مجلس الأمن يندد باغتيال الجميل ويقر إنشاء المحكمة الدولية حول مقتل الحريري
بيروت / عواصم / وكالات :سجي جثمان وزير الصناعة اللبناني بيير الجميل أمس في منزل عائلته تمهيدا لتشييعه اليوم، في حين أكدت قوى 14 آذار أن الهدف من اغتياله إنقاص عدد الغالبية في الحكومة والبرلمان.ورافقت عشرات السيارات جثمان الجميل أثناء نقله من مستشفى ماريوسف ببيروت إلى منزل العائلة ببلدة بكفيا القريبة، على أن يشيع اليوم بعد الصلاة عليه في إحدى كنائس بيروت.ولدى وصول الموكب إلى مدخل بكفيا وقرب نصب جد الوزير القتيل أنزل الجثمان الذي لف بعلم الكتائب وحمل على الأكتاف باتجاه منزل العائلة وسط نحيب النساء وهتافات الاستنكار.وبينما أغلقت الدوائر الرسمية وألغيت الاحتفالات بعيد الاستقلال حدادا على الوزير والنائب المنتمي إلى قوى 14 آذار, اعتبرت هذه الأخيرة أن الهدف من اغتيال الجميل إنقاص عدد وزراء ونواب الأغلبية.وقال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في مؤتمر صحفي عقده في منزله بالمختارة إن لعملية الاغتيال هدفين أحدهما إنقاص عدد أعضاء الحكومة التي استقال ستة من وزرائها الأسبوع الماضي وتقليل عدد نواب الأغلبية في البرلمان. ودعا حلفاءه وأعضاء حزبه إلى الصمت والهدوء وعدم تبني الشعارات الحزبية خلال تشييع جنازة الجميل اليوم.واعتبر جنبلاط حكومة الاتحاد الوطني التي تطالب بها المعارضة المسيحية وحزب الله "حكومة تعطيل" تهدف إلى إحباط مشروع المحكمة الدولية لقتلة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والذي أقره مجلس الأمن الدولي.وطالب جنبلاط رئيس مجلس النواب نبيه بري المتحالف مع حزب الله بإقرار مشروع المحكمة واصفا مثل هكذا خطوة "بالخطوة التاريخية".وكانت مظاهرات وتوترات أعقبت عملية الاغتيال ولا سيما في شرق بيروت وزحلة شرقي لبنان حيث قطع محتجون الطريق الدولية بين مدينتي بعلبك وزحلة بإطارات السيارات المشتعلة.وندد المتظاهرون برئيس التيار الوطني الحر ميشال عون وبالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.وجاءت التطورات رغم دعوة الرئيس الأسبق أمين الجميل والد بيير إلى التزام الهدوء وتجنب الأعمال الانتقامية والانفعالية, "حفاظا على القضية التي استشهد" من أجلها نجله وهي "لبنان أولا".ووصف زعيم التيار الوطني الحر بدوره مقتل الجميل بأنه محاولة لشق الصف المسيحي، داعيا اللبنانيين إلى التحلي بالوعي والحكمة للسيطرة على الوضع.ولقي بيير الجميل - أحد رموز تيار 14 آذار- مصرعه بمنطقة الجديدة المسيحية بضاحية بيروت الشمالية, ليكون خامس رمز من رموز التيار المناهض لسوريا يلقى مصرعه منذ اغتيال رفيق الحريري.وقال شهود عيان إن سيارة صدمت سيارة الجميل المصفحة, ثم خرج شخص وأطلق عليه النار عن قرب في رأسه, لينقل بعدها إلى مستشفى ماريوسف حيث لفظ أنفاسه كما توفي أحد مرافقيه.وجاء الاغتيال وسط تحذيرات أميركية من مخطط لإسقاط حكومة السنيورة, وأخرى من جعجع الذي قال إن المخطط قد يتخذ شكل اغتيالات تستهدف وزراء. في غضون ذلك أقر مجلس الأمن الدولي مسودة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. ويأتي القرار بعد ساعات من اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيير الجميل في بيروت مما أثار ردود أفعال دولية منددة واسعة.وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جان مارك دي لا سابليير إن موافقة المجلس جاءت في صورة رسالة بعثها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لتمهد السبيل لطرح هذه الخطط على الحكومة اللبنانية للتصديق عليها رسميا. كما أكد نظيره القطري عبد العزيز الناصر إقرار مجلس الأمن لمسودة محكمة الحريري. وتعتبر هذه الرسالة موافقة رسمية لمجلس الأمن على مسودة إنشاء المحكمة التي وضعها خبراء في مجلس الأمن بالتعاون مع قاضيين لبنانيين. وستقوم الأمانة العامة لمجلس الأمن بإرسالها إلى لبنان حيث يتوجب على المجلس النيابي ورئيس الجمهورية الموافقة عليها باعتبارها اتفاقية دولية قبل أن تصبح نافدة.وفي أول رد فعل لبناني على القرار أشاد مصدر في الحكومة اللبنانية بإقرار مجلس الأمن لمحكمة الحريري. واعتبر أن ذلك "يترجم دعم المجتمع الدولي" للبنان.وخلال جلسة تبني محكمة الحريري أدان مجلس الأمن في إعلان له اغتيال بيير الجميل الذي وصفه بأنه وطني كان "رمز الحرية والاستقلال السياسي للبنان". واعتبر قتله محاولة لزعزعة الاستقرار في لبنان عبر استخدام "الاغتيال السياسي أو أعمال إرهابية أخرى". وفي الأمم المتحدة عبر الأمين العام كوفي أنان عن صدمته لاغتيال الجميل وأعرب عن إدانته القوية لعملية القتل، مؤكدا أن "مرتكبي هذه العملية والمحرضين عليها يجب أن يحالوا على القضاء".وقد استنكر الرئيس الأميركي جورج بوش بشدة اغتيال الجميل، داعيا إلى تحقيق وتحرك فوري للأمم المتحدة، مؤكدا دعمه للحكومة اللبنانية الحالية.أما السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون فقد وصف الاغتيال بأنه "عملية إرهابية"، وأنها تؤكد ضرورة دعم "القوى الديمقراطية" في لبنان في مواجهة عمليات الاغتيال ذات الأهداف السياسية.كما أدان الرئيس الفرنسي جاك شيراك ما وصفه بالاعتداء الشنيع. وعبر عن رغبته في أن تتم ملاحقة ومعاقبة القتلة. ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بيروت للمشاركة في جنازة بيير الجميل.وطالب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بتحقيق كامل في الحادث, ودعا إلى توفير الحماية لرئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة. وأعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن "صدمته" لاغتيال الجميل، مؤكدا على ضرورة العثور على المسؤولين عن هذا "الاغتيال الجبان" ومعاقبتهم.وأدانت وزارة الخارجية الروسية استئناف سياسة الاغتيالات السياسية في لبنان، معربة عن قلقها. كما دعا وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما إلى "عدم الانسياق لمنطق الإرهاب في لبنان".واعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن اغتيال الجميل محاولة جديدة لتقويض تطور لبنان "المستقل السيد الديمقراطي". وأكدت إسبانيا دعمها القوي للحكومة والشعب اللبنانيين، ودعت إلى معاقبة "المذنبين".وفي طهران اعتبرت الخارجية الإيرانية اغتيال بيير الجميل عملا جبانا. وقال الناطق باسمها محمد علي حسيني إن الاغتيال يأتي في حين "كانت التطورات في لبنان تجري في أجواء سياسية سلمية وطرق ديمقراطية، وفي حين تبدي كافة الأطراف اللبنانية نضجا سياسيا لتفادي أي مواجهة".على الجانب العربي ادان عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية الاغتيال، من ناحيتها وصفت سوريا الاغتيال بأنه عمل إرهابي, ودعت على لسان رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية في برلمانها نمير الغانم إلى محاسبة مسؤولي وزارة الداخلية اللبنانية الذين سمحوا بوقوع اغتيال بهذه السهولة.كما أدان العاهل الأردني عبد الله الثاني بشدة "جريمة" اغتيال الجميل ووصفها بـ"العمل الجبان" الذي يستهدف أمن واستقرار لبنان.واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الاغتيال يستهدف وحدة لبنان وأمنه واستقراره، مشيرا إلى أن استمرار مثل هذه الجرائم "له عواقب خطيرة على الأمن الإقليمي والأمن القومي العربي".واستنكرت دول مجلس التعاون الخليجي بشدة اغتيال الجميل الذي وصفه بيان صدر في ختام اجتماع وزاري خليجي بالرياض "بالعمل الإرهابي". وأعرب الوزراء عن رفضهم لمثل هذه الأعمال التي تستهدف إشاعة الفوضى.