عواصم / متابعات:تخطت أسعار الذهب ستمائة دولار للآونصة الواحدة لأول مرة في خمسة وعشرين عاما على اثر زيادة الطلب على هذه المادة الثمينة ، وقد ترافق ارتفاع أسعار الذهب بانكماش في الاسواق العربية ، لاسيما من جهة شراء الذهب المستعمل حيث سجلت حركة الشراء في معظم العواصم العربية أعلى مستويات الانخفاض ، ماحدا بالبعض لتغيير مهنتهم وفتح محلاتها لأنواع أخرى من السلع وأشارت المصادر إلى أن ارتفاع الذهب بلغ عالمياً 18 مقابل 42 للنحاس يعود إلى النقص الكبير في الأسواق العالمية مقابل الطلب وانخفاض مبيعات البنوك المركزية من احتياطاتها الذهبية وعدم تأثر الذهب بسوق العقارات إضافة إلى لجوء المستثمرين للذهب عبر محافظ متنوعة باعتباره آمناً خلال الأزمات , فيما يلعب تذبذب سعر صرف الدولار الأميركي أمام العملات الأخرى ولاسيما بعد القرار الأميركي 2004 زيادة معدل الفائدة على الإيداعات للدولار دورا كبيرا في ارتفاع أسعار الذهب.
الذهب
والحال ان للذهب استخدامين ، فإلى جانب دخوله في صناعة المجوهرات وهي الصناعة الغالبة في سوق الذهب ، فالكثيرون يعتبرونه من سلع الرفاهية التي لا يخلو بيت منها حتى البيوت الفقيرة، حيث لا يخلو إصبع أو أذن من قطعة ذهبية- يستخدم الذهب في الدول كدعم وسند للعملة المحلية، وقد بقي تأثيره كبيرا في ميزان الاقتصاد والمال والاستثمار حتى سنوات قريبة ، فالناس تثق في الذهب وتعتبره السلعة الباقية والثمينة مهما كانت الظروف والحروب، وهي أقدر على الصمود بقيمة قوية أو متزايدة في وقت الأزمات والحروب، أكثر مما تستطيع أن تفعله الأسهم والسندات والعملات أيضا، فالكثير من العملات والشركات تنهار وتضعف قيمتها في حالة وجود نزاع عالمي.بعض المواطنين اصبحوا يشعرون بأن اقتناء هذا المعدن اللامع بات حلم بعيد المنال حتى أن بعض العرائس أصبحن يفضلن أخذ أموال الشبكة نقدا أملا في أن تنخفض أسعاره مستقبلا ولا يعرف الكثيرون أسباب ارتفاع هذا المعدن، حتى أنه من اللافت أن المواطن العادي في الشارع العربي على سبيل المثال يدور في ذهنه اعتقاد خاطئ بأن الذهب يرتفع نظرا لارتفاع أسعار الدولار! و يتسائل البعض لماذا لا ينخفض الذهب رغم انخفاض الدولار .وهكذا فالكثير من المواطنين لا يعرفون أن وقت الأزمات هو الوقت المناسب لارتفاع الذهب حيث يكون الملاذ الآمن، ولذا يعتقد الخبراء أن أهم أسباب ارتفاع الذهب في الأسواق العربية والعالمية هو خوف المستثمرين من تراجع سعر العملات الأجنبية وبخاصة الدولار، فضلا عن السبب الأهم ألا وهو ارتباط الذهب اللامع بالذهب الأسود أو النفط ونكشف في هذا الملف عن الأسباب الحقيقية للارتفاعات التي شهدتها أسواق الذهب العربية والعالمية .ولابد لنا أولا من طرح أهمية الذهب بالنسبة للاقتصاد فهو من أحد المعادن الثمينة والتي كانت أحد المحركات الاقتصادية في اقتصاديات العالم، نظرا لانه من المعادن القليلة المتوفرة والنادرة في نفس الوقت، فإن الإنتاج العالمي لا يتجاوز 1600 طن من الذهب سنويا، ولكنه لا يفنى باستهلاكه أو تصنيعه.ترتفع أسعار الذهب في العالم في حالة حدوث أزمات كبيرة أو وجود حالة فزع عالمي، مما يوحي بأن التجارة العالمية والاقتصاد العالمي مقبل على هزة كبيرة، قد لا تنجو من ضررها الشركات المساهمة ولا المصانع العاملة. وهذا يجعل الثقة بالأسهم وسوق المال تهتز باهتزاز العالم في الأزمات كان الخبير الاقتصادي الدكتور إيكهارت فرتس قد نشر في مجلة أراء الإماراتية مقالا حول أكد فيها أن الذهب بدأ يستعيد الآن بريقه بين الأصول. قوته فبعد أن ظلت أسعار الذهب متدنية في سوق المضاربات لمدة استمرت عقدين من الزمن، وهبوط أسعاره في عام 2001 إلى مستوى 250 دولاراً أمريكياً للأونصة الواحدة، فقد ازداد سعره الدولاري أضعافا خلال أربع سنوات فقط.يرى بعض الخبراء أن احتمال تجاوز أسعار الذهب حاجز الألف دولار للوقية " 31.10 جرام " اصبح واردا ومتوقعا ً .ويعتقد أن الأفراد في دول الخليج مستعدون جيداً لهذه التطورات، حيث يُعتبـَـرون المشتري الثاني للذهب على الصعيد العالمي بعد الهند، لكن البنوك المركزية في منطقة الخليج لم تُظهر القدر ذاته من بعد النظر حتى الآن فاحتياطيات هذه البنوك من الذهب متدنية جداً في المستويين المطلق والنسبي، وقد باعت بنوك أربع دول خليجية، هي دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان ودولة قطر ومملكة البحرين كل ما لديها تقريباً من الذهب، بينما قام البنك المركزي الكويتي بتأجير احتياطه كله من الذهب في ظل احتمالات صعبة بإمكان استعادته إذا تخلفت الأطراف الثالثة عن السداد. وتثير هذه الخطوات من جانب البنوك المركزية الخليجية الكثير من الدهشة والاستغراب، لأن الذهب يمثل أداة تحوطية ممتازة في مواجهة التضخم وضعف الدولار الأمريكي، وبإمكانه أن يخفف بالفعل من أخطار التغيرات السريعة الكامنة في بيع سلعة النفط النفيسة بإيصالات دولارية ورقية تتآكل قيمتها.ويُذكـَـر أن المعدل الأدنى لاحتياطات الذهب التي يشترطها البنك المركزي الأوروبي على الدول الأعضاء هي 15 في المائة. كما أن إعلان روسيا أخيراً عن ازدياد احتياطها من الذهب من 5 في المائة إلى 10 في المائة يُعتبـَـر بمثابة سياسة استرشادية مفيدة لدول الخليج. لكن ثقة هذه الدول بالدولار الأمريكي تبدو حتى الآن وكأنها لا تتزعزع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول المصدّرة للنفط الأعضاء في منظمة (أوبك) زادت مرة أخرى في عام 2005 موجوداتها من الدولار الأمريكي من 61 في المائة إلى 69 في المائة، كما أن الكميات الهائلة من مبيعات الخزينة الأمريكية خارج لندن نسبت إلى مستثمرين عرب. وتتناقض هذه المواقف بصورة مذهلة مع موقفي اليابان والصين اللتين تخلتا جزئياً عن برامج دعم الدولار، حيث أبقتا على استقرار موجودات خزينتيهما وأحجمتا عن شراء الدولار بالكميات التي تعودتا على القيام بها في السابق.غير أن الاهتمام بالذهب من جانب المستثمرين الخليجيين يتجلى في الصعود المثير للإعجاب لدبي كمدينة رئيسية عالمية في تجارة الذهب، فقد استوردت دبي في عام 2005 نحو 530 طناً من الذهب تزيد على 10 في المائة من الطلب العالمي. يمكن القول إن مدينة دبي مرشحة مع إنشاء بورصة دبي للذهب لكي تصبح مركزاً دولياً رئيسياً لتجارة المعدن الأصفر، وتستفيد دبي من كونها تمثل نافذة ملائمة من حيث التوقيت بين قارتي آسيا وأوروبا، كما أن بورصة دبي للذهب ستكون البورصة الوحيدة في العالم التي تتيح القيام بتداولات يومي السبت والأحد، وهو ما يرجح ازدياد عدد المستثمرين الذين سوف تجذبهم دبي إلى بورصتها بفضل خدمات شبكة الإنترنت.من المزايا التي سوف تتمتع بها دبي أنها لن تحصر أعمالها في عقود تجارة عقود الخيارات الآجلة والمفتوحة مثلما هي حال طوكيو ونيويورك، بل سوف تدعم مركزها من خلال الاتجار الحيوي بالذهب الفعلي. وهي خطوة تزداد أهمية، لأن الثقة بالعقود الآجلة يمكن أن تخبو في ظل المتاعب التي تتعرض لها العقود العاجلة. وربما يتذكر البعض في هذا السياق ما حدث في عام 1980 عندما تخلت تعاقدات (كوميكس) في نيويورك عن التسليم الفعلي في عقود الفضة، عندما ارتفع سعرها إلى خمسين دولاراً أمريكياً في غمرة توقعات (الأخوان هانت) مؤسسة متخصصة في المضاربة على المعادن.لكن دبي لا تستطيع الاعتماد إلى الأبد على البنوك المركزية الغربية من أجل سد الفجوة في العرض، وسوف يأتي وقت تكون فيه شركات المناجم هي المصدر الوحيد لتوفير العرض من الذهب وعلى دبي والمنطقة عموماً أن تفعل مثلما يفعل صاحب محطة الوقود الذي يعنيه بالطبع أن يعرف أحوال المنطقة التي يأتي إليه منها النفط الذي يبيعه، فعليها أن تقيم شبكات علاقات إنتاجية استثمارية في قطاع الذهب لتأمين العرض المستقبلي من هذا المعدن في بقعة تزداد ازدهاراً في مجال تجارة الذهب.وينصح خبراء الاستثمار أن شراء الذهب أمر مفضل في حالة وجود حافظة استثمار، فإن وجود استثمارات في الذهب تعطي الاطمئنان، وتقدم شيئا من التوازن في هذه الحافظة، فالذهب يكون استثمارا راكدا في كثير من الأحيان، ولكنه استثمار يقدم خدمات عديدة لصاحبه، ومنها: أنه في حالة فقدان الثقة أو وجود انهيار في الأوراق المالية أو أوعية الاستثمار الأخرى، فإن الذهب هو الوحيد الذي لا يصبه هذه الانهيار، بل انه دائما سيكون المفضل والأقوى في مجموعة الاستثمارات، وقد يحدث أن يكون هو الاستثمار الذي يعوض الخسائر أو يخفف منها. أي أن وجود الذهب في حافظة الاستثمار هو عامل أمان، أكثر منه عامل ربح.وكما أن للذهب دورات في السكون، فله أيضا طفرات في النمو، وقد حدثت عدة مرات خلال القرن الماضي وارتفع سعر أوقية الذهب ارتفاعا لم يسبق له مثيل في التاريخ، ووصلت إلى سعر خيالي تجاوز 800 دولارا للأوقية الواحدة، وهذه الطفرات قد تحدث مرة أخرى كما أن هناك دراسة عن الاستثمار في الذهب نشرتها جريدة الصنداي تايمز تقول : إن الاستثمار في صناديق الذهب أعطى عائدا تجاوز 82 خلال العام الماضي، وأعطى عائد عام خلال السنوات الخمس الماضية بمقدار57. ويقبل البعض على شراء الذهب ليس امتلاكا بل بيعا وشراء، وهذا يتم عن طريق مكاتب المضاربات في البنوك، ولكن يمكن شراء الذهب فعلا وإيداعه لدى البنوك في صناديق خاصة ، ويمكن للبنوك أن تقوم مقام العميل في إجراء الصفقات له، ولكن بتعليماته وتوجيهاته كما أن الذهب يباع بعدة أسعار، فسعر البيع في المضاربات يختلف عن سعر البيع الفعلي، فهناك مبالغ إضافية تضاف للقيمة الفعلية في حالة الرغبة في امتلاك الذهب والحصول عليه من السوق، وهذه التكاليف هي تكاليف النقل والتأمينكما أن الذهب المصنع يباع بسعر مختلف عن الذهب الخام لان قيمة التصنيع تضاف الى القيمة الأساسية للذهب وعندما يباع الذهب المصنع في الأسواق فإنه يقدر عادة بقيمة سعر الذهب في ذلك اليوم الذي يباع فيه، بغض النظر عن قيمة الشراء الفعلية، لذا فإن الاستثمار في الحلي الذهبية قد لا يكون مربحا لأن الشراء يتم بإضافة قيمة التصنيع وأرباح البائع، وعند بيع هذا الحلي فإن المشتري يشتريه بسعر الذهب الصافي بدون أي تكاليف إضافية، أي أن البائع يخسر قيمة التصنيع الأولى.