غضون
- قلت أمس إنه عندما تتوافر المعلومات النهائية عن الضحايا والخسائر الناتجة عن السيول في المناطق المنكوبة سيتضح لنا أن حجم الكارثة كبير، وقد بدأت المعلومات تظهر لتؤكد أن عدد الضحايا يتصاعد والخراب هائل.. والأمر السار في هذه الواقعة المحزنة هو أداء الدولة الذي يقوده ويوجهه فخامة الرئيس، وكذلك التفاعل المحلي والخارجي الذي برز من خلال تبرعات سخية أعلنت بيوت تجارية ورجال مال وأعمال أنهم سيقدمونها للإسهام في عملية الإنقاذ وكذلك المساعدات التي بدأت تصل من دول الجوار..- الأمر السار أيضاً في هذه النكبة هو أنها أكدت ما قيل عن أولئك الذين يزعمون أنهم مهمومون بقضية “الجنوب والجنوبيين” ويقودون “الحراك السلمي”.. فهم كارثة أخرى.. تصوروا أن البلد كله مشغول بأمر المناطق المنكوبة من إغاثة وتبرعات، بينما في وسط الكارثة يتحرك هؤلاء هنا وهناك حاملين نفس الشعارات ومرددين نفس العبارات عن الجنوب والجنوبيين غير مهتمين بما يحدث وكأن ما حدث في المحافظتين الشرقيتين أمر لا يعنيهم.. وهو بالفعل لا يعنيهم لأن مثل هذه القضايا التي تهم الناس والوطن ليست من مطالبهم ولا علاقة لبرنامجهم بها، فالذي يعنيهم من “الحراك” وشعارات “الجنوب والجنوبيين” و“الشمال والشماليين” هو تحقيق مصالحهم الشخصية غير المشروعة.. ويتاجرون بهموم الناس ويناضلون بعيال الناس من أجل تحقيق المصالح.. ولا يهدؤون لحظة حتى في ظل كارثة بحجم التي وقعت في حضرموت والمهرة.- سيكون من المناسب تنبيه الحكومة والناس إلى أن الانشغال بالكارثة يجب أن لا يحول دون فتح عيونهم لرؤية أخطائهم.. فالسيل أعمى كما تقول العرب، ولكن أفعال بعض المبصرين هي التي تقود ذلك الأعمى ليلحق بهم الضرر..- من هذه الأخطاء بناء المساكن في الوديان ومنحدرات الجبال، و (الجشع) على الأراضي لدرجة عدم ترك مساحة كافية تنفذ منها السيول إلى المكان الذي ينبغي أن تصب أو تتجمع فيه..- مثل هذه الأخطاء موجودة في عدن.. فبعض الناس يلاحظون أنه منذ عشرين أو خمسين سنة مثلاً لم تقع سيول جارفة في سفح جبل شمسان وهذا يغريهم بإقامة مساكن في سفوح الجبال، بينما يمكن أن يحدث تغير مناخي وتصب السحاب غضبها فوق الجبل وتجرف آلاف المساكن في مدينة فتح مثلاً.. إن الناس يجب أن يدركوا خطورة أفعالهم والحكومة يجب أن لا تسمح لأحد بالبناء في مجاري السيول وإقامة تجمعات سكنية عشوائية.