أكثر من 13 مليون طفل عربي في سوق العمل بينهم ثلاثة ملايين في مصر و600 ألف باليمن وأكثر من 105 آلاف في دول الخليج العربي
تعد ظاهرة عمالة الأطفال واحدة من المشكلات الخطيرة التي تواجه المجتمعات الإنسانية في كثير من بلدان العالم وفي مقدمتها دول العالم الثالث أو ما يعرف بدول الجنوب التي برزت في معظمها طاهرة عمالة الأطفال وتفاقمت بشكل غير عادي وبالذات منذ أواخر القرن المنصرم تقريباً'لتصل إلى درجة يمكن القول إنها باتت تمثل مصدر قلق وتحداً كبيراً بالنسبة للأنظمة والحكومات في هذه الدول'إضافة إلى العديد من الهيئات والمنظمات الدولية المعنية التي أخذت تولي هذه المشكلة اهتماماً كبيراً وعمدت إلى تبني أنشطة وسياسات وبرامج عمل تهدف من خلالها إلى مساعدة العديد من الدول والمجتمعات على إيجاد الحلول والمعالجات التي من شأنها الحد من ظاهرة عمالة الأطفال. البطالة والفقر وانهيار الأوضاع والاقتصادية وراء تفاقم الظاهرة واستفحالها في دول العالم الثالث 39 مليون دولار من الولايات المتحدة لإستراتيجية مكافحة عمالة الأطفال في الجمهورية اليمنيةوفي مقدمة المنظمات المعنية بقضية عمالة الأطفال في العالم (منظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) (UNESCO)، ومؤسسة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة، ومنظمة الصحة العالمية ((WHO)، غير أن تلك الأنشطة والجهود المبذولة من جانب الحكومات والمنظمات الدولية تظل محدودة الأثر على أرض الواقع وغير قادرة على تحقيق الأهداف المتوخاة في وضع المعالجات اللازمة لهذه الظاهرة التي أخذت تتفاقم وتستفحل من عام إلى آخر بسبب تزايد معدلات البطالة والفقر وانهيار الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تفاقمت أكثر منذ العقد الأخير من القرن المنصرم'رغم مصادقة جميع الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية ما عدا دولتين على الاتفاقية المعنية بحقوق الأطفال التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989. وحيث لم تتوفر إحصائيات دقيقة عن حجم عمالة الأطفال على مستوى العالم'تشير تقارير بعض المنظمات الدولية المستقلة إلى أن عدد الأطفال المنخرطون بأسواق العمل على مستوى العالم يقدر بنحو 300 مليون طفل وربما أكثر من بينهم أكثر من 90 في قارتي أسيا وأفريقيا. في حين كانت إحصائيات صادرة عن مكتب منظمة العمل الدولية في العام 1996 قد ذكرت أن هناك 250 مليون طفل عامل في فئة السن 5-14 سنة على مستوى العالم، منهم 140 مليون صبي بنسبة 56 و110 ملايين بنت بنسبة 44 .. واحتلت قارة أسيا المرتبة الأولى في حجم عمالة الأطفال وبنسبة 61 تليها قارة أفريقيا 32 ثم أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي 7 ..ويرى بعض الباحثين من منظمات وجهات معنية بشئون الطفل أن الرقم الحقيقي أكبر من هذه الإحصائيات' حيث تقل نسبة التسجيل في الإحصاءات الرسمية لدول لعالم الثالث عمومًا عن الواقع الفعلي.. كما أن إحصائيات اليونيسيف لا يشمل الأطفال العاملين الموجودين في دول العالم المتقدم، في أوروبا وأمريكيا الشمالية وأستراليا واليابان.وفيما يتعلق بمجالات عمل الأطفال الذين شملتهم الإحصائية فإن 70 من الأطفال العاملين يتواجدون في القطاع الزراعي، ويليه قطاع الصناعة التحويلية بنسبة 8.3 ثم قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنفس النسبة 8.3 ثم الخدمات الشخصية والاجتماعية بنسبة 6.5 حيث يتبقى للنقل والمواصلات نسبة 3.8 وقطاع التشييد 1.9 وأخيرا المناجم والمحاجر 0.9.. كما أنه ووفقاً لتقارير المنظمات الدولية فإن ثمة مابين 150 - 200 مليون طفل في العالم معظمهم من البنات يعملون بدون أجر. في حين توجد أعداد كبيرة من أطفال الشوارع الذين يعيشون ظروفاً قاسية وصعبة ويتعرضون لمخاطر جمة منها تعاطي المخدرات والإدمان، ويتم استقطابهم من قبل عصابات السطو والنشل والسرقة، وشبكات الدعارة حسب تقرير لمنظمة اليونيسيف. وفي العاصمة الإيطالية (روما) أعلن مؤتمر عُقد في منتصف العام 2003 وحمل عنوان (معالجة مشكلة عمالة الأطفال القاصرين) أن ثمانية آلاف من الأطفال القاصرين يضطرون إلى التسول في شوارع (إيطاليا) سنوياً'وأن 30 من الأطفال القاصرين في مدينة نابولي يقضون ما بين 10 و 14 يوما شهرياً في التسول وتنظيف نوافذ السيارات أو بيع المناديل عند إشارات المرور. وتؤكد تقارير منظمة العمل الدولية أن عمالة الأطفال تصل إلى نحو ثلث قوة العمل الزراعية في بعض الدول النامية' ففي بنجلادش يشكل هؤلاء ما نسبته82 من الأطفال الناشطين اقتصادياً والبالغين عددهم 6.1ملايين طفل قبل نجو 15عاماً وفي البرازيل يعمل أكثر من ثلاثة ملايين طفل ممن هم في سن 10 - 14عاماً في مزارع الشاي وقصب السكر والتبغ 'كما يعمل في هذا القطاع 87 من الأطفال بنفس الفئة العمرية في ملاوي 'إضافة إلى 25 ممن أعمارهم بين 7 - 9 أعوام. أما في البرازيل فقد وصل عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل إلى أكثر من سبعة ملايين طفل وفي الولايات المتحدة الأميركية يعمل نحو 28 من الأطفال في سن الخامسة عشرة و51 في سن من 16 - 18 عاماً. وتشير دراسات لمنظمات دولية إلى أن أكثر من مليوني طفل في العالم يتعرضون للاستغلال الجنسي من قبل شبكات الدعارة من بينهم مليون طفل في قارة أسيا و300 ألف طفل في الولايات المتحدة. وفي سياق جهود المنظمات الدولية الرامية إلى معالجة مشكلة عمالة الأطفال كانت منظمة اليونيسيف قد أعدت "قائمة مراجعة" تتضمن: زيادة فرص التعليم إما عن طريق أخذ "إجازة" للانتظام في الدراسة وإما عن طريق توفير التعليم في مكان العمل؛ وتوفير خدمات إعالة لأولياء الأمور، خاصة الأمهات؛ وتشجيع التشدد في تطبيق القوانين ضد المتجرين بالأطفال ومن يبرمون "عقود إذعان" في مجال عمالة الأطفال؛ وتوفير خدمات للأطفال الذين يعملون في الشوارع؛ ورفع سن الزواج؛ وتغيير القيم الثقافية والأعراف الاجتماعية التي تتساهل إزاء الاستغلال الاقتصادي للأطفال. أما منظمة العمل الدولية فتقترح اتخاذ إجراءات على المستوى القطري وتحسين التعاون الدولي. على المستوى القطري، تدعو المنظمة إلى ستراتيجية وطنية وإجراءات محددة لمكافحة عمالة الأطفال. ويجب أن تتضمن الستراتيجية الوطنية عدة عناصر، من بينها تحسين قواعد البيانات الخاصة بعمالة الأطفال لتوفير معرفة وتشخيص أفضل للوضع؛ ووضع خطة وطنية لمكافحة عمالة الأطفال؛ وزيادة الوعي بمشكلة عمالة الأطفال؛ وإقامة تحالف اجتماعي عريض ضد عمالة الأطفال؛ وخلق قدرات مؤسسية للتعامل مع مشكلة عمالة الأطفال. ويدعو تقرير أصدرته منظمة العمل الدولية في العام 1996 'البلدان الموقعة على اتفاقيات المنظمة ذات الصلة أو اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بحقوق الطفل إلى اعتماد برامج عمل محددة زمنيا للقضاء على عمالة الأطفال. وتشمل الإجراءات المحددة التي اقترحتها منظمة العمل الدولية تحسين التشريعات الخاصة بعمالة الأطفال وإجراءات تطبيقها؛ وتحسين وتوسيع نطاق التعليم المتاح للفقراء؛ واستخدام حوافز اقتصادية "إيجابية" لتخفيض المعروض من عمالة الأطفال. ومن جانبه يرى البنك الدولي في تقرير عن الظاهرة أن من التدابير المطلوبة لمكافحة عمالة الأطفال: تخفيض أعداد الفقراء؛ وتعليم الأطفال؛ وتقديم خدمات مساندة للأطفال العاملين؛ وزيادة الوعي الشعبي؛ وتشريع (تقنين) وتنظيم عمالة الأطفال؛ وتشجيع إزالة الأشكال المسيئة من عمالة الأطفال من خلال إجراءات دولية. ويشير البنك الدولي إلى أن تخفيض أعداد الفقراء هو أقوى نهج على المدى الطويل بالنسبة لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال'هذا إلى جانب الإجراءات التدخلية التي تستهدف زيادة الاشتراك في التعليم الابتدائي بالعمل في ثلاثة اتجاهات هي:جعل التعليم الأساسي إلزاميا؛ وتسهيل انتظام الأطفال في العمل والدراسة معا؛ وتخفيض التكاليف التي تتحملها الأسر مقابل انتظام الأطفال في الدراسة. ومن ضمن المبادرات التي يطرحها البنك الدولي: استخدام الأنشطة الإقراضية وغير الإقراضية للبنك ومن خلال إدخال تعديلات على بعض الممارسات المتعلقة بالعمليات وذلك في إطار استراتيجية المساعدات القطرية (CAS)في البلدان التي تمثل فيها عمالة الأطفال المسيئة مشكلة كبيرة. هذا إلى جانب المساعدة عن طريق زيادة إبراز انشغاله في الحوار مع الحكومات، ولفت انتباه خاص إلى وسائل تخفيف حدة الأوضاع التي تسمح بعمالة الأطفال أو تشجع عليها وكذلك تشجيع تطبيق التشريعات ضد أسوأ ممارسات عمالة الأطفال. وعلى صعيد الدول العربية التي وقعت معظمها على العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل'كما صادق زعماء هذه الدول مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في العاصمة الأردنية عمان في مارس من العام 2000 وثيقة الإطار العربي لحقوق الطفل ، والعمل بها كإطار استرشادي للقضايا المتعلقة بالطفولة على الصعيد العربي' فإن واقع الحال بالنسبة لظاهرة عمالة الأطفال لا يختلف عن ما هو قائم في باقي دول العالم الثالث. حيث ما تزال هذه الظاهرة تمثل مشكلة اجتماعية كبيرة وتحدياً غير عادي يواجه حكومات ومجتمعات معظم بلدان العالم العربي.. وتشير دراسات صدرت في العام 2003 إلى وجود ثلاثة عشر مليون طفل في أسواق العمل في الدول العربية. وكما يقول الدكتور أحمد عبد الله/ مدير مركز الجيل-عين الصيرة في القاهرة: فإن الاهتمام بظاهرة عمل الأطفال في أبعادها المختلفة في العالم العربي' أمر حديث العهد، إذ يغطي عقد التسعينيات من القرن العشرين أو على الأكثر قبل ذلك بسنوات قلائل، حيث تخلف البحث العلمي عن دراسة الظاهرة خصوصا في القطاع الحضري. وتشير العديد من البحوث والدراسات إلى أن عدداً من الدول العربية قد تأثرت بافرازات هذه الظاهرة لأسباب متعددة منها الفقر والبطالة وعدم المساواة في توزيع الثروة التي تعد الدافع الرئيسي لانتشار عمالة الأطفال والانحرافات السلوكية وفقدان الأمان . وأظهرت دراسة قدمتها للدكتورة فوقية رضوان استاذ الصحة النفسية بكلية التربية في جامعة الزقازيق بمصر خلال مؤتمر حماية وتربية الطفل العربي الذي نظمته الجامعة في العام 2003 برعاية أمين عام الجامعة العربية أن إجمالي أطفال الشوارع في العالم بلغ 100 مليون طفل منهم 40 مليون طفل في أميركا اللاتينية ومن 25-30 مليون طفل في آسيا و20 مليون طفل في افريقيا و25 مليون طفل في باقي أنحاء العالم . وذكرت الباحثة انه بالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة إلا انه يمكن الإشارة أن أطفال الشوارع في مصر وصل إلي 93 ألف طفل أما في اليمن طبقاً لتقدير اتحاد الجمعيات غير الحكومية بـ 7000 طفل بينما وصل في السودان إلي 36931 طفل عدا الولايات الجنوبية في حين استدل علي عددهم في الأردن من عدد المتسولين والمتشردين إلي 6730 عام 1998 ، هذا بالإضافة إلى أن 96 من الأطفال المتسولين في شوارع الرياض من السعوديين و68 من الأطفال الباعة في الشوارع غير سعوديين ونسبة 6ر56 من الأطفال المتسولين إناث وان أعمار معظمهم تتراوح مابين 6-8 سنوات . كما أنه وعلى صعيد دول الخليج العربية تشير التقديرات إلى أن عدد الأطفال في العاملين في السعودية 83 ألف طفل وفي سلطنة عمان 12 ألف طفل وفي الإمارات أربعة ألاف وفي البحرين 12 ألف طفل. وللوقوف أمام بعض النماذج لحجم ظاهرة عمالة الأطفال في الوطن العربي'نجد أنه في لبنان مثلاً ع يقدر عدد الأطفال المنخرطين في الفئة العمرية (10-17سنة) بنحو 43400 طفل منهم 11.8 ما بين 10 و13 سنة و 88.2 بين 14 و17 سنة وتتوزع هذه النسب بين 87.5 للذكور و 15.5 للإناث. وكما تشير دراسة أعدت بالتعاون بين منظمة العمل الدولية بالتعاون ووزارة العمل اللبنانية فإن (التبغ) والذي يعد أحد أبرز المحاصيل الزراعية ويغطي ما مساحته 91 ألف دونم من الأراضي اللبنانية'يشمل نحو 24 ألف مزارع 'عدد كبير منهم من الأطفال والمراهقون. وتفيد الدراسة التي نفذها مركز الاستشارات والبحوث بلبنان قبل نحو أربعة أعوام بأن 11 من عمالة الأطفال في الجمهورية اللبنانية تتركز في القطاع الزراعي وبالذات زراعة التبغ 'حيث يبلغ عدد الأطفال والمراهقين العاملين في قطاع زراعة التبغ في الجنوب اللبناني الذي تتركز فيه هذه الزراعة يصل إلى 22 ألفاً و400شخص.. منهم 7400 شخص في الفئة العمرية بين 5 - 9 أعوام ومثلهم تتراوح أعمارهم بين 10 - 14 عاماً و7600 شخص أعمارهم بين 15 - 19 عاماً. وفي جمهورية مصر العربية قدرت بعض الدراسات عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل في العام 1998 بنحو ثلاثة ملايين طفل في الفئة العمرية بين 6 - 14 سنة. وبالنسبة للجمهورية اليمنية التي هي محور هذا التحقيق الصحفي فإن ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن تمثل مشكلة اجتماعية كبيرة وتحدياً غير عادي خاصة بعد أن تفاقمت هذه الظاهرة اتسع نطاقها خلال السنوات الأخيرة ووصلت إلى مرحلة يرى العديد من الباحثين والمهتمين أنها تشكل تهديداً مباشراً لمستقبل الأمن والاستقرار الاجتماعي في اليمن لما يترتب على هذه المشكلة من ظواهر سلبية ومشاكل اجتماعية موقوتة لا يمكن التكهن بتأثيراتها مستقبلا . ومن بين أبرز الأسباب التي تقف وراء تنامي ظاهرة عمالة الأطفال تلك المتصلة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي شهدت تراجعاً كبيراً منذ ما يقرب من ثمانية أعوام مما أدى إلى تزايد معدلات البطالة والفقر خاصة في ظل تطبيق قرارات الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ مطلع عام 1995 وتدني مستوى دخل المواطن اليمني والتي تؤدي بدورها للدفع بالأطفال إلى أرصفة العمل وامتهان حرف تفوق أعمارهم وتشكل خطورة عليهم ويؤكد الباحثون الاجتماعيون ان مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تنفيذ عدد من الخطط المتداخلة نظرا لتداخل الأسباب التي تؤدي إلى اتساع رقعة هذه الظاهرة . و تشير تقارير رسمية يمنية إلى أن 11 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 14 سنة في اليمن ينشطون في القوى العاملة،و10.1 نشيطين اقتصادياً في حين يصل عدد الأطفال ممن هم دون سن العمل أقل من 18 عاماً يصل إلى أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم الإجمالي أكثر من 21 مليون نسمة.. وتقول مسؤولة وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل باليمن منى سالم ان هذه الظاهرة شهدت خلال خلال السنوات الاخيرة نموا كبيرا وأنها بدأت تاخذ ابعاداً اجتماعية جديدة وخطيرة .. وتقدر الإحصائيات وجود أكثر من 600 ألف طفل دون سن الخامسة عشرة منخرطين في سوق العمل اليمني وان عمالة الاطفال تتفاقم من يوم لاخر وأصبحت تشكل قلقا اجتماعيا كبيرا وتنمو بصورة غير متوقعة بمتوسط سنوي 3 من إجمالي عدد الاطفال مادون 12 عاما والذين يشكلون 46 من سكان الجمهورية اليمنية البالغ عددهم 21.5 مليون نسمة حسب التعداد السكاني الأخير في عام 2005م . وحسب الاحصائيات فإن 17.2 من الأطفال في اليمن يتقاضون أجوراً شهرية زهيدة لا تزيد عن 1800 ريال يمني »الدولار = 193 ريالا« حالياً.وفي مسح ميداني لميزانية الأسرة أجري في عام 1999 أظهرت الإحصائيات ان عدد الأطفال العاملين في اليمن وصل في العام 2001 إلى 433 ألفا و509 أطفال منهم 408 آلاف طفل يعملون في المناطق الريفية حيث يعمل 89 منهم في مجال الزراعة والرعي . وتشير منى سالم مدير إلى ان اغلب الأطفال العاملين يتحملون مسئولية إعالة أسرهم .. ويتركز عمل الأطفال بصورة مكثفة في المجال الزراعي بنسبة 92 مما يجعلهم عرضة للسموم فيما يعمل 4,8 منهم في مجال الخدمات و 2,5 عمالة غير محترفة وتمثل نسبة الإناث منهم ما يقارب 51 .. وجاء في دراسة أخرى أن مجموعة كبيرة من الأطفال الذين تشكل نسبة الإناث فيهم (18.4) يعملون بدرجة أولى في صيد الأسماك واستخراج الظفري يليها مهنة البيع في الأسواق فالحرف اليدوية ثم الرعي بالإضافة إلى مهن مختلفة . وبالإضافة الى الفقر هناك أسباب وعوامل أخرى لا تقل أهمية'تقف وراء تزايد شريحة الأطفال العاملين في اليمن' فالأطفال الذين يتسربون من الصفوف الأولى من التعليم الأساسي يشكلون اكثر من 50 من نسبة الأطفال الملتحقين بالتعليم ويقول تقرير رسمي أن 250 طفلا من كل ألف يكملون المرحلة الأساسية في السنوات المحددة بينما 240طفلا من كل الف يكملوا المرحلة الأساسية بعد تأخر والبقية يتسرب في المرحلة الأولى قبل الصف السادس . وتحذر عدد من الدراسات من تزايد تسرب الأطفال الواقعين في سن التعليم من المدارس موضحة ان عدد الأطفال ذكور وإناث في سن التعليم الأساسي يقدر بنحو خمسة ملايين طفل في حين لم يتجاوز عدد الملتحقين بالمدارس 65. واشارت مسؤولة مكافحة عمالة الاطفال الى ان الحكومة اليمنية وضعت عدد من الخطط والبرامج لمكافحة الظاهرة سواء التي تنفذها بمفردها او التي تنفذها بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية المهتمة بالأطفال في عدد من المحافظات التي تتفاقم فيها الظاهرة مثل محافظات صنعاء وتعز و عدن و اب والحديدة وحجة وابين وصعده والمحويت .. موضحة ان من ابرز المشاريع التي تعتزم الحكومة اليمنية تنفيذها هي خطة عمل وطنية وفقا لمسودة عمل تم إعدادها في العام المنصرم بالتعاون مع منظمتي العمل الدولية واليونيسيف والبنك الدولي وهي تمتد لمدة عشر سنوات قادمة بتمويل من الحكومة الأميركية يبلغ 39مليون دولار لمشاريع مكافحة عمالة الأطفال في اليمن. إضافة إلى تنفيذ عدد من الخطط مع البرنامج الدولي لمكافحة عمالة الاطفال" الايبك" و منظمة العمل الدولية .. ولعل ما يثير قلق بعض المنظمات والجهات المعنية بهذه الظاهرة هو ان نسبة كبيرة من الأطفال الموجودين في أسواق العمل في اليمن يمارسون أعمالاً شاقة في مجالات البناء والنجارة والزراعة والحدادة.. وهناك من يعملون في أرصفة الشوارع كباعة متجولين وفي أعمال أخرى لمسح وتصفية السيارات وغيرها. وحسب تقرير أصدرته منظمة »اليونيسيف« فإن نسبة التحاق الأطفال الذكور بالمدارس تراجعت بنحو 10 خلال عام 1998م بسبب دفع الأسر الفقيرة بأولادها إلى العمل بدلاً من المدرسة.. في حين أشار التقرير إلى وجود زيادة في التحاق الإناث بنسبة 4 في العام نفسه.. ولعل ذلك يعود إلى وجود قانون أصدره مجلس النواب اليمني ينص على الغاء الرسوم المدرسية ومتطلبات الزي المدرسي بالنسبة للفتيات وذلك بهدف تشجيعهن على الالتحاق بالتعليم لما من شأنه الحد من معدلات الأمية في صفوف الإناث والتي تزيد حالياً عن 75. وفي دراسة أعدتها المنظمة السويدية العاملة في اليمن والمعنية برعاية الأطفال، وهي الدراسة التي شملت ألف طفل.. جاء فيها بأن 42 من الأطفال في سوق العمل يعملون يومياً لفترات تتراوح بين 6 10 ساعات و39 منهم تصل فترات عملهم إلى ما بين 11 و17 ساعة. وأشارت الدراسة إلى ان 28 من هؤلاء الأطفال يعملون باعة متجولين، ولذلك فإن ما يقرب من 25 من بينهم يتعرضون لأمراض ناتجة عن تغيرات الطقس فيما يتعرض قرابة 7 لأمراض معدية.. كما ان أكثر من 50 من الأطفال العاملين عرضة لتحرشات أخلاقية.. ويقول 32 ممن شملتهم الدراسة ان الحياة مرهقة وشاقة بالنسبة لهم، كونهم يمارسون أعمالاً متعبة لا يرغبون مزاولتها لكن الظروف المعيشية هي التي تضطرهم لذلك.. كما يشكون بأنهم لا يلقون معاملة طيبة من جانب أرباب العمل الذين يستخدمونهم.. وتتسع ظاهرة عمالة الأطفال رغم حضر القانون اليمني لاكثر من 72 مهنة خطرة على الأطفال دون سن 14 عاما .. وبحسب دراسة ميدانية اخرى فان الأطفال العاملين في المجال الزراعي معرضين للاصابة بأمراض خطيرة و بنسبة تصل الى نحو 83 في المائة من مجموع العاملين في المزارع التي شملتها الدراسة.. واشارت الدراسة التي اجراها فريق من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية إلى أن 45 في المائة من هؤلاء الأطفال مصابون بالتهابات جلدية في حين تشكل نسبة الإصابة باحمرار العيون المصحوبة بالتهاب صديدي 30 في المائة فيما تحتل الإصابة بالأمراض المعوية 20 في المائة وبالمقابل تنتشر نوبات الصرع بنسبة 5 في المائة.. وذكرت الدراسة ان من الأسباب المباشرة لإصابة الأطفال العاملين في مجال الزراعة بهذه الامراض عدم استخدام وسائل وقاية عند رش السموم والمبيدات الكيماوية وعدم استخدام المبيدات وفق الارشادات المكتوبة او التقييد بإرشادات السلامة فضلا عن تعرض الأطفال بشكل مباشر للأتربة والرياح اثناء قيامهم بعملية الرش لتلك المبيدات الحشرية. واضافت ان عدم اهتمام الأسرة بالطفل وتفضيل الأبوين ان يعمل أطفالهم بالزراعة بدلا عن إلحاقهم في المدارس يعتبر احد العوامل المساعدة لتفشي ظاهرة إصابة الأطفال بهذه الأمراض حيث يشكل عدد الأطفال الذين لا يذهبون الى المدرسة وفضل أهاليهم ان يعملوا بالمزارع نسبة 40 في المائة فيما يعتبر 60 في المائة من أولئك الأطفال ملتحقين بالمدارس اسميا فقط ودون انضباط أو حضور إلى المدارس. وأوصت الدراسة بضرورة تنظيم حملات للتوعية الميدانية حول أخطار الاستخدام العشوائي للمبيدات الزراعية ومنع الأطفال من القيام بعملية الرش لتلك السموم. واكدت على ضرورة الرقابة والتفتيش بشكل دوري على محلات المبيدات الحشرية وفحص الممنوع من تلك المبيدات لما من شأنه حماية البيئة من آثار هذه المبيدات القاتلة. وتقول وزارة الشئون الاجتماعية والعمل انها استطاعت خلال هذا العام 2005م من معالجة أوضاع 1849 طفلا وطفلة كانوا يعملون في اعمال خطرة في حين عالجت أوضاع 2179 طفلاً وطفلة خلال العام الماضي 2004م .. واعتبر القانون اليمني ان من أسوأ أشكال عمل الأطفال التي يجب القضاء عليها إستخدام الأطفال لغرض الدعارة والعمل الجبري والقسري مثل الدفع بالأطفال في صراعات مسلحة أو نزاعات قبلية أو تشغيل الأطفال في أنشطة غير مشروعة ولاسيما ترويج وبيع المخدرات أو الأعمال التي تضر بصحة الأطفال أو سلامتهم أو بيع الاطفال والاتجار بهم واجبارهم على العمل.. وتشترط اللائحة الا تزيد ساعات العمل اليومي للطفل عن 6ساعات بحيث يتخللها فترة راحة أو اكثر وان لا يعمل الطفل 4 ساعات متتالية، كما تحظر تشغيل الأطفال مابين السابعة ليلاً وحتى السابعة صباحاً.. ..كما حددت لائحة القانون عقوبات لمخالفة شروط العمل بالحبس لصاحب العمل من 5-10 سنوات حسب نوع المخالفة. حدد القانون اليمني سن العمل من 18 سنة وما فوق , كما وضع عدد من الشروط للالتحاق بالوظيفة و أكدت دراسة حديثة أنجزت أن الحد من ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن لن يتم إلا من خلال تنفيذ منظومات تنموية مترابطة تستهدف الجذور الأساسية لنشوء هذه الظاهرة. وأثبتت الدراسة التي نفذها المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل في إحدى المدن اليمنية تشتهر بكثافة الأطفال العاملين أن تبني إنشاء العديد من المدارس ومساعدة الأهالي في التوسع الزراعي جدير بالقضاء على ظاهرة لجوء الأطفال للعمل لتحسين الأوضاع المعيشية لأسرهم في مناطق متعددة في اليمن .وشملت دراسة عمالة الأطفال (5) مجموعات بؤرية (20) من الذكور و (5) من الإناث بإجمالي (114) طفلاً وطفلة ، في أربع قرى وسوق ومدينة واحدة فقط من مديريات (المنيرة) بمحافظة الحديدة، وهي (مدينة المنيرة، سوق الزيدية، قرية ابن عباس، قرية الهارونية، والقشري، وحنينة الشرقية والغربية)، رافقها توزيع فريق البحث المكون من (8) باحثين وباحثات تابعين للمركز (400) استبيان أجابت عليها عينة الفئة المستهدفة. واقترحت الدراسة على الحكومة في هذا الجانب تقديم قروض وتسهيلات للأهالي للتوسع في الزراعة من خلال أدوار فعالة تلعبها المجالس المحلية ،بحيث يتم تخصيص نسبة من دخل المزارع التي يتم إنشاؤها لتسديد فاتورة القرض ،وذلك نظراً لما تتمتع به الأراضي هناك من تربة خصبة قابلة للاستغلال الزراعي .وأوصت الدراسة بضرورة إقامة معاهد خاصة لتعليم الحرف اليدوية المتمثلة في (عمل الحصير، والحبال، والمهجان، والزنبيل) لتحسين أوضاع الأطفال العاملين فيها، حيث تحترف هذه المهنة (31) طفلة بنسبة (68.9) من إجمالي العاملين في الحرف اليدوية. وتبين المؤشرات التي توافرت نتيجة المقابلات والمناقشات مع الأطفال وأصحاب العمل وعدد من الأمهات والآباء أن معدلات التسرب في المدارس ليست مرتفعة في معظم الأماكن وأن عزوف بعض الأطفال عن الدراسة والاتجاه إلى العمل يأتي نتيجة نقص المدارس وعدم توفر مدرسات مما يجعل الإناث أكثر تسرباً من التعليم. ومن الظواهر الجديدة التي يعتبرها المراقبون تطورا دراماتيكي لظاهرة عمالة الأطفال في اليمن هو بروز ظاهرة تهريب الأطفال للعمل في الدول المجاورة واستخدامهم للعمل في مهن تفوق طاقتهم ولا تتناسب وأعمارهم بالإضافة إلى تعرضهم لمخاطر عديدة .. وتشير منظمات مجتمعات مدني في اليمن إلى أن هذه الظاهرة تتجاوز عمل الأطفال في الدول المجاورة بل تمتد إلى ممارسات تنتهك طفولتهم وكذا استخدامهم للعمل في التسول . في الوقت الذي تؤكد فيه الجهات الرسمية في اليمن ان الظاهرة ترجع إلى الأهالي الذين يدفعون بأبنائهم لتجاوز الحدود اليمنية والعمل نظرا لارتفاع مستوى الأجور في البلدان المجاورة لليمن .. وقد اتخذت السلطات اليمنية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف الدولية عدد من الإجراءات للحد من هذه الظاهرة .. وتقوم بالتوعية في المناطق الريفية في محافظات حجة وصعده والمحويت والحديدة التي يرجع معظم الأطفال المهربين إلى خارج اليمن منها .. وقد أقامت اليمن بالتعاون مع اليونيسيف مركزاً لاستقبال الأطفال المهربين في إحدى النقاط الحدودية مع المملكة العربية السعودية والعمل على تهيئتهم لإعادتهم إلى أسرهم وكذا معالجة مشاكلهم الاجتماعية بالإضافة إلى تنفيذ برامج اجتماعية أخرى تستهدف الأسر الفقيرة في تلك المناطق للحد من هذه الظاهرة .. وتقول الإحصائيات الرسمية أن اليمن ضبطت أكثر من 200طفلا خلال الفترة من يونيو حتى نوفمبر من العام الجاري 2005 أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي السعودية كما يجري محاكمة عدد من الأشخاص المتورطين بتهريب الأطفال .. إلا أن الاهتمام الحكومي بهذه الظاهرة بدا خلال العامين الأخيرين وهي الظاهرة تمتد بالتوازي مع ظاهرة عمالة الأطفال إن لم تكن احد أوجهها .. الأمر الذي يجعل كثير من المراقبين الاجتماعيين يشكون بفعالية الجهود التي تبذلها اليمن في مواجهة هذه الظاهرة. وإجمالاً فإن القضاء على عمالة الأطفال في العالم وتوفير خدمة التعليم لهم وفقاً لدراسة أعدتها منظمة العمل الدولية في العام 2000' يتطلب 139مليون دولار للطفل الواحد في الشرق الأوسط و شمال أفريقا حتى العام 2020 ' وبإجمالي 444.4مليار دولار و 1600 دولار للطفل الواحد في اميركا اللاتينية (330.6مليار دولار حتى 2020 )' و584.4 مليار في جنوب الصحراء الأفريقية'وتشير الدراسة إلى أن التكلفة بشكل عام ستكون بمتوسط 54,9 بليون دولار سنويا في العشر سنوات الأولى و 135,8 بليوناً في العشر سنوات الثانية . (مجلة الحوادث):