صباح الخير
منذ بداية عملي الصحفي الذي ليس بالطويل لم أفكر يوما في مدح أو إطراء أي فرد أو جهة ولا اعني بحديثي هذا أني من أولئك الأشخاص الذين يجدون متعة في ترصد أخطاء الآخرين ومهاجمتهم بقدر ما أحب عادة أن أتطرق في كتاباتي إلى موضوعات لم يتطرق إليها احد قبلا ربما لأن بعضهم لم ينظر إليها كما انظر إليها أنا أو ربما يكونون رأوها ولكنهم لا يعرفون كيفية الكتابة عنها ، وربما سائل يتساءل لماذا أوردت تلك المقدمة ببساطة أقول أني قررت هذه المرة أن اكسر القالب الذي وضعت نفسي فيه وأتوجه بالشكر إلى إدارات التشجير في مديريات المحافظة عندما قامت بزراعة الورود والأشجار في أحواض خاصة في الشوارع الامرالذي يجعل منظرها ملفتا للنظر ومبهجا كلما مر بقربها فما أجمل أن نبدأ نهارنا برؤية الورود وننهيه بها ولأقول الحق فان رؤيتي للورود تثير في نفسي ذكريات عدة بعض منها يعود لأيام الدراسة الجامعية حينما كنت ادرس بإحدى الدول العربية وكنت أقيم في مدينة لكل بيت من بيوتها حديقته الخاصة يزرعها كيفما يشاء وان كان الجميع يتفق على زراعة الورود في جزء معين منها فينتشر عبير تلك الورود في كل شارع وزقاق تمر به أما في الربيع فانك ترى الفتيات يحملن الورود بأيديهن ومن طريقة تعاملهن معها تستطيع أن تعرف فيما إذا أن تطأها قطفنها بأنفسهن أو أهديت إليهن من شخص يحببنه عندما تراهن يمسكن الورود بطريقة حانية ويشتممن عطرها وهن يبتسمن كمن يتذكر كلمات حب قيلت لهن .أما الذكريات الأخرى التي تثيرها في نفسي تك الورود فهي ذكريات موغلة في القدم تعود لأيام الطفولة عندما كنت طفلة صغيرة أتسلل خلسة والناس نيام في صباح كل جمعة واذهب إلى نادي الميناء في التواهي والذي كان في حديقته أشجار للورد فأتسلق السور واقطف بضع وردات وأعود للبيت فرحه بها لأضعها في مزهرية ، أما في الصباحات الشتوية فكنت فكنت اتوجة إلى محطة التاكسيات القديمة بالقرب فيما كان يسمى( البجيشة) أو (حدائق عدن) والتي كانت تضم هي الأخرى شجرتي ياسمين كبيرتين تتساقط منهما أزهار الياسمين كلما هزت الرياح أغصانهما فكنت أنا وغيري من الأطفال نتسارع لالتقاط زهور الياسمين قبل تطاءة أقدام الكبار .كل تلك الذكريات حرمت وأجبرت على رؤية أماكن طفولتي تستباح غصبا عني عندما أعيد بناء نادي الميناء وتحولت حديقته إلى كتلة اسمنتية صلبة وأهملت شجرتي الياسمين حتى بان عليهما الكبر وتم اقتلاعهما وتحولت تلك الحدائق إلى مكان خرب ليس فيه سوى أطلال طفولة اخبئها في أعماق ذاكرتي حتى لايأتي يوم ويسلبها احد مني .وختاما لا املك سوى أن احيي كل من زرع تلك الورود لتنسينا أشواك أيامنا المتعبة المثقلة بالهموم وان كنت أتمنى حقا أن يعاد الاهتمام بحدائق عدن التي في التواهي والتي تمتد على مساحة واسعة بدلا من بقائها على تلك الحال وان لا تهمل أي شجرة أو وردة في هذا الفصل الخانق الحرارة لأنه إذا كنت أنا وغيري حظينا بمتعة مشاهدة الورود وجمعها لاستنشاق عبيرها فما ذنب أطفالنا ليحرموا من تلك النعم.