حباً في الشعب وفي الوطن، ومن أجل كل المرضى ووفاءً لهم ألغوا وزارة الصحة، وحتماً ستعود لجميع المرضى عافيتهم.مطلبي هذا ليس اعتباطاً، بل إنه جاء بعد تفكير عميق جراء التدهور المستمر للمستشفيات الحكومية التي تعد الملجأ الأول والأخير للمرضى من عامة الشعب بحثاً عن أمل في العافية التي أصبحت من الممنوعات في مستشفيات وزارة (على قولهم) الصحة.وأصل القصة إنه قبل عامين اضطررنا لإسعاف أحد الأصدقاء بعد منتصف الليل إلى قسم الطوارئ في إحدى مستشفيات عدن الحكومية، كان وضع قسم الطوارئ مزرياً، فلا أطباء يباشرون المرضى أولاً فأول، ولا آخراً فآخر ولا ممرضات يشعرنك بمعنى ملائكة الرحمة ولا حتى ملائكة العذاب أما عن الأجهزة الطبية فلا تسأل أحداً : لأن الجواب جاهز بإحدى كلمتين (مافيش) أو (معطل)، وإذا كنت من أصحاب الحظ في ليلة إسعافك فستجد طبيباً وبالطبع سيكشف على حالتك في ثوانٍ بسيطة ولن يستخدم جهازاً طبياً في الكشف سوى السماعة، هذا إذا كان يملكها في الأصل.وسيكتب لك ما تيسر من الدواء، وهذا الدواء لن يكون شيئاً خارج ما تتوقعه، وبالتأكيد ستذهب إلى عيادة المستشفى، لشراء الدواء لكن عليك أولاً إيقاظ الصيدلاني من نومه العميق، وهذا الصيدلاني سينظر إليك بعد أن يفيق لا إلى ورقتك، وسيقول لك وهو (غوان) الدواء غير موجود، وعليك الذهاب إلى عيادة قطاع خاص لشرائه.وطبعاً هذا أفضل لكل مريض، لأن دواء المستشفيات مستورد من دول مثل بنجلاديش وغيرها من الدول التي تصنع أدوية (أي حاجة) وبالتالي تبيعها للراغبين بها، مثل وزارة صحتنا المعدومة بمبالغ هي كذلك (أي حاجة) لأنها تعتبر المرضى من العامة (أي حاجة).!!هذا ليس إفتراءً، بل حصل أمام ناظري في غرفة العمليات الصغرى بمستشفى حكومي أن قام الطبيب بحقن مخدر موضعي لقدم مريض وعندما بدأ بشق الجلد صاح المريض متألماً، فما كان من الطبيب إلا أن أضاف حقنة مخدر أخرى إلى الموضع نفسه في قدم المريض، وبعد برهة حاول فتح جلد القدم بمشرطه، فصرخ المريض متألماً للمرة الثانية .. حينها أنزعج الطبيب الشاب، وقال للمريض إذا كنت تريد حقنة تخدير موضعي لا تشعرك بألم فلا تشتر من صيدلية المستشفى، بل من الصيدلية التي خارج المستشفى، فما يباع داخل المستشفى من دواء هو صناعة بنجلاديش وهندي ومن شركات (أي كلام).هذا كان قبل سنتين .. وتستمر الحكاية .. قبل أسبوع ذهبنا لإسعاف أحد أفراد العائلة إلى قسم الطوارئ في مستشفى الجمهورية التعليمي في عدن، تخيلوا أن قسم الطوارئ في ساعات الفجر خالٍ من أي مريض .. وجدنا المحفاة والأسرة يكسوها الصدأ، أبواب الغرف والنوافذ مخلعة، وهناك كرسيان من حديد في حالة سيئة للغاية ولا ندري من ربطهما بسلاسل حديدية إلى أحد الأدراج.المكان مخيف جداً إنه أشبه بساحة خلفتها معارك طاحنة.الدكتور المناوب جاء بكل أدب واحترام، وخجل، فحص المريض على عجل، كتب الدواء من دون ملل. وحين قلنا له نريد أن نعمل للمريض (كشافة) احمر وجهه من الوجل وأجابنا جهاز الكشافة فيه عطل .. وعجبي على قسم طوارئ في مستشفى (طويل عريض) كان ذات يوم صرحاً طبياً عالمياً فهوى، وصار اليوم لا توجد فيه (كشافة)، بينما هي موجودة عند أصغر عيادة خاصة.أخذنا روشتة الدواء لصرفها في الصيدلية، نظر إلينا الصيدلاني وضحك بهدوء وسخرية، وقال لنا : “ههههه كله من برع”!! ونفسي أعرف لماذا ضحك الصيدلاني؟!مصيبتي أنني أقرأ كثيراً من الصحف، خصوصاً صحف حكومتنا (الله يخليها لنا) ومن ضمن ما أقرأ تصريحات لمسؤولين كبار في وزارة الصحة التي ضيعت علينا العافية. وفيها أرقام فلكية عن حجم الاعتمادات لتطوير كل جوانب ومجالات تتعلق بصحة المواطنين. والدوشة تكون أكبر عندما نسمع دوي الورش والمخارط الصحية التي لها علاقة ما بوزارة صحتنا التي لم تعد صحتنا. وأكاد أجزم بأن مسؤولي وزارة الصحة لا يتعالجون في المستشفيات الخاضعة لوزارتهم لعدم ثقتهم بها، مع أنهم هم المسؤولون عنها (يعني أنهم لا يثقون بأنفسهم).المبالغ الخيالية التي تصرفها الحكومة على وزارة الصحة ومسؤولي وزارة الصحة وأصحابهم والتابعين لهم ليس بإحسان أبداً، فلو وفرتها وألغت هذه الوزارة التي تفوح رائحة عفنة في كثير من مستشفياتها، وأعطت لكل موظف حقه ناشف إلى يده) لكان أوفر للحكومة وللموظف، ولخرج جميع المواطنين يهتفون بحياة الحكومة التي أعادت إلينا صحتنا حرة مستقلة مالياً وإدارياً.أما إذا رفضت الحكومة هذا الطلب فإن مسؤولي وزارة الصحة بلا عافية سيخرجون في مظاهرات صاخبة مرددين عاشت وزارة صحتهم .. ولا نامت عيون المرضى.
ألغوها وزارة الصحة بلا عافية!!
أخبار متعلقة