اقواس
إذا كان من بديهيات النهوض الحضاري هو وجود الحركة الفكرية والعلمية التي تقود هذا النهوض وتوجهه وتمنحه عمقه المؤثر في حياة المجتمع،بل وتكون دليل أصالته وخصوصيته وجدارته للاستمرار،إذا كان الأمر كذلك فإن القول ببناء المجتمع الحديث وبأحداث التنمية الاجتماعية الشاملة لا معنى له إلا في وجود المناخ الثقافي الذي في ظلاله تزهر شجرة الأدب والفن والفكر.على أن المستجدات في حياة المجتمع اليمني والمجتمعات العربية عموماً والمتغيرات الكبرى التي تتصل بكافة البنى الاجتماعية والثقافية،وضعت المجتمع الثقافي أمام أكثر من سؤال يتصل بمهامه وأوضاعه والرؤى الصحيحة التي من المفترض أن تعمق من دوار الثقافة في وقت يقع فيه الإنسان المعاصر تحت وطأة الاستهلاك والتشيؤ. يجر فيه المرء إلى وحدة الخواء واللهث الجنوني وراء متطلبات الحياة المتصاعدة في تفصيلاتها اليومية،ومغريات الاستهلاك والسقوط تحت وطأة الحاجة وقسوة الظروف وصلابة الأنظمة وقمع المؤسسات وهيمنة الرأسمال والإعلام .هانحن في رحلة البحث عن الثقافة والحلم نرى أن الأحلام والتطلعات لمجتمع ثقافي حر تتهاوى تحت وطأة سنابك الرأسماليين والبيروقراطيين وأجهزة التوجيه الإعلامي الاستهلاكي ووجهات الهامبرجر الثقافي والفني السريعة،ها نحن أولاً بلا ثقافة ولا غناء ولا شعر،بل ولا لغة،فاللغة العربية صارت غريبة في بلا العرب،وفي إعلام العرب،وفي شعر العرب.في ظروف كهذه يتساءل المثقف عن دورة ومكانته وعن الظروف التي تمكنه من أداء دوره ورسالته...؟،وهو تساؤل يكاد يضيع في صخب الحركة المحترمة للاقتصاد والمال والبضائع والأشياء..سؤال الثقافة يضيع في غياب الحرية..في غياب الأمل..في غياب الأهداف في اختلاط المفاهيم..بين الدين والتدين،بين السياسة والتسييس..بين الشكل والمضمون.. بين الذات والموضوع..بين الحلم والواقع.غياب المناخ الثقافي..الاجتماعي يصنع خريفاً شاحباً لثقافة تبحث عن طقسها من الحرية والإبداع والتحديث.[c1]عوض الشقاع