صنعاء / سبأ :تعكس المبادرة إلى دفع الزكاة وعي وحرص الفرد المسلم بأهمية الزكاة كتكليف رباني وركن هام من أركان الإسلام الخمسة التي اوجب الشرع أداءها والقيام بها ، كما أنها تعد دلالة على مقدار حب وتعظيم المزكي لخالقه ورازقه وشكره على نعمه .ويغنم المبادر لدفع الزكاة والحريص على إخراجها فوائد وإسراراً جمة تجسد فضل الزكاة وعظمتها وتعود عليه بالخير الكثير في نواحي عديدة في حياته الدنيوية وفي الآخرة وتجعله هو المستفيد الأول والأخير .بهذا الخصوص يقول مدير مكتب الأوقاف والإرشاد بمديرية التحرير الشيخ ناصر الحيمي ان المبادرة لدفع الزكاة مرضاة للرب وحفظ للنفس والمال من الضياع لقوله تعالى “ واتوا حقه يوم حصاده “ وأضاف “ الاية تنص على وجوب إخراج الزكاة في يوم الحصاد مع تحديد يوم الحصاد وفي ذلك إشارة جلية ودلالة واضحة على وجوب إخراج الزكاة عند اكتمال النصاب وحول الحول وتوفر شروط وجوب الزكاة “.وأكد الحيمي على أهمية الإسراع والاستعجال في تخريج الزكاة ودفعها إلى ولي الأمر والدولة كونها الجهة المخول لها جمع الزكاة وتوزيعها على مصارفها الثمانية التي حددها الشرع .مشيرا إلى ان تحري الأطيب والأفضل من مال المزكي يعود خيره عليه كون ما يدفعه اليوم يلقاه غدا أفضل وابرأ وأعظم ويجده يوم القيامة كذلك .وبين مدير أوقاف وإرشاد التحرير ان من فوائد وفضائل الزكاة التي تعود على المزكي تنمية ماله وحفظه من الهلاك والضياع لقوله صلى الله عليه وسلم “ ما نقص مال من صدقة “ كما أنها تنزيه له وتطهير لماله من صفة البخل والشح المذموم ، و شفاء له من الأمراض ، وحجاب له من نار جهنم والعياذ بالله .ولفت إلى ان المبادر لدفع الزكاة هو المبادر لنيل الفلاح وابتغاء الفردوس في الجنة إلى جانب من شملهم الله عز وجل في قوله “ قد افلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون “ الى قوله تعالى “ أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون * .وأفاد الحيمي بان الزكاة عنصر أساسي في ترسيخ عرى الإخوة الإسلامية وإرساء مبدأ التكافل بين أفراد المجتمع وعامل هاما في نشر قيم المحبة والتعاون ونبذ التحاسد والبغضاء ، مؤكدا على ان تلك المعاني السامية تنعكس على المجتمع الذي يصبح قويا ومتماسكا ومتحدا فاعلا في بناء وطنه وتنميته .ونوه الشيخ الحيمي بضرورة ان يبادر الفرد المسلم إلى إخراج زكاته تطهيرا لنفسه وإبراء لذمته كونها برهاناً على صدق إيمان المزكي وصلاحه وامتثاله لأوامر الله عز وجل ورغبته في نيل بركاتها ودرء مضارها في حالة الامتناع عن إخراج الزكاة . لكنه أشار إلى ان عدم إخراج الزكاة فان المال سيكون وبالا وندامة على صاحبه يوم القيامة مستدلا بقول المولى جل وعلا في الآية 34 ،35 من سورة التوبة “ والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون“ . وحول الامتناع عن دفع الزكاة يؤكد مدير إدارة الإرشاد بمكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة حجة عبد الله العميسي أن على الجهات المعنية أن تقوم بواجبها تجاه المقصرين والمتهاونين في أداء هذا الركن الإسلامي لقوله تعالى “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”.وأشار العميسي إلى أن على الدولة واجب الأخذ بيد هؤلاء فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم “.مستدلاً في ذلك بما ورد عن أبو بكر رضي الله عنه في السير أنه رفض التهاون مع من منعوا دفع الزكاة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله رضي الله عنه “والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤذونه لرسول الله لقاتلتهم عليه “.وأضاف: كما ألزم الرسول صلى الله عليه وسلم ولي الأمر بأن يأخذ الزكاة ممن يتأخر في دفعها مع شطر ماله كعقاب دنيوي على ذلك التهاون دون العذاب الأخروي الذي ينتظره يوم القيامة جزاء تأخير أداء فرض من فروض الإسلام .. وعلى النقيض من ذلك فإن الأجر والثواب ينتظر المسارعين في أدائها يوم القيامة والبركة والنماء في الدنيا.رئيس إتحاد علماء المسلمين العالميين الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي يقول حول الزكاة “: أن الأصل في الزكاة أن تؤدى على الفور، ولا تؤجل إذا توافرت شروطها، ويأثم من أخرها دون عذر، لكن يجوز تأخيرها لمصلحة داعية أو ضرورة معتبرة “.وأضاف الدكتور القرضاوي أن من وجبت عليه الزكاة لم يجز له تأخيرها؛ لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي، مثلما توجهت المطالبة بالدفع إليه، فلم يجز له التأخير، كالوديعة إذا طالب بها صاحبها، فإن أخّرها، وهو قادر على أدائها، ضمنها؛ لأنه أخّر ما يجب عليه، مع إمكان الأداء فضمنه، كالوديعة.وذكر القرضاوي أن الحنفية قالوا: أن تأخير الزكاة من غير ضرورة، تُرَد به شهادة من أخرها، ويلزمه الإثم”، وزاد القرضاوي: وذلك ما صرح به الكرخي وغيره، وهو عين ما ذكره الإمام أبو جعفر الطحاوي عن أبي حنيفة: أنه يكره، فإن كراهة التحريم هي المحمل عند إطلاق اسمها قالوا: وقد ثبت عن أئمتنا الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وجوب فوريتها.ولفت القرضاوي الى قول العلماء:” والظاهر أنه يأثم بالتأخير ولو قلّ، كيوم أو يومين، لأنهم فسروا الفور بأول أوقات الإمكان، وقد يقال: المراد ألا يؤخر إلى العام القابل بمعنى إذ لم يؤد حتى مضى حولان فقد أساء وأثم، واشترط ابن قدامة في جواز التأخير لحاجة أن يكون شيئًا يسيرًا، فأما إن كان كثيرًا فلا يجوز.وقال الشيخ القرضاوي : أما عندي فإنه لا ينبغي العدول عن ظاهر ما جاء عن فقهاء المذهب، وإن كان التسامح في يوم أو يومين، بل أيام، أمرًا ممكنًا، جريًا على قاعدة اليُسر ورفع الحرج، أما التسامح في شهر وشهرين، بل أكثر، إلى ما دون العام، كما يُفهم من نقل “البدائع”، فلا يصح اعتباره حتى لا يتهاون الناس في الفورية الواجبة. ونقل عن أحمد قوله: لا يجرى على أقاربه من الزكاة في كل شهر، يعني لا يؤخر إخراجها حتى يدفعها إليهم متفرقة في كل شهر شيئًا، فأما إن عجلها فدفعها إليهم، أو إلى غيرهم، متفرقة أو مجموعة جاز، لأنه لم يؤخرها عن وقتها، وكذلك إن كان عنده مالان أو أموال زكاتها واحدة، وتختلف أحوالها، مثل أن يكون عنده نصاب، وقد استفاد في أثناء الحول من جنسه دون النصاب، لم يجز تأخير الزكاة ليجمعها كلها، لأنه يمكنه جمعها بتعجيلها في أول واجب منها.وكذلك صرح بعض المالكية: أن تفريق الزكاة واجب على الفور، وأما بقاؤها عند رب المال، وكلما جاءه مستحق أعطاه منها، على مدار العام، فلا يجوز. وعليه فلا يجوز تأخير الزكاة إلا لحاجة داعية، أو مصلحة معتبرة تقتضي ذلك، مثل أن يؤخرها ليدفعها إلى فقير غائب هو أشد حاجة من غيره من الفقراء الحاضرين، ومثل ذلك تأخيرها إلى قريب ذي حاجة، لما له من الحق المؤكد، وما فيها من الأجر المضاعف.وله أن يؤخرها لعذر مالي ضروري حل به، فأحوجه إلى مال الزكاة، فلا بأس أن ينفقه ويبقى دينًا في عنقه، وعليه الأداء في أول فرصة تسنح له. أما ما يخص زكاة الأموال أجمع فقهاء الأمة بأنه يجب إخراجها على الفور، إذا كمل النصاب وحال عليها الحول.قال النووي: يجب إخراج الزكاة على الفور، إذا وجبت، وتمكن من إخراجها، ولم يجز تأخيرها, وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء لقوله تعالى : (وَآتُوا الزَّكَاةَ) والأمر في الآية إخراجها على الفور.ولا مانع من تأخيرها لعذر، ومن الأعذار، تأخر الساعي المرسل من قِبل ولي الأمر، وكذا إذا كان ماله غائباً أو لأجل البحث عن أهل الاستحقاق ، وغير ذلك من الأعذار.وأضاف النووي:” لو طلب الإمام زكاة الأموال الظاهرة وجب التسليم إليه”، فإن لم يطلب الإمام ولم يأت الساعي، قال: يجب دفعها إلى الإمام يؤخرها رب المال ما دام يرجو مجيء الساعي, فإذا أيس منه فرقها بنفسه, وهذا ما نص عليه الشافعي”.وقال البهوتي في كشاف القناع :” لا يجوز تأخير إخراج زكاة المال عن وقت وجوبها, مع إمكانه فيجب إخراجها على الفور، إلا أن يخاف من وجبت عليه الزكاة ضرراً، فيجوز له تأخيرها كما نص عليه الإمام أحمد، لحديث: (لا ضرر ولا ضرار)، كرجوع ساعٍ عليه إذا أخرجها هو بنفسه, مع غيبة الساعي أو خوفه على نفسه أو ماله ونحوه لما في ذلك من الضرر، ومعنى “رجوع الساعي عليه” أن يلزمه الساعي بإخراجها مرة أخرى.وسئل الشيخ ابن عثيمين: عن حكم تأخير الزكاة شهراً أو شهرين لحين وصول مبعوث الحكومة لتسليمها له؟فأجاب : “الواجب على الإنسان أن يؤدي الزكاة فوراً، كما أن الدين لو كان لآدمي وجب عليه أن يؤديه فوراً إذا لم يؤجل، وكان قادراً على تسليمه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مطل الغني ظلم)، وقوله: (اقضوا الله، فالله أحق بالقضاء).وعلى هذا فالواجب أن الإنسان يبادر بها، لكن إذا أخرها خوفاً من أن تأتي الحكومة وتطالبه بها، فهذا لا حرج عليه، ينتظر حتى يأتي مبعوث الحكومة ويسلمها له.
|
تقارير
أهمية المبادرة في دفع الزكاة ومضار منعها
أخبار متعلقة