ذهبت لازورها في ذلك الصباح الغائم ، ولم تكد خطواتي تزحف بي اليها يقولون أنها فقدت عقلها . كان الخبر مخيفا فذهبت لاستطلع الأمر.كادت نبضات قلبي أن تتوقف من هول المشهد ! أختفت خطوط وجهها خلف خريطة من الكدمات الدامية ،وبدت أثارالألم واضحة في عينيها وعلى جسدها ورأسها ارتسمت في عينيها وعلى وجهها المهشم ضحكة ساخرة ساخرة من هذه الحياة ومن كل الذين يحيطون بها . فرحت كثيرا لرؤيتي فأخذت تحدثني بأحلامها وخططها المستقبلية خططها المستقبلية! ، بعد كل هذا الألم وكل هذه الحرب التي جرت على جسدها القوي ..مازالت تحلم بل تعروها ثقة تامة بأنها ستحقق حلمها بالرغم من كل شئ .رأيت ذلك في عينيها وأنا أمعن النظر فيهما ..رأيت حلما جديدا استقيظ بعد غفوة ..حاولت معرفة تفاصيل الخبر الذي لم أستوعبه بعد ، كما سمعته من الآخرين.فوجدتها تهذي بكلمات وترسم أحلامها غير آبهة بما يحدث لها لم أرها هكذا قبل الآن ، تغيرت ، لم تعد هي ..اذا كان الخبر صحيحا ! ارادت اكمال دراستها الجامعية ،فحبسوها وصادروا احلامها .ثم ضربوها ، قيد وها ..قتلوا الانسان في داخلها ،قتلوا احساسها بالحياة .فرت هاربة تبحث عن من ينقذها ! لم تلق احد ، لا من الاقارب ولا من الاصدقاء ،بحثثت عن الامان في اقسام الشرطة التي كانت تعيدها الى جلاديها في كل مرة .اذا هذا هو مصيرها ، هذا هو قدرها أن تنتمي لاسرة متشددة ترفض الاعتراف بأحقية المرأة في اختيار طريقها .هذه الوردة مأساة متكررة وهذا هو العنف ضد المرأة .وهذا هو العنف المتطرف .وقصص هذا العنف كثيرة .قصصه مثيرة ومؤلمة وأشكاله متعددة .مازلت اذكر كلام أستاذ الحضارة الفرنسية في الكلية الذي حدثنا عن المراكز المتخصصة لاغاثة النساء والفتيات والاطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري أو غيره من اشكال العنف في الغرب .وربما تعرفون أنه توجد مثل هذه المراكز الاغاثية المتخصصة بحماية الرجال الذين يتعرضون للعنف من قبل المرأة أيضا ، فكيف بتلك التي تهتم باغاثة المرأة وغيرها من الذين يتعرضون للعنف . لكن تندر مثل هذه المراكز في بلادنا العربية بل تكاد تكون غير موجودة .بحثت هذه الوردة عن هكذا مراكز ، فلم تهتد الى واحد منها .خنعت واستسلمت لليأس .ومنذ ذلك الحين بقيتُ أتساءل أيوجد مثل هذا المركز هنا في بلادي؟إلى أن عرفت بوجود مركز مشابه لاغاثة السجينات ا لمفرج عنهن. مركز لانقاذ النساء والاطفال الذين تنبذهم أسرهم ويتخلى عنهم أهاليهم .والمثير للدهشة أن بلادنا سبقت عدة دول عربية بفتح مثل هذا المركز الذي يكاد غير موجود في وطننا العربي . العنف أسلوب همجي ، يلجأ إليه هؤلاء الذين لا يتمتعون بفكر واع ومتزن ، وينتج عنه آثار مدمرة و نتائج مؤلمة تعكس خللا ً اجتماعيا لا بد من تقويمه .عندما تخرج الفتاة أو الطفل من البيت أو السجن لا تجد أمامها سوى طريق الانحراف والضياع .ومثل هذه المراكز توفر الحماية والرعاية والتوعية للضحايا من النساء ، كما توفر في الوقت نفسه تنمية فعالة للقدرات والمهارات الكامنة لدى النساء ةالأطفال.
أخبار متعلقة