كلما مر عام واحتفلنا بعيد الاستقلال الذي تحقق لشعبنا اليمني من المستعمر البريطاني في الثلاثين من نوفمبر 1967م، يكبر في دواخلنا نحن ممن عاشوا فترة الكفاح المسلح ضد المستعمر (14 أكتوبر 63م ـ 30 نوفمبر 67م) سؤال بدأ في يوم الاستقلال وظل حتى اليوم بعد واحد وأربعين عاماً يكبر عاماً بعد عام وهو: “هل حقق الاستقلال الوطني أهدافه التي من أجلها قاوم الشعب سياسة وجنود المستعمر البريطاني ليس خلال فترة الثورة التي انطلقت في الرابع عشر من أكتوبر 1963م من قمم جبال ردفان الأبية، بل ومنذ اليوم الأول للاحتلال في 19 يناير 1839م، حيث قاوم سكان عدن جنود الاحتلال وقائدهم الكابتن هنس.؟!”سؤال كبير.. في باطنه تسكن عدة أسئلة تتسع مساحاتها كل عام.. وهنا لا أدعي معرفتي بالإجابة الرئيسة أو الفرعيات، بل إنها أسئلة في سؤال، كما قلت يكبر في دواخلنا مع كل عام نحتفل به بعيد الاستقلال الوطني.والحقيقة أن الإجابة على مثل هذا السؤال الذي اعترف بعجزي عن الإجابة عنه هو أكبر من حجم المساحة في هذه الصحيفة، وذلك كما أشرت لوجود إجابات كثيرة للسؤال نفسه، ولكن ما يعنينا ونحن نحتفل بهذه المناسبة العطرة هو الإجابة ولو بجزء يسير عن أهداف الاستقلال كما وردت في الميثاق الوطني للجبهة القومية.حقيقة ان أهم أهداف الاستقلال هو الحرية وهذا ما تم تحقيقه وان كانت حرية شابها بعض القصور نتيجة حكم الجبهة القومية بعد الاستقلال..ولعلنا نتذكر كيف كان هذا الحكم الذي اتسم بالشمولية والتبعية للمعسكر الاشتراكي (آنذاك) إلى جانب دورات الدم التي لم تتوقف إلا بقيام الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م، وهي من أهم وأبرز أهداف الاستقلال بعد هدف الحرية.. أما بقية الأهداف فان تحقيقها كان لصالح رجال الحكم (الجبهة القومية) وليس لصالح السواد الأعظم من أبناء الشعب الذين وجدوا في هذا الحكم مبرراً لهروبهم خارج الوطن فيما كان الوطن في أمس الحاجة إليهم بعد الاستقلال.لا شك في أن المستعمر البريطاني ترك مخلفات وملفات ثقيلة أمام الحكم الوطني بعده، غير أن الحكام ولقصورهم في فهم فن القيادة وعدم امتلاكهم القدرة والحنكة السياسية بل والعقلية الوطنية الصحيحة ارتكبوا أخطاء جعلت البلاد بعد الاستقلال تسير إلى الوراء في شتى المجالات، وهذه الحقيقة لا يمكن نكرانها وهو أمر واجهته دولة الوحدة المباركة، حيث كانت عدن قبل الوحدة تعيش أوضاعاً شبه مأساوية وتخلفاً اقتصادياً وعمرانياً واضحاً الأمر الذي ـ واستناداً إلى أهداف الاستقلال- جعل من الوحدة المباركة الوجه الحقيقي للاستقلال، فأوجدت الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه وأطلقت العنان للحريات وبنت أسس البنى التحتية وجعلت من عدن وباقي المحافظات الجنوبية والشرقية عروساً تتزين بها اليمن وهذه حقائق وشواهد الواقع على الأرض.من هنا فإن احتفالنا اليوم بعيد الاستقلال هو احتفال بالوحدة وقائدها الذي حرص بنفسه على التواجد في عدن ليكون بين الشعب وواحداً منهم ليقول معهم: أهدافنا في الحرية والوحدة والديمقراطية والتنمية قد تحققت بإرادة الله ثم الشعب.فهنيئاً لنا عيد الاستقلال الذي نتمنى من صانعيه الذين مازالوا على قيد الحياة أن يعلمونا كيف صنعوا الاستقلال؟ وما هي الأهداف التي تحققت ولم تتحقق؟
أخبار متعلقة