عمالة الأطفال ظاهرة خطيرة لها آثار سلبية على حياة الأطفال
تحقيق/ نبيلة عبده محمدفي تحقيقنا هذا نسلط الضوء على ( عمالة الأطفال بين الحاجة والظلم الاجتماعي ) هذه الإشكالية التي ما زالت كثير من المجتمعات تعاني منها ومنها بلادنا، حيث يصبح الأطفال ضحية لمعاناة تولدها الظروف الصعبة التي تجبرهم على أن يتحملوا ما لا طاقة لهم به ومن أجل استيفاء تحقيقنا هذا أجرينا بعض اللقاءات مع جهات الاختصاص وذوي الشأن في حقوق الطفل وكان لقاؤنا الأول بالأخت/ فاطمة يسلم رئيسة جمعية رعاية وحماية حقوق الأطفال العاملين ، وهاكم حصيلة اللقاء :*كونك رئيسة لجمعية رعاية وحماية حقوق الأطفال العاملين، هل لك أن تحدثينا عن تأسيس هذه الجمعية، وما هي الخدمات أو المساهمات التي تسهم بها في حماية حقوق الأطفال العاملين، وكيف؟ - تأسست الجمعية في 14/4/2004م ومنذ تأسيسها كجمعية لرعاية وحماية حقوق الطفل بدأت تحقيق أول أهدافها في نشر الوعي بمخاطر العمل في سن مبكر وقد كانت شراكة بين الجمعية والمنظمة السويدية لحماية حقوق الطفل لتنفيذ سلسلة من ورش التوعية في عام 2005م تهدف إلى التوعية بمخاطر العمل في سن مبكرة في مختلف المهن وعلى مستوى كافة المديريات بدءاً بالبريقة حيث الأطفال يعملون في مهنة الاصطياد وانتهاءً بخور مكسر حيث الأطفال العاملين في البوفيهات والباعة المتجولين.[c1]*أبرز ما ساهمت به الجمعية بشأن حقوق الأطفال العاملين[/c] كما ساهمت الجمعية في عام 2006م في توعية أسر الأطفال العاملين كونها جهة تسهم في العنف الأسري ضد الطفل وهذا جعلنا نبدأ التوعية ببيت الداء في الحقيقة وجدنا استجابة من أهالي الأطفال في مديريات ( فقم وعمران والخيسة ) ليتمكن أطفالهم من التعليم والعودة لصفوف الدراسة وبدأنا مع جمعية المرأة الساحلية في مركز فقم بأن تتولى الجمعية ومركز فقم إعطاء دروس تقوية للأطفال وكانت تجربة ناجحة ولكن الشيء الجيد لا يكتب له الاستمرارية وتعثرت المسألة ولا نعرف أسبابها وفي إطار التوعية نفذنا برنامجاً مع محكمة الأحداث الخاصة بالأطفال الفارين والضالين عن أهاليهم والعاملين في مجال التسول باعتباره جنحة يعاقب عليها قانون الأحداث ومدى علاقة هذه المهنة بانحراف الأطفال وتعرضهم للاستغلال من قبل الكبار لكنهم لا يتعرضون للعقوبة الجنائية في السرقات.. تركت هذه البرامج أثرها في الأسر وفي الأطفال أنفسهم العاملين في ورش الميكانيكا والبوفيهات لمسنا عدم تواجد الأطفال عند نزولنا لكن موقف طريف حدث في إحدى الورش بأن طفلاً بعد الانتهاء من الورشة طلب إعطاءه الكلمة وإذا به يؤكد ما تم قوله من حقوق للطفل وأن العمل خطير وألا يعملون في هذا السن وكان ذلك أمام ممثل المنظمة السويدية لرعاية الأطفال حتى دهشنا جميعاً من قدرات الطفل على الوعي بحقوقه وممارسة حقه وإعطاءه توجيه في تصوري هذه الأهداف أعتبرها مكسباً للجمعية وأنها أدت دورها في التوعية بكفاءة عالية.[c1]* ما هي الإسهامات المادية والمعنوية للحفاظ على حقوق الطفل؟[/c]- أما فيما يخص الإسهامات المادية والمعنوية للحفاظ على حقوق الطفل فإن الجمعية ليس لديها موارد مالية ثابتة ولكن لا يعني ذلك أن نقف عاجزين أمام رعاية الأطفال لذا توجهنا للأستاذ/ أيوب أبوبكر مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل الذي ساهم في العديد من الأنشطة بدعم الجمعية كشريك في الأنشطة والورش المنفذة في المراكز مثل محكمة الأحداث ومراكزها والتربية والتعليم والجهات الأمنية.أما فيما يخص الدعم المادي فقد ساهمت الجمعية في توزيع كسوة العيد وكذا الحقيبة المدرسية وكذا كان لها دور أكبر في دعم احتفالات الطفل اليتيم مع المجلس المحلي بمديرية صيرة والمقدمة من قبل مؤسسة السبل الخيرية بدعم (150) طفلاً يتيماً وكذا احتفال الطفل اليتيم بالشراكة مع الغرفة التجارية ورجال الأعمال وذلك من قبل خلية الطفل لحماية حقوق الطفل المؤسسة من مختلف فئات الطفولة في المحافظة.وكذا توزيع تمور رمضان وكذا استغلال ما تأتي لنا من هبات من المحافظة ومصنع الكبريت وتخصيصها للأطفال في المناطق النائية وهذا بدأ العمل به العام الماضي.[c1] *هل هناك مساعدات مستديمة تخص الأطفال المحتاجين؟[/c] المساعدة المستديمة غير متوفرة ولكن نحن في حدود الإمكانات المتاحة ببدل قصارى جهدنا لتوصيل أي دعم يأتي باسم الطفل كونها أمانة لا نريد تحمل تبعياتها وهذه فرصة ونحن على أعتاب الشهر الفضيل رمضان المبارك ليسهم كل فاعل خير بدعم الجمعية لإيصال هذه الهبات للأسر ففضل ذلك عظيم وهناك تدابير متعددة ولكن بطيئة ولا نستطيع أن نقول إهمالاً ولكن قد يكون هناك تقصير عن غير قصد وهذا يتطلب تضافر كل الجهود ومن حيث تأهيل الأطفال العاملين في هذا الإطار تقدمت الجمعية بمسوحات للأطفال المقيمين حتى يتم تأهيلهم وبدرجة أساسية الأطفال العاملون في مجال البحر وقد تم تأسيس مركز للأطفال العاملين ولكن للأسف ليس كما قرر له من قبلنا ليكون محققاً للأهداف فقد تم تأسيس هذا المركز في المنصورة والأطفال في فقم وعمران والخيسة وكنا نأمل أن يتم استغلال المراكز الموجودة في هذه المناطق والمتعثرة بسبب الميزانيات التشغيلية بأن يتم التنفيذ فيها كونها قريبة من مواقع سكنهم وهذا أمر واقعي خاصة إذا قسنا بعد المسافة بين المركز وأماكن تواجد الأطفال وذويهم وفي الحقيقة استبعدت الجمعية من المشروع نهائياً لذا لا يمكننا الإفادة أكثر بهذا الشأن مع أن الشراكة بين منظمات المجتمع المدني لحماية الطفولة مسألة واجبة لتحقيق الأهداف المرجوة.[c1]* ما هي الأهداف التي قامت على أساسها الجمعية؟[/c]- أكبر هدف للجمعية يكمن في الجوانب التالية :- استجابة الحكومة لمخرجات ورشة الأطفال الفارين والضالين عن أهاليهم المنفذة مع محكمة الأحداث ومكتب الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات الأمنية والذي كانت مخرجاتها محاربة ظاهرة التسول ببناء دار للمتسولين وإيوائهم كإحدى المهن التي يمتهنها الأطفال العاملون وفي هذا المجال تجاوب رجال الأمن مع برنامج مركز المتسولين ولا ننسى اهتمام الأب الروحي الأستاذ/ أحمد الكحلاني بمتابعة سير تنفيذ مثل هذه الأنشطة وحماية الأطفال من الاستغلال.- تفاعل مكتب التربية والتعليم بإعفاء الأطفال من الرسوم المدرسية وكذا مكتب الصحة عدن وجعل مجانية التعليم للأطفال المستفيدين من صندوق الرعاية وهذه أيضاً من مخرجات ورش حماية حقوق الطفل.- تجاوب أرباب العمل الذين يتم النزول إليهم وحماية الأطفال من المخاطر وذلك من خلال إعطائهم مهاماً تتناسب مع أعمارهم خاصة في ورش السمكرة.. وتدريب القائمين على هذه الأعمال بحيث يكونون أهل للمسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يتم إيفادهم للبلدان المتقدمة في مثل هذه الأنشطة وسبقونا فيها للاسترشاد بخبراتهم على أرض الواقع وعكسها في البلد ولكن الذي يحدث أن الجمعيات العاملة والمراكز في مكان الموفودين للتأهيل من خارج هذا النشاط لذا نجد تعثراً كبيراً لضعف الخبرة الآلية أما الإمكانات والدعم لهذه الفئات والمراكز العاملة معها.[c1]* ما رأيك في ظاهرة التسول المنتشرة بكثرة هذه الأيام؟ وهل وجدتم حلولاً لها؟[/c] التسول يعتبر مهنة وفي الوقت نفسه جنحة يعاقب عليها القانون وحالياً يتم متابعة هؤلاء الأطفال من قبل الأمن وإيواؤهم في مراكز التسول ومركز الجانحات ومركز الطفولة الأمنية.. أما العمالة تحت سن الرشد موجودة في عدن ولكنها حاضنة لهم وليست مقيمة باستثناء مديريات ( فقم وعمران والخيسة ) والذين يعملون مع ذويهم في مجال الاصطياد.. الذي آمل أن يتم حل معاناتهم من خلال إقامة مركز تأهيل الأطفال العاملين المدعوم من ( الآيبك)..وفي الأخير أشكر مندوبة الصحيفة لإتاحتها المجال أمامنا لتسليط الضوء على أنشطة الجمعية ونحن على أبواب الشهر الكريم ليكون شهر سد حاجة الطفل العامل وأسرته وإراحته جسدياً ونفسياً في هذا الشهر الكريم وعلى مدى الحياة آمل أن تكون هناك لفتة كريمة لهذا العام وليتنافس عليها المتنافسون من رجال الخير والمجالس المحلية في مختلف المديريات ورجال الأعمال وأن يأتي مندوب من هذه الجهات مع أعضاء الجمعية لتوزيعها لما لها من أثر طيب على الأسرة والأطفال بأن يكون هناك مدير من يرعاهم سواء من رجال الدولة أو رجال الأعمال الخيرين.واستيفاء لتحقيقنا هذا الذي يخص عمالة الأطفال وكيفية حمايتهم ورعاية الأحداث، كان لنا لقاء مع الأخت / ميرفت فوزي حافظ رئيسة جمعية الأحداث اليمنية التي أفادتنا قائلة :إن الطفل قوة بناءة وطاقات نفسية خفية مثلها مثل قارة واسعة الأرجاء مجهولة المدى تم اكتشافها صدفة، يعمل بصبر وجد ليصبح رجلاً ومواطناً صالحا فإذا هيأنا للطفل الظروف المناسبة لإيجاد وخلق الإنسان القوي الصالح فقد أفلحنا وإلا فإنه يلقى المصاعب مما يجعل منه إنساناً شريراً أو ضعيفاً أو مريضاً. إن من الممارسات أو الظواهر قد تؤثر بشكل أو بآخر في بناء شخصية الطفل ففي الوقت الذي يحتاج فيه إلى مناخ إيجابي مواتٍ لبناء شخصيته والتعرف على طاقاته نجد العكس إذ أن المناخات المناقضة التي يعيشها الطفل في منزله ومدرسته ثم في مجتمعه الأوسع جميعها من شأنها أن تولد مشكلات متعددة نفسية واجتماعية وتربوية لا تنسجم ومطالب شخصيته ولا تلبي احتياجاته الأساسية منها أسلوب التنشئة الخاطئة والنقص في عملية تعليم القيم الدينية والمعايير الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لها النصيب الأكبر في دفع الطفل إلى القيام بدور القائم.. فالفقر المحدق بالأسرة جعل من الطفل عرضة وسلعة ممتهنة.. فنجد الأب الذي يمارس القهر والقسوة على الطفل ويقذف به إلى الشارع للعمل وهو لا يتجاوز السابعة من العمر يعرضه إلى الانحراف والاستغلال الجنسي وقتل طفولته ويجعله مجرماً في النهاية.. وهناك من يحظى بأن يعتني به بعض الأقارب الذين يقومون بحمايته، ولكن الطفل هو مستقبل هذا الوطن وعلينا أن نحافظ على هذه الجوهرة النقية الثمينة من التلوث.كما كان لنا لقاء مع الأستاذة / ليلى عبده محمد فرحان رئيس قسم المتابعة والتنسيق في إدارة الوسائل والتقنيات بمكتب التربية والتعليم خور مكسر التي أوضحت قائلة :هذه الظاهرة ظالمة وقاهرة وخطيرة في حق الطفولة لأنها تقضي على أجمل مرحلة في حياة الطفل وتجعله يشيخ قبل أوانه وتؤدي إلى خلل في النمو البدني والعقلي والصحي لأن الطفل في حقيقة الأمر لا يقدر على تحمل عبء عمل مجهد قد يمتد إلى ست عشرة ساعة أو أقل حتى ثماني ساعات عمل مجهد وذلك ظلم في حق الأطفال وسيؤدي إلى الإضرار بصحتهم وبمجتمعهم وسيكون له انعكاسات سلبية على المجتمع بالإضافة إلى أن ذلك منافٍ لحقوق الإنسان في العيش عيشة كريمة ولا بد من الوقوف أمام هذه الظاهرة الضارة التي أصبحت ظلماً اجتماعياً قاهراً للطفولة في بلادنا وذلك يدل على حدوث خلل أيضاً في التكافل الاجتماعي بين أفراد الأسرة أو المجتمع أو المؤسسات التعليمية والتربوية ومنظمات وجمعيات العمل الإنساني وهي ظاهرة خطيرة لها آثارها السلبية على تشويه حياة الأطفال وتدمير مشاعرهم الخيرة الفطرية البريئة.. كما يعانون من ظلم وقهر اجتماعي وحرمان من حقوقهم في عيش طفولتهم بسلام وحقهم في الحصول على حقهم في التعليم وأن يصبحوا أعضاء فاعلين مساهمين في بناء المجتمع وهذا الخلل ينبغي تداركه من جهات الاختصاص ومعالجته بصورة إنسانية بحتة.[c1] رأي المحررة [/c]هذا هو تحقيقنا الذي نضعه بين يدي القارئ وجهات الاختصاص ومنظمات المجتمع المدني ليتلمسوا حال ومعاناة الأطفال الأحداث وكيف يتم معالجة معاناتهم ولا شك أن هناك جمعيات قد عملت ما بوسعها من أجل حماية الأطفال الأحداث، ولكن ذلك ليس كافياً، حيث ينبغي تكاتف جميع منظمات وجمعيات حماية حقوق الأطفال من أجل الحفاظ على الأطفال الذين لا شك بأنهم سيكونون عماد المستقبل، ونأمل أن تكون رسالتنا قد بلغت جهات الاختصاص وذوي الشأن في حماية حقوق الطفل.