سطور
كمال محمود علي اليماني تكرم الأستاذ الدكتور علوي عبدالله طاهر، وأهداني نسخة من كتابه الصادر قبل أشهر والذي حمل عنوان (( المنظمات والهيئات الشعبية اليمنية .. ودورها في الحياة الثقافية ونشر الوعي الوحدوي .. 1918 1967-م ))وهو كتاب صادر عن دائرة التوجيه المعنوي / مركز المعلومات ويقع في 335 صفحة من المقاس الكبير .والحق أنني قرأت الكتاب بشغف كبير إذ جذبني العنوان للتعرف على ماهية تلكم المنظمات والهيئات التي لعبت دورا في الحياة الثقافية في اليمن خلال التاريخ الحديث ، ومما شدني للقراءة أكثر هو ما أخبرني به الدكتور علوي طاهر مشافهة حين أعلن لي ، ولاأبيح هاهنا سرا ً ، أنه يعد هذا الكتاب صفوة كتبه ، وأنه لو لم يكن له كتاب إلا هذا لكفاه .قد يكون الدكتور محقا فيما ذهب إليه ، وإن كان هذا لايقلل البتة من أهمية كتبه الأخرى ، لكنه كان بحق كتابا مرجعياً يعرض لكثير من المنظمات والهيئات التي كانت لها أدوارها في الحياة الثقافية في اليمن ولها ، ربما ، دورها الريادي في نشر الوعي الوحدوي ‘ في مناطق مختلفة من أرجاء اليمن الطبيعي الموحد ، والتي ربما غبنت فيما مضى من السنوات لاعتبارات سياسية ، وأهيل على أدوارها التراب محاولة من البعض إفراد منظمته أوهيئته ، وإغفال الأخريات ، ومجهوداتها لإعتبارات سياسية أو قبلية ,أو مناطقية .غير أنه لايصح في الأخير سوى الصحيح ، ولابد للتاريخ من أن يعدل المسار ، وأن يهيئ للتصحيح رجالاً يغربلون الصفحات وينقبون في ثنايا المخطوطات والصحف والمجلات ، وفي مظان الكتب ، لكي تصل لنا الحقيقة الوضاءة التي تعطي كل ذي حق حقه .ويقيني أن عدداً غير قليل من مثقفينا، بله العادي من الناس لم يسمع عن كثير من المخيمات والمنتديات التي كانت متناثرة هنا أو هناك ، على إمتداد اليمن ، والكثير منها قد توج نشاطاته في عدن إبان عهودها الزاهرة ، شخصيات جمة ورد ذكرها كان لها ألأثر الفاعل على تلكم النشاطات ،ولم يغفل الكاتب إيرادها إحقاقا للحق ، ولذمة التاريخ ، وهي أسماء شعت في عقود غابرة ، ثم انطمست إشعاعاتها بفعل فاعل .وآن لها الآن أن تعرف لها الأجيال مالها من يد طولى عليها . ولعل أجمل مافي الكتاب أنه تناول اليمن بوجهها الموحد ، فعرض للنوادي والرابطات والجمعيات وكذا الأحزاب والإتحادات في عموم أرجائها ، فهو ينتقل بك من صنعاء إلى عدن ويعرج على تعز وإب وينتقل بك إلى حضرموت ، ليس هذا فحسب بل يذهب بك إلى اليمنيين وجالياتهم الموحدة ونشاطاتهم في المهجر في جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا وأوربا وأمريكا ، وجمعياتهم في الوطن العربي .وما أن تفرغ من قراءة الكتاب حتى يتملكك شعور دافق بضرورة الإنحناء إجلالاً وتقديرا لأجدادنا وآبائنا الذين حملوا الهم الوحدوي في أفئدتهم ، وجعلوا منه نبراساً لكفاحهم ومجهوداتهم في أنشطتهم الثقافية والرياضية والأدبية والسياسية .ليست الوحدة إذن هم هذا الجيل أو الجيل الذي سبقه ، إنها هم ظل أولئك الرجال الأفذاذ يناضلون من أجله ، وظهر على السطح منهم من ظهر ، وأندرست مجهودات ونشاطات بعضهم ، وأهيل عليها تراب النسيان ، وهاهي ذي تنبعث ذكراها العطرة ، ويفوح أريجها الزكي من خلال هذا الكتاب الذي يعد مرجعاً تاريخياً حديثاً للأجيال اللاحقة.كم المراجع المحشود من الصحف والدوريات والدساتير والقوانين ومن الأنظمة ، والكتب والكتيبات التي رجع إليها الكاتب يشير إلى حجم الجهد الذي بذله لاستخلاص زبدة القول ولب الفائدة ، فشكرا للأستاذ الدكتور علوي عبدالله طاهر مرتين ، الأولى لأنه جمع كل هذا الكم الهائل والمفيد من المعلومات بين دفتي هذا الكتاب ، والثانية .... لأنه هيأ لي قراءته .