إعداد/محمد فؤادازدادت في الآونة الأخيرة وبشكل لافت حوادث تلوث المحاصيل المعدلة وراثيا (جينيا) على مستوى العالم، في حين تعمدت عدد من الشركات المسؤولة عن تلك الحوادث إلى تجاهل العواقب بشكل مريب على غير عادة تلك الشركات! لذلك واحتجاجا على تفاقم هذه المشكلة، نفذ متطوعون من «غرينبيس» سلسلة من التحركات للاعتراض على شحنات الأرز المعدلة جينيا القادمة من الولايات المتحدة إلى أوروبا. ويحدث التلوث الجيني عندما يتم خلط المحاصيل الغذائية الأساسية الطبيعية مع مواد اختبارية او محاصيل معدلة جينيا. اورد تقرير ‘سجل التلوث الجيني العالمي 2007’ ، تفاصيل 39 حالة جديدة من التلوث الجيني في 23 بلدا في العام الماضي. وقد طاول التلوث محاصيل رئيسية مثل الارز والذرة بالإضافة الى الصويا والقطن والكانولا ، والبابايا والاسماك. ومنذ عام 2005، تم تسجيل اكثر من 216 حالة تلوث جيني في 57 بلدا منذ تم اطلاق المحاصيل المعدلة وراثيا تجاريا وعلى نطاق واسع في عام 1996. في حين تدعي الشركات قدرتها على السيطرة على استخدام المحاصيل المعدلة وراثيا، الا ان الواقع مختلف تماما. في ميناء روتردام الهولندية تمكنت السلطات من كشف سلالات ارز ملوث جينيا في شحنات مسجلة على انها خالية من المواد المعدلة جينيا عند الخروج من الولايات المتحدة. بالاضافة الى ذلك، فقد ظهر في الأيام الأخيرة فضيحة جديدة في كينيا حيث يحتج ناشطون بيئيون وجمعيات المزارعين على تكاثر الادلة على التلوث الجيني في البلاد من جراء الاعتماد على بذور مصدرها شركة هاي بيونير الامريكية والتي تعرف بكونها واحدة من رواد تجارة البذور في العالم.[c1]التلوث الجيني[/c]غالبا ما تكون حالات التلوث الجيني معقدة ولكن في كل الحالات تبقى لكل حالة الكثير من المضاعفات والاثار الكبيرة. هناك أمثلة عديدة على اغذية تم تلويثها من خلال تلحقيها بمحاصيل معدلة وراثيا غير صالحة للاستهلاك البشري. في العام الماضي، استدعيت شركلة باير للمثول امام محكمة اميركية بعد دعوة قضائية رفعها مزارعي الارز وذلك لدورها في تلويث بعض اصناف الارز نتيجة اختبار تجريبي كانت قد اجرته بين عامي 1999-2001. حينها تذرعت باير ب”القضاء والقدر” لتبرير تلوث اصناف الارز التقليدية بسلالات التجريبية. ويظهر هذا الادعاء من شركة باير تخاذلها وعدم اكتراثها بصحة الانسان ومنع التلوث. مع هذا الانتشار الواسع النطاق للتلوث الجيني، بدأت قدرتنا على معرفة ما اذا كان الاغذية التي نشتريها ملوثة ام لا. كل حالة من حالات التلوث تلك تنتج مضاعفات ضخمة من ناحية التكاليف ذات الصلة - مثل تكلفة استراجاع المنتج الملوث جينيا، والإختبار والفحص وبالاضافة الى خسارة المادية في اسواق الصادرات. وفي آب / اغسطس 2006، تم العثور على آثار تلوث جيني غير مصدق يحمل رقم “LL601” والمعروف باسم “ليبرتي لينك” والمملوك من قبل شركة باير العملاقة في مجال البيوتكنولوجيا، في منتجات الولايات المتحدة من الارز. وبذلك تضرر ما يقارب 63 في المئة من صادرات الارز الامريكي، وانتشر التلوث الجيني في ما لا يقل عن 30 بلدا، من النمسا الى غانا وحتى دولة الامارات العربية المتحدة. وكان ان قام كل من الاتحاد الاوروبي والفليبين باغلاق اسواقها امام الارز الامريكي. [c1]خسائر الصادرات في المستقبل[/c]وصلت الخسارة التجارية انذاك الى 253 مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة مع عملية استرجاع المحاصيل، وفي هذا الاطار يتوقع ان تتجاوز خسائر الصادرات في المستقبل الى445 مليون دولار امريكي. ولكن هنا تكمن المشكلة: في نهاية الامر يتم دفع كل تلك المبالغ من اموال دافعي الضرائب او التعاونيات المزارعين والمصدرين، كما كان الحال في مشكلة باير. في اغلب الاحيان تتجنب الشركات العملاقة دفع ثمن التلوث في المحاصيل المعدلة وراثيا. ولأن الشركات الكبيرة في مجال البيوتكنولوجيا المسؤولة عن هذه المحاصيل لا تحمل عادة مسؤولية تكاليف التلوث، فانه من الطبيعي جدا ان لا تكترث هذه الشركات وان لا يكون لديها الحافز لمنع وقوع حوادث تلوث جيني في المستقبل. لو انه يتم تحميل المسوؤلية والكلفة لتلك الشركات لكانت اكترثت اكثر واكثر لتلك الامور الصحية والبديهية. [c1]مخاطرة الشركات العملاقة بسمعتها في مجال التلوث الجيني![/c]مع كل فضيحة تلوث جيني يتم الكشف عنها، تزداد سمعة المحاصيل المعدلة وراثيا سواء بالاضافة الى الاضرار والتكاليف التي نتكبدها اسواق الصادرات والمزارعين (وهم على كل حال زبائن محتملين للمواد المعدلة جينيا. وهنا يبرز السؤال الاهم: لماذا تسمح تلك الشركات العملاقة بالمخاطرة في هذا الامر ولماذا تسمح بالتلوث بالجيني؟ ومن الواضح أن شركات التكنولوجيا الاحيائيه لديها بعض اسباب القوية لعدم اتخاذ تدابير فعالة لمنع التلوث. ومن المؤكد ان التلوث يسمح للشركات في مجال البيوتكنولوجيا الى القول بأن محاصيلهم لا ينبغي ان تنظم كما هي بالفعل في السلسله الغذائية. ويمكن أن ينظر اليها باعتبارها دق الآسفين الاخير الى الوصول الى الاسواق من خلال الباب الخلفي وعبر فرض امر واقع يستحيل تغييره او الرجوع عنه. لما كانت شركات التكنولوجيا الاحيائية لا تفصح عن دوافعها الحقيقية وراء التلوث الجيني، فان بعض ارباب تلك الصناعة يعمد الى اصدار بعض التلميحات عن استراتجية تلك الشركات: “ان اجمالي المساحات المخصصة للمحاصيل المعدلة وراثيا فى جميع انحاء العالم آخذ في التوسع. وهذا ما سوف ينهي الجدال والنقاش العلميين في موضع الهندسة الوراثية في نهاية المطاف. من المعيب القول إن السبيل الوحيد للفوز في هذا الامر هو عدم اعطاء حق الاختيار للمستهلك، ولكن في مكان ما وزمان ما لا بد من القيام بذلك “. دايل ادولف ، الرئيس السابق للمجلس الكانولا في كندا واحد والدعاة والمروجين للاعتماد على المحاصيل المعدلة وراثيا. في الوقت الذي يبدو فيه ان الشركات العاملة في مجال البيوتكنولوجيا تتجاهل عن قصد المخاطر التي يتعرض لها المزارعين بالاضافة الى تجاهل الامور الصحية وعدم السعي لاحتواء التلوث الجيني، فانه من الحيوي والضروري جدا ان يصمد السياسيين: المزيد من الاختبارات الدقيقة بالاضافة الى تحميل الشركات وزر اخطائها هو السبيل الوحيد لضمان وضع حد للتلوث الجيني.
|
ابوواب
تلوث أصناف الأرز التقليدية بسلالات التجريبية
أخبار متعلقة