صباح الخير
هل التدين مظهر أم جوهر ؟؟ سؤال قد يبدو للوهلة الأولى انه قيل مرارا وتكرارا ومع هذا فانه لابد من إعادة طرحة مرة أخرى في ظل الظروف التي نعيشها ومحاولة الإجابة عليه بشيء من الحيادية والعقلانية .ورغم يقيني المسبق بان اغلبيه الناس سيردون بان التدين جوهر وليس مظهراً وذلك على اعتبار أن التدين علاقة بين العبد وربه وإن خالقه هو اعلم بنيته وبالتالي لاشأن للآخرين في تلك العلاقة إلااننا وكبشر تفرض علينا طبيعتنا البشرية غالبا ما نحكم على الأشياء اعتمادا على المظهر ومن بينها التدين فنحن إن رأينا شخصا ما يطيل لحيتة يواظب على حضور الصلاة في المسجد قلنا عنه انه متدين أما المرأة المتدينة فباتت تعرف بطبقات السواد التي ترتديها وذكرها لله ورسوله عقب كل عبارة تقولها ، فهل يعني هذا إن هؤلاء هم المتدينيون ومن ليس على شاكلتهم من الرجال الذين لا يصلون والنساء اللواتي لا يغطين وجوههن ليسوا كذلك؟!ألا نكون بذلك حولنا التدين إلى مظهر وابتعدنا عن الجوهر؟؟.فنحن في الوقت الذي نرى فيه أولئك الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم متدينين يتحدثون باسم الدين نجد كثيراً من السلوكيات والتصرفات التي تنم عنهم هي عكس ذلك تماما فبعضهم يسيء معاملة أهله والبعض الأخر لايتوانى عن إيذاء جارة ومنهم من يلجا للغش والكذب في تعامله مع الآخرين فيما النساء اللواتي يسعين لوعظ غيرهن هن من يغتبن الآخرين.هنا أتذكر إني سالت يوما احدهم لماذا لايصلي؟؟ فكان رده انه لايستطيع تخيل نفسه يقف في صف واحد مع أشخاص يعرف تمام المعرفة أنهم مرتشون ويقبلون على أنفسهم أن يأكلوا حراما قد لا اتفق مع ذلك الشخص بتركه الصلاة بسبب أولئك الأشخاص ولكنه فتح ذهني على شيء مهم وهي كيف يجتمع النقيضان ومن يخدع هولاء!! وبالرغم من ذلك نجد أشخاص عاديين في مظهرهم إلا أن تصرفاتهم تدل على تدين حقيقي ، فلقد أثار انتباهي في أحد المرات امرأة شابة صعدت للميكروباص وما أن استقرت في مقعدها حتى أخرجت من حقيبتها سبحة وأخذت تسبح طوال الطريق بمنتهى الخشوع والسكينة فيما رجل اوقف سيارته في إحدى الشوارع غير المزدحمة وشرع يصلي المغرب خشية أن تفوته الصلاة تلك المرأة التي قضت وقتها بالتسبيح لم تكن تغطي وجهها والرجل لم يكن ملتحياً إلا أن كليهما دلت تصرفاتهما على إيمان عميق.فالتدين الحقيقي والصادق إنما ينبع من داخل الإنسان فهو في إحدى معانيه الاستقامة والالتزام بتعاليم الله كما انه-التدين- درجات أدناها تلك التي تكون أشبه بالقشور فيأخذون المظهر الخارجي منه رياء أمام الناس وأعلى مراتب التدين تلك التي يستقيم فيها العبد لربه في أفعاله وأقواله وحركاته وسكناته.هنا ينبغي علينا أن ندرك أن لانتسرع في الحكم على الآخرين من مظهرهم وإنما بما تصدر عنهم من أفعال وان ندرك كذلك أن الله معنا أينما كنا وهو الرقيب علينا.[c1][email protected][/c]