أقواس
ارتبط اسم المراوح الهوائية في منطقة خورمكسر، منذ فترة طويلة، باسم الملح المشهور الذي تنتجه أحواض الملح المعروفة عالمياً والتي كانت ومازالت تسمى بالملح العدني الذي كان يدر على خزانة الدولة مبالغ كبيرة إضافة إلى الأسماك ومصافي الزيت.. وكان ذلك هو (أس) اقتصاد المنطقة وعمادها حتى قيام دولة الوحدة!والملاحات، أو المراوح، لها تاريخ في أوربا وانتقالها إلى عدن مع بدء فترة الاستعمار في العام 1839م عندما دخل عبر شكة الهند الشرقية واحتل المدينة وقام بعدها ببناء بعض المنشآت ومنها مشاريع الملح وغيرها، خدمة لوجوده وتسييراً لمشاريعه في المنطقة التي يجب أن تدر مداخيل عليه وعلى عساكره .. الخ.والملاحات ارتبطت بتاريخ المنطقة، وصارت من معالم المدينة مثلها مثل ساعة البنجسار، وفنار جولدمور المنشآ حديثاً، وكانت تسمى أيضاً طواحين الهواء أو ماكان ينتدر بها بعض المثقفين العدنيين عندما كانوا يسمونها (طواحين دون كيشوت) نسبة إلى الرواية العالمية التي فيها يقوم البطل بمصارعة الهواء.. أو هكذا يفهم من ذلك..ومراوح الملح التي تسمى بالمصطلح (سولت بان) وهي تسمية مركبة من كلمتين انجليزيتين هما (سولت) وتعني الملح، و(بان) تعني (الحوض) وإذا هي: مراوح أحواض الملح، لذلك أطلق على المنطقة المجاورة لأحواض الملح تسمية غريبة على معسكر للأمن منذ عهد الاستعمار .. وسمي المعسكر (الصولبان) تحريفاَ لكلمة (سولتبان) وهي تراكيب معربة بمثل ماننطق كلمة( الاستبطان) وهي تعني (الهوسبتال) أي المستشفى و(الحفيص) وهو المكتب (أوفيس)وغيرها من التزاوج بين كلمات وعبارات تصبح جزءاً من اللغة.. وهكذا دواليك.إن مراوح الملح هذه كانت موجودة ويتم الحفاظ عليها، لكن على مايبدو أن مواضيع الاستثمار قد أضاعت علينا وعلى المدينة معالم هامة والآن تتم السيطرة على أحواض الملح مايعني اندثار ماتبقى منها من مبانٍ. إما المراوح فقد انتهت بفعل الإهمال وعوامل التعرية وبفعل عدم الاهتمام بها كمعالم للمدينة لأن الثقافة في هذا الجانب قاصرة ولاتستند إلا إلى المادة والمردود.. ولو على حساب التاريخ!.إننا إذ ننوه إلى إحياء مثل هذه المعالم، لا يفوتنا أن نشير إلى أن المراوح هذه وأحواض الملح يعتبر المساس بها مساساً بالاقتصاد وإضعافه ودعوة إلى خلق ثقافة تهدم ولا تبني وانظروا أيها السادة إلى العالم وأنتم الذين كل يوم تزورون مدينة في بلد ما، للتو أمة.. انظروا مالديهم .. وقارنوا .. واحكموا، هل هم أفضل منا؟!نحن نعيش في بلد كله آثار ومعالم .. فمتى نحافظ عليها حقيقة، ومتى نستمع إلى صوت العقل والمصلحة الوطنية للبلد وللناس على السواء؟!