الرياض / مروان الجنزير :أثار مقتل فتاة سعودية تعاني مرضا نفسيا الأحد الماضي في القصيم (وسط السعودية) الجدل والسخط في المملكة، وتوفيت الفتاة بعد أن ضربها راقٍ شرعي وعمل لها جلسات صعق كهربائي أدت إلى وفاتها متأثرة بضربات متفرقة في جسدها.ونقلت مصادر صحافية عن مقربين للفتاة بأنها كانت تعاني مرضا نفسيا، إلا أن الراقي قال إنها متلبسة بـ «جني» ما دعاه إلى ضربها وصعقها كهربائياً وتركها لمدة ساعتين لوحدها تعاني آثار جلسات الصعق حتى فارقت الحياة.وهذه المرة الثانية خلال أيام التي يحضر فيها «الجني» من خلال قضايا مثيرة بين السعوديين بعد أن اتهم أحد الجن بأنه السبب في قضية فساد تورط فيها قاضٍ سعودي إثر التحقيق معه. وبالعودة إلى الفتاة القتيلة، قال الناطق الإعلامي لشرطة القصيم المقدم فهد الهبدان إن الشابة كانت تعاني مرضا نفسيا فقام الراقي بعلاجها من خلال الصدمات الكهربائية، الأمر الذي أدى إلى وفاتها قبل وصولها إلى المستشفى، وحذر الهبدان في بيان لشرطة القصيم «من التعامل مع من لا يزاولون الرقية الشرعية السليمة ويرتكبون مخالفات مؤكداً أن مخالفي الرقية الشرعية محل متابعة شرطة القصيم وسبق أن تم إصدار أحكام شرعية على المخالفين منهم».وتنشط في السعودية بيوت الرقية وغالبها مقسمة إلى قسمين أحدهما للرجال والآخر للنساء، إذ يقوم الراقي وهو عادة ما يكون قارئاً للقرآن بتجميع المرضى والنفث عليهم جماعات وفرادى، وكذلك تفعل النساء بمبالغ متفاوتة.إلا أن بعض الرقاة يفتحون الباب للجنسين وتشهد بعض الجلسات ضرباً مبرحاً في سبيل إخراج الجن من جسد المرضى بحسب زعمهم.الباحث في علم النفس والمتخصص في الشريعة الإسلامية الشيخ محمد الفلقي أبان في حديث خاص لإيلاف أن العديد من الرقاة لا يرون أن المرض النفسي ذات أهمية متجاهلين أن المرض النفسي مرض عضوي يحتاج إلى علاج فعلي بالإضافة إلى قراءة القرآن وأن 80 % من النساء المصابات بالأمراض النفسية يذهبن لرقاة شرعيين حتى لا يواجهن حقيقة إصابتهنّ بمرض نفسي متوهمات بأنهن مصابات بالعين أو السحر والبعض الآخر يعتقد أن هناك «جنيا» متلبسا به أو أنها متلبسة والراقي يجزم بذلك بسبب تصرفات الفرد التي قد تعتبر غريبة بالنسبة له فيضرب جسد المريض ويؤذيه. وأكد الفلقي أن الخلاف بين الفقهاء يقع في زاوية جري كلام الجني على لسان المريض الذي مسه أو تلبسه، قائلاً إنه لم يثبت.وبين الفلقي «المؤسف أن البعض منهم إن لم يكن أغلبهم يستعينون بالكهرباء والضرب كما أن البعض يقوم بخنق المتلبس به وهذه أمور غير صحيحة على الإطلاق فوفاة الفتاة القصيمية التي لا تتجاوز العشرين من عمرها بسبب الرقية أمر كافٍ لآن نقف بجدية ونطالب وزارة الشؤون الإسلامية بالتعاون مع وزارة الصحة للتدخل وتنظيم العملية بعدة حلول رسمية تقضي على هذه الظاهرة». وأبدت الاختصاصية النفسية في مستشفى الصحة في جدة الدكتورة سميرة الغامدي استياءها مما وصفته «الفوضوية الحاصلة في عالم الرقاة والمعالجين بالقرآن» وشبهت الغامدي ما يحدث بالاستهتار والاستغلال تحت مظلة الدين والمعالجة بالقرآن والذي يسيء إلى الدين الإسلامي ولكل من ينتمي إليه بسبب تصرفات فردية ظهرت للجميع وباتت تطفو على السطح بحادثة قتل فتاة عشرينية لا حول لها ولا قوة رحلت من الدنيا بسبب تصرف رجل يدعي أنه يفقه بالقرآن وهو الذي لا يدرك أو يتجاهل خطورة ما اقترفه. وطالبت الغامدي الجميع بشن حملة تعصف بكل هذه الأصناف ممن يرون أنهم أهلٌ لتمثيل الدين والعلاج بالقرآن، وأضافت الغامدي «إننا كأطباء يستحيل علينا أن نقوم بالعلاج بالصعقة الكهربائية لمريضة ما إلا في حال تواجد طاقم طبي مختص هذا دون التعليمات التي يجب على المريضة إتباعها قبل العلاج بيوم كامل». وختمت الغامدي تصريحها لإيلاف بضرورة زيادة وإعادة هيكلية الرقابة من الجهات الحكومية كافة مثل وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الصحة التي تأتي بالمرتبة الثانية لتساعد على تنظيم تلك العلاجات وتداركها.
مختصون سعوديون يطالبون بتدخل رسمي لتنظيم عمل «الرقاة الشرعيين»
أخبار متعلقة