لاشك في أن الحوكمة تلعب دوراً أساسياً في إنجاح أي عمل في مختلف المجالات من خلال إسهاماتها الفعالة في تغذية قاعدة المعلومات والبيانات ومن الملاحظ أن أهمية الحوكمة تظهر على وجه الخصوص في الشركات المساهمة لارتباطها بحقوق فئات مختلفة تملك الأحقية في معرفة التفاصيل الصحيحة المرتبطة بطبيعة توظيف رؤوس أموالها واستثماراتها واستهلاكها لذلك يتوجب على الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام أن توفر هذه المعلومات وأن تحدد محاذير هذه الاستثمارات ومخاطرها وكل ذلك بوجود هيئات حكومية وخاصة لضمان التطبيق الصحيح لذلك.ومن هنا فإن الحوكمة تمثل صيغة علمية صحيحة تضمن تدفق المعلومات والبيانات الفعلية في أي نشاط وهي تمثل مصدر نجاح الشركات المساهمة، وتحقيق المصالح المتبادلة بين هذه الشركات والحكومة والجمهور وجدنا في الأدبيات الاقتصادية العالمية والتجارب العالمية انتشار مصطلح حوكمة الشركات، وهو نظام مطبق في العديد من الدول المتقدمة والنامية، ونشأ هذا المفهوم بعد أن عانت تلك الدول من أزمات مالية، وتعثر بعض الشركات وانتشار الفساد المالي فيها، وهو عبارة عن مجموعة متكاملة من المعايير والأسس التي يجب أن تراعى في الشركات المساهمة أولاً، وفي الدولة والاقتصاد ثانياً، لضمان نجاح الشركات المساهمة وتحقيق غايتها، وضمان مساهمتها بشكل صحيح في نمو الاقتصاد الوطني بشكل عام.وقد تعاظم الاهتمام بالحوكمة كمصدر أساسي وضمان لتدفق المعلومات والبيانات في العديد من الاقتصاديات المتقدمة، والناشئة خلال العقود القليلة الماضية وخاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية، وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخراً من تداعيات الانهيارات المالية لعدد من أقطاب الشركات الأمريكية العالمية خلال الفترة 2008 - 2009. ونظراً للتزايد المستمر الذي يكتسبه الاهتمام بهذا المفهوم، فقد حرص على عدد من المؤسسات الدولية على تناول هذا المفهوم بالتحليل والدراسة وعلى رأس هذه المؤسسات كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أصدرت عام 1999م مبادئ حوكمة الشركات والمعنية بمساعدة كل من الدول الأعضاء وغير الأعضاء بالمنظمة، لتطوير الأطر القانونية والمؤسسية لتطبيق حوكمة الشركات بكل من الشركات العامة أو الخاصة.ويدعم هذا التوجه الكثير من المنظمات الدولية ذات العلاقة. وقد قامت هذه المنظمات بمراجعة وتعديل مبادئها الخاصة بحوكمة المؤسسات سنة 2004م، حيث أصبحت تتضمن المبادئ الستة التالية :-1 وضع أسس نظام فعال لحوكمة المؤسسة : ينبغي على نظام حوكمة المؤسسة أن يساهم في تحقيق الشفافية وكفاءة الأسواق وأن يكون متوافقاً مع دولة القانون ويحدد بشكل واضح توزيع المسؤوليات بين الهيئات المتخصصة في مجال الرقابة، التنظيم، وتطبيق النصوص.-2 حقوق المساهمين وأهم وظائف أصحاب رأس المال : ينبغي لأي نظام حوكمة المؤسسة أن يحمي ويسهل ممارسة المساهمين لحقوقهم.-3 معاملة عادلة للمساهمين : ينبغي أن يضمن نظام حوكمة المؤسسة معاملة عادلة لكل المساهمين بما فيهم الأقلية والأجانب وكل المساهمين يجب أن يحصلوا على تعويض فعلي عند التعدي على حقوقهم.-4 دور مختلف أصحاب المصلحة في حوكمة المؤسسة : ينبغي أن يعترف نظام حوكمة المؤسسة بحقوق مختلف أصحاب المصلحة وفقاً للقانون الساري أو وفقاً للاتفاقيات المتبادلة، ويشجع التعاون الفعال بين الشركات ومختلف أصحاب المصلحة بهدف خلق الثروة ومناصب شغل، وضمان استمرارية المؤسسات ذات الصحة المالية.-5 الشفافية ونشر المعلومات : ينبغي على نظام حوكمة المؤسسة أن يضمن نشر المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب عن كل المواضيع الهامة المتعلقة بالمؤسسة لاسيما الوضع المالي، النتائج، المساهمون وحوكمة المؤسسة.-6 مسؤولية مجلس الأدارة : ينبغي على حوكمة المؤسسة أن تؤمن قيادة إستراتيجية للمؤسسة ورقابة فعلية للتسيير من قبل مجلس الإدارة، وكذلك مسؤولية وأمانة مجلس الإدارة تجاه الشركات ومساهميها.ويمكننا هنا تلخيص أهمية الحوكمة ودورها في توسيع وتدفق المعلومات والبيانات الصحيحة في النقاط التالية :تعتبر الحوكمة المؤسسية نظاماً يتم بموجبه توجيه ورقابة العمليات التشغيلية لأي مؤسسة.تمثل الحوكمة المؤسسية الجيدة عنصراً رئيسياً في تدفق المعلومات والبيانات الصحيحة لكي تساهم في تحسين الكفاءة الاقتصادية وسوء هذه الحوكمة على العكس من ذلك وخاصة في المؤسسات يمكن أن يؤثر على الاستقرار الاقتصادي والمالي وخير دليل على ذلك ما حصل في الأزمة المالية الاسيوية سابقاً والعالمية حالياً.للحوكمة دور في تعزيز وتشجيع الحوكمة المؤسسية في كل المؤسسات العامة والخاصة وذلك للأسباب التالية :إن تطبيق الحوكمة المؤسسية الجيدة يضمن تدفق المعلومات والبيانات الصحيحة وهذا يسهم في كشف أي تلاعب بحقوق الأفراد أو المجتمع.الحوكمة تساهم بشكل كبير في محاربة الفساد المستشري في معظم المؤسسات.تساهم الحوكمة في كفاءة الأداء الاقتصادي لكل القطاعات في المجتمع وبالتالي المصداقية في التعامل من خلال الإفصاح عن بياناتها المالية وغيرها للجهات ذات العلاقة.تساهم الحوكمة من خلال الإفصاح والشفافية عن بياناتها المعلنة عن تقليل المخاطر بالنسبة لحقوق كل الأطراف في النشاط الاقتصادي، إلى جانب دوره في تعزيز كفاءة الأداء الاقتصادي للدولة والعمل على تدفق الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية للمساهمة في التنمية الاقتصادية.وفي الختام يجب التأكيد أن الحوكمة تلعب دوراً هاماً في توسيع وتدفق المعلومات والبيانات وقد أثبتت التجارب العلمية في كثير من الدول أهمية الالتزام الجاد بمفهوم الحكومة المؤسسية الجيدة. كما بينت أن توفير نظام مالي سليم وإدارة كفوءة يتطلب توفر إطلاع وفهم ودراية بكافة البيانات والمعلومات المرتبطة بطبيعة العمل، وما لم نحصل على قاعدة ملعومات صحيحة لا يمكن الحديث عن أي عمل مؤسسي جيد ولا دولة مؤسسات.ومن هذا المنطلق على الحكومة العمل على :تطوير تشريعاتها وفقاً لأفضل الممارسات الدولية وإعداد الأطر القانونية والرقابية اللازمة لتطبيقها خاصة فيما يتعلق بإرشادات ومبادئ الحوكمة.الاهتمام بإيجاد البيئة السياسية والاقتصادية المناسبة لتطبيق الحوكمة، أي تلك البيئة التي تؤمن سيادة الشفافية ودولة القانون من خلال توفر قاعدة البيانات والمعلومات الصحيحة عن نشاط تلك المؤسسات لما لذلك من أهمية من عملية التنمية بمفهومها الشامل.
أهمية الحوكمة في توسيع قاعدة المعلومات والبيانات
أخبار متعلقة