ثورة 14 أكتوبر
تعتبر ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م ،التي نحتفل بذكرى قيامها الرابعة والأربعين النتاج الطبيعي والحتمي لمجمل الإرهاصات الكفاحية التحررية التي كانت من دوافعها الأساسية ،إلى جانب نجاح ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م في شمال الوطن ووقوفها الداعم لثورة 14 أكتوبر .وعلى أمل إذا كانت الثورة السبتمبرية في الشطر الشمالي لم تحقق الآمال المرجوة نتيجة التحديات المعادية التي واجهتها منذ بداية عهدها فعلى الثورة الأكتوبرية في الجنوب توحيد النضال وتحرير الجبال وتخصيب..الرجال ولأن الاستعمار في الجنوب ومخلفاته لا يقل في قهره عن الحكم الإمامي في الشمال،فقد عمد الاستعمار بدرجة أساسية إلى تقسيم أرض الجنوب إلى سلطنات ومشيخات متصارعة،مع حرصه على إبقاء الأوضاع المتخلفة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً..وليس ذلك فقط وإنما سارع إلى تكوين مشروع سياسي تحت شعار (عدن للعدنيين) تمهيداً لبث الفتنة بين الطوائف وإبعاد الفئات العمالية الوافدة إلى عدن من شمال الوطن وجنوبه. إلا أنه سرعان ما اكتشفت الجماهير الوطنية والواعية حقيقة أبعاد هذا المخطط الاستعماري وقاومته بمختلف الوسائل الممكنة ثم عاود الاستعمار مسلسل مخططاته حينما أقام تجمعاً آخر عام 1951م من خلال كبار التجار في الريف والمتعاونين مع السلاطين،وتحت اسم (رابطة أبناء الجنوب العربي) الذي كان من أهدافه الرئيسية قيام دولة مستقلة في الجنوب ويمهد أيضاً إلى إقامة اتحاد الجنوب العربي في يناير عام 1954م. وتبينت اللعبة الاستعمارية كسابقاتها للجماهير التي أعلنت معارضتها لمثل هذه المخططات الانفصالية،وهكذا نجد أن كل المشاريع التي كان يلجأ إليها المستعمر في ظل احتلاله للجنوب بهدف تكريس سياسة «فرق تسد» كلها باءت بالفشل .وجاءت الخمسينات من القرن الماضي المليئة بالأحداث العربية والعالمية مما دفع بأبناء جنوب الوطن الوطنيين ،الذين ازدادت ثقتهم بالآمال المستقبلية واتسعت مداركهم التحررية وبعد أن أصبحت لديهم صحافة نشطة وتجمعات عمالية وأندية للمثقفين والطليعيين سارعوا لتكوين تنظيمات للنضال ضد الاستعمار البريطاني ومخلفاته من السلاطين والعملاء. وقد التقت هذه التنظيمات عند ضرورة الكفاح المسلح ،الذي يعتبر الحل الوحيد لطرد المحتل.وكما أسلفنا الذكر فإن نجاح الثورة في الشمال وقيام النظام الجمهوري أدى إلى حمل السلاح في الجنوب وانطلاق الثورة بأبعادها الوطنية والقومية من قمم جبال ردفان وامتدادها إلى كل شبر من أرض الجنوب. وبفضل عزيمة المقاتلين الأشداء استطاعوا أن يطهروا بكفاحهم ودمائهم الزكية أرض الجنوب من دنس الاستعمار الذي اضطر أخيراً ومرغماً علىالإعلان عن رحيله في الثلاثين من نوفمبر 1967م ،ولقد هلل شاعرنا المبدع عبده عثمان حينئذٍ لبزوغ النور على الأرض اليمنية والتي حرمت من نسائم الحرية والحياة الكريمة عهوداً من الزمن يقول شاعرنا عبده عثمان في هذه المناسبة العظيمة من تاريخ شعبنا المناضل:كنت أدريما على ردفان يجريكنت أدريأن إخواني وأهليأذرع تحتضن النور وأرواح تصليفي طريق الراية الخضراء والشمس الأثيرةوربيع ذات يوم كان في شبه الجزيرةيملأ الدنيا شذاه وعبيرهرحم الله شهداء الثورتين الخالدتين وأسكنهم فسيح جناته وهنيئاً لشعبنا أفراحه الوطنية.