طهران / متابعات :بعد مرور 27 عاما على انتصار الثورة الايرانية مازال موضوع الحجاب وارتداء الأزياء يشكل قضية اجتماعية تسعى جهات متعددة في ايران لايجاد حلول عملية لها لتحد من المشاكل العملية المتعلقة بها، وبحسب مراقبين للشأن الإيراني يلعب الانبهار بالحضارة الغربية لدى شرائح واسعة من المجتمع الايراني ، دورا ً بارزا في تفعيل الصراع بين أنصار الحديث والقديم في جميع مناحي الحياة الايرانية ، حيث لم تتمكن الجهود الرسمية في ايران من معالجة هذه المعضلة الثقافية والاجتماعية رغم انتهاجها اسلوب التشويق والترغيب في الفترة الاخيرة من خلال اقامة معرضين خاصين بازياء المرأة الايرانية حمل الأول عنوان "ريحانة: معرض أزياء النساء المسلمات "اما المعرض الثاني فكان عنوانه "نساء من بلادي".ويرى هؤلاء المراقبون ان جميع المحاولات التي اعتمدت الأساليب القسرية لفرض الحجاب التام على المرأة الايرانية فشلت ، كما لم يكتب للأساليب التشويقية النجاح بسبب الضغوط التي فرضتها السلطات الايرانية على التيار الاصلاحي الايراني الذي رأى ان معالجة القضايا الساخنة في المجتمع الايراني تتطلب مناقشتها من الناحية الفكرية وتقصي جذورها التاريخية وازاحة التأويل الديني الأحادي لها.واذ رأى بعض المتابعين للشأن الايراني ان اثارة قضية الزي الوطني جاءت على خلفية الاحتفاء بانتصار الارادة الشعبية بوجه فرض " كشف الحجاب " القسري الذي فرضه رضا شاه بهلوي قبل 70 عاما بعد سفره الى تركيا وتأثره بانجازات كمال اتاتورك ، فان عددا من المحللين اشاروا الى اخفاق التيار المتشدد في فرض فهمه الخاص للحجاب وحصر الدين الاسلامي بشعائر غير جوهرية.ولم تنحصر الرؤية الرسمية للأزياء بحجاب المرأة وانما فرضت ذائقتها على الازياء الرجالية، لكنها لم تنظّم بعد معارض بهذا الصدد بسبب صعوبة حذف النموذج الغربي المكوّن غالبا من البنطال كعنصر اساسي فيه مع تنويعات تشمل المعطف والسترة والقميص، وليس من السهل ايضا تقديم نماذج رجالية لتعارضها مع وجود الزي التقليدي لرجال الدين في ايران.الى ذلك انتقدت مجلة (لوتوس) الايرانية للموضة والأزياء انتقدت بشدة اقامة المعرضين المذكورين سابقا مشيرة ً الى (( انه لأمر مفرح ان يتم تخصيص معارض لموضة الأزياء ولكن منظمي هذه المعارض لم يقدموا للجمهور الايراني أية رؤية أو ضرورة فنية دفعتهم لاقامة هذه النشاطات وإيضاح الفائدة التي يمكن أن يستخلصها الجمهور منها ))وأكدت المجلة على ضرورة اشاعة ثقافة فنية ترتبط بالأزياء ، و تكثيف الجهود في هذا المجال والتركيز على القيم الجمالية، مشيرة الى (( ضرورة الاعتراف بأن إيران الاسلامية لا تمتلك حتى موسيقى مناسبة مرافقة للعروض )) وتساءل بعض المثقفين عمّـأ (( اذا كانت هذه المعارض تركّز على الطابع الاسلامي فهل نحن ازاء أسلمة الفن والأدب، هل نسير نحو الأدلجة ونعتبرها في نفس الوقت انجازا في مجال الفن؟ماذا يعني عنوان (نساء من بلادي) سوى انه يقيد ذائقتنا بزي كان منسجما مع حياة اجدادنا قبل الاف السنين؟ )).من جانبها قالت مهلا زماني مؤلفة موسوعة الأزياء التاريخية الايرانية وهي موسوعة ضخمة من 28 مجلدا في تصريحات صحفية إن ايران هي البلد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي بامكانه استلهام الأزياء التقليدية نظرا للتنوع القومي فيه ومايرافقه من تنوع في الأزياء من جهة ونظرا لوجود عدد كبير من الطلبة الجامعيين الذين يواصلون تحصيلهم الأكاديمي في قسم تصميم الملابس من جهة أخرى." في هذا السياق لم يقتصر النقاش حول موضة الأزياء في الأوساط الفنية والجامعية، اذ استغلت الصحافة الايرانية المناسبة لتبحث في البعد الفقهي للحجاب من خلال حوارات مع فقهاء اصلاحيين ، قال أحدهم لمجلة " زنان " ان الحجاب ضرورة دينية، ولكن لايوجد اجماع بين الفقهاء على تفاصيله،ولكن حجب جلد وشعر الرأس لم يكن موضع اتفاق جميع فقهاء الشيعة -مع وجود استثناءات - ولكن ستر مفاتن الجسد هو من المواضيع التي إتخذ فيها فقهاء الشيعة موقف الاحتياط ولايوجد أي اتفاق في هذا المضمار، وبالنسبة لغير المسلمين الذين يعيشون في البلاد الاسلامية فان فرض الحجاب عليهم صادر من اوامر حكومية ولاتوجد فتوى او حكم فقهي ينص على ذلك.اما موضوع الاثارة الجنسية فمن الممكن أن يثار الرجل جنسيا حتى بمنظر قطعة من التشادور الأسود والمرأة لاتتحمل شرعا مستوى الاثارة عند الرجل.على صعيد متصل يرى بعض فقهاء الحوزة العلمية في مدينة قم الايرانية ان الاختلاف الفقهي يشمل ايضا الزي الرجالي ، ففي السنوات الماضية احتدت النقاش الفقهي حول البدلة الاوربية وقد اعتبرها بعض الفقهاء من مظاهر الكفر والالحاد، ولم يجيزوا قراءة آيات القرآن لمرتديها، وقد رأى الفقهاء ان على المسلم أن لايظهر بمظهر الكفار وقد تغيّرت هذه العقلية الفقهية وصارت ذات البدلة الزي الشائع بين النخبة المثقفة الدينية في ايران ، اذا العرف هو الحكم الأساس في هذه الأمور وليس هناك زي اسلامي واخر غير اسلامي ، وثمة من يتذكر ان الامام الخميني لم يستجب لطلب رفعه عدد من الشخصيات الاسلامية لتحريم ربطة العنق ، في الفترة التي تم فيها اعتبار ارتداء ربطة العنق وحلق اللحية مظهر المتآمرين ضد الثورة الاسلامية ولعل الذاكرة الثورية مازالت متمسكة بهذا الاعتبار مع تسامح واضح للضيوف الأجانب.
جدل في إيران حول عروض الأزياء الإسلامية
أخبار متعلقة