يقال في اللغة (زاب الماء) أي جرى ومنها جاءت كلمة (ميزاب) التي تطلق على محافظة إب ،التي تسمى (ميزاب اليمن) اشارة إلى غزارة الأمطار التي تهطل فيها ،وكثرة المياه التي تسيل في أوديتها ،مما يجعلها دائمة الإخضرار ،حتى صار يطلق عليها (اللواء الأخضر).وتوجد في (إب) عدد من الأودية الشهيرة منها على سبيل المثال (وادي ميتم) الذي تنبع مياهه من قلب مدينة (إب) التي تقع على ربوة عالية من السفح الغربي لجبل بعدان ،وتنضم إليه أودية (جبلة) و(جبل بعدان) الجنوبية ،وأودية (صهبان) و(السبرة) وتتجمع كلها في (وادي ميتم) ومنه تصل إلى وادي (تبن)في محافظة (لحج).ويوجد في (إب) أيضاً (وادي الحقل) الذي تأتي مياهه من (يريم) و(قاع الحقل)في محافظة إب ،وتتجمع في أسفل (وادي الحقل) عند بقعة تسمى (يحصب) حيث السدود الحميرية القديمة والعظيمة التي تكلم عنها المؤرخون ،وذكرها الشعراء بقولهم:[c1]وفي البقعة الخضراء في أرض يحصب ثمانون سداً تقذف الماء سائلاً[/c]وتمر مياه وادي الحقل في مضيق متعرج ثم تهبط جنوباً لتصل إلى (وادي بنا) في محافظة أبين ،بعد أن تنضم إليها مياه عدد من الأودية الأخرى.إن الأودية الممتدة من جبال محافظة إب لتصل إلى سواحل خليج عدن ،كانت في الماضي قد كسرت الحواجز الطبيعية وقهرت الحدود المصطنعة ،وخلقت وحدة طبيعية دائمة في اليمن ،بقيت عبر القرون رمزاً لوحدة الأرض والإنسان ،لم تؤثر فيها الظروف ،ولم تغيرها التقلبات السياسية المختلفة.فأودية (إب) كانت عبر القرون ولاتزال تجود بمياهها العذبة على أودية أبين ولحج وتعز ،فحولت صحراءها خضراء تكسوها الأشجار والنباتات المفيدة ،وأعطتها مناظر بديعة تسر الناظرين.لقد كانت (إب)ولاتزال كريمة في عطائها ،سخية فيما تمنحه من خيرات لليمن ،ولاغرابة وهذا هو حالها ،أن نجدها اليوم تحتضن الوافدين إليها من جميع أنحاء اليمن ليشاركوا في أعراسها بالعيد الوطني السابع عشر فهي بامكانياتها المتواضعة تحتضن ضيوف اليمن جميعهم ،وهاهي تلبس حلة قشيبة ابتهاجاً بضيوفها ،وفرحاً بالعيد الوطني السابع عشر.إن مدينة (إب) الواقعة على ربوة في السفح الغربي لجبل بعدان الذي يطل عليها من جهة الشرق،مدينة تاريخية جميلة ،ولها سور عظيم مستدير من الجهات الأربع ،ومناخها لطيف معتدل ،ليس بالحر الشديد ولابالبرد القارس ،ولكنه ليس ألطف من تعامل أهلها مع ضيوف اليمن ،ومع زائريهم.وإذا كانت مدينة (إب) تزخر بالقصور الفاخرة،والمباني الأثرية القديمة ،والمياه العذبة ،فإن ذلك لايصل الى مستوى عظمة أهلها الطيبين وجمال أخلاقهم,وعذوبة أحاديثهم مع ضيوفهم .واذا كانت (إب) معروفة بخصوبة تربتها ،وجودة زراعتها ،فإن خصوبة أدبائها ومفكريها لايقل خصوبة عن تربتها ،وجودة انتاجهم لايقل.جودة عن جمال سهولها ووديانها .فهي ـ كما وصفها أمين الريحاني في ملوك العرب (ص10) ـ "وكأنها حفنة من اللؤلؤ على بساط أخضر مفروش في بحيرة جفت مياهها".إن (محافظة إب) بحكم موقعها المتميز بين عدة محافظات جعلها تكتسب أهمية خاصة ،وتحظى بالمئات من المشاريع التنموية الهامة التي سيتم افتتاحها في الأيام القادمة بالتزامن مع الاحتفالات بالعيد الوطني وأعياد الثورة الوطنية.وإذا كانت (إب) قد عرفت بمناظرها الجميلة،فإن يد الإنسان المعاصر من أبنائها عندما تدخلت زادتها رونقاً وجمالاً ،فصارت فيها الفنادق السياحية ،والشوارع المعبدة ،والمياه العذبة النقية ،والمشاربع التطويرية المتعددة ،مما يبشر بمستقبل أفضل لهذه المحافظة المعطاءة.وفي (محافظة إب) توجد (مدينة جبلة) التاريخية،عاصمة الملكة (أروى بنت أحمد الصليحي) وهي مدينة أثرية جميلة ،تقع على سفح جبل التعكر بين نهرين جاريين في أيام الصيف والشتاء ،وهي مدينة عامرة بالسكان ،واشتهرت قديماً بالعلم والعلما،وفيها جامع الملكة أروى الشهير الذي يضم قبرها المزخرف بالنقوش البديعة والخطوط الجميل،وهو مايجعلها مقصداً للسواح والزائرين من كل مكان.وكانت الملكة أروى قد تركت أوقافاً كثيرة تنفق على طلبة العلم الذين لايزالون يرتادون جامعها حتى اليوم.وفي (محافظة إب) توجد كذلك منطقة ظفار التاريخية الشهيرة ،وهي منطقة أثرية قديمة ،وتقع في الجنوب الغربي من مدينة يريم ،على بعد حوالي عشرين كيلومتراً ،وكانت عاصمة الحميريين ،وبها آثار عظيمة وصهاريج أثرية وتحف نفيسة وتماثيل منقوشة على الأحجار والجبال وغرف اصطناعية محفورة في أغوار الجبال حفرتها يد الإنسان اليمني في العصور القديمة. وفي (ظفار) متحف متواضع يحوي بعض الآثار القديمة المتبقية التي تبسط عليها أيدي اللصوص إذ تسربت منها أعداد كثيرة من الآثار الى الخارج كما استخدم بعضها في بناء البيوت والمساجد في يريم وذمار.وفي (ظفار)يجد الزائر نفسة مبهوراً أمام عظمة الإنسان اليمني الذي قهر الطبيعة وأنشأ السدود المحفورة في الجبال لحفظ مياه الأمطار.كما يعجب الزائر من قوة إرادة الإنسان اليمني وهو يحفر الصخر بيديه من السفح الى أعلى قمم جبل بعدان فقد شقت الطرق الجبلية وتم سفلتتها فصار من السهل الوصول بالسيارة إلى أعلى قمة الجبل وهو من منجزات الثورة والوحدة.وتروى في هذا الخصوص حكاية طريفة مفادها أن جملاً كان قد وجد على ظهر سفينة عابرة فرآه ربان السفينة وسأل عن صاحبه فلم يجده فأمر ملاحي السفينة في البحث عن صاحب الجمل لكنهم لم يعثروا عليه فأعياهم البحث فأخذوا يسألون الجمل عن هويته ومن أين اتى فأجاب:إني من جبل بعدان كنت قبل الثورة والوحدة اشتغل بحمل الناس على ظهري وأنقل بضائعهم من أسفل الجبل الى أعلاه وبالعكس واليوم لم يعد لدي أي دور فقد صارت السيارة تزاحمني بل أصبحت تحل محلي في كل شيء مماجعل الفلاح يتخلى عني فهربت الى هنا بحثاً عن عمل في مكان آخر.وما أبهى الاحتفال بالعيد الوطني السابع عشر في محافظة إب وانعم بها من بهجة في ميزاب اليمن.
أخبار متعلقة