افتتح صالة ممالك الجوف القديمة بالمتحف الوطني بصنعاء.. الدكتور الإرياني :
صنعاء / سبأ :قال المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الأرياني، إن محتويات صالة عرض ممالك الجوف القديمة بالمتحف الوطني تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن حضارة اليمن تعود إلى 2000 سنة قبل الميلاد.وأضاف لدى افتتاحه الصالة أمس : يضم المعرض قطعا أثرية غاية في الأهمية تثبت أن حضارة اليمن كانت حضارة موازية ومعاصرة لحضارات ما بين النهرين ووادي النيل ،معتبرا افتتاح هذه الصالة حدثا تاريخيا عظيما لأن محتوياتها تدلل على أن للشعب اليمني تاريخا عريقا، ليس كما كان يقال إنه يعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، وإنما إلى 2000 سنة قبل الميلاد، و هذا ما تثبته محتويات هذه الصالة.وفي الحفل الذي أقيم بالمناسبة بحضور مستشار رئيس الجمهورية للآثار الدكتور يوسف محمد عبدالله ووزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي ورئيس المجلس الوطني للوثائق القاضي علي ابو الرجال ومحافظ الجوف حسين حازب ووكيل وزارة السياحة مطهر تقي وعدد من المسؤولين والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بصنعاء .. حذر المستشار السياسي لرئيس الجمهورية من استمرار عمليات التخريب والتدمير والتهريب التي تتعرض لها الآثار في الجوف ومأرب وبيحان وغيرها من المناطق التي تتعرض لكثير من الدمار ومخاطر هذه العمليات على تاريخ وذاكرة اليمن الحضارية. وأضاف “ أرجو ألا ننسى آثارنا مما تتعرض له من تدمير و تخريب لا يجيزه الله ولا رسوله.. آثار اليمن تباع في أسواق أوروبا بالعشرات إن لم اقل بالمئات، ومعظمها يأتي من المواقع الأثرية في الجوف ومأرب وبيحان وعسيلان». وتابع : أرجو أن يكون هذا المعرض حافزاً لنا جميعاَ لنعمل على حماية آثارنا و البحث عنها والتنقيب وعرضها للجمهور وللعالم. وعبر عن سعادته بالمشاركة في افتتاح صالة ممالك الجوف القديمة بالمتحف الوطني بصنعاء ، مثمناً جهود الصندوق الاجتماعي للتنمية ومنظمة اليونسكو اللذين مولا الفريق الذي تولى مهام الكشف عن هذه الآثار وعلى رأسهم العالم والباحث ريمي اداون وزميله منير عربش اللذان تحملا من المشاق ما لا يمكن تصوره حتى يتمكنا من نقل هذه القطع الأثرية العظيمة.ونوه بدعم وزارة الثقافة مؤكدا أهمية استمرار هذا الدعم لمشاريع الآثار وإيلائها المزيد من الدعم والاهتمام . من جانبه أوضح أمين عام المتحف الوطني بصنعاء عبد العزيز الجنداري أن هذا المشروع العظيم كان ثمرة لجهود حثيثة مشتركة بين المتحف الوطني ومنظمة اليونسكو والصندوق الاجتماعي للتنمية التي بدأت خطواتها الأولى في عام 2004 بفضل الدعم والمؤازرة من الخيرين من أبناء الوطن وعلى رأسهم الدكتور عبد الكريم الإرياني الذي قام برعاية المشروع منذ بدايته حيث قام بزيارة محافظة الجوف للاطلاع على الموقع والمعبد في نشان ومن ثم سعى جاهداً إلى توفير الدعم وجاءت الاستجابة سريعة من المدير التنفيذي للصندوق الاجتماعي للتنمية عبدالكريم الأرحبي وبالتعاون مع منظمة اليونسكو مكتب القاهرة.وتابع : بدأ المشروع بحملة تسجيل وتوثيق وترميم وصيانة لمجموعة الجوف الأثرية في المتحف وفق أحدث الطرق العملية ومن ثم إصدار ثلاثة كتالوجات ضمت أكثر من خمسمائة قطعة أثرية مع دراسة مبسطة عنها باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية وكان خاتمة المطاف تجهيز قاعة ممالك الجوف القديمة وتضم مجموعة من أجمل وأندر القطع الأثرية منها كرسي العرش للملك / الم هلال وقه / الذي عاش في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد ونقوش أخرى كتبت باللغة المذابية نسبة إلى وادي مذاب الذي يمر بالجوف وقطع أثرية أخرى . ونوه بأن المشروع شمل إدخال معلومات عن القطع الأثرية في الحاسوب الآلي بالإضافة إلى إنشاء موقع في الانترنت خاص به، شاكرا كل الذين أسهموا في انجاز هذا المشروع الذي تضمن حفريات إنقاذ وترميم وتوثيق ودراسات وبحوث ونشر معارض بالإضافة إلى إنشاء موقع انترنت خاص بهذا المشروع. وتضم صالة عرض ممالك الجوف القديمة مجموعة من القطع الأثرية منها العرش الملكي وتماثيل مصنوعة من الطين المحروق ومجموعة من الفخاريات ومجموعة برونزية وخشبية وشواهد قبوريات وقطع حجرية من موائد قرابين ومذابح بالإضافة إلى أعمدة من أحد المعابد المهمة في الجوف تمثل كشفا اثريا مهما.من جانبهما أشار الباحثان الفرنسيان المشرفان على المشروع ريمي ادوان و منير عربش إلى أن افتتاح هذه الصالة المخصصة للقطع الأثرية والنقشية لمواقع ممالك الجوف القديمة (القرن التاسع والسادس قبل الميلاد) هو ثمرة مشروع إنقاذ مواقع وآثار الجوف بتمويل مشترك من منظمة اليونسكو والصندوق الاجتماعي للتنمية والذي تم تنفيذه من عام 2004م وحتى 2009م بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والمتحف الوطني بصنعاء.ونوها بهدف المشروع المتمثل في إنقاذ مواقع آثار الجوف من العبث والتخريب وإظهار معالم حضارة الممالك العربية الجنوبية لتكون بمتناول الجميع والذي قامت منظمة اليونسكو بدعمه بمبلغ قدره 280 ألف دولار ووافق الصندوق الاجتماعي للتمنية على تقديم المبلغ نفسه أيضا. وقالا في كلمة مشتركة “إن فكرة المشروع نشأت عام 2004م في الوقت الذي تتعرض فيه مواقع الجوف للتخريب والنهب وتجارة الآثار حيث قام الباحثان ريمي أودوان خبير لدى منظمة اليونسكو بباريس ومنير عربش باحث في المركز الوطني للبحث العلمي بباريس بزيارة موقع السوداء نشان قديماً واكتشفا معبدا داخل موقع السوداء يحتوي ولأول مرة في تاريخ شبه الجزيرة العربية على أعمدة تحتوي لوحات فنية رائعة تمثل ميثولوجية الممالك العربية الجنوبية في القرن التاسع ـ الثامن قبل الميلاد وهذه اللوحات تشبه ما تم العثور عليه في بلاد الرافدين. ولفتا إلى انه ومن خلال زياراتهما المتلاحقة لمواقع الجوف قاما بتجميع ما يقارب الألفي قطعة أثرية كانت موجودة عند أهالي السوداء في مديرية المصلوب في محافظة الجوف تم إيداعها في المتحف الوطني بصنعاء وتوثيقها بأكملها ودراستها ونشرها في ثلاثة كتب باللغات العربية والفرنسية والانكليزية حول هذه القطع المهمة التي أعيد بفضلها نشوء وتسلسل الممالك العربية الجنوبية إلى بدايات القرن الثامن قبل الميلاد. وأضاف الباحثان : لكن الهدف الأساسي لهذا المشروع وهو حماية وإنقاذ مواقع الجوف بحفريات علمية تحت إشراف الهيئة العامة للآثار وبمشاركة الفرق الأجنبية للأسف لم يتحقق حتى الآن بالرغم من المحاولات المتكررة منذ عام 2005 والتي باءت كلها بالفشل ولم تتمكن وللأسف المؤسسات الحكومية المعنية ولا السلطات المحلية في محافظة الجوف ولا النداءات الدولية من منظمة اليونسكو ومن مراكز البحوث الدولية من التدخل فورا لإيقاف الحفريات العشوائية وحماية المواقع وإيقاف هذا النزيف الذي يمس بشكل مباشر ركيزة من أهم ركائز الهوية اليمنية التي هي جزء لا يتجزأ من الهوية العربية والتراث الإنساني.واعتبرا افتتاح الصالة بما تحتويه من حصيلة هو نداء وصرخة موجهة إلى الحكومة بمؤسساتها المعنية والى السلطات المحلية والى كل اليمنيين للتدخل فورا لإيقاف عمليات التخريب ونهب ثروات اليمن الحضارية قبل أن فوات الأوان.وقالا إن ما يحدث يومياً في مواقع الجوف من حفريات عشوائية ومن تخريب ونهب هو بمثابة طمس هوية اليمن وتاريخه، معتبرين الصمت عن الاتجار بآثار اليمن هو القبول بان يصبح تاريخ الأجداد سلعة تباع بأبخس الأثمان. وأكدا أن آثار الجوف ليست ملكا أحد بل هي ثروة اليمنيين جميعا وجزء من التراث الإنساني العالمي والعبث بها هو بمثابة العبث والاستهتار بوجود اليمن. وأشارا إلى النتائج الايجابية لهذا المشروع و التي لخصاها في عملية إنقاذ القطع الأثرية من الأيدي العابثة وحفظها في المتحف الوطني بصنعاء بدلا من أن تكون خارج اليمن في أيدي تجار الآثار.