غضون
نقدم نحن دافعي الضرائب لخزينة الدولة نحو 395 مليار ريال سنوياً، وتتلقى الحكومة نحو 79 مليار ريال كمنح أو مساعدات من الدول الصديقة والشقيقة والمستهدف في هذه المنح هو نحن الفقراء، بينما يحصل الأغنياء من خزينة الدولة على دعم سنوي مقداره (672) مليار ريال، وهو عبارة عن دعم مادة الديزل التي تباع لمصانع الإسمنت والحديد والمنشآت التجارية والصناعية والخدمية التي يملكها قلة من الأغنياء.. فهذا الدعم يزيد الأغنياء غنى ويزيد الفقراء فقراً، حيث يؤخذ من الفقراء ضرائب وتؤخذ المنح المقدمة لهم وهي نحو (474) مليار ريال ثم تضيف إليها الحكومة 198 مليار ريال وتقدم ذلك كله للأغنياء حراماً زلالاً.. إنها قسمة ضيزى حسب التعبير القرآني. يقال إن الدعم يخدم الفقراء.. فمثلاً عندما تبيع الحكومة لتر الديزل لمصنع الإسمنت أو الحديد مثلاً بعشري قيمته الحقيقية (أي 35 ريالاً للتر) فإن هذا البيع الرخيص يستفيد منه الفقير لأنه سيجعل صاحب المصنع يبيع السلعة له بسعر زهيد.. وهي أكذوبة كبيرة.. فمن جهة إن معظم الفقراء بل كل الفقراء في البلد لا علاقة لهم بالإسمنت والحديد والطلاء والمعاجين والأخشاب والخزانات والقوارب.. ومن جهة أن هذه المواد وغيرها من السلع والخدمات التي تنتجها تلك المصانع والمنشآت والبيوت التجارية تباع في السوق بأسعار تفوق أحياناً نظيراتها المستوردة التي تنقل عبر البحار والطرق الطويلة وتجمرك.. فرأس المال عندنا طفيلي وأناني يأخذ ولا يعطي.. فلماذا إذاً لا تباع له المشتقات النفطية بالسعر العالمي حسب ارتفاعه وانخفاضه.. وتوجه المليارات المخصصة للأغنياء إلى مستحقيها الحقيقيين وهم الفقراء الذين يجب أن يرفعوا من القاع الاجتماعي عبر العون المالي وعبر الخدمة الصحية وخدمات التعليم ودعم الزراعة والمشاريع الخاصة للأسر؟ الحكومة تنبهت مؤخراً إلى خطيئة الدعم وقررت بيع لتر الديزل لبعض المصانع بالسعر العالمي، وبعض المنشآت الصناعية ستشتري لتر الديزل بسبعين ريالاً وهو نصف السعر العالمي تقريباً.. وهذا قرار صائب، لكن في الوقت نفسه عليها أن تتحكم بالأمور وتقاوم كل أشكال الضغط التي ستمارس عليها من قبل الأغنياء، بل قل المستغيين الذين ظلوا “يحلبون” الحكومة ويأخذون منها ما كانت “تحلبه” منا.. الغريب أن أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك استبقت يوم الخميس الماضي كل المستغيين الذين لا يزالون ساكتين عن قراري الحكومة - وليت السكوت علامة رضا - فأصدرت بياناً تدين فيه وتستنكر قرارات “حكومة المؤتمر” برفع تسعيرة الديزل.. والكهرباء (لم ترفع).. واعتبرت أحزاب المعارضة ذلك “عقاباً جماعياً” للشعب! بالله عليكم هل توجد معارضة في الدنيا تدين وتستنكر قراراً يخدم الفقراء، ويضع حداً للخطأ الذي وقعت فيه الحكومة عندما أخذت أموال وحقوق الفقراء ودعمت بها الأغنياء.. الحكومة تصحح الخطأ والمعارضة تدافع عن الخطأ وتطالب باستمرار إهدار المال العام.