القاهرة /متابعات:“نجيب محفوظ من البداية” كتاب جديد صدر عن دار الشروق للروائية “هديل غنيم”. ويضم هذا الكتاب الذى يقع فى أربعين صفحة الحوارات التى أجريت مع أديب مصر العالمى الراحل نجيب محفوظ وما قاله وما كتبه الآخرون عن حياته بهدف استثمار قصة حياته وتقديمها للأطفال. وأهم ما يميز حياة الروائى الكبير نجيب محفوظ توفر تلك الخصائص الدرامية التى تصلح لأن تقدم للأطفال على أنها شخصية حية تفاعلت مع الحياة وانتصرت وحققت إنجازات عالمية فى مجال الأدب، فضلا عن المحطات الكثيرة والمتعددة التى مرت بها منذ لحظة الولادة فى الاثنين 11 ديسمبر عام 1911 وحتى لحظة الوفاة فى 30 أغسطس 2006، بعد أن عاش 95 سنة عامرة بالقراءة والكتابة والتفاعل مع الحياة العامة، والحياة الثقافية والأدبية فى الوطن العربى والعالم.وهذا الكتاب ليس مجرد ترجمة لحياة نجيب محفوظ الحافلة بالأحداث والتواريخ والإنجازات، ولكن الكاتبة قدمت للأطفال قصة أو رواية تستند إلى أرض الواقع والحياة الحقيقية عن أكبر روائى عربى فى القرن العشرين، لذا كان الأسلوب واللغة هما البطل، فى هذا العمل. وقد استفادت الكاتبة من الحوارات التى أجريت مع محفوظ، وما قاله فى بعض لقاءاته الإذاعية والصحفية، وما كتبه الآخرون عن حياته، لتقدم للأطفال ما يشبه السيرة الذاتية عن نجيب محفوظ، فينطلقون بعدها ليقرأوا أعماله المطبوعة التى وصل عددها إلى 55 عملا ما بين روايات وقصص قصيرة ومسرحيات.توفي والد نجيب محفوظ, عبدالعزيز إبراهيم أحمد الباشا عام 1937 قبل أن يرى أول رواية تنشر لابنه, وهي رواية “عبث الأقدار” التي نشرت عام 1939 عندما كان نجيب محفوظ في الثامنة والعشرين من عمره. وبعد هذه الرواية يتدفق نهر الكتابة. ويعرف أصدقاء نجيب محفوظ الجدول الزمني الذي يسير عليه الكاتب وفق خطة دقيقة لا يحيد عنها طيلة حياته, وتبدأ الجوائز الأدبية المختلفة تؤشر على وجود كاتب ذي مذاق خاص, فيحصد في بداية حياته الأدبية “جائزة قوت القلوب الدمرداشية”, و”جائزة المجمع اللغوي” ويشتهر اسم نجيب محفوظ بعد صدور روايته “القاهرة الجديدة” ثم “خان الخليلي” وتزداد شهرته أكثر بعد نشر رواية “زقاق المدق” وهذه الشهرة لم تجعل الكاتب يغير شيئا من أسلوب حياته, فقد ظل مستقرا في وظيفته بوزارة الأوقاف, ثم في وزارة الثقافة, يسير إلى العمل كل يوم مشيا على الأقدام, ويجلس في المقاهي ويتسامر مع أصدقائه وخاصة مجموعة “الحرافيش” التي ضمت الفنان أحمد مظهر صاحب التسمية التي ستكون فيما بعد اسم رواية من أهم روايات نجيب محفوظ. ويمضي الكتاب في أسلوبه المبسط ملقيا الضوء على حياة نجيب محفوظ, مشيرا إلى المسيرة الأدبية ضمن المسيرة الحياتية,أو مضفرا هذه في تلك, موضحا أن المسيرة الأدبية لنجيب محفوظ مرت بثلاث مراحل بدأت بمرحلة الروايات التاريخية التي عزم فيها على كتابة تاريخ مصر القديم بشكل روائي, لكن هذه الرغبة ذهبت بعد رواية “كفاح طيبة” التي كتبها محفوظ وفي باله ما يعايشه من كفاح ضد المحتل الإنجليزي والحكم العثماني لمصر, ليدخل بعد ذلك مباشرة في المرحلة الثانية وهي مرحلة الواقعية التي تناول فيها المجتمع المصري بالوصف والتحليل, ومن روايات تلك المرحلة: القاهرة الجديدة, وبداية ونهاية, والثلاثية الكبرى. ويشير الكتاب إلى الفترة التي توقف فيها نجيب محفوظ عن كتابة الروايات والقصص ما بين قيام الثورة عام 1952 وحتى عام 1957, ولكنه لم يتوقف في الوقت نفسه عن ممارسة فن آخر هو كتابة المشاهد السينمائية للأفلام, وكان المخرج الكبير صلاح أبوسيف هو الذي قام بتعليم نجيب محفوظ عام 1947 كيف يكتب سيناريو ويقسم الفيلم إلى مناظر, فكتب محفوظ سيناريوهات أفلام مثل: عنتر وعبلة, وريا وسكينة, واحنا التلامذة, ولك يوم يا ظالم, وفتوات الحسينية, وإمبراطورية ميم, وغيرها.