من أخطائنا السابقة؟شخصياً لا اعتقد إن اليمن تخلو من مهندسين بإمكانهم ترميم مسجد الهتاري وغيره من المعالم الأثرية والتاريخية مع المحافظة على شكل بناءة الأصلي كما حدث لمسجد العامرية برداع الذي بني في عهد الدولة الطاهرية في القرن السادس عشر الميلادي.إن هدم مسجد الهتاري لهو بحق جريمة بشعة نرتكبها بحق أنفسنا ينبغي وقفها عندما يختار بعضنا هدم المعالم الأثرية والتاريخية في محافظتنا فيما تبقى أغلبيتنا ساكتة لا تحرك ساكناً إزاء ذلك، فالعالم بأكمله يسعى للحفاظ على تاريخه فيما نفرط نحن فيه ونرتضي لأنفسنا بأن نكون أناساً بدون تاريخ .دعونا نتكاثف معا و نتخذ موقفا حاسما ضد هذا الفعل ، ولا نسمح بطمس وتغيير معالمنا لأي سبب كان وان كان هناك أشخاص يريدون تعمير المساجد فبإمكانهم بناء مساجد جديدة في أماكن لاتتواجد فيها مساجد أو الالتفات لبعض المساجد التي هي بحاجة لبعض التأثيث.
