أردوغان يدعو الدول إلى "رفع أياديها" عن دمشق والمفوض الأممي لحقوق الإنسان يتحدث عن العدالة الانتقالية
دمشق / عواصم / 14 أكتوبر / متابعات:
ألقت السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا القبض على المصري أحمد المنصور بعد بثه تسجيلات مصورة يهدد فيها الحكومة المصرية، وذلك وفق ما قال مصدر بوزارة الداخلية السورية ومصدر أمني عربي لوكالة "رويترز" اليوم الأربعاء.
ونشر المتشدد أحمد المنصور مقطعاً مصوراً هذا الأسبوع قال فيه إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيلقى نفس مصير رئيس النظام السوري الهارب، بشار الأسد.
وذكرت المصادر أن السلطات ألقت القبض على المنصور بسبب ذلك المقطع ومنشورات أخرى وهو معتقل حالياً في مركز احتجاز.
ورغم أن الحكومة المصرية تعبر في معظم بياناتها الرسمية عن دعمها للشعب السوري، تنتقد وسائل الإعلام المرتبطة بالدولة تغير نظام الحكم في دمشق وتعبر عن مخاوفها من عودة جماعة "الإخوان المسلمين" بتشجيع من الإدارة الجديدة في سوريا التي تقودها "هيئة تحرير الشام".
وقال المصدر الأمني العربي لرويترز إن "(السلطات السورية) هي التي ألقت القبض عليه بعدما تلقت الرسالة من الحملة الإعلامية المصرية". وأضاف "إنها إشارة إلى القاهرة التي تعتبر هذه القضية مهمة للغاية".
من جهته حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء من أن أنقرة لديها القوة والقدرة على سحق كل التنظيمات الإرهابية في سوريا، بمن فيها مقاتلو تنظيم "داعش" والمقاتلون الأكراد، حاثاً جميع الدول على "رفع أيديها" عن سوريا.
ومنذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد الشهر الماضي قالت تركيا مراراً إن الوقت حان لتفكيك وحدات حماية الشعب الكردية، إذ تعتبر أنقرة هذه الجماعة التي تقود قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة، منظمة إرهابية.
كما قالت أنقرة إنه يجب منح الإدارة السورية الجديدة فرصة لمعالجة مسألة وجود وحدات حماية الشعب، لكنها هددت أيضاً بشن عملية جديدة عبر الحدود ضد المسلحين المتمركزين شمال شرقي سوريا إذا لم تجر تلبية مطالبها.
وقال أردوغان خلال كلمة في البرلمان إن مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن، مضيفاً أن الجماعة لن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة ما لم تلق سلاحها.
وتابع، "في ما يتعلق بالذرائع الملفقة مثل تنظيم 'داعش' فإنها لم تعد تنطوي على جانب مقنع"، مشيراً بذلك إلى الموقف الأميركي الذي يعتبر وحدات حماية الشعب الكردية شريكاً رئيساً في مواجهة تنظيم "داعش" في سوريا، وأنها تلعب دوراً مهماً في حراسة معسكرات ومراكز احتجاز المتشددين.
وأضاف أردوغان أنه "إذا كان هناك حقاً خوف من تهديد تنظيم 'داعش' في سوريا والمنطقة، فإن القوة الأكبر التي لديها الإرادة والقدرة على حل هذه المشكلة هي تركيا".
وأردف قائلاً "يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن سوريا، وسنسحق مع أشقائنا السوريين رؤوس تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب وغيرهما من التنظيمات الإرهابية خلال وقت قصير".
وطلبت تركيا مراراً من الولايات المتحدة وقف دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، وقالت إن الإدارة الجديدة في سوريا عرضت تولي إدارة السجون.
من جهته دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم إلى إعادة النظر في العقوبات على سوريا بصورة عاجلة، وذلك خلال زيارة إلى دمشق هي الأولى لمسؤول في منصبه لسوريا.
وقال تورك إنه "مع بحث المجتمع الدولي قضية العقوبات فسيكون من الضروري أن يؤخذ في الاعتبار تأثير العقوبات في حياة الشعب السوري"، مضيفاً "لذلك أدعو إلى إعادة النظر بصورة عاجلة في العقوبات بهدف رفعها".
وتحدث تورك عن تحقيق "العدالة الانتقالية" وقال إنها "أمر بالغ الأهمية مع تقدم سوريا نحو المستقبل"، مضيفاً أن "الانتقام والثأر ليسا أبداً الحل".
في غضون ذلك تواصلت حركة المسؤولين الأجانب والعرب باتجاه سوريا، إذ أكدت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه من دمشق اليوم الأربعاء أن البلاد أمام "فرصة تاريخية" لبداية جديدة، مع تولي سلطة جديدة إدارة البلاد في مرحلة انتقالية عقب إطاحة نظام الأسد.
وقالت شولتسه في بيان على هامش زيارتها إلى العاصمة السورية، "بعد 50 عاماً من الديكتاتورية و14 عاماً من الحرب الأهلية، لدى سوريا الآن فرصة لتحقيق تنمية سليمة ومستقرة"، وأضافت أنه "سيكون من الخطأ ألا نستغل هذه الفرصة التاريخية لدعم سوريا في الشروع ببداية جديدة وسلمية"، مؤكدة أن "ألمانيا يمكنها أن تفعل كثيراً لدعم البداية الجديدة للمجتمع السوري".
وهذه الزيارة الثانية لمسؤول ألماني إلى دمشق، بعد زيارة أجرتها وزير الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك برفقة نظيرها الفرنسي في أوائل الشهر الجاري.
وتضم ألمانيا أكبر جالية سورية في أوروبا، إذ استقبلت ما يقرب من مليون سوري خلال سنوات النزاع الذي شهدته سوريا بدءاً من عام 2011.
وتتخلل زيارة الوزيرة شولتسه لقاءات مع السلطات الانتقالية في سوريا، وكذلك لقاءات مع منظمات إغاثية وممثلين عن المجتمع المدني "لتحديد الكيفية التي ستدعم فيها ألمانيا تنمية مجتمع سلمي ومستقر وشامل"، وفق البيان.
وأعلنت شولتسه كذلك أن برلين ستوسع برنامج الشراكات الدولية للمستشفيات، ليشمل المرافق الصحية في سوريا، وذلك كجزء من جهود التعافي التي تهدف أيضاً إلى الاحتفاظ بالكوادر الطبية في ألمانيا.
وذكرت دراسة ألمانية الشهر الماضي أن ألمانيا قد تواجه نقصاً في اليد العاملة إذا عاد السوريون لوطنهم، لا سيما في قطاع الرعاية الصحية.
وفي إطار برنامج الشراكات الموسع، "يمكن للأطباء من ألمانيا زيارة سوريا لإجراء دورات تدريبية طبية أو لتدريب زملائهم السوريين على استخدام المعدات الجديدة"، وفق الوزيرة، كذلك "يمكن للأطباء السوريين المجيء إلى ألمانيا للحصول على تدريب في القضايا الطبية والتنظيمية على حد سواء، ويعمل 5800 طبيب يحملون الجنسية السورية في ألمانيا.
وقالت شولتسه إنه بينما "يحرص حكام سوريا الجدد على استعادة العمالة الماهرة والمهنيين الذين فروا من البلاد فإن لألمانيا أيضاً مصلحة في الاحتفاظ بهم"، مشيرة إلى "دورهم الحيوي في نظامنا الصحي".
وشهدت سوريا حركة دبلوماسية نشطة في الأسابيع الأخيرة، مع زيارات يجريها مسؤولون غربيون وعرب ورؤساء منظمات إنسانية دولية.
وفي الداخل السوري بدأ الأمن العام بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية، حملة أمنية ضد فلول النظام السابق في منطقة قمحانة بريف حماة الشمالي.
ونقل "تلفزيون سوريا"، اليوم الأربعاء، عن مصادر أمنية قولها، إن الحملة تستهدف عناصر "فوج الطراميح" التابع لـ"الفرقة 25"، الذين رفضوا تسليم أسلحتهم وإجراء التسوية.
وأشار المصدر إلى أن إدارة الأمن العام تمكنت، مع بداية الحملة، من ضبط مستودع أسلحة وذخائر، واعتقال عدد من عناصر "فوج الطراميح"، موضحاً أن العملية مستمرة حتى تحقيق أهدافها.
وأكد المصدر أن "فوج الطراميح" يُعدّ من أكثر الوحدات التي أوغلت في قتل الشعب السوري، وجميع عناصره من المتطوعين لا المجندين، وقد شارك في معظم العمليات التي نفذتها "الفرقة 25"، وكان رأس الحربة في الحملة التي تعرضت لها منطقة شمال غربي سوريا بين عامي 2019 و2020.
وتطلق إدارة الأمن العام، بالتعاون مع العمليات العسكرية، منذ سقوط نظام بشار الأسد، بشكل دوري حملات أمنية في مختلف المحافظات السورية لملاحقة عناصر النظام الذين يرفضون تسليم أنفسهم وأسلحتهم وتسوية أوضاعهم.
وأمس الثلاثاء، أعلنت إدارة الأمن العام في سوريا مقتل اثنين من عناصرها، وأسر سبعة على يد فلول الأسد بريف القرداحة في شمال غرب البلاد، تم لاحقاً الإعلان عن تحريرهم.
ووفق ما نقلته وكالة "سانا" السورية للأنباء، أكد المقدم مصطفى كنيفاتي مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية أن فلول الأسد "تختبئ بين منازل المدنيين في منطقة جبلة ومحيطها، وتتخذ من الجبال والأودية منطلقاً لعملياتها على قوات الأمن العام وإدارة العمليات العسكرية".
كما اندلعت اشتباكات عنيفة، الثلاثاء، بين مقاتلي العمليات العسكرية في سوريا وفلول نظام الأسد المدعومة من حزب الله في بلدة المصرية بريف القصير.