الفنان الذي وجه السياسيين لتحقيق أحلام الشعب وما تريده الأمة
إعداد/منصور نور إن الاحتفال بيوم ميلاد قامة فنية، مثل فناننا القدير محمد مرشد ناجي، يستوجب علينا الوقوف أمام عطاءات هذا الفنان والأديب الكبير وخاصة مؤلفه «أغانينا الشعبية» والذي أصدره الفنان محمد مرشد ناجي عام 1959م .. وهي مناسبة للاحتفاء بهذا الكتاب الجميل والذي هو الآخر يضعنا أمام مسؤولية وطنية مهمة جداً، توجب على المجتمع اليمني الاهتمام بتراثنا الفني - الغنائي -إلى حد القداسة وحمايته بالحفاظ على أصوله ونقاء مصادره، ويختتم الأستاذ الأديب محمد سعيد مسواط تقديمه الكتاب إلى ضرورة دراسة تراثنا الفني ويقول «القضية هي قضية دراسة كل ما ورثناه وفهمه فهماً صحيحاً، ومن ثم يبدأ التطور الأساسي الصحيح. والحق أن الأمل في نفوس كل من يهمهم أمر الغناء والموسيقي في بلادنا، يقوى حين نحس بنجاح محاولات بعض فنانينا الواعين ممن يحسنون ويعون مدى ارتباطهم بكل ما ورثناه في هذا الميدان .. بل في وعيهم بأنهم في أمس الحاجة إلى إستزادت ثقافتهم وتعميقها، بل ودراسة الموسيقى دراسة واسعة منظمة». وهذه المهمة الوطنية والمسؤولية الثقافية لا تنحصر في جمع التراث وتوثيقه وتزيين منضدة ذاكرتنا وتنمق واجهات مؤسساتنا الفنية فحسب، بل المهمة أكبر من مشروع أحلامنا لأن مسواط وضع أمامنا «قضية دراسة كل ما ورثناه» دراسة دقيقة وعميقة تعتمد إلى الدراسة النظرية والتحليلية والمقارنة في علم الموسيقى واللحن والأداء، ورغم مرور نصف قرن على صدور هذا الكتاب «أغانينا الشعبية» ومقدمة مسواط، لم نبدأ بدراسة تراثنا! وبالتالي نبدأ بحركة «التطور الأساسي الصحيح».وهنا نجد الإجابة التي بحثنا عنها، عندما عجزنا عن الرد على السؤال:لماذا لا تستعيد الأغنية اليمنية أمجاد عصرها الذهبي؟- وما أشبه جيل اليوم بالجيل الذي صدر في عصره هذا المؤلف، أواخر عام 1959م، في مدينة النور عدن .. وخاطبة الفنان محمد مرشد ناجي، قبل خمسين عاماً، وهو يسجل كلمته «كلمة المؤلف في ص20.- فها هو بين يديك .. وكل أمل أن يجد كل فنان مرشداً وهادياً يشير إلى الطريق السوي، وأن يجد جيلنا الجديد الذي عود نفسه على التقزز والإعراض عن الاستماع إلى أغانيه الأصيلة .. أغاني آبائه وأجداده، هذه الأغاني التي هي أشبه ما تكون بالأغاني الكلاسيكية التي لا تبلى ولا يمسها قدم «بكسر القاف».أملي أن يجد جيلنا الجديد من هذا البحث حافزاً لدفعه إلى الاهتمام، وأن يخصص، ولو جزءاً من وقته الذي يصرفه للاستماع إلى الحان أخرى، أن يستمع إلى هذه الأغاني وأنا أضمن له تذوقها متى حاول الاستماع إليها بجد واهتمام.وما زال الأمل يحذو فناننا الكبير محمد مرشد ناجي والذي تشرفنا بالحضور جميعاً، للتعبير على تقديرنا لهذه القامة الوطنية التي للأسف الشديد أهتم به مجتمعنا كفنان وملحن ولم يهتم به كأديب ومفكر .. وأمله أن يجد جيلنا حافزاً للاهتمام بتراثه وأن يستمع إلى أغاني آبائه وأجداده ويتذوقها بشغف.وأقف لاستعرض بطاقة الدعوة التي وجهت إلى السيد محمد مرشد ناجي وهذا نصها:يتشرف الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهوريةرئيس الاتحاد القوميبدعوة السيد محمد مرشد ناجي لحضور الجلسة الختامية للمؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة في تمام الساعة الثامنة من مساء السبت 16 يوليو / تموز سنة 1960 بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.[c1]الدعوة الشخصية [/c]يرجى الحضور قبل الموعد بنصف ساعة.ونلت ثقة الفنان الكبير ونشرت «الدعوة» في صحيفة 26 سبتمبر بتاريخ 13 أغسطس 2009م، وهي تحمل دلالات عميقة وعظيمة على المكانة المرموقة التي بلغها الفنان محمد مرشد ناجي كشخصية وطنية، ولم يبلغها أي فنان آخر على مستوى اليمن والجزيرة، إذا جاز لنا أن تأتي بمثل هذا الاستنتاج، خاصة وأن الدعوة خاطبت المرشد بكلمة «السيد» وليس «الفنان» باعتبار أن المرشد كان قد أعلن عن مواقفه الوطنية والقومية ليس في أغانيه فحسب بل في مؤلفه الأدبي الأول «أغانينا الشعبية)1959م ولا شك أن هذا الكتاب لأهميته كان قد وصل عقب صدوره إلى يد الزعيم العربي الر احل جمال عبد الناصر،المعروف بفهمه وولعه بقراءة الكتب منذ كان تلميذاً في مرحلة الثانوية وطالباً في الكلية الحربية وأول مقالة كتبها (عبد الناصر) على المجلة الحائطية في مرحلة الثانوية كانت (فولتير).وإذا عرفنا من هم أصدقاء الفنان الأديب المرشدي من (شلة) ناجي الشباب الثقافي في مدينة الشيخ عثمان- عدن،÷والذي خصهم بالذكر في كلمته التي تصدرت كتابه (أغانينا الشعبية) والشكر لمن ساهم في تشجيعه مادياً ومعنوياً وذكر الأعزاء عبد العزيز سالم باوزير وأشار إليه في الأهداء )..«الإهداء إلى الثأئر الصامت والقوي في عزيمته ووطنيته وقوميته،الذي لم يعمل ليكسب أي نفع شخصي،والذي لولاه لما أتيح لهذا الكتاب أن يرى النور،إلى ذلك الصديق الصدوق ع.س.ب أهدي هذا الكتاب اعترافاً بالجميل الذي لا يقدر بثمن» .ومحمد سعيد مسواط وعلي عبد الرزاق باذيب،وأحمد سعيد باخبيرة،ومحمد سالم ساندوة وغيرهم كثيرون،وهذه الأسماء البارزة كان لها الأثر الكبير والإسهام الجاد في الارتقاء بوعي المجتمع من خلال قيادتهم للعمل الفكري والثقافي التنويري وبقاء أثر بنات أفكارهم ومواقفهم الوطنية الخالدة إلى يومنا هذا.وبهذا يمكننا تحديد ملامح الإطار المناسب ودقة تفاصيله للمواقف الوطنية ولثقافة ورسالة الفنان المرشد كفنان ملتزم برسالته الوطنية في أغانيه ومؤلفاته الأدبية.وسيظل المرشد..الفنان المثقف الذي وجه السياسيين أولاً لتحقيق أحلام الشعب وما تريده الأمة،كفنان ومثقف ممثل للشعب في البرلمان،ولم يخضع لرغبة سياسي وحقيقة أقول لقد اهتم مجتمعنا بالمرشد كشخصية فنية،وأهمل شخصيته الفكرية والنضاليةالتنويرية،ولربما أخفاها المرشد خلف شخصيته كفنان،لكي لا يواجه المصير الذي أدى إلى وفاة العديد من أصدقائه وتصفية بعضها جسدياً في أحداث أو ظروف غامضة أرجو أن أكون مخطئاً في ذلك.والمرشد هو الإنسان والفنان الوفي لوطنه وشعبه ولأحبته وأصدقائه والذي خلدهم في تسمية أولاده،وفي مقدمتهم البطل الشهيد/هاشم عمر إسماعيل والأديب والنقابي البارز محمد سعيد مسواط- رحمة الله عليهم جميعاً- وأطال الله في عمر فناننا الكبير محمد مرشد ناجي ومتعه بالعافية.( ألقيت هذه المداخلة في منتدى عدن الأهلي- الاجتماعيعصر يوم الجمعة6/نوفمبر/2009م بمناسبة الاحتفاء بالعيد الثمانين لميلاد الفنان محمد مرشد ناجي.)