هنا صنعاء..هنا إذاعة الجمهورية العربية اليمنية..وتتجه الأسماع وخفقات القلوب في الوطن العربي الكبير نحو الصوت القادم من أعماق اليمن في جنوب جزيرة العرب..ومن أقدم وأعرق المدن العربية- صنعاء- كان الصوت مبشراً أمة العرب بثورة تطيح وتهدم عرش الملكية الإمامية وأشد حكم كهنوتي..وميلاد الجمهورية في يوم السادس والعشرين من سبتمبر1962م..كان ذلك التاريخ الميلاد لعهد وزمن جديد وحياة جديدة في الوطن اليمني كله بشماله وجنوبه..ولأنه كذلك كان ذلك التاريخ الميلاد الحقيقي لصوت الشعب..صوت الجماهير الإذاعة في صنعاء المعبرة عن آمالها وأمانيها وتطلعاتها ووحدة نضالها..المرافقة بالكلمة الشريفة الشجاعة عن عزتها وكرامتها وإرادتها..لذلك فالاختيار لشهر سبتمبر من هذا العام2008م ليكون احتفاء بمرور ستين عاماً على إنشاء ووجود الإذاعة في صنعاء منذ عام1948م..أي أن إثنى عشر عاماً من عمر الإذاعة كان صوتاً لخدمة الحكم الملكي الأمامي الكهنوتي المتخلف..تماما كما كان الحال في الإذاعة والتلفزيون في عدن المرتبط إنشاؤهما بخدمة الأهداف الاستعمارية..لذلك يكون المعنى للاحتفاء بإنشاء تلك الأجهزة الإعلامية المسموعة والمرئية إثباتا فحسب بأن اليمن سبقت غيرها من الدول في إنشاء ووجود تلك الأجهزة..وربما ليس في هذا فخر..فالفخر حقاً والاعتزاز يظل مرتبطا بميلاد الكلمة المسموعة الشريفة السامية المعبرة عن آمال وأماني تطلعات الشعوب وحقها في الحياة الحرة الكريمة..وما أريد طرحه هنا وعسى أن يلاقي قبولاً لذى القيادة الإعلامية..وذلك ليكون شهر سبتمبر من كل عام وابتداءً من2008م إحتفاء مهرجانياً للإذاعة والتلفزيون في الجمهورية اليمنية ننطلق منه لتحسين وتطوير عملنا الإبداعي الإذاعي والتلفزيوني وملتقى سنوياً للتشاور وتبادل الآراء والأفكار بين المبدعين وتكريما لأفضل الأعمال الإبداعية خلال عام كامل..فالاختيار لشهر سبتمبر من كلَّ عام يتزامن مع أعياد الثورة سبتمبر واكتوبر والاختيار أيضاً كون إذاعة صنعاء هي الصوت الأول للثورة الواحدة الموحدة منذ انطلاقتها متفجرة في صنعاء وممتداً لهيبها إلى قمم ردفان..فإذاعة صنعاء الصوت الثائر المرافق لصوت السلاح في أيدي المناضلين والمدافعين عن الثورة اليمنية..والصوت اليمني الأول المنطلق من اليمن مدافعا ومناصراً لقضايا الأمة العربية في الزمن الصعب من تاريخ الأمة العربية..
وكانت إذاعة صنعاء تلعب دورها الكبير كإذاعات القاهرة ودمشق..وبغداد..وصوت العرب فالوقوف أمام تلك الفترة..والممتدة من شهر سبتمبر 1962م وحتى سبتمبر2008 ميلادية لإذاعة صنعاء لابد وأن يكون مرتبطاً بتاريخ شعب في كل الأحداث التي مر بها..وبمواقف شعب حيال قضايا أمته العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية..وذلك بلا شك يتطلب جهداً كبيراً تتحمل مهامه وزارة الإعلام..وربما يكون في العودة إلى المكتبتين الإذاعيتين بصنعاء وعدن وما تحتويه من مواد إذاعية ومن الحق أن نقول إن إذاعة صنعاء لها تميزها المرتبط بالزمان والمكان..كما تتميز القليل جداً من الإذاعات العربية بعبق خاص مستمد من مدنها العربية..وإذاعة صنعاء ينبع تميزها عن عبق مدينة صنعاء ويرتبط ذلك في إيقاع الإذاعة المسموع في فن الالقاء الإذاعي المتميز وفي العملية الإبداعية للأعمال الإذاعية شكلاً ومضموناً..وهي ظاهرة لابد من دراستها ليظل التطوير للعمل الإبداعي مرتبطا بالخاصية ونابعا من الذات لا تقليداً للإذاعات الفاقدة للهوية وإذاعة صنعاء ومنذ ميلادها الحقيقي في سبتمبر1962م تفردت بكونها مدرسة إذاعية إنطلقت عبرها أصوات إذاعية لن يجود الزمان سريعاً بمثلها..وكما لمعت أصوات عربية عبر الأثير من القاهرة..ودمشق..وبغداد في فترة تاريخية لمع في الأثير..وفي سماء الأمة العربية..أصوات قادمة من صنعاء متميزة بفن إلقائها النابع من عبق وتاريخ اليمن..صوت أحمد الرعيني..محمد البابلي..وغيرهم وجيل جاء من ميلاد متميزين بفن إلقائهم الإذاعي وأعمالهم الإبداعية البرامجية..إسماعيل الكبسي..عبدالعزيز شايف..عبدالقادر الشيباني عبدالرحمن مطهر..عبدالله محمد شمسان..وجاءت الأصوات النسائية إلى العمل الإذاعي في الزمن الصعب الذي تمر به الثورة..والهجمة الشرسة من قوى التخلف..فكانت تلك الأصوات الناعمة تحطم رؤوس تلك القوى المتخلفة..فوجودهن في تلك الفترة التاريخية كان نضالاً وكفاحاً جسوراً وتضحية وفداء تقدمها المرأة اليمنية..نورية أحمد راجح..كوكب حمود عيسى..فاتن اليوسفي..فوزية جبران..زهرة طالب.وجميل أن يأتي هذا الاحتفاء في الزمن الجميل..زمن الوحدة اليمنية العظيمة..وزمن القائد الفذ موحد اليمن وباني نهضته..وصانع تاريخه الناصع علي عبدالله صالح..ومن الإنصاف هنا الإشارة إلى تلك الأصوات المتميزة التي انطلقت من الإذاعة في عدن وارتبطت بذاكرة المستمعين والمتابعين..واسهمت فناً وإبداعاً في عملها الإذاعية..محمد مدي..جمال الدين الخطيب..عبدالرحمن بلجون..عبدالقادر سعيد هادي..أحمد محمد الجحدري..جعفر عيدروس..وكذلك الأصوات النسائية الجميلة المتألقة فوزية عمر..فوزية غانم..سميرة قائد..ولابد من الإشارة إلى أحمد ناصر الحماطي الذي سبق زمن الفضائيات بتقديم البرامج التلفزيونية المميزة المنوعة بحضور جماهيري وعلى الهواء مباشرة من الاستديو التلفزيوني..فكانت برامجه تحببه للمشاهدين وكان نجماً تلفزيونياً أنيقاً متألقاً..كما أنه جمع بين الكلمة الإذاعية والتلفزيونية وصوت الرصاص..فكان أصغر المقاتلين والفدائيين لقد ولى وانطوى زمن من تاريخ شعبنا ومن تاريخ إعلامنا المسموع والمرئي بكل مراراته وصعوباته وتمزق وطن واختلاف كلمة..وما نأمله ونتطلع إليه أن يكون إحتفاؤنا بمرور ستين عاماً على إنشاء الإذاعة في العاصمة صنعاء وفي شهر سبتمبر من عامنا هذا 2008م بأن يكون هذا التاريخ عيداً للإذاعة والتلفزيون في الجمهورية اليمنية ومهرجاناً ننطلق منه في كل عام نحو أعمال إبداعية أرقى ومتميزة وتجاوزاً للعيوب والنواقص والتغرات في عملنا الإذاعي والتلفزيوني..نريد تجاوزاً للمسميات الحالية..البرنامج العام من صنعاء والبرنامج الثاني من عدن فهذه مسميات لا معنى لها ولا تحمل هدفاً.. ربما يسألني البعض كيف؟!أقول..هنا صنعاء..معناه ووقعه..هنا العاصمة للجمهورية..للوطن اليمني كله..هنا صنعاء..معناه ووقعه هنا الإذاعة المركزية لليمن..أما تسمية((برنامج الثاني))في العرف الإذاعي.فهي تسمية تطلق على الإذاعات المتخصصة..كالإذاعة المقدمة للبرامج الثقافية الرفيعة المستوى..وكذلك البرنامج الموسيقية الرفيعة((كالسمفونيات مثلاً)) لمستمعين معينين متميزين في المعرفة والثقافة..وبهذا يكون الاكتفاء((بإذاعة الجمهورية اليمنية في عدن))وهكذا يكون المجال لإذاعة صنعاء..فالإذاعتان في صنعاء وفي عدن هما البرنامج العام..وتظل صنعاء هي الإذاعة الرسمية المركزية كونها في العاصمة..وحتى لا يذهب بعضهم إلى القول إني أعط الإذاعة في عدن حقها..أقول أن إذاعة عدن أقيمت وبدأت إرسالها في عهد الاستعمار تماما كإذاعة صنعاء في العهد الملكي الإمامي..ولكن ورغم أن إذاعة عدن أقيمت وبدأت إرسالها لهدف وسياسة استعمارية غير أن لها حكاية أخرى..سأرويها في وقت أخر.
![هنا صنعاء هنا صنعاء](https://14october.com/uploads/content/0808/7SWPJ392-UNSHA2/sanaa.jpg)
هنا صنعاء