قصة قصيرة
بلقيس الربيعيراحت تحملق في وجوه صديقاتها في المدرسة وكل واحدة تتباهى بالهدية التي أحضرتها لأمها في عيد الأم . ” أنا سأهدي لأمي خاتماً ،” قالت انجيلا . وردت مريم بزهو قائلة : ” وأنا أحضرتُ لها منديلاً جميلاً لتربط به شعرها . ابتسمت سمر وهي تتأمل وجه أنجيلا وقالت : ــ هل يصادف عيد ميلاد أمك يا أنجيلا مع عيد ميلاد أم مريم ؟ ضحكت أنجيلا برنة صافية وقالت : ــ لا يا سمر إنه ليس عيد ميلاد أمي أو أم مريم ، بل اليوم هو عيد الأم ومعظم الأبناء يقدمون هدايا لأمهاتهم في هذا اليوم ، وانتم الم تحتفلوا في بلادكم في عيد الأم ؟ وردًت سمر قائلة : ــ لا اعرف . فقد غادرت وطني مع أهلي وعمري لا يتجاوز الست سنوات ، لكن اذكر في إحدى المرات حدثتني أمي عن طفولتها وكيف كانوا يحتفلون في مثل هذا اليوم من أيام الربيع ويسمونه ( الدخول ) . . كانت تقول بأن العوائل في المدينة يعدًون الأكل والشراب والحلويات ويخرجون إلى البساتين ويقضون النهار في كنف الطبيعة الخلابة . الأطفال يمرحون مع بعضهم وبعض الرجال يرقصون ( الجوبي ) .كما روت لي أمي بأن أمها كانت تشتري لها جرة صغيرة من الفخار ولأخوانها أباريق وتخيط قماشاً ابيض ( ململ ) وتحشيه بالشعير وتضعه حول الأباريق والجرة وتملأها بالماء يومياً وبمرور الأيام يعشًب الشعير ، وفي يوم ( الدخول )ينزعون العشب ويرمونه في النهر . ” الطقوس جميلة عندكم يا سمر ، “ قالت انجيلا. وبعد المدرسة هرولت سمر مسرعة إلى البيت ، تفكر بالحديث الذي دار بين انجيلا ومريم . كانت حائرة لا تدري ما تفعل وليس معها هدية لتقدمها إلى أمها . ” أمي أنت ينبوع الحياة وأنت كل شيء لي في هذه الدنيا . احبك يا أمي وأنت ِ في قلبي ، ولابد لي أن أقدم لك هدية ولو بسيطة هي مثل هذا اليوم ! ” راحت تردد مع نفسها .توقفت برهة عند المتنزه الذي يقع في طريقها إلى البيت وأخذت تصغي لشقشقة العصافير بين أشجار المتنزه . انتقل بصرها فجأة إلى شجرة تحمل العديد من أزهار الدفلة الحمراء ، وتذكرت حديث أمها عن الأزهار وكيف أنها قرأت مرة بأن الشاعر نزار قباني تغزل في وردة الدفلة. “ لماذا لا اقطف لها زهرة وأقدمها هدية في عيد الأم ؟ أكيد ستفرح بها “ قالت مع نفسها .تلفتت حولها لتتأكد من خلو الشارع من المارة ،استطاعت جر صخرة إلى أسفل جدار المتنزه وصعدت عليها . اشرأبت بعنقها من سياج المنتزه فرأته مزداناً بأزهار الدفلة الحمراء والبيضاء. ارتعشت قليلاً ، وبحركة سريعة مدًت يدها الصغيرة و قطفت زهرة حمراء ونزلت . تكومت على الأرض لصق الجدار مأخوذة بالخشية من إن يكون قد رآها احد . ثم مشت على عجل وبما يشبه الهرولة ، حلًت إحدى ضفائرها لتنزع الشريط عنها وربطت به الوردة . كانت تحدًق بالوردة و تقبلها ثم تلزًها إلى صدرها و تدندن مع نفسها : ” الورد الأحمر يا ماما يسوى الفضة ويسوى الماس .. والورد الأحمر ….”