كراكاس /14 أكتوبر/ رويترز :تبين المجاملات الدبلوماسية التي اصبغها الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز على روسيا وإيران الأسبوع الماضي رغبته في تقويض النفوذ العالمي لواشنطن رغم إشادته بالرئيس الأمريكي باراك اوباما. وخلال جولة استمرت عشرة أيام لزيارة أصدقائه وحلفائه في الشرق الأوسط وأوروبا عانق تشافيز الزعيم الليبي معمر القذافي وشبه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بالزعيم الشيوعي لينين وسار على البساط الأحمر لمهرجان البندقية السينمائي بجوار اوليفر ستون المخرج الأمريكي الذي قدم فيلما صور تشافيز بشكل ينم عن تعاطف معه. وفي ايطاليا أشاد تشافيز باوباما الذي صافحه في ابريل نيسان. ثم تعهد بانتهاك حظر محتمل على صادرات البنزين لطهران واعترف بشكل مستفز باستقلال منطقتين انفصاليتين في جورجيا تدعمهما روسيا. وقال تشافيز للطلبة الأجانب في موسكو “ستسقط إمبراطورية اليانكي”. ويعتبر أنصار تشافيز الرئيس الفنزويلي خليفة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو كبطل مناهض للامبريالية في أمريكا اللاتينية. وذكر إن مراكز قوة جديدة أصغر حجما سوف تبزغ في العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين. وامضي العسكري السابق الذي فاز بولايته الأولى قبل عشرة أعوام معظم فترات رئاسته على خلاف مع الولايات المتحدة العميل الرئيسي لبلاده إذ أن فنزويلا واحدة من اكبر الدول المصدرة للنفط في العالم واتهم واشنطن باستغلال أمريكا اللاتينية. ويظل دور فنزويلا الدبلوماسي محدودا إلا إن تشافيز يدرك انه ما زال بوسع بلاده ان تتمتع بنفوذ حتى وسط كساد عالمي وذلك بفضل احتياطياتها النفطية الضخمة. وقال ادجاردو لأندر وهو محلل سياسي في جامعة سنترال في فنزويلا “أنها تحركات جديدة في لعبة الشطرنج السياسي التي يلعبها تشافيز .. فكرته عن إقامة تحالفات مناهضة للامبريالية.” واستخدم الزعيم الفنزويلى عبارات قوية ضد الرئيس السابق جورج بوش ولكنه يمارس لعبة اكثر حكمة مع اوباما. ويقول محللون إن تشافيز يسعى لمواصلة الاستفادة من الحديث ضد الولايات المتحدة بشكل عام بينما يمتنع عن مهاجمة شخص يحظى بشعبية عالمية مثل اوباما. ويحظى تشافيز بشعبية كبيرة في العالم الإسلامي. وفي طهران أدان إسرائيل لما وصفه بإبادة جماعية للفلسطينيين ووقع اتفاقا لإمداد إيران بعشرين ألف برميل من البنزين يوميا. كما دافع عن طموحات إيران النووية قائلا انه ما من دليل على محاولتها إنتاج أسلحة. وتحذر الولايات المتحدة من عقوبات اشد ضد إيران وربما تستهدف قطاع النفط الذي يمثل شريان الحياة للجمهورية الإسلامية إذا لم تقبل الدخول في مفاوضات حسن النية بشأن برنامجها النووي الشهر الحالي. وتستورد إيران 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين وقد تكون هذه الواردات هدفا للعقوبات غير ان روسيا أعلنت يوم الخميس انها لن تؤيد مثل هذا التحرك في مجلس الأمن حيث تتمتع بحق النقض (الفيتو). وكتبت صحيفة واشنطن بوست في مقال الأسبوع الماضي “من الواضح إن السيد تشافيز وطد أواصر الصلة مع زعيم متهور وطموح مثله هو (رئيس) إيران محمود احمدي نجاد.” وأضافت “المناقشات في واشنطن بشأن هوجو تشافيز كثيرا ما تتوصل لنتيجة رافضة لكون الرجل القوي في فنزويلا يمثل تهديدا للولايات المتحدة. اذا كان ذلك صحيحا فليس السبب انه لا يحاول.” وفي حين قد يرى الكرملين إن عبارات تشافيز الاشتراكية فات أوانها بعض الشيء إلا أن صفقات أسلحة بمليارات الدولارات ومشروعات نفطية مشتركة ومزايا مثل استقبال سفن روسية في الكاريبي العام الماضي ساهمت في توطيد العلاقات. ويعد قرار تشافيز الاعتراف باوسيتيا الجنوبية وابخازيا نصرا دبلوماسيا نادرا لموسكو التي حاولت لما يزيد عن عام إقناع حلفائها بالاعتراف بسيادة المنطقتين الصغيرتين. ولم توافق سوي نيكاراجوا حتى الآن. وهذا العام أقامت كراكاس أسبوعا ثقافيا لاوسيتيا الجنوبية التي يقطنها 70 ألف نسمة. وزارت قاذفتان روسيتان فنزويلا وتدربت سفن حربية مع الحليف الجديد لروسيا في العام الماضي بعدما أزعج موسكو إجراء الولايات المتحدة مناورات بحرية في البحر الأسود واتفاقا بخصوص نشر أجزاء من نظام الدرع الصاروخية الأمريكي في بولندا. وقال ديمتري سيمز خبير العلاقات الأمريكية الروسية “تهتم روسيا بحقول النفط في فنزويلا وبيع السلاح لفنزويلا ومن الواضح إن موسكو لا تمانع إن يجري ذلك علنا لتبعث برسالة لواشنطن.” ويوم الخميس وقعت فنزويلا وروسيا صفقة لتطوير منطقة نفطية مهمة في حزام اورينوكو النفطي الذي يضم بعض أضخم الاحتياطيات في العالم.