الأستاذ/ سالم صالح محمد - مستشار رئيس الجمهورية في حديث ضاف مع 14أكتوبر
** الحديث مع شخصٍ مثل الأستاذ / سالم صالح محمد، هو حديث مع مناضل من الوزن الثقيل.. وسياسي مثقف ودبلوماسي من الطراز الأول.. يجيد فن الحديث مع الآخر.. بسيط في كلامه مثل تواضعه مع كل من يقابله ويجلس معه.. فمنزله مثل قلبه الكبير مفتوحٌ لكل الناس حتى المختلفين معه سياسياً وفكرياً وعملياً.. ولا نقول أعداء له؛ لأنّه ببساطة وكما يؤكد هو بلسانه : "لا أعترف ولا أؤمن بأنّ لدي أعداء، فالاختلاف لا يفسد للود قضية".**حوار/ نجيب مقبلمنذ اللحظة التي استقبلني فيها الأستاذ/ سالم صالح (أبو صلاح) في منزله بمدينة خور مكسر، بكل ترحاب شعرت أنّ صداقة قديمة تربطني بالرجل.. وأسقط عني حاجز الرهبة التي عادةً ما تنتاب الصحفي عندما يجري لقاءً مع مسؤول كبير بحجم ومكانة الأستاذ سالم صالح محمد.. وهذه شهادة أدوّنها في مقدمتي هذه للحديث الشامل والصريح والشفاف التي أجريتها معه دون إعداد مسبق للأسئلة سوى بحثي عن حقيقة "قصة الاستقلال" ومن هم الرجال الحقيقيون الذين صنعوا يوم الاستقلال المجيد في الثلاثين من نوفمبر 1967م؟! وكيف كانت البداية وبعض أسرار معارك النضال الشعبي بمختلف جوانبه وارتباط ثورتي سبتمبر وأكتوبر اليمنية في تحقيق هذا اليوم الذي نال فيه شعبنا في الجنوب حريته من المستعمر البريطاني؟ الأستاذ المناضل / سالم صالح محمد، أحد أبرز المناضلين في تلك المرحلة، شارك وعايش أحداثاً يروي بعضها اليوم لأول مرة.. ومنها كما قال : "الرؤية الثاقبة لفخامة الأخ الرئيس/ علي عبد الله صالح/ رئيس الجمهورية منذ اللقاء الأول له بقيادات الحزب الاشتراكي اليمني قبيل لحظات تحقيق الحلم الكبير إعادة تحقيق وحدة الوطن في الثاني والعشرين من مايو 1990م. لا نطيل المقدمة.. لأنّ في الحديث مع الأستاذ/ سالم صالح محمد، اعترافات وشهادات لمرحلة مهمة من مراحل الوطن والشعب والثورة.. يفتح الأستاذ/ سالم، قلبه الكبير وفكره المتقد، للحديث عنها كشهادةٍ للعصر.. وللأجيال :[c1]* س : مرّ على قيام ثورة (14 أكتوبر)، (43) عاماً وعيد الاستقلال الوطني (39) عاماً، مما يعني أنّ جيلاً كاملاً قد نشأ بعيداً عن معايشة هذين الحدثين، ما أهمية هذين الحدثين في حياة شعبنا؟*[/c] ج : أولاً بهذه المناسبة أشكر رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر وأعضاء هيئة تحريرها لهذه المبادرة، ونعبر أيضاً من خلالكم عن أحر التهاني للشعب اليمني وللأمة العربية، لأنّ هذا الحدث وهذه الثورة جاءت معبرةً عن نضال هذه الأمة في جزء من أجزائها الحيوية بعد أن احتلتها الإمبراطورية البريطانية أكثر من (129) عاماً، ولهذا نستطيع أن نقول إنّه كان من حق شعبنا أن يثور على الاحتلال البريطاني شانه شأن الشعوب المستعمرة، وكما هو حال الثورات العظيمة التي غيّرت ملامح التاريخ في أنحاء كثيرة من المعمورة، وإن كان شعبنا شعب صغير؛ إلا أنّه عبّر عن رفضه للاحتلال وعن مقاومته بروح كفاحية عالية واستطاع فعلاً أن يهزم هذه الإمبراطورية التي كان يُقال عنها إنّها لا تغيب عنها الشمس ، من أجل نيل حريته وسيادته على أرضه. وكواحد ممن أسهموا بتواضع في هذه الثورة التي نفخر بها مهم التأكيد هنا إنها لم تكن عملاً إرهابياً كما كان يصنفها الإنجليز أو يطلقون عليها وعلى عملياتها الفدائية والعسكرية ، التي استهدفت قوات الاحتلال البريطاني وركائزه في تلك الأيام ، ولم تستهدف قط أي مدنيا حتى انه كان يتم إلغاء تنفيذ بعض العمليات في آخر لحظة لوجود أبرياء ومدنيين كالأطفال والنساء مثلا ، مما يعكس أخلاقيات قواعد الاشتباك أو الضوابط الصارمة التي كان يتحلى فيها الفدائيين أثناء انجاز وتنفيذ مهامهم القتالية ضد المحتل باعتبارهم كانوا يمارسون حقوقهم المشروعة في التحرر والانعتاق بمسؤولية كبيره وأخلاق عالية وكانت أهدافها وطنية وقومية وإنسانية تحققت معظمها، وتحديداً في دحر الاحتلال البريطاني وتحقيق الاستقلال الوطني ، وتوحيد (23) سلطنة وإمارة وحدتها في كيان وطني واحد ،وأقامت عليه النظام الوطني الجمهوري- والذي مهما كانت أخطائه اللاحقة والصراعات التي أضرته ، إلا انه يمكن القول إنّ هذا النظام الوطني أستطاع أن يحقق أحلام فئات واسعة من المجتمع كانت محرومة منها بسبب أشكال التمييز التي كانت قائمة، كالمشاركة في العمل السياسي حينها أو الاستفادة من نشر التعليم ومكافحة الأمية ، وانتشار الخدمات الصحية والتموينية في كل المناطق وربط المناطق الريفية بشبكة من الطرق والاتصالات والكهرباء ومشاريع المياه، كانت محرومة منها حتى يوم الاستقلال وبهذا استطاع هذا النظام الوطني أن يشرك هذه الفئات بعمليات وأهداف وطنية تخدم وجودها وتوفر لها حتى الحدود الدنيا من متطلبات الوجود الإنساني وبالذات في المناطق الريفية التي حرمت في أغلبها من أبسط وسائل الحياة المدنية أو العصرية ، و مهم إن يعرف الجيل الحالي إن الثورة قادت النظام الوطني الناشئ بعد انتزاع الاستقلال وحققت أحلام الكثير من الفئات وهي أحلام كانت في حكم المستحيل يومها ، وعليهم أن لا ينظروا إليها من واقع الحال اليوم لأنها أصبحت واقعا ربما يدنوا عن مستوى أحلامهم وتطلعاتهم أو حتى تطلعاتنا وهذا أمر طبيعي ، لكن بالقياس إلى أحلامنا من واقع الحال الذي كنا نعيشه نستطيع القول إن الثورة حققت أهدافا كبيرة في مقدمتها تحقيق الاستقلال الوطني وتوحيد الجنوب ثم توحيد الشمال والجنوب في الثاني والعشرين مايو 1990 كأهداف وطنية كبيرة ، مع الاعتراف إن مسيرة الثورة اكتنفتها الأخطاء العديدة و الكبيرة التي أضرت بالكثير من الأهداف المأمولة منها ، وأنا هنا لست بصدد تقييمها إذ إن ذلك أصبح اليوم من أهم مهام العمل السياسي الوطني الحالي كمهمة مستمرة لكافة القوى السياسية اليمنية ضمن مسؤوليتها الوطنية لتصحيح الاختلال والأخطاء التي تعرضت لها الثورة اليمنية في شمالها أو جنوبها أو في أطار الوطن الموحد . [c1]* س : هناك من يقول إنّ الثورة قامت وهي لا تمتلك أهدافاً سياسية تواكب عملها الكفاحي ما ردكم على هذه الأقوال؟*[/c] ج : الثورة في جنوب الوطن، ثورة (14 أكتوبر) حين قامت تميزت بوضوح أهدافها الوطنية أولا ووضوح الوسيلة لتحقيق هذه الأهداف ثانيا، ومهم التأكيد هنا انه حين يتطابق وضوح الهدف مع الوسيلة المستخدمة تتحقق الأهداف وتنتصر ، كان الهدف الاستراتيجي للثورة تحقيق التحرر الوطني ونيل الاستقلال الوطني والوسيلة لتحقيق هذا الهدف كان إتباع الكفاح المسلح في الريف والمدينة على قاعدة العمل السري المنظم و المحكوم بالانضباط العالي والاستعداد للتضحية والفداء من قبل جميع أعضاء التنظيم كلٍ في مجاله ، والمدعوم من قطاعات شعبية واسعة ، و التنظيم لم يكن يعتمد على أسلوب الكفاح المسلح كطريق وحيد بل عمل باتجاه حشد كل القطاعات الشعبية والمهنية في المدن وحتى في المناطق الريفية بقبائلها وشيوخها ، وفق رؤية وطنية كاملة في مشاركة جميع فئات الشعب لتحقيق هذا الهدف الوطني الكبير وهذا ما تضمنه الميثاق الوطني الدليل النظري للجبهة القومية في مرحلة الكفاح المسلح، وفعلا لولا المساهمة الشعبية والالتفاف والدعم الشعبي الكبير، والقيادة ألمدركه والواعية لمهامها والتنظيم الجيد والالتزام الحديدي في التنفيذ وأيضا المعايير النوعية لعالية للعضوية في التنظيم التي كانت تتطلبها عمليات تنفيذ المهام التي ترتقي حد التضحية بالروح ، كل ذلك مجتمعا كان وراء تحقيق انتصار الثورة وانجاز الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30 نوفمبر 1967على أنقاض 23 مشيخه وسلطنة كانت قائمة في الجنوب ، وبعد تحقيق هذا الهدف الوطني الكبير للجبهة كان من الطبيعي أن تنشأ مهام وأهداف وطنية جديدة أمام السلطة الوطنية وتنظيم الجبهة القومية تضمنها برنامج استكمال مهام التحرر الوطني ، ثم لاحقا برنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية و تحقيق الوحدة اليمنية ، وعند العودة إلى تقييم ما تحقق من أهداف وما لم يتحقق فيعود ذلك إلى القاعدة التي أشرت إليها أنفا والمرتبطة بوضوح وواقعية الهدف وتطابقه مع الوسيلة الملائمة تنظيميا وواقعيا ، وبمستوى الاعتراف المتبادل بين القوى التي تشترك في تحقيقه والقيادة والتنظيم ومعاييره وغير ذلك من العوامل والشروط التي يتطلبها نجاح عملية تحقيق الأهداف من عدمها أو فشلها في كل مرحله . [c1]* س : كيف تنظرون إلى الدور التاريخي الذي لعبته مدينة عدن الحاضنة للعمل السياسي والكفاحي، باعتبارها مركز ثقل سياسي عرف العالم بقضية الجنوب اليمني المحتل آنذاك وعجّل بيوم الاستقلال الوطني؟*[/c] ج : عدن كانت ولا زالت وستظل المدينة العظيمة والميناء العظيم رغم ما أصابها وما لحق بها من أضرار جراء السياسات والصراعات المتلاحقة ، إن على الصعيد المحلي أو على الصعيد الدولي في مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ،أو ما نتج عن الصراع العربي الإسرائيلي وبالتحديد بعد هزيمة 1967 وإغلاق قناة السويس ، وهو قدرها التاريخي باعتبارها محط أطماع الغزاة والطامعين منذ قرون وأزمان بعيدة ، وبالعودة إلى فترة كونها مستعمرة بريطانية لفترة 129 عاما وتشكلها كميناء عالمي مرموق ، وقاعدة بريطانية مهمة في الشرق الأوسط وأسيا في ذلك الوقت ، ومركز تجاري عالمي للتصدير ولإعادة التصدير في المنطقة ومدينة حقيقية سكانها يمثلون خليط عالمي تتعايش في ظلها قوميات واديان مختلفة وعديدة ، كانت تعتبر أفضل مدن المنطقة وأكثرها ازدهارا ليجعل منها ذلك قبلة الجميع لطلب المعيشة أو للتعليم ، لهذا كانت المدرسة التي جمعتنا وعلمتنا أبجديات المعرفة وأبجديات العمل السياسي والوطني وأبجديات التعايش الإنساني والمدني ، و كمركز تنوير معرفي ووطني ليس على مستوى الوطن اليمني بل على مستوى المنطقة من خلال تلاقح أفكار المد العروبي القومي والتحرري على مستوى الوطن العربي والعالم . وعلى هذا الصعيد فإنّ الازدهار الذي كان موجوداً فيها تمثل في احتضانها لكل أفكار الحركة الوطنية اليمنية منذ بدء القرن العشرين حيث كانت فيها حركة الأحرار وحزب الرابطة ، وحزب الشعب ، و الحركة الوطنية بفروعها القومية واليسارية، ليزدهر معها العمل السياسي بأشكاله المختلفة بما في ذلك النشاطات النقابية العمالية الطلابية والنسائية النشطة ، والجمعيات الخيرية الأهلية والأندية الرياضية والمعاهد العلمية والدينية ، وانتشار الصحف المؤثرة (كفتاة الجزيرة) أو( الأيام ) و(اليقظة)مثلا ، والمنتديات الأدبية والاجتماعية التي تضم أعلاما ورموزا وشخصيات وطنية وفنية وأدبية وتربوية ورياضية بارزة وشهيرة ساعدت في نشر الوعي السياسي والوطني وساهمت في التحضير للتحرر الوطني وفي مقاومة الاحتلال الانجليزي في الجنوب والنظام الأمامي في الشمال .باختصار مثلت عدن مركزا حاضنا للتنوير وانتشارا للوعي المعرفي والعلمي والسياسي والوطني والقومي والإنساني والوعي التحرري والتعايش الإنساني والمدني . [c1]* س : عبّرت المرأة عن موقف نضالي مشهود في الكفاح ضد الاستعمار، دللت هذه المشاركة في التمرد على العادات والتقاليد وعلى روح التحدي والمشاركة مع الرجل في النضال السياسي والكفاحي.. تجاوز في مدلولاته عصره وربما عصرنا الحالي؟*[/c] ج : كما قلت عدن كانت مدرسة مدنية واجتماعية ومعرفية وسياسية هامة لكل من يسكنها وكان نصيب المرأة فيها أوفر من حيث فرص التعليم والمعرفة والتمدن بالقياس إلى وضع المرأة في بقية المدن اليمنية أو حتى العربية المجاورة الأمر الذي انعكس على حال المرأة وعلى دورها الاجتماعي وحقوقها ومكانتها الإنسانية المتقدمة كعنصر اجتماعي فاعل وشريك في صنع الحياة ،ليس في العمل السياسي فحسب بل في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والإدارية ، وفي مرحلة الكفاح المسلح وحتى ما قبلها اشتركت المرأة بقوة ولمعت أسماء عديدة وأسهمن بجداره في قيادة العمل النسائي ،بل وفي المشاركة الإنسانية الاجتماعية بصورة فرضت التقدير والاحترام وانتزعت الاعتراف بدورها الإنساني بجداره ، كأم وأخت وشقيقة وزوجة ورفيقة وشريكه ، وهو الأمر الذي نفتقده اليوم بعد ان طغى الموقف ألذكوري كنظرة وسلوك يغلبه طابع التحقير لدورها ولوجودها أكثر من طابع التقدير ، وتسود فيه النظرة الدونية القاصرة باعتبارها عورة وليس أنسانا حقيقيا ، وهو الأمر الذي ينعكس على الأداء الاجتماعي والإنساني لها لتتحول من قوة منتجة أساسية فاعلة إلى قوة خاملة و أداة استهلاكية ممتهنه .[c1]* س : نتذكر أنّكم كنتم في اللجنة الشعبية التي شكلتها الجبهة القومية بعد الاستقلال لدعم صمود النظام الجمهوري في صنعاء أثناء حصار السبعين يوماً.. وقمتم بإرسال الأسلحة والمواد الغذائية لدعم المقاتلين المدافعين عن النظام الجمهوري الذي كان يتعرض لأكبر خطر بعد انسحاب القوات العربية المصرية.. ما هو دلالة هذا الموقف من المنظور الوحدوي؟*[/c] ج : قبل الحديث عن اللجان الشعبية التي تشكلت بعد الاستقلال لدعم المقاومة ضد حصار السبعين لابد من الإشارة إلى ذلك الدور البطولي الذي لعبه أبناء الجنوب الذين هبوا لنصرة الثورة حال الإعلان عنها في 26 سبتمبر والتحقوا بها زرافات ووحدانا من داخل اليمن ومن خارجه ، واشتركوا في معارك الدفاع عنها ومنهم من استشهد ومنهم من لم يزل حيا يرزق ، وبمشاركتهم الكفاحية تلك أكدوا وعمدوا وبالدماء وحدويتهم وموقفهم الوطني وهو الذي انعكس لاحقا في أداء العديد منهم وانتقالهم إلى مناطق الجنوب لدعم الثورة المسلحة بعد الإعلان عنها في 14 اكتوبر1963 وجعلوا من المناطق المحاذية كقعطبة وتعز واب والبيضاء مناطق وقواعد لتدريبهم وانطلاق لعملياتهم ومن هنا يأتي التلاحم الكفاحي بين الثورتين سبتمبر وأكتوبر والدور الداعم الذي لعبته المدن اليمنية وثورة سبتمبر في دعم انطلاق الثورة في الجنوب قبل أن تتدخل الأجهزة المصرية في شؤونها.وعندما انتصرت الثورة في الجنوب في ذلك الوقت بتحقيق الانتصار العظيم في 30 نوفمبر كانت صنعاء تتعرض للحصار من قبل الملكيين والمعروف بحصار السبعين وكانت الثورة في الجنوب قد استلمت السلطة ، فما كان من قيادة التنظيم والسلطة يومها إلا أن اتخذت قرارا يقضي بتشكيل لجان أسمتها (لجان لدعم المقاومة) ، في الوقت الذي كان الحصار مفروضاً على صنعاء، أتذكر أنّ جيش اليمن الجنوبي قام حينها بعدة عمليات في حريب حيث استولى عليها بعد ان كانت فلول الملكيين مسيطرة عليها وسلّمها فيما بعد للنظام الجمهوري في صنعاء.وما أذكره عن تلك المرحلة أنّه تم تكليفي والأخ/ عبدالرحمن العبسي والأخ/ عبدالرزاق الكازمي من الشخصيات الوطنية والنقابية المعروفة للذهاب إلى صنعاء التي كانت محاصرة ودخلنا اليها عن طريق الحديدة بواسطة الوحدات العسكرية التي كانت موجودة هناك، وفيها عبدالرقيب عبدالوهاب والشيخ العواضي الذي كان موجوداً في المحور وكان للمقاومة الشعبية وجود فعال في ذلك الوقت، وكان هناك ممن التقينا هم الاخوة مالك الإرياني وعلي بن شروان وجار الله عمر والأخ المناضل الكبير عمر الجاوي حيث التقينا و سافرنا معا إلى تعز ثم الحديدة ثم إلى صنعاء، وهناك مكثنا حوالي شهراً كاملاً أثناء حصارها وكان القصف مستمراً على القصر الجمهوري الحالي و صنعاء محاصرة من كل النواحي، و أثناء ذلك قدمنا الدعم الكامل الذي حملناه من الجنوب أولاً حيث أخذنا باخرة كاملة من الأغذية والبطانيات والتجهيزات المختلفة من عدن إلى إخواننا المحاصرين في صنعاء، كما أخذنا أيضاً مبالغ رمزية عبارة عن تبرعات من أهالي عدن، أثناءها كان الرئيس عبدالرحمن الإرياني قد أنتقل والفريق حسن العمري إلى تعز . وبناءً على ترتيب من الأخ/ إبراهيم الحمدي الذي كان حينها مدير مكتب القائد العام رتبت لنا مقابلة مع القاضي عبدالرحمن الإرياني وحسن العمري وطلبوا منا نقل تحياتهم وامتنانهم إلى الأخ الرئيس/ قحطان الشعبي وإلى القيادة في الجنوب إزاء هذا الموقف كما طلبوا دعماً كاملاً في بعض الأسلحة في ذلك الوقت التي لم تكن موجودة لدى الأخوان في جيش المقاومة الشعبية في الشمال، وفعلاً نقلنا الطلب إلى الأخ الرئيس/ قحطان الشعبي وكانت هناك ذخائر وأسلحة بريطانية تم تسليمها عن طريق لجنة الضالع بواسطة الأخوين/ علي عنتر وعلي شائع وسُلمت تلك الأسلحة للإخوان في الشمال، وأيضاً كما هو معروف أرسلت مجاميع قتالية عن طريق جبهة الضالع و عن طريق حريب وقامت بدورها الوطني في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، وهذه بعض النماذج للملحمة الوطنية التي اشترك فيها كل الشعب اليمني بفئاته وقواه السياسية المختلفة .[c1]* س : بقيام دولة وطنية في جنوب الوطن إلى جانب دولة أخرى أقامتها ثورة 26 سبتمبر في الشطر الشمالي من الوطن، ورغم إشكاليات التشطير.. إلا أنّ مفهوم الوحدة والعمل الوحدوي تحول من الشعارات السياسية في البرامج إلى ممارسة عملية من خلال لجان الوحدة بين الشطرين آنذاك؟*[/c] ج : لم تخلو أهداف الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً من شعار الوحدة كشعار استراتيجي وطني تضمنته كل أدبيات القوى السياسية الوطنية في الساحة اليمنية وذلك في وجه مشاريع التجزئة البريطانية والعثمانية في المنطقة ، ومع انتصار ثورة سبتمبر وقيام النظام الجمهوري في الشمال وانتصار ثورة 14 أكتوبر وقيام النظام الوطني في الجنوب توفرت الأرضية الموضوعية لمشروع تحقيق الوحدة بين الشطرين، وكان لابد من خطوات إجرائية وتحضيرية وفعلاً تشكلت لجان دستورية و لجان اقتصادية، ولكن وبحكم الصراعات التي كانت حاصلة سواء في الشمال أو الجنوب وعدم الاستقرار كان القرار السياسي والإرادة السياسية تتأثر سلبا بنتائجها ، إلى أن جاءت الأحداث بالرئيس علي عبد الله صالح إلى مقاليد الحكم والقيادة وبعد أن استقرت الأمور في اليمن وتوفرت الإرادة المشتركة بين الطرفين والظروف الدولية الملائمة ،تحققت الوحدة كنتيجة لتراكم طبيعي ومنطقي لكل الجهود الوطنية المخلصة التي بذلت خلال عقدين من الزمان . وهنا بين يدي محضر من المحاضر التي سجلتها بيدي وكُلفت من قبل القيادتين بتسجيلها في ذلك الوقت أثناء لقاء الرئيس علي عبد الله صالح والرئيس/ علي ناصر محمد في أول زيارة له بعد ان انتخب رئيسا وأمين عام للحزب في بداية الثمانينات وضم برفقته الأخ/ محمد صالح مطيع، الأخ/ علي عبدالرزاق باذيب، الأخ/ عبدالعزيز عبدالولي والأخ/ علي شائع وأحمد سالم عبيد وأنا، ومن جانبهم كان الحاضرون القاضي/ عبدالكريم العرشي، الأخ/ عبدالعزيز عبدالغني رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الأخ/ حسن مكي، الأخ/ الجنيد، الأخ/ علي لطف الثور.. وفي هذا اللقاء التاريخي في صنعاء تم الحديث بشكل صريح حول مختلف القضايا الوطنية واستطعنا ان نتعرف على شخصية الرئيس علي عبدالله صالح وأفكاره ورؤاه تجاه مشروع الوحدة ، وهو أيضاً اكتشف بشكل واضح ماذا لدى القيادة في الجنوب وكيف تفكر، عندما أرجع إلى ما سجلته الصفحات في حديث الرئيسين، وحديث بعض أعضاء المكتب السياسي والوفد المشارك ومنهم الأخ/ محمد صالح مطيع والأخ / عبدالعزيز عبدالغني وعلي عبدالرزاق باذيب أجد إن أحاديثهم يومها عبرت عن تصوراتهم الجادة لمواضيع التنسيق والخطوات الملموسة والمطلوبة بما ينسجم و الأوضاع المحيطة داخلياً وخارجياً، و بعد ذلك استمرت الجهود والمشاورات واللقاءات واستمرت العديد من الخطوات وخصوصا عندما جئنا بعد 1986م إلى قيادة السلطة، لتمثل تراكماً إيجابياً أفضى إلى يوم 22مايو 1990، تضاف الى الجهود التي بذلت في عهد الرئيس قحطان الشعبي أ و الرئيس سالم ربيع علي أو الرئيس عبدالفتاح إسماعيل وهي نفس الجهود التي بذلت في عهد كل من الرئيس القاضي الإرياني والرئيس ابراهيم الحمدي وقبلهم الرئيس عبدالله السلال وهذه الجهود الوطنية المخلصة في مجموعها عبرت عن إرادة الشعب اليمني ورغبته في قيام وحدته التي تحققت في 22 مايو 1990م مع ان جذور هذه الجهود تعود بداياتها الى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات.وبالمقابل فحين نتحدث عن ثورة (14 أكتوبر) في 1963م و الاستقلال في 1967م فلا يمكن فصل هذه الأحداث وهذه التحولات عما سبقها من أحداث سابقة ، باعتبارها امتداد وتراكم طبيعي لنضال الشعب وانتفاضاته المستمرة في المناطق الجنوبية من حضرموت، المهرة شرقاً إلى العوالق، مودية إلى جعار وانتفاضة محمد بن عيدروس إلى انتفاضة السلطان علي عبدالكريم وانتفاضة قبائل الصبيحة والضالع ويافع.. كل هذه التي عبّرت في مجموعها عن رفض الوجود الاستعماري، و نحن جئنا كتنظيم سياسي على ضوء هذا التراكم الوطني، كتنظيم سياسي مستفيد من هذا التراكم واعتقد أنّ هذه الأمور وهذه التراكمات يجب أن لا ننكرها وأن نعترف بدور الآخرين من أجل أن تسود ثقافة الاعتراف بيننا كضرورة وطنية وحاجة مستمرة نستطيع من خلالها تصويب أخطائنا لتحقيق أهداف وجودنا وتعايشنا المشترك .[c1]* س : نعود إلى عدن ودورها الكفاحي والنضالي الوحدوي؟*[/c] ج : أنا أقول إنّ عدن كانت دائماً الحاضن الأساس لنشوء النضال الوطني اليمني وتشكل الحركة الوطنية لتمثل البوتقة التي انصهرت فيها الانتماءات وتشكلت من كل أبناء الوطن، بما في ذلك الحركة القومية وفرعها في اليمن، كحركة البعث، حركة القوميين العرب ، وكل تنظيم فيها كان قائماً على أساس اليمن ككل، وحتى الحركة اليسارية التي كانت موجودة برئاسة الأستاذ/ عبدالله باذيب كانت أيضاً وطنية وحدوية وكانت موجودة في عدن وأيضاً في الشمال، وكانت حركة واحدة، كما أنّ الشعب اليمني في الشطرين حتى حرب 1972م كان يتنقل كما يريد ومن دون جوازات.. فأنا مثلاً كنت أنتقل من يافع إلى البيضاء دون أو يوقفني أحد أو يسألني أحد إلى أين أنا ذاهب؟، أيضاً كان بمقدور أي شخص أن يأتي من تعز إلى عدن عن طريق الراهدة دون أن يوقفه أحد حتى حرب 1972م، فالشعب كانت حركته ومصالحه وانتماءاته واحدة.. لكن كانت هناك خصوصيات وتنوع واليوم هذا التنوع يجب أن يمنحنا قوة وليس ضعفاً ، ويجب أن نعترف بذلك واعتقد أنّه كلما تعمقنا في عظمة هذا الشعب و بتنوعه الثقافي وعاداته وطقوسه وتنوع هذا الوطن بجباله وسهوله ومياهه وشواطئه وصحاريه نجد ان هذا لمصلحة الوحدة ولمصلحتنا كدولة وليست رؤى انفصالية، وعندما نتحدث عن عدن اليوم كحاضن أساس لنشؤ وانطلاق الحركة الوطنية اليمنية ، ومركزا تنويريا هاما في المنطقة ، هذا يعني ان انه يجب علينا أن نعيد لعدن وهجها الضائع والمفقود ، و نرعى ونطوّر عدن كميناء ، إنّ الموقف الانفصالي من عدن هو الذي يضعفها كميناء وكمطار دوليين ، والذي ينظر إلى عدن ويصر على التعامل معها وكأنها نكره لتتحول إلى قرية ، هذا هو الموقف الانفصالي أو العدائي ، فالذي ينظر إلى مأرب مثلاً سيجد أنّ ناسها لهم صفات معينة ولبس معين ولهجة معينة وأنّه يجب عدم تهميشهم وان مأرب هي الثروة والزراعة ، وعندما ننظر إلى الشخصية الحضرمية يجب أن نحترمها بمكنوناتها الثقافية والحضارية وأن نحترم حضرموت ككنوز من الثروة والتاريخ والثقافة والعلم ، وهكذا الحال حين ننظر إلى الإنسان والى مناطق اليمن ، فهذا يزيدنا قوة وليس ضعفاً ولا يعبّر عن روح انفصالية.. الانفصال عندما نريد أن نعلِّب الناس ونجعلهم في علبة واحدة وكأنّهم مصنع واحد، فلكل واحدٍ له بصماته وجيناته التي تختلف عن الآخر ولكل واحدٍ مزايا مختلفة..وعلينا أن نعزز ونشجع التنوع والتعايش في إطار الوحدة كسبيل إلى ضمان بقاءها كمصدر خير للجميع وذلك من خلال احترام خصوصيات ودور وتنوع الآخر وهنا تتعمق وحدتنا ونجعل الأمور تسير بشكل أفضل.[c1]* س : ماذا عن مفاوضات الاستقلال.. الحديث عن قصور في النتائج وخصوصاً فيما يتعلق عن التعويضات؟*[/c] ج : من مساوئ الصراع السياسي إن كل طرف يتعمد إلى إقصاء الطرف الآخر وتشويه دوره بما في ذلك السعي لطمس الحقائق مع إن الحقيقة ستظل حقيقة،أو كما يقولون ( بالصبر تلتئم الجراح ومع الوقت تظهر الحقيقة ) وهذا ما حصل وكشفته الوثائق البريطانية التي تم الكُشف عنها بعد (30) سنة واعتقد أنّها أنصفت وفد الجبهة القومية الذي وصفه يومها وزير المستعمرات البريطانية بأنه ( وجد رجالا مفاوضين من الوزن الثقيل) وأزالت كل الشكوك التي تم تداولها ، وكل ما قيل حول هذه المسألة، الوفد عاد بالاستقلال الناجز والكامل عاد ولم يفرط بأي شبر بما فيها الجزر الكاملة وحدود اليمن الكاملة، وفيما يتعلق بقضية التعويض الـ (60) مليون جنيه إسترليني التي كانت مرصودة فبسبب من الخلافات التي نشأت لاحقا في إطار القيادة جعل بريطانيا تتخلى عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الدولة الحديثة.[c1]* س : ما هي دلالات رفع العلم الوطني وإنزال العلم الإنجليزي المغتصب.. في الثلاثين من نوفمبر 1967 ومشهد رفع علم الوحدة في مدينة عدن في يوم 22 من مايو 1990؟*[/c] ج :أهم الدلالات بالنسبة لي وللكثيرين إنها مثلت أحلاما كبيره وأهدافا عظيمة استحقت التضحية ولكن الأحلام إذا لم تتطابق مع الواقع فان الحالم يذهب ضحيتها ، مهم جدا أن لا تصبح أحلامنا مصدرا لآلامنا ، من حق هذا الجيل ومن حق أبنائنا أن ينظروا إلى المستقبل وإلى الأشياء الجديدة من موقع أحلامهم وتطلعاتهم انطلاقا من واقعهم وليس من واقعنا الذي بنيت على أساسه أحلامنا وتطلعاتنا قبل خمسين عاما ، فبالنسبة لي مثلا عندما قدمت من يافع وحتى أصل عدن كان لزاما عليّ أن أمشي سيرا على الأقدام لمدة ثمان أيام بلياليها ، لأنه لم تكن هناك طريق ولم تكن هناك أية مدرسة أو مستشفى أو أي شيء من مظاهر الحياة الحديثة في مناطقنا ، وكان بالنسبة لنا يومها حلما كبيرا أن يلتحق المرء بمدرسة أهلية أو معلامه ويعتبر من المحظوظين جدا. وفي لقائي مع قناة الجزيرة كنت تحدثت عن مسألة شهادة الميلاد - مع إن البعض اعتقد بأني أنقص من حق عدن- ولكن أقول إنّه كان هناك عملية تمييز فالذي يملك شهادة ميلاد يحق له دخول المدرسة الحكومية أما الذين لا يملكون شهادة ميلاد وهم أكثرية ساحقة فلم يكن بمقدورهم أن يتعلموا فيها ، ومن يمتلك والده إمكانيات خاصة كان يستطيع أن يلتحق في المدارس الأهلية كالمعهد الإسلامي، أو مدرسة بازرعة أومدرسة النهضة، أو كلية بلقيس ،وهذا هو الوضع الذي كان قائماً بالنسبة لأغلبية الشعب، والآن عندما نقارن هذه الأشياء باحتياجات الجيل الجديد ومتطلبات الجيل الجديد؛ فإنّ الوضع مختلف، فالجيل الجديد ينظر إلى أنّ هناك نواقص كثيرة والنظام الوطني و الجمهوري لم يحقق له هذا الأشياء، وعندما ينظر لما حوله وللدول المجاورة وللعالم يشعر بالقياس إلى ذلك إن اليمن ليس فيها شيء ، بينما أنا أرى بأنّ هناك أشياءً كثيرة قد تحققت في حياتنا حتى وان لم ترتقي إلى مستوى طموحاتنا لكنها بالقياس إلى حياتنا السابقة تعد انجازات كبيرة وأستطيع أن أقول إنّني عشت عهد استخدام الدهن لأجل الإنارة، ثم النوارة والفانوس باستخدام الجاز وبعدها المصباح ونحن الآن نناضل من أجل أن تعم الكهرباء في كافة المناطق، وأصبح بمقدوري أن أصل إلى قريتي في غضون ثلاث ساعات وان أشرب من الحنفية وان أغتسل في حمام صحي ، وأشاهد العالم وأتصل من منزلي إلى كل مكان ، ،أرى فيها اليوم أكثر من مئة مدرسة حتى الكلية ، وأود أن أقول بأن مظاهر الحياة العصرية ومتطلباتها توفرت في هذه المناطق وان بحدودها الدنيا - و تراجعت قيم عديدة- ، لكن هذه الأشياء كانت بالنسبة لي ولكل أبناء جيلي تعتبر أحلاما ومكاسب كبيرة، ولكنها بالنسبة لابني أو أحفادي أو - لمدينة عدن التي تأخرت عن مثيلاتها من المدن والموانئ - فإنّهم يرون بأنّ هناك نواقص وهذا من سنن ومتطلبات الحياة وبديهيات التطور وعلينا أن نعترف بذلك لذا علينا أن نمارس في مثل هذه المناسبات شيئاً من المراجعة لما حقق وما يجب أن يتحقق ويتفق وأحلام الناس في الحياة الحرة الكريمة ومتطلبات العصر علينا أن نقر في إطار المراجعة أن الصراعات والحروب والإقصاء والتهميش وعدم الاعترف بالأخر وبالواقع وبصيغ التعايش والتنوع الإنساني لا تخدم تحقيق أحلامنا الإنسانية الكبيرة و ازدهار الحياة في الوطن.[c1]* س : اليوم وبعد مرور هذا العيد في ظل نجاح الانتخابات المحلية والرئاسية ما هي المهمات الوطنية التي تنتصب أمام الوطن والمواطن على ضوء البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ/ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية؟*[/c] ج : في إطار المراجعة علينا الاعتراف بأننا كنا شطرين وتحققت الوحدة التي لا زالت حديثة وطرية العود، وأنّ هناك كوارث قد حصلت وخصوصاً حرب 1994م التي كانت كارثة بكل معنى الكلمة تضاف إلى كل كوارث الصراعات التناحرية التي شهدها اليمن، وإنها ألحقت الضرر بروح 22 مايو الذي تحقق على أساس الوحدة الطوعية والسلمية وكان يجب أن تجب ما قبلها من صراعات ، وفي تقديري أنّه لا يمكن القيام بأي إصلاحات ديمقراطية في ظل الخلل القائم أو الوضع بشكل عام؛ إلا إذا تم إصلاح الخلل الذي لحق ومس مفهوم الوحدة أي مس روحها، وهذا الحديث أقوله تأكيدا لما قاله الأخ الرئيس عندما قابل عدداً من أعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي قبل الانتخابات والذين كان عددهم حوالي (17) عضواً وقال لهم "لا أريد منكم أن تنقسموا في حزبكم ولا أن تتكتلوا ضد حزبكم ولا أن تأتوا إلى المؤتمر بل أريد منك إجابة عن سؤال : هل تريدون منّا أن نعيد روح 22 مايو ونتعامل على أساس هذه الروح أو نظل على الخصومة" ومعنى ذلك أنّ الرئيس بكلامه هذا وكان قادماً على الانتخابات ولديه النفس الذي يريد أن يقيم وينهي كل آلام ومشاكل وأحداث حرب 1994م، وأيضاً ما لحقته من أضرار وإذا أصلحنا هذا المسار أي حسمنا المشكل السياسي ؛ فإنّ بقية الأمور في تلك الوعود الانتخابية التي طرحت ستكون سهلة التنفيذ لان ما نحن بحاجة إليه اليوم إصلاح ما خربته الحروب في الواقع والنفوس ،لان الاستقرار السياسي ضرورة وشرط رئيس من أجل أية إصلاحات أخرى بما في ذلك منظومة الحكم التي تجعل من ممارسة الديمقراطية عملية مستمرة تؤدي إلى تحقيق البناء المؤسسي للدولة عبر منح الحكم المحلي صلاحياته ودوره المطلوب بعيدا عن المركزية الشديدة ، و بهذا الاتجاه أنا راهنت على أن تكون السبع سنوات القادمة سنوات سمان وليس عجاف، مع أنّ هناك بعضاً من الزملاء والأصوات والأحزاب لا زالت تقول إنّ السنوات القادمة ستكون عجافا... وأنا أتمنى أن لا يكون الأمر كذلك ، مهم جدا اليوم أن تكون لدينا إستراتيجية واضحة في إصلاح التعليم و أن نحدث ثورة في البرنامج القائم الآن، لان التعليم القائم لا يخدم التنمية ولا يصلح لأي تطور ، ومخرجاته معروفة تؤدي فقط إلى زيادة سوق البطالة فهناك الآلاف من العاطلين الذين تتزايد أعدادهم سنويا والسبب في ذلك هو برنامج التعليم وخطط التنمية للموارد المادية والبشرية وضعف مسؤولية الدولة تجاه المجتمع، نحن كذلك بحاجةٍ إلى إحداث ثورة فيما يتعلق بالموقف من الفساد الذي يعيق مشاريع التنمية ،وهناك السياحة، والاستفادة من ميناء عدن، المنطقة الحرة ومطاراتنا واستغلال هذه الثروات ، ونحن كذلك بحاجةٍ لإعادة النظر في السياسة القائمة المتعلقة بالطاقة الكهربائية فالبعض يقول طاقة نووية والبعض يقول طاقة من الغاز والبعض الآخر يريد أن يكتفي بما هو قائم ، بينما واقع الحال فيه كارثة فيما يتعلق بالكهرباء وأنا أقول لأي محافظ سواءً في عدن أو حضرموت إنّه لا يستطيع تحقيق أي استثمار قادم بالاعتماد على ما هو موجود من الطاقة ،ولكن ما هي الإستراتيجية؟ وما هي الأولويات فيما يتعلق بكل ذلك ؟، فنحن نتحدث عن الأسعار، وكذلك الأخ الرئيس تحدث عنها، ولكننا الآن في سوق عرض وطلب تحكمه العَلاقات الرأسمالية فكلما تكلمنا عن الأسعار نجدها ترتفع ،الريال، تنخفض قيمته والتضخم يزداد والمواطن يتحمل عبء هذه الأشياء ، ويحمل الوحدة المسؤولية وهنا المشكلة لذا تأتي أهمية الإصلاحات السياسية والإدارية والاقتصادية الحقيقية.[c1]* س : هل من كلمة أخرى بمناسبة 30 نوفمبر 1967م؟*[/c] ج : من دخل بالقوة لابد أن يخرج بالقوة فمثلما دخل هينس ورفع العلم البريطاني في عدن عام 1839 خرج حفيد هينس وهو ينزل العلم البريطاني عام 1967، فمن دخل بالقوة لابد أن يخرج بالقوة ولو بعد حين.
الأستاذ سالم صالح مع مدير التحرير